mercredi 29 février 2012

تعذيب وحشي من زمن الرصاص



في اليوم الموالي (لما بعد 16 غشت 1970) ستبدأ سلسلة التعذيب الرهيب التي لا أعرف كيف أجد الكلمات المعبرة عنها، لقد ظلت يداي مشلولتين لمدة ثلاثة أشهر، لدرجة أنه حينما أتلقى الأمر برفع اليدين تتحرك كتفاي فقط، إذ كنت أعجز تماما عن ململة أطرافي العليا ...
وصلت إلى درجة أشرفت فيها على الهلاك، مما دفع أحد الحجاج(الجلادين) إلى التوجه إلي بالقول "عندك سبع أرواح بحال المش كاتموت وكاتحيا باز..."


كانت قدماي متورمتين من شدة الضرب بشكل مطلق، وفي الصباح حينما كنت ممددا من فرجة العصابة التي على عيني، على الأقل ستة سيقان بأحذية حيدة وجوارب وأثواب جميلة، وبعد ذلك تم اقتيادي مرة أخرى إلى التعذيب ...أخذت إلى المكتب لحلقة تعذيب أخرى، حيث كانت هناك فرقة ثانية جاءت بعد العشعاشي ...فرقة كان ضمنها جبيلو والطيبي والقباج عبد المجيد والحاج سفيران وعلا لوزي وغيرهم، بل كان هناك أيضا حارس خاص للملك الحسن الثاني والذي يشبه إلى حد غريب السيد المديوري، وقد أكد لي شخص انه أخوه،
لقد رأيت الرجل في التلفزيون وقد جيء بالدكتور الذي كان يسمى آنئذ الحسوني، الذي كان يشتغل بوجه سافر، مثلما أن البانضة كانت ترفع عن عيني، فلم يكن هناك خوف من التعرف على هويات المشرفين على التعذيب، فلم يكن هناك نقاش عن كوني لن اخرج حيا من الاعتقال.
كان التعذيب يجري في كثير من الأحوال مجانا، إذ حتى عندما لا يكون هناك مبرر لاستخراج المعلومات، يتواصل التنكيل بي لمجرد إنهاك قواي لألقى حتفي، حيث كان المطلوب أن أتذوق العذاب قبل الموت لأعرف جبروت المخزن و"شنو هو لحكام"


عمد الحسوني إلى تقطيع أخمص قدمي، ومع ذلك لم أحس بشيء، فقد كانتا ميتتين من فرط الألم ومنتفختين، نزف منهما سائل أسود ممزوج بأشياء دقيقة بيضاء، لقد كانت ديدانا بدون شك، عندئذ تدخل عبد المجيد القباج، وقال لي: "لا تعتقد انك أفلتت، فالمرة الجاية غانخرجو لدين مك الجران من رجليك"...أخذني القباج مع اثنين من الحجاج وسكبوا على قدمي قنينة كحول (ألكول)
وبالرغم من أنني كنت ميتا من الألم فقد صرخت في وجوههم، وضعوا ضمادتين على قدمي، الضمادتين اللتين سأظل بهما حتى عندما وقفت أمام قاضي التحقيق ستة أشهر بعد ذلك.

وبالرغم من أن 31 سنة قد مضت فأنني مازلت احمل أثار ذلك التعذيب في قدمي (تدمع عيناه بشكل واضح عندما شرع في نزع زوج حذائه وجواربه، وأرانا آثارا غائرة في أخمص قدميه):هل رأيتم آثار التعلاق؟ وكما قلت ذات مرة فإننا لا نستطيع أن نكون دائما أبطالا تحت التعذيب، فكما قال "اندري مالرو" حينما تم نقل جثمان "جان مولي" للبانتيون (مقبرة عظماء فرنسا):تحية إجلال للذين لم يتكلموا والتحية أيضا، وبالأخص، للذين تكلموا تحت التعذيب ذلك لأنه لا يمكن أن نحكم على شخص في مثل تلك الظروف (تدمع عينا احمد بن جلون أكثر فأكثر قبل أن يستأنف)...
نسأله كم دام هذا العذاب؟
يجيب: شهرا وسبعة عشر يوما بلياليهما مع أربعة أيام كاستراحة...


أحمد بنجلون-

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire