lundi 20 février 2012

! تحريفية أم انتصار للخط البروليتاري؟


تحريفية أم انتصار للخط البروليتاري؟

خط إعادة بناء منظمة "إلى الأمام" سنة 1979
*-*-*-*
سليم الحارثي

1- تقديم
يكتسي الموقف من الخط السياسي لإعادة بناء منظمة "إلى الأمام" في سنة 1979 (بعد الضربات القمعية القوية التي تعرضت لها طيلة السبعينيات) أهمية بالغة بالنسبة لجماهير عديدة من المناضلين التواقين إلى مواصلة الكفاح الفعلي من اجل بناء حزب الطبقة العاملة وبناء تحالف الطبقة العاملة والكادحين في المدن و القرى .و تتعاظم هذه الأهمية في المرحلة الحالية من نمو الطاقات الثورية للجماهير في إطار المد النضالي التي تجتازه المنطقة وطنيا وعربيا بارتباط مع تجدر وتوسع نضالات الجماهير المسغلة والمضطهدة في مواجهة الأزمة الهيكلية للنظام الرأسمالي العالمي.
وليس الرجوع إلى هذه الفترة الحاسمة – سنة 1979 – من تاريخ منظمة "إلى الأمام" مسألة ترف فكري أو حتى محاولة لتاريخ أكاديمي، بل يدخل في صحيح الواجبات السياسية التي فرضتها مجمل الهجومات المتتالية التي استهدفت تاريخ المنظمة مدعية أنها - المنظمة - عرفت انحرافا في سنة 1979، سنة انطلاق عملية إعادة البناء.
ويقتصر هذا النص على الكشف عن ضحالة وتهافت الملتفين حول هذه المغالطة التي تتردد في عشرات المقالات منذ سنين، والتي تكثفت في الأعوام الأخيرة، حتى أضحت - هذه المغالطة – حقيقة لا تستحق حتى أدنى مجهود من أصحابها لتحديد نوع ومضمون هذه الانحراف السياسي الذي عرفته المنظمة في عام 1979 !!!!.
كما ندعو، من خلال هذا المقال، أصحاب هذه الإدعاءات إلى فتح نقاش علني جماهيري حول ما يرددوه ويكشفوا مضمون هذه التحريفية في الخط السياسي لإعادة البناء كما تجسد في عام 1979. ونعدهم بمتابعة النقاش حول المراحل اللاحقة من تاريخ المنظمة. لكن لنحسم أمر هذه التحريفية المزعومة التي يؤرخون لها سنة 1979.
!
من أين استمدوا وفي أي نص عثروا على تحريفية منظمة "إلى الأمام" عام 1979؟؟؟؟
من بين عشرات المقالات التي يتردد فيها أن منظمة "إلى الأمام" قد انحرفت سنة 1979، لم نعتر ولو في واحدة منها عن سند أو إحالة ولو عابرة إلى وثيقة أو نص سياسي يبررون به مزاعمهم حول هذه التحريفية التي اكتشفوها ! وهذا ما يدل على أن أصحاب هذه المعزوفة – معزوفة التحريفية – ليس لديهم (أو لمعظمهم على الأقل) أدنى معرفة بواقع المنظمة السياسي، وأنهم تلقوا معلوماتهم و "تكوينهم السياسي" من الحكايات الشفوية لا أقل ولا أكثر. فجميع المقالات التي اعتبرت أن منظمة "إلى الأمام" قد انحرفت سنة 1979 لم تشر ولو لمرة واحدة من قريب أو بعيد إلى منبع هذه التحريفية من خلال نص أو وثيقة سياسية للمنظمة عام 1979 (بما فيها المقالات التي اطنبتها بها جماعة "الأماميون الثوريون" ... ! !!! )
أ‌- - فمن المعلوم لدى كل مطلع على تجربة منظمة " إلى الأمام" – أن قيادتها الوطنية (المنبثقة عن الندوة الوطنية لعام 1972) قد بلورت وثيقة مركزية لإعادة بناء المنظمة في 1979، وهي الوثيقة المعروفة بـ: "وضعية المنظمة والمهام العاجلة لإعادة البناء: البرنامج الوطني". فهل عثر هؤلاء المرددون لمعزوفة التحريفية، عما يوحي أو يشير إلى الانحراف السياسي للمنظمة في هذه الوثيقة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فالواجب النضالي يفرض عليهم أن ينيروا قرائهم والمتعاطفين معهم ويستعرضوا أمام الملأ الأطروحات التحريفية التي تتضمنها هذه الوثيقة السياسية المركزية لإعادة بناء المنظمة عام 1979. وفي انتظار أن يرفع رفاقنا هذا التحدي، نسارع بالقول أن غالبيتهم العظمى لم تطلع على هذا النص الذي يصفون مضمونه ومحتواه بالتحريفية، وهو ما يعصف بمصداقيتهم كلية!
ومن المعلوم أيضا أن القيادة الوطنية لمنظمة "إلى الأمام" وفي إطار البرنامج الوطني لإعادة البناء، قد أشرفت على إعادة إصدار نشرة "الشيوعي" كنشرة داخلية للنقاش والصراع الديمقراطي ابتداء من سنة 1980. وقد تضمنت "الشيوعي" نصوصا تقييمية لتجربة المنظمة استنادا إلى وثيقة "وضعية المنظمة والمهام العاجلة" نذكر منها النص المطول الوارد في نشرة "الشيوعي" (07/09/80)، تحت عنوان : "محاولة تقييم أولي وشمولي لتجربة المنظمة). فهل وجد مرددو جملة "التحريفية" ما يوحي لهم بالانحراف السياسي في التقييمات والطروحات الواردة في نشرة "الشيوعي"؟ وإذا كان الأمر كذلك، فندعوهم إلى نشر وتبيان ذلك على الملأ حتى يستفيد القراء عموما وأنصارهم على وجه الخصوص!!! ونؤكد من جديد أن الرفاق يطلقون المزاعم دون حتى أن يكونوا على إطلاع بهذه النصوص، وهي طامة سياسية حقيقية!!!
ب‌- وحتى لا نغلق الأبواب جميعها في وجه الرفاق المزهوون بجملة التحريفية، وحتى نمنحهم كل الفرص للدفاع عن مزاعمهم وإثباتهما على الملأ، سنترك النصوص السرية جانبا، وندعوهم إلى إثبات ما يدعونه من خلال الوثائق والنصوص العلنية التي كانت محلة "إلى الأمام " – النشرة المركزية للمنظمة – تنشرها منذ إعادة إصدارها في الخارج – كأحد قرارات البرنامج الوطني لإعادة البناء – والتي كان يتم تسريبها إلى الداخل... فهذه النصوص كانت معروفة لدى قسم هام من المناضلين بالداخل – خصوصا القاعدين -.
ومن بين النصوص الهامة والأكثر انتشارا، تلك المتعلقة بدفاع المنظمة عن الحركة الماركسية اللينينية المغربية ضد التحريفية والفوضوية والإصلاحية الجديدة... وتمسكها – أي المنظمة – بالمشروع والخط البروليتاري للحركة الماركسية اللينينية المغربية عموما ومنظمة "إلى الأمام" على وجه الخصوص. فهل عثر الرفاق المهووسون بتحريفية خط إعادة البناء في هذه النصوص ما يشفي غليلهم ويهديهم عناصر الإثبات لتدعيم مزاعمهم؟ مع كامل الأسف ظلت مقالاتهم صماء غير محترمة للقراء!.
ولأنه يبدو أن أصحاب "جملة التحريفية" لم يطلعوا في معظمهم على هذه النصوص، سنسهل عليهم الأمر أكثر بالتركيز على نص سياسي شهير تم نشره بمجلة "إلى الأمام" في فترة إعادة البناء – والمعنون بـ: "ديمقراطيتنا وديمقراطيتهم" ولأن النص متداول ومتوفر على صفحات الأنترنيت. وهذا ما سيمنح لهم بإثبات ما يدعونه من تحريفية في الخط السياسي لإعادة البناء.
فهذا النص يطرح ويركز منظور المنظمة في هذه الفترة بالنسبة لـ:
- مفهوم ومضمون "الديمقراطية الحسنية" كدكتاتورية للطبقات السائدة من كمبرادور وملاكين عقاريين كبار.
- المفهوم السياسي والمضمون الطبقي للديمقراطية لدى البورجوازية المتوسطة والصغرى بكافة تلاوينها وأطيافها التنظيمية.
- المفهوم البروليتاري للديمقراطية الشعبية في الإستراتيجية الثورية للمنظمة.
- برنامج النضال المرحلي من أجل انتزاع الحريات الديمقراطية...
فأين هي التحريفية في نص "ديمقراطيتنا وديمقراطيتهم" وما الذي يمنعكم من التشهير بتحريفية ما ورد في هذا النص؟؟.
ننهي هذه الفقرة بدعوة الرفاق إلى بذل مجهود ولو أدنى لإثبات ما يدعونه من مزاعم، احتراما للقراء على الأقل. كما نؤكد أننا سنبقى على أتم الاستعداد لنقاش أي جديد سيقدمونه في هذا الشأن.
!
مضمون الخط السياسي لإعادة البناء في 1979: تحريفي أم بروليتاري؟
انطلقت عملية إعادة البناء في خريف 1979 على أساس الوثيقة السياسية "وضعية المنظمة والمهام العاجلة لإعادة البناء". ففي هذه الوثيقة طرحت القيادة الوطنية أسس ومهام إعادة البناء التنظيمي والسياسي والدعائي مركزيا وعلى صعيد الفروع الثلاث للمنظمة: فرع الداخل، فرع الخارج والسجن. فما هي أهم مكونات خط إعادة البناء التي تضمنتها هذه الوثيقة والوثائق والتقييمات المكملة لها؟ وهل شكلت تعميقا وتعزيزا للخط البروليتاري أم تحريفية كما يدعي أصحابنا؟.
أ‌- هل التشبث والدفاع عن مشروعية وشرعية الحركة الماركسية اللينينية المغربية حلقة مركزية في مسيرة بلورة وبناء حزب الطبقة العاملة انحرافا أم خطا بروليتاريا؟
أدت الأزمة التي عرفتها الحركة الماركسية اللينينية كنتيجة مباشرة لتفكيكها عبر مسلسل قمع رهيب في سنوات السبعينات إلى تحول شامل داخل مكوناتها يلخصه تعميم داخلي لمنظمة "إلى الأمام" كما يلي: ".. إن الوضعية التي تعرفها مجموعة المعتقلين السياسيين المرتبطة بالحركة الماركسية اللينينية تعيش بشكل مضخم الوضعية المتأزمة للحركة الماركسية اللينينية: تفكك عام للتنظيمات الماركسية الأخرى (23 مارس ولنخدم الشعب) وتقلص "إلى الأمام" يصاحبه صمود هائل أمام العدو وأمام الأطروحات التحريفية، الفوضوية والتصفوية بجميع أنواعها. وهذا ما يطرح على "إلى الأمام" مسؤولية جسيمة لتوقيف مسلسل التدهور وإعادة الثقة للمجموعات الماركسية اللينينية الأخرى في المشروع الثوري للحركة الماركسية اللينينية المغربية والعمل الدؤوب من أجل وحدة كافة الشيوعيين على طريق بناء الحزب الشيوعي المغربي..."
ففي مواجهة الطروحات التشكيكية والانهزامية التي انتشرت داخل الحركة الماركسية اللينينية آنئذ. خاصة في سنتي 78 و 1979، دافعت منظمة "إلى الأمام" عن مشروعية وشرعية الحركة الماركسية اللينينية المغربية كحلقة مركزية في مسلسل بناء حزب الطبقة العاملة، واعتبرت أن إعادة بناء المنظمة على أسس بروليتارية هو مدخل لتجاوز أزمتها وفتح الطريق نحو بناء حزب الطبقة العاملة. جاء في نشرة "الشيوعيي ما يلي : "إن الحركة الماركسية اللينينية المغربية تشكلت في إطار اشتداد حدة التناقضات الطبقية في المجتمع المغربي في التينات وفي إطار النمو الجديد للصراع الطبقي للطبقة العاملة والفلاحين وللجماهير الشعبية بوجه عام والذي لم تكن نضالات الشبيبة المدرسية إلا المظهر البارز لها. وقد جاءت الحركة الماركسية اللينينية المغربية كبديل ضروري لفشالات الأحزاب البورجوازية بما فيها جناحها الجدري، ومن أجل وضع أسس إنشاء حزب البروليتاريا كأداة وموجه للطبقة العاملة والفلاحين في نضالها من أجل انتصار الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية وبناء الاشتراكية.
هذه خلاصة رد المنظمة على كل من اعتبر أن الحركة الماركسية اللينينية انتهت إلى أزمة التفكك لفقدانها المشروعية واعتبارها نتاجا إراديا فقط لإندفاعة الشبيبة التعليمية في نهاية التينات وبداية السبعينيات (أنظر ملحق هذا النص).
وكخلاصة لهذه الفقرة، فإن إحدى المكونات المركزية للخط البرولتياري لإعادة البناء عام 1979 كان هو الدفاع عن شرعية ومشروعية بناء حزب الطبقة العاملة والدفاع عن الحركة الماركسية اللينينية كحلقة نوعية للتصدي لبلورة وإنجاز هذه المهمة.
! ب- هل انحرفت منظمة "إلى الأمام" في عام 1979 لما محورت المهمة المركزية لإعادة البناء حول شعار "من أجل منظمة مارسكية لينينية صلبة وراسخة جماهيريا عن طريق التجدر المباشر في الطبقة العاملة وتنظيم الطلائع العمالية للقلاع البروليتارية؟
انطلقت المنظمة من أن فشل الحركة الماركسية اللينينية طيلة مسارها النضالي في السبعينيات، في التقدم في مسلسل بناء حزب الطبقة العاملة، يرجع إلى انحرافها عن مهمة التجدر المباشر وسط الطبقة العاملة وتنظيم طلائعها البروليتارية والاستعاضة على هذا العمل الشاق والطويل النفس، بأطروحة "الشبيبة التعليمية مقدمة تكتيكية" أي اعتبار الشبيبة التعليمية وسيطا لعملية التجدر، أو ما كان يعرف أيضا بقنطرة العبور نحو التجدره، انطلاقا من ذلك أخضعت المنظمة تجربتها السياسية إلى النقد الصارم من خلال نقد "أطروحة الشبيبة التعليمية قنطرة العبور وطليعة تكتيكية" لصالح خط سياسي يقوم على أسس التوجه المباشر للطبقة العاملة، وتركيز النشاط التنظيمي والسياسي للمنظمة لهذا العمل، عكس التجربة السابقة حيث كانت الشبيبة التعليمية تمتص معظم الأنشطة التنظيمية والسياسية والدعائية للمنظمة بناء "على خط" الشبيبة التعليمية طليعة تكتيكية" واعتبرت المنظمة وفقا لذلك أن "الطريق الرئيسي للتجدر وسط الطبقة العاملة والفلاحين هو العمل المباشر لمناضلي الحركة المارسكية اللينينية المغربية وسط الطبقة العاملة بالدرجة الأولى (أو كمستخدمين) في المعامل وبدرجة ثانية بالعمل الدؤوب وسط النقابات العمالية حتى بالنسبة لمن لا يعمل في المعامل وهذا ما دشنته المنظمة من خلال فرعها بالداخل، حيث بدأت تنظم، وإن بصعوبة وتعثر منذ بداية الثمانينيات، عملية الالتحاق هاته. وجاءت الندوة الوطنية لفرعها بالداخل لتحدد الإطار التوجيهي لعملية التجدر كما سطرها خط إعادة البناء في 1979.
"... إن المهمة الأساسية في المرحلة الحالية هي بناء الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني.
إن المهمة المركزية في الفترة الراهنة هي إعادة بناء منظمة "إلى الأمام" سياسيا وتنظيميا كمنظمة شيوعية صامدة صلبة ومتجدرة أساسا في العمال والفلاحين..."
وبناء عليه حددت توجيهات العمل على الشكل التالي:
1- العمل كعمال مباشرين في وحدات الإنتاج الأساسية.
2- العمل كمستخدمين صغار وبالأساس في القلعات البروليتارية.
3- العمل في الأحياء الشعبية.
4- العمل في النقابات ..."
لقد تبلور هذا التوجه الجديد للمنظمة انطلاقا من نقد شمولي لمفهوم وشعار الشبيبة التعليمية كقنطرة عبور وطليعة تكتيكية الذي عمل على تحريف مسار التجدر داخل الطبقة الأساسية الطليعية حقا، (الطبقة العاملة) كما أدى إلى أخطاء وإنزلاقات في العمل نفسه داخل الشبيبة التعليمية فخط إعادة البناء لعام 1979، يعتبر أن الشبيبة التعليمية رغم دورها النضالي ضمن مجموع الطبقات والفئات الشعبية، فإن طبيعتها الطبقية وتكوينها المتنوع من شرائح اجتماعية مختلفة، وطبيعة موقعها الانتقالي لا يؤهلها ولا يجعل منها قوة طبقية قادرة على لعب أدوار طليعية لا تكتيكيا ولا استراتيجيا رغم اندفاعاتها في أكثر من ظرف سياسي واجتماعي في صيرورة الصراع الطبقي، وانطلاقا من ذلك ستعيد المنظمة النظر في مفاهيم "الاستيلاء على الجهاز" (الطلبة والتلاميذ) كوسيلة للدفع بقطاعات الشبيبة التعليمية للعب دور الطليعة التكتيكية وتفجير الصراعات الطبقية. وهذا ما جعل خط إعادة البناء يقوم بنقد. (وهو نقد ذاتي قامت به المنظمة قبل ذلك) هذا الأسلوب السياسي الذي اعتمدته في المؤتمر 15 للإتحاد الوطني لطلبة المغرب وكذا في خلق النقابة الوطنية للتلاميذ العمرية عام 1972، والتي لم تكن في واقع الأمر تضم وبشكل سري إلا مناضلي المنظمتين "إلى الأمام" و 23 مارس.
هذا هو المكون الثاني – الأساسي – في خط إعادة البناء فأين وجه التحريفية في هذا ؟ أليس هذا هو الخط البروليتاري؟.
!
‎- هل التطبيق السليم للمركزية الديمقراطية بشأن إعادة البناء تحريفية أم تجسيد للخط البروليتاري على صعيد التنظيم؟
من المعلوم أنه وانطلاقا من سنة 1977/1978 عرفت الحركة الماركسية اللينينية ومنظمة "إلى الأمام" بالخصوص التي نحن بصدد نقاش المخطط السياسي لإعادة بناءها سنة 1979، صراعات إن لم نقل انفجارات، بخصوص تقييم التجربة وتحديد آفاقها. وأفضت هذه الصراعات في أوساط مناضلي "إلى الأمام" إلى ثلاث توجهات كبرى:
• الأول رأى في التجربة برمتها تعبير عن البرجوازية الصغرى ولا يمكن أن تشكل مدخلا لبناء حزب الطبقة العاملة، وأن الواجب هو حل هذه المنظمات والالتحاق بصفوف العمال والجماهير كأفراد، في انتظار أن تتمكن الطبقة العاملة من تلقاء ذاتها بناء حزبها المستقل. هذه الوجهة نظرا طبعا لا يهمها إعادة البناء التنظيمي و السياسي للمنظمة (أنظر المقالات الصادرة في مجلة "آفاق" التي بادر إلى إصدارها المتعاطفون مع وجهة النظر، والتي كانت تصدر في فرنسا آنئذ خاصة المقال المعنون بـ "الحد الفاصل" وفي نفس الوقت أنظر الرد الذي جاء في عددين من "إلى الأمام" حول هذه الطروحات والمعنون بـ "الفوضوية والعفوية والطريق المسدود" ...).
• وجهة النظر الثانية كانت ترى أن إعادة بناء المنظمة لن يكون إلا بعد تصفية ما كانت تسميه "بالخط الانتهازي اليساري الذي ساء المنظمة" بتصفية جميع مكونات هذا الخط الايديولوجية والسياسية والتنظيمية... وكان الشعار السياسي الذي محورت تصورها حوله هو تشكيل جبهة مع القوى الديمقراطية والإتحاد الاشتراكي أساسا، وجعلت من هذا الشعار "مفتاح" حل الأزمة التي كانت تجتازها منظمة "إلى الأمام" ويعبر البيان المعروف ببيان التجميد لـ 52 مناضل وإطار في المنظمة الصادر صيف 1979 التعبير المكثف عن وجهة النظر هذه. والتجميد يعني تجميد العضوية من منظمة "إلى الأمام".
• الاتجاه الثالث الذي قاد عملية إعادة البناء منذ خريف 1979، كان يعتبر كما أكدت ذلك وثيقة "وضعية المنظمة والمهام العاجلة" أنه "يجب التصدي لكل عدمية تنطلق من فشل منظمتنا في بناء نفسها كمنظمة ماركسية لينينية صلبة وراسخة جماهيريا، لنفي الرصيد الإيجابي الإيديولوجي والتنظيمي والسياسي والنضالي للمنظمة، ذلك أن خط المنظمة يجب التعامل معه كخط متناقض يحمل عناصر بروليتارية لابد من فرزها من خلال التقسيم من أجل الارتكاز عليها في عملية إعادة البناء وعناصر غير بروليتارية (مفهوم وخط "الشبيبة التعليمة قنطرة عبور نحو التجدر) لا بد من التخلص منها بحزم ...".
وحددت الوثيقة المركزية لإعادة البناء، المبادئ الأساسية لإعادة البناء السياسي للمنظمة فيما يلي:
- التقييم النقدي لتجربة المنظمة والحلم.
- المبادئ الماركسية اللينينية الثابتة وعلى التجربة البروليتاري العالمية.
- المعرفة الموضوعية لواقع الصراع الطبقي في البلاد وآفاق تطوره.
- قدرتنا على تحديد خطط وبرامج تمكننا من الفعل في الصراع الطبقي والشروع في التجدر وسط الجماهير الشعبية وعلى رأسها الطبقة العاملة...
وحددت وثيقة "البرنامج الوطني لإعادة البناء" الأسس التنظيمية القائمة على المركزية الديمقراطية لإعادة البناء. ففي مواجهة المنظور البرجوازي الصغير المثقفي الذي رفض إعادة البناء إلا بعد إجراء التقييم السياسي الشامل لتجربة المنظمة (أي رفض جدلية البناء التنظيمي والسياسي ووحدتهما)، طرحت وثيقة إعادة البناء المنظور التالي:
1- تحمل القيادة الوطنية (المنبثقة عن الندوة الوطنية لعام 1972) المسؤولية التاريخية في عملية مسايرة وتوجيه عمل المنظمة في مختلف الفروع التي تعاني من التفكك السياسي والتنظيمي في أفق عقد مؤتمر وطني، وبالاعتماد على الماركسية اللينينية وعلى المركزية الديمقراطية و على الرصيد الإيديولوجي والسياسي والتنظيمي للمنظمة.
2- إعادة إصدار النشرة الداخلية المركزية "الشيوعي" التي يجب أن تشكل الأداة الرئيسية لتنظيم الصراع الديمقراطي وسط المنظمة ولحم مختلف الفروع ومساهمتهما في مهمة إعادة البناء.
3- إعادة إصدار الجريدة المركزية "إلى الأمام" بشكل جماهيري بالخارج، بعد أن كانت تصدر بشكل شبه جماهيري في الداخل، والتي ستمكن من التعريف بخط المنظمة المبلور ديمقراطيا وسط المنظمة والإسهام في ربط الجماهير سياسيا وتنظيميا بالمنظمة...
فأين تتجلى وأين تكمن التحريفية في الخط التنظيمي لإعادة البناء؟ هل كان على المنظمة أن تفصل بين البناء التنظيمي والبناء السياسي (التقييم)؟ إنها قمة الابتذال البرجوازي الصغير الذي يختصر الثورة في النقاشات المثقفية!
خاتمة:
لقد مثل خط إعادة البناء لسنة 1979، ما مثلته الندوة الوطنية لسنة 1972 في التاريخ النضالي والتجربة العظيمة لمنظمة "إلى الأمام".
وانطلاقا من خط إعادة البناء لسنة 1979 ستنطلق المنظمة أكثر قوة في مجابهة تحديات الصراع الطبقي في مغرب الثمانينيات وأكد ذلك تفاعلها وحضورها الثوري في انتفاضتي 1981 و 1984

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire