lundi 8 décembre 2014

شهادة سائق القطار الذي دهس باها

شهادة سائق القطار الذي دهس باها

ذكر موقع مغربي أنه تمكن من الوصول إلى رواية سائق القطار الذي دهس الراحل عبد الله بها، كما تقدم بها أمام المحققين، حيث يحكي ما وقع في اللحظات الأخيرة من حياة وزير الدولة ونائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية.

وحسبما جاء في موقع 360″ فإن السائق قال «لمحت شخصا يحاول تجاوز السكة، فاستعملت المنبه في أقصى درجات صوته، لأن المسافة التي تفصله عنه القطار كانت قريبة جدا. ارتبك الرجل وتردد في أن يعبر السكة أو أن يعود حيث كان واقفا، فحاول نزع قبعة لباسه الرياضي ليشاهد مصدر صوت المنبه، لكن، للأسف، الوقت لم يسعفه في ذلك»، هكذا وصف سائق القطار الذي دهس عبد الله بها مساء  الأحد. وقال سائق القطار للمحققين، حسب مصادر مسؤولة قريبة من التحقيق، “كانت الساعة تشير إلى حوالي السادسة إلا عشر دقائق عندما وقع الحادث فوق قنطرة وادي الشراط» وأضاف أن القطار كان قادما من الرباط، ويسير بسرعة 80 كيلومتر في الساعة . وحول سؤال للمحققين فيما إذا كان أحدهم قد قام بدفع بها اتجاه السكة الحديدية، أجاب سائق القطار بالنفي مؤكدا « لم يكن معه أي شخص وبين عيني صورة بها وهو ممسك رأسه بين يديه بعدما تعذر عليه رفع قبعة لباسه الرياضي”.
وحول حالة جثة الراحل بعدما دهسه القطار، تفيد مصادر مسؤولة قريبة من التحقيق، أن السائق أفاد أن الجثة انشطرت إلى نصفين، على مستوى الحزام، حيث بقي النصف الأعلى على حالته، فيما سحق الجزء السفلي


هذا ما قاله عبد الله باها لزوجته قبل خروجه من منزله

أكد مصدر من مكان وفاة وزير الدولة والقيادي في حزب "العدالة والتنمية" عبد الله باها، أن الأخير قال لزوجته إنه "ذاهب لرؤية مكان وفاة الراحل أحمد الزايدي".

تفاصيل غريبة عن وفاة باها

تروج وسط الحاضرين في مكان وفاة وزير الدولة والقيادي في حزب "العدالة والتنمية" عبد الله باها، معطيات أولية في غاية الغرابة، مفادها أن وزير الدولة صعد فوق القنطرة لمعاينة ظروف وفاة الزايدي، بعد أن ركن سيارته على جانب الطريق، قبل أن يصدمه قطار متجه صوب الدار البيضاء، دون أن يتسن للموقع التأكد من صحة هذه المعطيات.

حصري // معطيات جديدة حول مصرع باها

علم أن وزير الدولة عبد الله باها لقي حتفه قبل قليل في حادثة مفجعة، بعد أن داسه قطار سريع  وقسم جثثه إلى نصفين، في نفس مكان غرق القيادي الاتحادي أحمد الزايدي قرب مدينة بوزنيقة.
وكان باها يريد إلقاء نظرة على مكان موت الراحل الزايدي غرقا، لكن سرعة القطار باغثته وهو مترجلا نحو المكان المذكور.

lundi 27 octobre 2014

حصري وزير التربية الوطنية رشيد بلمختار، يصاب بمرض عضال

علمت من مصادر مطلعة أن وزير التربية الوطنية رشيد بلمختار، يتواجد بأمريكا منذ 15 أكتوبر الجاري، وذلك من أجل العلاج من مرض عضال وتحديدا في مستشفى في هيوستن، وستستمر رحلته العلاجية إلى غاية 29 أكتوبر، أي اليوم الذي أعلنت فيه النقابات المركزية يوم الإضراب.

وأفادت المصادر نفسها أن الكاتب العام يوسف بلقاسمي هوالمكلف الآن بالتدبير اليومي للوزارة، بينما هناك عشرات الملفات و التي لا يمكن للكاتب العام الحسم فيها أو التوقيع عليها تتراكم على مكتب الوزير.

وفي السياق نفسه، لم تخفي مصادر"انصاف بريس" قلقا متعاظما في الوزارة الآن، حول الوضع الصحي لبلمختار ومدى قدرته على إتمام مهامه إلى غاية انتخابات 2016، حيث رجحت نفس المصادرذاتها أن تشهد الحكومة تعديلا وزاريا جزئيا على صعيد وزارة التربية الوطنية تحديدا في حدود مارس المقبل، حيث يتم الآن تداول أسماء غير حزبية اشتغلت إلى جانب لطيفة العبيدة في البرنامج الاستعجالي، لاسيما في ظل إصرار بلمختار على طلبات إعفاءه من مهامه للأسباب الصحية المذكورة

dimanche 19 octobre 2014

كتاب «كيف نسقط الاستبداد»، للكاتب عبد الرحمان النوضة.



كتاب «كيف نسقط الاستبداد»، للكاتب عبد الرحمان النوضة.ء


لتنزيل كتاب «كيف نسقط الاستبداد»، للكاتب عبد الرحمان النوضة، أنقر فوق الرابط الموجود في تحت، (وهو الذي يحتوي على الحروف اللاتينية «بِي دِي إِفْ»، ويُقرأ هذا الكتاب في برنامج  «أَدُوبْ رِيدَرْ»). ء

Captur.très.courte.flèche.rougeكتاب  »كيف نسقط الاستبداد » (عبد الرحمان النوضة) (صيغة 6).ء.pdf

وإذا أردتَ أن تقرأ هذا الكتاب (دون تنزيله) وذلك على شكل كتاب افتراضي (يشبه كتابا حقيقيا)، وبشرط أن يكون حاسوبك موصولا بالأنترنيت، أنقر فوق الرّابط التالي (أو انسخ هذا الرّابط، ثم ضعه في خانة «بحث»، ثم أنقر على «موافق») : ء

http://data.axmag.com/data/201307/20130729/U100472_F231108/FLASH/index.html

غلاف الكتاب : ء

كتاب ''كيف نُسقط الاستبداد'' (غلاف الكتاب)(صيغة 7).ء.jpeg

mercredi 15 octobre 2014

لوائح المستفيدين من الترقي بالاختيار 2013 والتسقيف 2014 من إطار أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي

لوائح المستفيدين من الترقي بالاختيار 2013 والتسقيف 2014 من إطار أساتذة التعليم الثانوي الإعدادي (بتاريخ 14 أكتوبر 2014)

vendredi 10 octobre 2014

هام // حوالات أشهـــــر شتنبر أكتوبــــر، نونبــــــر، ودجنبــــــر 2013.لخريجي المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين

 
تدارس المجلس الحكومي اليوم وصادق على مشروع مرسوم رقم 634-14-2 بإقرار تدابير خاصة تتعلق بوضعية خريجي المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين التابعة لقطاع التربية الوطنية، قدمه السيد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني بعد أن تمت مناقشته في لجنة الحوار القطاعي المنعقدة مؤخرا بين الوزارة والنقابات.


ينص مشروع المرسوم المقترح، على استفادة بعض خريجي المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين التابعة لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني – قطاع التربية الوطنية- الذين تم توظيفهم ابتداء من فاتح يناير 2014، والذين زاولوا عملهم بمؤسسات التربية والتعليم العمومي خلال الفترة الممتدة من 3 سبتمبر 2013 إلى 31 ديسمبر 2013، من أقدمية تساوي مدتها الفترة المذكورة.

كما ينص هذا المشروع، على احتساب هذه الأقدمية من أجل الترسيم والترقي في الرتبة والدرجة، مع الإحالة على مقرر مشترك لوزير التربية الوطنية والتكوين المهني ووزير الاقتصاد والمالية لتحديد قائمة المعنيين بالأمر.

عاجل // تواريخ اعلان نتائج الاختيار برسم سنة 2013

الجدولة الزمنية لمواعيد انعقاد اللجن الثنائية المتساوية الأعضاء الخاصة بالترقية بالاختيار برسم سنة 2013

lundi 22 septembre 2014

تصريح خطير لرشيد بلمختار



في حوار مع جريدة المساء، بلمختار : لا ترخيص لموظفي الوزارة بمتابعة دراستهم والزيادة 3 سنوات في التكوين + التعويض عن العالم القروي + مواضيع اخرى يكشف عنها وزير التربية الوطنية
في حوار مع جريدة المساء، بلمختار : لا ترخيص لموظفي الوزارة بمتابعة دراستهم والزيادة 3 سنوات في التكوين
رضوان الحسني
المساء العدد :2480 - 17/09/2014
مع انطلاق الموسم الدراسي الحالي طفت على السطح من جديد تساؤلات حول واقع المنظومة التربوية ومستقبلها، سيما أن عمر هذه الحكومة شارف على الانقضاء. كما برزت قضايا ومشاكل جديدة أثرت بشكل أو بآخر على الدخول الدراسي الحالي، وعلى رأسها مسألة إجبار المقبلين على التقاعد خلال هذه السنة على إكمال السنة الدراسية، وكذا قضية عدم الترخيص أو «المنع بطريقة ذكية» نساء ورجال التعليم من متابعة دراستهم الجامعية. كما تطرح مجموعة من التساؤلات حول مسار الإصلاح ومدى تجاوبه مع نداءات الملك محمد السادس، التي أطلقها في خطبه الأخيرة، ومصير النظام الأساسي المرتقب والباكلوريا ذات الشعب الدولية... في هذا الحوار، الذي خص به وزير التربية الوطنية جريدة «المساء»، يتحدث رشيد بلمختار عن مستقبل المنظومة وخطة الوزارة لإصلاحها. كما يتحدث عن القرارات التي اتخذها وسياقاتها، وعن علاقة وزارته بمكونات مختلفة من الفاعلين والشركاء، كما يجيب عن التساؤلات المطروحة ويقر بتحمله مسؤوليته في القرارات التي يتخذها.
- اسمح لي أن أعود بك إلى خطاب الملك محمد السادس بمناسبة 20 غشت الأخير، الذي خص فيه نساء ورجال التعليم بالذكر، ونوه فيه بالمجهودات التي يقومون بها خدمة للبلاد. كيف تقرأ هذا التنويه بصفتك وزيرا للقطاع؟
قبل الحديث عن الخطاب الأخير لصاحب الجلالة، لابد من العودة إلى الخطب السابقة، ومنها خطاب 20 غشت 2013، الذي قدم فيه الملك تشخيصا، ودق ناقوس الخطر وأعطى خطة طريق حين قال إنه يجب الأخذ بعين الاعتبار التراكمات الإيجابية، وأن نبحث عن حلول للأشياء السلبية، وأن نأخذ مبادرات شجاعة لحل مشكل التعليم. هذه السنة نشتغل ليس من أجل التشخيص، بل نقوم بعملية تحليل للواقع كي نعرف أين وصلنا، وما هي الوسائل التي ستمكننا من إيجاد حل نهائي للمشاكل المطروحة علينا، سواء على المدى القصير أو المتوسط. وفي هذا الإطار، يتبين أن نساء ورجال التعليم هم الفاعلون الأساسيون فيما يخص المنظومة التربوية. كما يتبين أن هناك مشاكل متعددة، إذ نسجل أن هناك نظرة سلبية تجاه نساء ورجال التعليم، لأن هناك بعض الخروقات وبعض الممارسات التي تعطي نظرة سيئة عن نساء ورجال التعليم. لكن هناك من يقوم بمجهودات كبيرة، ويحاول أن يعمل كل ما في وسعه لأداء مهمته على أحسن وجه. من جهة ثانية، هناك من يتهم الوزارة بتحميل مسؤولية الفشل لنساء ورجال التعليم، وهذا تحوير للنقاش الحقيقي المفتوح حول المشاكل المطروحة، وهذا في نظري تصرف غير صحيح، ولن يقدم شيئا للإصلاح المنشود.
أعود إلى خطاب صاحب الجلالة، الذي أراد أن يقول إن هناك نساء ورجالا للتعليم يشتغلون بجدية، ونحن نقول إن نساء ورجال التعليم عنصر أساسي فيما يخص الإصلاح، ومهنتهم مرتبطة بالكثير من الأشياء المتعلقة بالإصلاح، فالأستاذة أو الأستاذ يكونان وجها لوجه مع التلاميذ، وهنا تكمن أهميتهما وجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهما، إضافة إلى باقي مكونات المنظومة التربوية، كل من موقع مسؤوليته.
لكي نتقدم، يجب أن يعاد النظر في الشروط والمواصفات الواجب توفرها في الراغبين في التقدم لمباراة ولوج مراكز مهن التربية والتكوين، وهذا الأمر غير موجود حاليا. كما نسجل أن هناك آلافا من الممارسين اليوم بالأقسام جاؤوا إلى القسم في غياب أي تكوين، بعد إعادة النظر في شروط ومواصفات ولوج مهنة التدريس. يجب إعادة النظر كذلك في منظومة التكوين لكون التكوينات التي تقدم اليوم غير صالحة لاعتبارات عدة، على رأسها قصر مدة التكوين، وتركيزه على الجانب المعرفي، في غياب تأطير ومصاحبة وتكوين مستمر، ومن هنا تبدأ الكثير من المشاكل.
- هل نفهم من كلامك أن الوزارة تفكر في مراجعة منظومة انتقاء وتكوين الأساتذة؟
بالفعل، ستكون هناك مراجعة تامة لكل ما ذكرته، ونفكر جديا في الزيادة في سنوات التكوين من سنة إلى ثلاث سنوات كي نحصل على أساتذة يتوفرون على المعرفة الكافية والتأطير الكافي لممارسة مهنة التعليم، ونوفر لهم جميع الآليات المتطلبة لإنجاح مهمتهم.
- وما هي شروط الانتقاء التي تفكر فيها الوزارة؟
هناك معايير نفسية ومعايير معرفية، حيث لابد من توفر المقبل على التدريس على الحد الأدنى من المعرفة الذي بإمكاننا تتبعه وتحسينه، وأن تكون لديه قابلية للتعامل مع الأطفال حسب الفئات التي سيقبل على تدريسها، وهي معايير سنعتمد في تحديدها على خبراء ومختصين سيتم استثمار خبراتهم في هذا المجال لتحديد الآليات والوسائل، التي من الضروري أن يتحكم فيها المقبلون على مهنة التدريس، والذين سيكونون مطالبين باستثمارها في العمل والتكوين الذاتي في مجال عملهم. هناك أيضا مسألة القيم، فالأستاذ مطالب بأن يكون مثالا لتلاميذه في القسم. كما أن الاعتناء بالهندام يبقى مسألة ضرورية في ممارسة التدريس.
- العديد من الفاعلين التربويين يكادون يجزمون بأن قطاع التعليم يعيش حالة من «الانتظارية»، وأن قطار الإصلاح لازال لم يجد سكته، التي تساعده على الانطلاق الحقيقي، ونستحضر هنا تعاقب البرامج والمخططات منذ سنوات، انطلاقا من وثيقة الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى المخطط الاستعجالي، وهي كلها مخططات تعرضت لانتقادات لاذعة. كيف توضح هذا الوضع؟ وما هو مخططك لتجاوز هذه الحالة؟
يمكنني أن أقول إن تجربتي في تحمل المسؤوليات لا تقوم على الكلام، بل العمل، وحتى في تجربتي الوزارية السابقة كان كلامي قليلا، وحاولت أن أقوم بأعمال كان لها أثر على الواقع.
- يمكنك، إذن، أن تعطينا خطتك التقنية أو وصفتك للإصلاح.
نريد أن تكون لدينا رؤية واضحة حول المشاكل المطروحة، وفي نفس الوقت يكون لدينا تحليل دقيق وعميق لهذه المشاكل البعيدة عن التشخيص، ولأجل ذلك نزلنا إلى القواعد وفتحنا سلسلة مشاورات شارك فيها أزيد من 100 ألف شخص، ونحن نستثمر نتائج هذه المشاورات، حيث أصبحت لدينا على الأقل نظرة موحدة حول العديد من المشاكل، التي تخبط فيها قطاع التربية والتكوين، ويتفق حولها الجميع. وقد اكتشفنا أن هناك أشياء تتماشى مع نظرة مستقبلية للمنظومة ومرتبطة بالأشياء الأساسية، سميناها الأعمدة أو الركائز التي لابد من الاتفاق حولها من أجل تحديد النظرة المستقبلية. وقد حددنا هذه الركائز في خمس: أولاها، مسألة «الانتماء» للوطن. فالمتعلم عليه أن يعرف وطنه وجذوره وعلاقات بلاده مع باقي العالم وهويته. الركيزة الثانية هي «المعرفة». إذ يجب أن نعيد طرح السؤال حول المعرفة، التي نود أن نلقنها لتلاميذنا في جميع المستويات، والتي ستكون بمثابة الأساس الذي سيمكنه من اختيار المجالات التي يريد الولوج إليها. الركيزة الثالثة تتعلق بـ»الأسس الاجتماعية» التي ستمكن التلاميذ من معرفة علاقاتهم بمحيطهم الأسري والاجتماعي. الركيزة الرابعة تتعلق بـ»الجانب الإنساني»، الذي سيركز على تكوين مواطن قادر على خدمة بلده، وعلى بناء مستقبله بشكل مستقر. أما الركيزة الأخيرة فتتعلق بالجانب المتعلق بالمناخ الاقتصادي، الذي نهيئ له هؤلاء التلاميذ. وهذا الجانب يتطلب من التلاميذ معرفة الوضع الاقتصادي لبلدهم وعلاقته بالمحيط الاقتصادي بباقي الدول. ويبقى السؤال المطروح هو: كيف يمكن إدراج كل هذه الركائز داخل المنظومة التربوية؟
المنظومة التربوية خضعت منذ مدة لتجاذبات مجموعة من الأطراف، وتدخلت الأيديولوجيات في اختيار المواد المدرَّسة، إلى أن تحول التلميذ إلى وعاء يتم ملؤه بجميع المواد الدراسية. وهذا الوضع يجب أن يعاد فيه النظر. لذا علينا أن نشتغل لتحديد ما يمكن تدريسه للتلاميذ حسب السن والمستوى الدراسي. كما يجب القطع مع حشو التلاميذ بأشياء فوق طاقتهم. كما سنركز كذلك على الأشياء التي ستمكن التلميذ من الركائز الأساسية، التي ستساعده على أن يبني عليها ما سيتم تعلمه في الأسلاك الموالية.
- ما تقوله الآن يحيلنا على دور الباحثين التربويين والمختصين. هل سيكون لهم حضور فيما تفكر فيه؟
سؤالك مهم. بطبيعة الحال سنتعامل مع الباحثين والمتخصصين في علوم التربية وعلم النفس التربوي. فهؤلاء من عليهم الاشتغال في هذا الإطار، وهم من سيحددون قدرات المتعلمين على التعلم وفق أعمارهم. فمن بين الأشياء التي لا تجعل تعليمنا يعطي نفس الفرص للجميع هي أننا لا نأخذ بعين الاعتبار محيط التلميذ، سواء على المستوى الجغرافي أو السوسيو اقتصادي أو السوسيو ثقافي. ولهذا يفشل الكثير من الأطفال في دراستهم لأن البرامج المعتمدة تكاد تكون موحدة في جميع المناطق..
- هل تفكر في مسألة الجهوية بقطاع التعليم؟
ليس الجهوية بالتحديد، لكن سيكون هناك تعليم أساسي للجميع، غير أن طرق تدريسه ستكون مختلفة، حسب المناطق والظروف التي يوجد بها المتعلمون، لأن تلميذا في الوسط الحضري يعيش في كنف أسرة متعلمة توفر له أغلب حاجياته، ويدرس بالتعليم الأولي، لا يمكن مقارنة تعليمه بتلميذ في الوسط القروي أو تلميذ يعيش محروما من أبسط الحاجيات، ولا يتوفر ببيته على ظروف الاشتغال والدراسة.
- طرحت مسألة التعليم الأولي. لكن ليس هناك تعليم أولي داخل المنظومة التربوية.
نحن لم نستطع بعد حتى تعميم التعليم العادي، فبالأحرى تعميم التعليم الأولي. هناك فوضى تامة فيما يقدم بالتعليم الأولي، وهذا المجال غير مقنن ويجب تقنينه لأن الطفل في سن التعليم الأولي يحتاج إلى أنشطة التفتح في الوقت الذي يتم مطالبته بالحفظ والاستظهار. كما تكون هناك صراعات وضغوطات على هذا الطفل في التعليم الأولي. لذلك لابد من توحيد ما يتم تقديمه في المدارس التي تقدم تعليما أوليا. أما في العالم القروي فعلينا أن نجد له طريقته، وأن نفكر في تقديمه، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الطبيعية والمناخية والاجتماعية، التي يعيش فيها هؤلاء الأطفال الصغار.
- هذا تأكيد منك على أن الوزارة عازمة على أخذ ظروف العمل بعين الاعتبار مستقبلا.
نعم، وأضيف أن هناك آلافا من الأساتذة ولجوا مهنة التدريس دون تكوين خلال السنوات الأخيرة، ونفكر في أن نخلق لهم نواة للتكوين والمصاحبة في إطار ما أسميناه شبكات المدارس التي ستشتغل في هذا الإطار، وسنقوم بمصاحبة هذه الفئة من الأساتذة الذين لم يتلقوا أي تكوين كي يواكبوا المستجدات التربوية والتكوينية، وكي نتمكن من السير في خط واحد من أجل الإصلاح ...
- نعرج الآن على علاقة الوزارة بالفرقاء الاجتماعيين، إذ أن العديد من البيانات النقابية تتهمك باتخاذ قرارات انفرادية دون استشارة الفرقاء.
منذ عينت على رأس هذه الوزارة استدعيت السادة الكتاب العامين للنقابات، فأخبرتهم بأن باب الوزارة مفتوح، وأنني أعتبرهم شركاء، فقررنا أن نشتغل بشكل جماعي، وعقدنا اجتماعات أخرى وشكلنا اللجان الموضوعاتية حول القضايا الآنية، وهي تشتغل ولم تتوقف، رغم وجود بعض الصعوبات يتم تجاوزها. كما تلقيت منهم مذكرات حول الإصلاح، وأخذت على عاتقي المشاكل الآنية، ونحن ننسق مع وزارة الوظيفة العمومية ووزارة المالية. لكن أود أن أقول إن هناك بعض الأشياء التي يجب أن تكون واضحة، سواء بالنسبة إلينا أو بالنسبة إلى شركائنا، وهي أنني وزير للتربية الوطنية ومسؤوليتي هي تجاه التلاميذ والقطاع، وطبيعي أن أدافع عن هذا الأمر. فأنا قد يكون لدي موقف من قضية معينة، فيما النقابات تدافع عن الأساتذة أو أي شريحة من الموظفين. لذا يمكن أن لا تلتقي وجهات النظر في بعض الأحيان حول نقطة معينة، فإذا لم نتوافق حولها يبقى القرار للوزير، الذي يتحمل مسؤوليته في القرار الذي يتخذه حينها. كذلك لا يمكن أن نتشاور في جميع الأشياء لأن هناك قضايا تكون آنية وتتخذ فيها قرارات، لكننا نفسر ونشرح للشركاء وللمعنيين بها. وأنا أؤكد من جهتي ألا مشكلة لدي مع الفرقاء الاجتماعيين، وأنا استدعيتهم إلى لقاء الثلاثاء لنقاش الدخول المدرسي والحصيلة والمشاكل المطروحة. هناك بعض النقابيين الذين طلبوا مني في الأسبوع الأخير جلسات استعجالية، وقد استقبلتهم وناقشنا المواضيع التي حضروا من أجلها .
- وماذا عن علاقتك بنقابة مفتشي التعليم، التي يبدو أنها لازالت متوترة؟
بالنسبة إلى نقابة مفتشي التعليم، عندما تحملت مسؤولية الوزارة وجدت وضعا سابقا، وهذا الوضع فاجأني، لأنني كنت أعرف المفتشين عندما كنت في الوزارة سنة 98، والصورة التي كانت في ذهني هي أنهم أناس مسؤولون، ويمكن التعامل معهم، وهم قاموا بمجهودات كبيرة في مسلسل الإصلاح. لكنني فوجئت باحتجاجاتهم المتكررة والشعارات التي رفعت في وجهي خلال ترؤسي المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.
- هل كان بابك مفتوحا لهم؟
نعم، وهم لم يعطونا حتى الفرصة لمنحهم موعدا للقائهم. كما أنهم اتخذوا بعض الإجراءات غير المقبولة، إذ رفضوا تقديم برنامج عملهم، وقاطعوا مجموعة من المحطات المهمة، وأنا أقول وأؤكد أن باب الوزارة مفتوح لهم، وقد كانت الفرصة ملائمة حين أطلقنا مشاورات موسعة حول المنظومة التربوية فراسلناهم لطلب حضورهم، لكنهم قاطعوا تلك المشاورات على المستوى الجهوي، وشاركوا على المستوى الوطني، وقد سررنا بمشاركتهم. كما أني التقيت بمسؤولين منهم، وحددنا معهم موعدا للقاء يوم 20 شتنبر. يجب التأكيد على أن الضغط لا يأتي بنتائج وعلينا التصرف بروح الوطنية والمساهمة في البحث عن حلول لهذه المنظومة. وقضية تمثيليتهم في المجلس الأعلى للتعليم بعيدة عن الوزارة وتهم المجلس الأعلى للتعليم.
- نعلم أن عدد الأساتذة الجدد هو 7000 والذي تقلص بـ 1000 مقارنة بالسنة الماضية، في ظل استمرار الخصاص في القطاع، واستمرار الاكتظاظ والأقسام المشتركة. كيف تدبر الوزارة هذا الوضع؟
الميزانية أعطتنا 7000 منصب، علما بأن عدد الأساتذة الذين أحيلوا على المعاش كان تقريبا 8000، وهذا الأمر كان مقررا في مشروع المالية قبل مجيئي إلى الوزارة. بطبيعة الحال هناك نقص في الموارد البشرية، ونحاول البحث عن حلول، لكننا فوجئنا هذه السنة بتوصل الوزارة بـ4600 طلب للتقاعد النسبي، إضافة إلى عدد المتقاعدين، وهذا المعطى المتعلق بالتقاعد النسبي لم يكن حاضرا لدينا، ولم نكن نتوقعه ولا يمكننا توقعه.
- ربما هؤلاء يتخوفون من الإجراءات التي يمكن اتخاذها في حال تطبيق ما جاء في مشروع إصلاح أنظمة التقاعد.
هذا ممكن، لأن هذه السنة كانت استثنائية في الطلبات المقدمة لطلب التقاعد النسبي، ويمكن أن يكون المبرر الذي طرحته حاضرا. أما بالنسبة إلينا فقد أصبحنا أمام 12600 سيغادرون مناصبهم بين المتقاعدين والراغبين في التقاعد النسبي، وهذا حقهم، لكن المسؤولية كبيرة كذلك تجاه التلميذ. ومن باب الوطنية، فإن الأستاذ المقبل على التقاعد في الشهور المقبلة يكمل مع تلاميذه الموسم الدراسي، وسيحافظ على حقوقه المادية كاملة. وكيفما كانت القرارات التي يمكن أن تتخذ في مشروع إصلاح التقاعد فإنها لن تطبق على هذه الفئة من المتقاعدين.
- لماذا لم تطلب الوزارة هذا الأمر بشكل حبي، وتم إخراج مرسوم يجبرهم على الاستمرار في ممارسة عملهم إلى نهاية السنة؟
هناك حالة استعجالية، ويجب أن نكون موضوعيين وراشدين في اتخاذ القرارات، والموضوع تم طرحه منذ يونيو الأخير، وهذا الأمر كان العمل به جاريا، لكن تم توقيفه ولا ندري سبب ذلك. وهذا القرار اتخذته الحكومة لإيجاد حلول لآلاف التلاميذ، الذين كانوا سيبقون دون أساتذة في شهور وسط الموسم الدراسي، وكان يمكن ألا تتخذ الحكومة أي قرار في هذا الاتجاه، لكن من غير المقبول ترك التلاميذ بهذا الشكل. كما أن مسألة توديع المتقاعد لتلاميذه في منتصف الطريق أمر صعب شيئا ما، وإحياء هذا المرسوم هو بمثابة البحث عن حلول لضمان استفادة التلاميذ من سنة دراسية وبيداغوجية كاملة وهذا حق للتلاميذ يجب ضمانه.
أما عن مسألة الاكتظاظ والأقسام المشتركة، فهذا المشكل مرتبط بمشاكل العالم القروي ككل، لأن هناك تشتتا للقرى لا يمكن معه وضع مؤسسة في كل قرية. ونحن نحاول إيجاد حلول في هذا الاتجاه بفتح فرعيات جديدة كل سنة، رغم أنها تطرح مجموعة من المشاكل، ونحن نسير في تجربة المدارس الجماعاتية لحل هذا المشكل، رغم أنها هي الأخرى تطرح مشاكل أخرى، كمشكل الأطفال الصغار الذين يلجون الداخليات في سن مبكرة. لذا نحن نفكر في تحسين فكرة المدارس الجماعاتية، كتوفير النقل المدرسي للتلاميذ الصغار، وهذه الإجراءات لن تتم بعصا سحرية، إذ لا بد من وقت لإنجاز ما يمكن إنجازه.
- قوبلت الباكالوريات ذات الشعب الدولية بانتقادات لاذعة من طرف العديد من الأطراف، التي اعتبرتها إضعافا للباكالوريا العادية وبأنها لن تخدم التلاميذ المغاربة في شيء . كيف تردو على هذا الأمر؟
كي نكون واضحين، فقرار هذه الباكالوريا اتخذ قبل مجيئي إلى الوزارة، وتمت دراسته منذ سنة 2009، واتخذت فيه قرارات في إطار الحكومة، وانطلق العمل بها بست مؤسسات في سنة 2013، وعندما جئت إلى الوزارة كان كل شيء يتعلق بهذه الباكالوريا موجودا، وقد اكتشفت بأن التجربة انطلقت ولا يمكن توقيفها، بل فقط نخضعها للمتابعة. هناك من يتحدث عن تعزيز اللغة الفرنسية، وهذا الأمر منصوص عليه في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، في الشق المتعلق بتعزيز اللغات، فلماذا يتحدث هؤلاء عن توقيف التجربة؟ نحن قمنا بتقويم أولي للتجربة، وتبين أنها إيجابية. ما هو مطروح الآن هو استعمال اللغات في تدريس بعض المواد في هذه الباكالوريا، ومن يتوفر على مستوى جيد من التلاميذ في هذه اللغات بإمكانه ولوج هذه الباكالوريا، تماما كما يحدث في تخصص العلوم الرياضية أو التقنية التي يلجها التلاميذ المجدون، ونحن نشتغل على تحسين اللغات في الإعدادي، وسيبقى الاختيار للجميع: إما ولوج الباكالوريا المغربية للشعب الدولية أو الباكالوريا العادية أو العلوم الرياضية. اليوم هناك فرص شغل كثيرة في المغرب تحتاج إلى اللغات واللغة الفرنسية بالتحديد، والمستقبل كله مرتبط بالانفتاح على اللغات الأخرى.
قوبل قرارك بعدم الترخيص لموظفي قطاع التعليم من أجل متابعة دراستهم بالرفض والانتقاد، واعتبر الأمر تضييقا على نساء ورجال التعليم، وضربا لأحد حقوقهم الدستورية. كما أنك اتخذت قرارا بمنع الموظفين من اجتياز مباريات المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. نريد منك توضيحا في هذا الأمر.
بالنسبة إلى قضية الراغبين في ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، هؤلاء تعاقدوا مع الوزارة كي يدرسوا أبناء الشعب، وهذه هي مسؤوليتهم، فوزارة التربية الوطنية توفر لهم كل آليات الترقية الممكنة ولها نصوصها وقوانينها، وحتى الترقية بالشهادات لم تعد أمرا ممكنا إلا بمباراة. هناك أساتذة يدرسون الفرنسية ويحصلون عل ماستر في الدراسات الإسلامية ويطلبون ترقيتهم وتغيير إطارهم في المادة الجديدة «الدراسات الإسلامية». هؤلاء يزاحمون المعطلين الراغبين في الحصول على منصب شغل جديد. من جهة ثانية من أراد ولوج مراكز التكوين مرة ثانية عليه تقديم استقالته والتقدم للمباراة.
- لكن هناك من يتوفرون على السلم 11 وهم في وضعية مريحة، فقط يريدون متابعة دراستهم الجامعية من أجل الرقي بمستواهم المعرفي وتكوينهم الذاتي، فلماذا يتم حرمانهم من هذا الحق؟
أنا ليس من حقي منعهم من متابعة الدراسة، ولكن من جهة ثانية أنا مسؤول أمام التلاميذ، وهمي أن يكون الأساتذة حاضرون في أقسامهم ويقومون بتدريسهم «فقط»، ومن أراد متابعة دراسته فليذهب، فأنا لا أمنعه، لكن لا يمكنني أن أمنحه ترخيصا بذلك ..
لكن الجامعات اشترطت عليهم الإدلاء بتراخيص متابعة الدراسة من الوزارة.
«هاداك شغلهم». أنا أريد الأستاذ في القسم، وسأقوم بجميع الوسائل ليكون في القسم. كما أني لن أعطي هذا الترخيص. نحن نتوفر على إحصائيات للأساتذة المسجلين بجامعات تبعد عنهم بمئات الكيلومترات، وسنقوم بنشر هذه الإحصائيات مستقبلا في إطار الشفافية، ومن يريد إتمام دراسته فليتفرغ لها. الخلاصة أني لا أمنع ولا أرخص في هذا الأمر.
الحركة الانتقالية قضية معقدة لن تحل بسهولة
- أين وصل النظام الأساسي لنساء ورجال التعليم، علما أن اللجان الموضوعاتية تشتغل في هذا الإطار؟
هذا كله راجع إلى استمرار عمل اللجان الموضوعاتية، التي ينتظر أن تواكب عملها مع بداية الموسم، ونحن نشتغل في تنسيق تام مع وزارة الوظيفة العمويمة، التي اقترحت حضور ممثلين عنها لمواكبة عمل اللجان، ونحن نعتبر النظام الأساسي ضمن الأولويات التي نشتغل عليها.
- كان هناك نقاش كبير حول موضوع الحركات الانتقالية، التي لم تعد نتائجها تقنع نساء ورجال التعليم. هل ستتم مراجعة آلياتها؟
الكل يعلم أن هذه العملية معقدة ولن تحل بسهولة. صحيح أن هناك مجهودا كبيرا تم منذ سنوات، كمكننة العملية على الصعيد الوطني، التي قلصت من مسألة «التدخلات» في العملية، وقد تم اعتماد البرنامج جهويا ومحليا، لكن هناك بعض المشاكل التي تطرح مع بداية كل موسم دراسي فيما يخص الموارد البشرية، ويكلف المسؤولون جهويا وإقليميا بتدبير مسألة الفائض والخصاص. وقد تحدثنا مع الفرقاء حول موضوع الحركات الانتقالية، لكن مع الصيغة المعتمدة يصعب الاستجابة لجميع الطلبات، لأن هناك مناطق استقطاب يقع عليها الضغط، وهناك مناطق أخرى لا يقع عليها الضغط. والحل الذي يجب أن نخلص إليه هو أن المتخرجين من المراكز السنة المقبلة سيكون تعيينهم جهويا في الجهة التي يوجد بها مركز تكوينهم، ونحن نتدارس مع الشركاء ومع الوظيفة العمومية مسألة التوظيف على مستوى الأكاديميات. كما سنحاول البحث عن آليات لتفادي الرغبات الكثيرة في الانتقال عبر تعيين أبناء بعض المناطق في المناطق التي يتحدرون منها والتي يرغبون في التدريس فيها.
- وماذا عن مصير تعويضات العمل في العالم القروي؟
في إطار النقاش مع وزارة المالية، نؤكد على موقفنا بأن المواضيع التي اتخذت فيها قرارات يجب أن تطبق. لكن هذا القرار لا يهم وزارة التربية الوطنية فقط، بل يهم القرار الحكومي على اعتبار أنه يهم باقي القطاعات. غير دورنا يبقى هو وضع الأسئلة على المسؤولين، ونحن نتابع الملف ولدينا فيه أفكار جديدة ستأخذ طريقها. وهناك أيضا مشاكل تتعلق بالأزمة المالية ستكون حاضرة في مثل هذه القرارات .
- وهل فعلا اتخذت قرارا بإنهاء تفرغات بعض النقابات؟
سجلنا أن هناك تفرغات غير مبررة، وهناك نقاش حول هذا الموضوع حتى بالنسبة إلى النقابات، وقد قررنا أن نعرف ما هي هذه النقابات التي تحصل على تفرغات ومن هم متفرغوها؟ وأين هم؟ علينا أن نعرف كم هو عدد المتفرغين في كل نقابة. التفرغ يجب أن يمنح سنة واحدة تجدد أو لا تجدد. لكن الملاحظ، اليوم، هو أن هذه التفرغات تصبح «تفرغات مدى الحياة»، وهذا غير معقول. ونحن سنتدارس رأي النقابات في هذا الموضوع، حسب المساطر، التي سيتم تهييئها، وسنكون عادلين، ولن نقصي أحدا، ومساعدة أي نقابة ستكون حسب حجمها. وعلى النقابات أن تفكر في مسألة «المتفرغ مدى الحياة» تجديدا للنفس وللدماء، فهذا في مصلحتها، حتى لا نصبح أمام «محترف للتفرغ»، ونحن نحتاج إلى شيء من المنطق في هذا الجانب. وللإشارة، فهناك بلدان لا تمنح تفرغات للنقابات على اعتبار أن هذا الأمر تطوعي، فالمتفرغ يؤدى راتبه من قبل نقابته، وهكذا يمكن أن ينتقد كما يشاء، رغم أننا لن نذهب في هذا الاتجاه. نحن نحتاج إلى نزهاء فكريا في هذا المجال، إذ من غير المعقول أن أجالس مسؤولا ويخرج ليقول كلاما آخر غير الذي تم تداوله في الاجتماعات الرسمية.

samedi 13 septembre 2014

الثقافة_و_الثورة / الرفيق الشهيد مهدي عامل .

الثقافة_و_الثورة / الرفيق الشهيد مهدي عامل .

سيداً في ملكوت الكلام، عالمياً، متعالياً، بالتأمل يحيا، وللتأمل. هكذا كان الفكر، على امتداد قرون خلت، في انفصام مع الواقع، له الثبات المطلق، وللتاريخ المادي التّغير والحركة.كان يحلو له بين حين وحين، أن يُطِلَّ من علياء تجريده على الواقع، فيدينه تارة، وغالباً ما يعذره. لكنّه من خارج كان يحكم، وما كان يقوى عليه. وكان، حين يتوق إلى واقع آخر، أو أفضل، يحكم، أو يتخيل، أعني يتأول. وما كان يرتبط بقوى التغيير الثوري حين كان يطمح إليه. وما كان يدرك شروط هذا التغيير وأدواته. لذا، كان يجنح نحو الطوباوية، في أشكال شتّى، فيقدم للواقع ذريعة بقاءٍ وحجة تأبُّد.أيّ موقع كان يمكن أن يكون للمثقف في مثل هذا الانفصام المتجدد بين الفكر والواقع؟موقع المنبوذ، أو موقع خادم السلطان، سواء أكان شاعرا أم فقيها، حليما، فيلسوفا أم أديبا. وما كان الفكر، في الموقعين، بقادر على أن يغيّر. كان يرفض، أحيانا، أو يُبَرّر. يهجو أو يمدح، وفي الحالتين يرتزق. أو يتصعلك، إن خرجَ على السائد ونظامه، كأّنه محكوم بموت يتأجّل. يحتجّ على الشرع ويثور، لكن، من موقع العاجز عن نقض الشرع. فيتصوّف. يستبدل الأرض بالسماء، ويزهد. أو يستكين للدنيا وللآخرة، فَيُعقلِنُ الاثنتين في نظام الإستبداد، لسلطته يرضخ.والسلطة، بالدين، تبدو مطلقة. وهي المقدسة، في الغيب وبالغيب. وهي السلطةُ، فوق الرفض وفوق النقض، سيفها على الرقاب مسلّطٌ، والرقاب خاضعةٌ، راضية. فمن تمرّد، فعلى سلطة الدين يتمرّد. إذّاك يُحَلُّ دمُهٌ. حتّى لو كان الحلّاجَ، أو السهر وردي. أما ابن تيميه، أو الغزالي، أو من شابههما، فعلى التمرّد والمتمرّدين، في كلّ عصر، يشهران سلاح الدين، سلاح السلطة، فيكبّلان العقل، يرهبان الروح، ويئدان الجسد.لم يكن للمثقّف، في عالم كهذا، سوى أن يختار بين الإستتباع أو الموت، بين أن ينطق بلغة الإستبداد ونظامه، أو أن ينطق بلغة الصمت، أعني بلغة المكبوت ورموزه. هكذا كانت الثقافة تجري في صراع بين اثنتين: واحدة هي ثقافة الأسياد، بتيّاراتها المختلفة المتباينة، أو أخرى هي ثقافة المقهورين، بأنواعها المتعدّدة. لم تكن الثقافة يوماً واحدة، وليس من الجائز حصرها في ثقافة رسميّة، أو مسيطرة، أو معلنة. كانت ثقافةٌ مناهضةٌ لهذه، مكبوتةٌ، مستترة، لعلّها أكثر شيوعاً من الأولى، أو أصدق تعبيراً عن ضمير الناس وطموحاتهم. كانت، مثلاً، في حكايات ألف ليلة وليلة، أو في عروض خيال الظلّ، أو في سير الأبطال الشعبيّة. وهي، بالتأكيد، أكثر تمرداُ على الواقع القائم، وأشدّ رفضاً له. لكنّها عاجزة كانت عن تغيير العالم، فيما هي كانت تطمح إليه.ليس بالحلم تكون الثورة، وإن كان الحلم شرطاً من شروطها. ومن شروط الثورة أن يتوفر لها وعي متّسق، إليه تستند، وبه تستبق الممكن. أعني الضروري. ومن شروطها أن يتجسّد وعيها المتسّق هذا، أي العلمي، وفي وعي القائمين بها، جماهير الكادحين، المنتجين بأيديهم وأدمغتهم، صانعي التاريخ، بوعيهم الممارسيّ يستحيل الوعي النظري قوةً ماديةً تَدُكُّ أعمدة القائم، وتهيئ لولادة الجديد.

لمن يكنّ للثقافة، في زمن انفصام الفكر عن الواقع، دورٌ في تغيير العالم، إلّا ما لا يكاد يذكر. كانت، كلّما حاولت القيام بهذا الدور، تُقمع وتُهان، باسم الدين غالباً، وبتهمة الكفر أو الزندقة، وبتهمة التحريف أو الهرطقة. فالثقافي، حتّى في ثقافة الأسياد، يرتدّ عليهم وعليها، فهو المبتدعُ في فعل الحريّة، يتهدّد ويزعزع. إنّها القاعدة في كلّ العصور: كلّما انحازت الثقافة إلى جديد ضدّ القديم، إلى المتغيّر ضدّ الثابت، إلى النار ضدّ الرماد، وإلى الحياة والحلم، اضطُهِدت واضطُهِدَ المثقفون، أحباءُ الحرية و الآفاق الزرقاء الرحبة. إنها البداهة في ضرورة أن يكون المثقف ثائرا، أو لا يكون، وفي ضرورة أن تكون الثقافة للفرح الكونيّ، ضدّ كلّ ظلاميّة، أو لا تكون.تلك مشكلة المثقّف والثقافة بامتياز. وهي قضيّة الثورة في آن.ثم التحمت، لأوّل مرّة في تاريخ الفكر، نظريّة الثورة بحركة الثورة، فالتأم الفكر، في نشاطه المعرّف نفسُهُ، بقوى التغيير، فلم تعد الثورة تفتقد فكرها، ولم يعد الفكر سجين تأمّلاته. لقد بات الممكن قابلاً للتحقيق، فهو الضروري في حركة التاريخ المادّي، لا يتحقّق إلّا بنضال ثوري. والنضال وعدُ الكادحين بأنّ أنظمة الرجعيّة والاستبداد إلى زوال. وللنضال شروطٌ وأشكالٌ وأدوات. من شروطه أن يهتدي بعلم الثورة، أعني بتلك النظرية التي أسّسها ماركس، وأقامت ثورات الشعوب المضطّهدة على صحّتها البرهان، بالملموس التاريخي. ومن أشكاله ما تمارسه قوى المقاومة الوطنيّة في كفاحها ضدّ الإحتلال، وضدّ الفاشيّة والطائفيّة. ومن أدواته الأولى الحزب الثوري. حزب العمال والفلاحين والمثقفين.منذ أن التحمت النظريّة بالثورة، لم تعد الثقافة حكراً على نخبة من الكهنة. فلقد عمّت ضرورتها حتّى بات على العامل، كي يكون عاملاً، أن يكون بأدوات إنتاجه المادّي مثقفاً، وعلى المثقّف، كي يكون كذلك، أن يكون بأدوات إنتاجه الفكري كادحاً. والإنتاجان واحدٌ في سيرورة التاريخ الثوري، هذا الّذي يؤسّس لحريّة اليد المبدعة. ليست الثقافة كتابة، وإن كانت الكتابة من أركانها. إنّها تَمَلُّكٌ للعالم في حلم، أو حقل أو مصنع. أمّا المثقفون، فهم المنتجون، بأيديهم وأدمغتهم، ضدّ أنظمة القمع والاستغلال والجهالة، فكراً، فناً وجمالاً هو حبّ للحياة. وأمّا غير المنتجين، القابعين في قبحهم، فهم الأسياد بأنظمتهم. وأمّا هدم الأنظمة، فهو مهمّة الثورة في كل آن.والثورة في لبنان ما تزال فاعلةً في سيرورة حرب أهلية فجّرتها الرجعيّة لإنقاذ نظامها الطائفي وفرض الفاشية، فانقلب عليها، وعلى نظامها، ثورةٌ وطنيةٌ ديمقراطية تخلخل وتصدّع، لا يخيفها عائقٌ، فهي التي تُخيف، بها ينهار عالم بكامله، ويشرئبُّ إلى الولادة آخر. تتفكّك نُظُمٌ من الفكر والاقتصاد والسياسة يصعب عليها الموت بدون عنف، تتصدّى لجديد ينهض في حجرشة الحاضر، وتقاوم في أشكال تتجدّد بتجدّد ضرورة انقراضها، تنعقد بين عناصرها المتنافرة تحالفات هي فيها على موعد الموت.إذن، فليدخل الفكرُ المناضل في صراع يستحثّ الخطى في طريق الضرورة الضاحكة. فهو اليانع أبداً، وهو اليَقِظُ الدائم، في الحركة الثوريّة ينغرس ويتجذّر. يستبق التجربة بعين النظريّة، ولا يتخاذل حين يُفاجَأ: يتوثّب على المعرفة ويعيد النظر في ترتيب عناصره ليؤمّن للنظريّة قدرتها على التشامل، ورحابة أفق تتسّعُ لكلّ جديد. هكذا يكتسب كل نشاط نظري طابعاً نضاليّاً، ويتوق كلّ نشاط ثوريّ إلى التعقلنِ في النظريّة، فتتأكّد، بالتحام النشاطين في الملموس التاريخي، ضرورة الفكر العلمي في أن يكون ثوريّاً، وضرورة الحركة الثوريّة في أن تكون علميّة.والحرب في لبنان حربان: حرب على إسرائيل، وحرب على الفاشيّة والطائفيّة، لكن الرجعيّة، بأطرافها المتعدّدة، تستميت في محاولة إظهارها مظهر الحرب الطائفيّة. وتفشل دوماً في المحاولة، برغم كلّ ما أحاط وما يحيط بهذه الحرب من وحول الطوائف. وكيف تكون الحرب طائفيّة حين يكون الموقف من إسرائيل، مثلاً، محوراً للصراع فيها؟ وكيف تكون طائفية حين يحتدم فيها الصراع بين القوى الرجعيّة ـ الطائفيّة ـ وهي من مختلف الطوائف ـ والقوى الوطنيّة الديمقراطية ـ وهي أيضاً من طوائف متعدّدة ـ ، حول الموقف من هويّة لبنان، أو من الثورة الفلسطينيّة، أو من الإمبرياليّة، أو من الإحتلال الإسرائيلي، أو من قوّات الحلف الأطلسي، أو من اتفاق 17 أيّار، أو الاتفاق الثلاثي نفسه، ومن "الإقتصاد الحرّ" أيضاً، بل حتّى من الطائفيّة إيّاها، بما هي النظام السياسي لسيطرة البرجوازية اللبنانيّة؟!

ليست الحرب طائفيّة، ولا الصراع فيها بطائفي. إنّه، في أساسه، صراع بين قوى التغيير الثوري للنظام السياسي الطائفي، والقوى الفاشيّة الطائفيّة التي تحاول، عبثاً، تأبيد هذا النظام. إنه، باختصار، صراع طبقي عنيف بين قوى الثورة والقوى المضادة للثورة، في سيرورة حرب أهليةٍ هي في لبنان سيرورة الثورة الوطنيّة الديمقراطيّة. فله، إذن، سمة العصر في زمن الانتقال الثوري من الرأسماليّة إلى الاشتراكيّة، وله، تالياً، طابع كوني هو طابع الصراع إيّاه المحتدم، ليس بين معسكر الإشتراكية ومعسكر الإمبرياليّة، أفقياً، وحسب، بل رأسياً أيضاً، أو عامودياً، في كلٍّ من بلدان المنظومة الرأسماليّة العالميّة، بما فيها، بالطبع، البلدان العربيّة. فما هو موقع الثقافة والمثقّفين من هذا الصراع؟ ما هو موقفها وموقفهم منه؟ ما هو دورها ودورهم؟.والسؤال لا ينحصر في لبنان، ما دام الصراع فيه هو إيّاه، بطابعه الكوني نفسه، في جميع البلدان العربيّة، وإن اختلفت شروطه بين بلد وآخر، وتنوّعت أشكاله، أو تفاوت تطوّره. فالحروب الأهليّة تتهدّد بلدان العالم العربي جميعها بلا استثناء، وآلية الصراع فيها تنبئ بإمكان اندلاعها في كلّ آن. وأنظمة البرجوازيّات العربيّة في أزمة. والتغيير الثوري بات ضرورة ملحّة في كلّ منها، وحاجة يوميّة في نضال الجماهير الكادحة. لكن الثورة في انتظار قيادتها. والثورة سيرورة طويلة معقدة، ولها مراحل وأحوال. وعلى الثقافة تطرح سؤالها: أمع الثورة أم ضدّها؟ وعلى المثقفين تطرح السؤال: أمع التغيير أم ضدّه؟ والسؤال سياسي بامتياز. وثقافي في آن.لا تعارض بين السياسة والثقافة. وكيف يكون تعارضٌ بين الاثنتين، كيف يصح اختيار الواحدة ضدّ الأخرى في منظور التاريخ الثوري؟ لئن كانت في البدء الكلمةُ، فلقد كانت، بدئيّاً، مبدعة. وللحريّة كانت، ضدّ القمع، تناضل وتثابر في رفض الظلم، وللحب كانت في قلب الإنسان. تؤسّس في فعل التغيير معناها. وتجود بالجميل يحتج على قبح العالم في نُظُم الاستبداد. هكذا تتكوّن الثقافة دوماً ضدّيّاً، تنمو وتتكامل في صراع مستمرّ ضدّ كلّ قديم يموت. وفي البدء كانت السياسةُ، صراعاً مستمراً بين قوى التغيير الثوري وقوى تأبيد الواقع. يخطئ من يظن أن السياسة نظام، حكم، أو مؤسسات، أو أنّها بالدولة تتحدّد. إنّها، في ذلك، من موقع نظر البرجوازيّة وإيديولوجيّتها المسيطرة. لكنّها، في منظور العلم والتاريخ، صراع طبقي شاملٌ كلّ حقول الحياة، لا هامش فيه للرافض، بالوهم، أن يكون له فيه موقع. إنها حركة التاريخ في مجرى صراع له المتن، والهامش فقط لمن قد مات، أو كان، من موقعه في الماضي، رفيقَ دربٍ للموت.إذن لكلّ ناشط في الحياة أن يأخذ موقعاً وأن يحدّد موقفاً: أمع الثورة أم ضدّها؟ بالكلمة الفاعلة واليد المبدعة. والثورة ليست لفظاً أو تجريداً. إنّها طمي الأرض لا يعرفها من يخاف على يديه من وحل الأرض.وكيف تكون الثورة نظيفة، وهي التي تخرج من أحشاء الحاضر مُتّسخة به، وتهدمه وتغتسل بوعدٍ أنّ الإنسان جميلٌ حراً؟ فلتتوضّح كلّ المواقف، ولتتحدّد كلّ المواقع، ولتكن المجابهة في الضوء. كيف يمكن للثقافة أن يكون لها موقع الهامش في معركة التغيير الثوري ضدّ الفاشيّة والطائفيّة؟ كيف يمكن للمثقّف أن يستقيل من نضال ينتصر للديمقراطية، هو أكسجين الفكر والأدب والفن؟ بوضوح أقول، فالوضوح هو الحقيقة، من لا ينتصر للديمقراطيّة ضدّ الفاشيّة، للحريّة ضدّ الإرهاب، للعقل والحب والخيال، وللجمال ضدّ العدميّة وكلّ ظلاميّة، غي لبنان الحرب الأهليّة، وفي كل بلد من عالمنا العربي، وعلى امتداد أرض الإنسان، من لا ينتصر للثورة في كلّ آن، مثقّف مزيف، وثقافته مخادعة مرائيّة. إذا تكلم عن الثورة، في شعره أو نثره، فعلى الثورة بالمجرّد يتكلّم، من خارج كل زمان ومكان، لا عليها في حركة التاريخ الفعليّة، وشروطها الملموسة. وإذ يعلن، في نرجسيّة حمقاء أنّه يريدها، فبيضاء لا تهدم ولا تغيّر. تُبقي القائم بنظامه، وتحنّ إليه إذا تزلزل أو احتضر. كثيرون هم الذين في لبنان يحنّنون إلى لبنان ما قبل الحرب الأهليّة، ويريدون التغيير للعودة إلى الماضي، ويريدونه إيقافاً لانهيارات الزمان. أمّا الآتي، فمن الغيب، إلى الغيب. إنّه موقف المنهزم، لا بصراعٍ، بل بتسليمٍ واستكانة. إنّه موقف من يُصنعُ التاريخ بدونه. وله في التاريخ موقعٌ ترفضه الثقافة، إذ الثقافة، في تعريفها، مقاومة. فإذا ساوت بين القاتل والقتيل انهزمت في عدميّتها، فانتصر القاتل، وكانت، في صمتها، شريكته.أيُّ ثقافة هذه التي تتساوى فيها الأضداد، فيختلط الأسود بالأبيض في رماديّة اللون والمعنى؟ إنّها الثقافة المسيطرة بسيطرة البرجوازية وإيديولوجيّتها، في أشكال منها قد تتخالف، لكنّها، في اللحظات التاريخيّة الحاسمة، دوماً تتحالف ضدّ الثقافة الثوريّة النقيض. هكذا تنعقد بين العدميّة والظلاميّة مثلاً، أو بين هذه وتلك، وأشكال من الفكر الديني، تحالفاتٌ ترعاها البرجوازية، بل تتوسّلها في مجابهة الفكر الماديّ، محور الثقافة الثوريّة وقطبها الجاذب. أليسَ من الطبيعي أن ينعقد التحالف وطيداً في مجرى هذه الثقافة بين جميع المثقّفين المناضلين من أجل الحريّة والديمقراطيّة، الطامحين إلى تغيير العالم وتحريره من سيطرة الرجعيّة والإمبرياليّة؟ أليس من الضروري أن تتشابك أيدي الكادحين جميعاً ـفي زمن الثورات العلميّة ـ ضدّ الجهل تُعمِّمهُ أنظمة البرجوازيّات العربيّة؟فرحة للثقافة والمثقّفين أن تتهاوى أنظمة القمع هذه في كلّ أرجاء الوطن العربي، بفعل نضال الثوريين يتوحّدون، على اختلاف تيّاراتهم وانتماءاتهم الفكريّة والسياسيّة، في حركة ثوريّة جديدة واحدة، تعيد إلى العالم نضارته، وبها التاريخ يستوثق. فالثورة ليست حكراً على فكر، أو حزب، أو طبقة. إنّها سيرورة تتكامل في الاختلاف، وتغتني بروافد التغيير تصبّ فيها من كلّ صوب، في كلّ مرحلة. لكنّها تتعطّل، أو تظلّ زاحفة، أو منحرفة، إن لم يكن للطبقة العاملة فيها موقعٌ هو موقع الطبقة الهيمنيّة النقيض، ودورٌ هو دورها التاريخي نفسه، ليس في قيادة الإنتقال إلى الاشتراكية وحسب، بل في كل مرحلة من سيرورة هذا الانتقال. لا بقرارٍ، بل بالممارسة الثوريّة، وعلى قاعدة نهجها الطبقي الصحيح، وبقيادة حزبها الشيوعي، تحتلّ الطبقة العاملة موقعها ذاك في الحركة الثوريّة، وتضطلع بدورها. والتاريخ الثوري لا يرحم متخلّفاً عنه، ولا هو يسير بعكس منطقه. فلئن فعل، فلِأجلٍ، لا تلبث، بعده، أن تستعيد سيرورته الثوريّة منطقها. ومنطقها أن تنتكس الثورة، حتّى في طابعها الوطني الديمقراطي، فتراوحَ، فتنهزمَ إلى مواقع رجعيّة، كلّما استأثرت بقيادتها قوى غيرُ هيمنية، من فئات وسطيّة تحتلّ في السلطة موقع السيطرة الطبقيّة، همّها الأول ألا تستكمل الثورة سيرورتها، بحسب منطقها الضروري في تقويض علاقات الإنتاج الرأسماليّة القائمة بارتباطها التبعي بالإمبريالية، وفي إقامة السلطة السياسيّة الثورية القادرة على انجاز هذه المهمة.بين منطق الثورة ومنطق هذه القيادة غير الثوريّة تناقضٌ يشلّ الحركة الثورية ويضعها في أزمة تنعكس في ممارسات سلطويّة قمعيّة ضدّ قوى الثورة وجماهيرها، وبالتحديد، ضدّ الطبقة العاملة التي هي، بحزبها الطليعي ونهجها الوطني الصحيح، النقيض الثوري. إنّ الحل الجذري لتلك التناقضات بات يفرض، بضرورة منطقه، ضرورة تغيير تلك القيادة الطبقية لسيرورة الثورة الوطنيّة الديمقراطيّة، واستنهاض حركة ثوريّة هي، في اتساقها مع مهمّاتها، من نوع جديد، ولها وحدها القيادة. ومن أولى خصائصها، أن تسعى فيها الطبقة الهيمنية النقيض إلى أن يكون نهجها الطبقي نفسه، في سعيها إلى السلطة، نهج الحركة بكاملها. لا بالقمع، بالممارسة الديمقراطية الثورية.لئن كان القمع أو الفئويّة، في لغة أخرى، أو الاستئثار بالسلطة، أو الانفراد بالقيادة هو الشكل الطبقي الذي يحكم علاقة القوى غير الهيمنيّة، في وجودها في موقع الهيمنة الطبقيّة، بأطراف التحالف الطبقي الثوري، وكان، بالتالي ضروريّاً بضرورة التناقض في أن تحتل تلك القوى هذا الموقع، فإنّ الديمقراطيّة، كناظم للعلاقة بين أطراف التحالف إيّاه، وحقّ للجميع في الإختلاف، واحترامٍ لهذا الحق وممارسته، أقول إنّ الديمقراطيّة هذه هي، بالعكس، الشكل الطبيعي، أعني الضروري، الذي يحكم علاقة الطبقيّة. ذلك أنّ علاقة الاتّساق والتلاؤم بينها وبين موقعها هذا هي، بالضبط، الأساس المادي لضرورة الديمقراطية في علاقة القوى الثورية بعضها ببعض. وهي ضمانة تحقّق هذه الضرورة.
 —
Photo : ‎#الثقافة_و_الثورة / الرفيق الشهيد  مهدي عامل .

سيداً في ملكوت الكلام، عالمياً، متعالياً، بالتأمل يحيا، وللتأمل. هكذا كان الفكر، على امتداد قرون خلت، في انفصام مع الواقع، له الثبات المطلق، وللتاريخ المادي التّغير والحركة.كان يحلو له بين حين وحين، أن يُطِلَّ من علياء تجريده على الواقع، فيدينه تارة، وغالباً ما يعذره. لكنّه من خارج كان يحكم، وما كان يقوى عليه. وكان، حين يتوق إلى واقع آخر، أو أفضل، يحكم، أو يتخيل، أعني يتأول. وما كان يرتبط بقوى التغيير الثوري حين كان يطمح إليه. وما كان يدرك شروط هذا التغيير وأدواته. لذا، كان يجنح نحو الطوباوية، في أشكال شتّى، فيقدم للواقع ذريعة بقاءٍ وحجة تأبُّد.أيّ موقع كان يمكن أن يكون للمثقف في مثل هذا الانفصام المتجدد بين الفكر والواقع؟موقع المنبوذ، أو موقع خادم السلطان، سواء أكان شاعرا أم فقيها، حليما، فيلسوفا أم أديبا. وما كان الفكر، في الموقعين، بقادر على أن يغيّر. كان يرفض، أحيانا، أو يُبَرّر. يهجو أو يمدح، وفي الحالتين يرتزق. أو يتصعلك، إن خرجَ على السائد ونظامه، كأّنه محكوم بموت يتأجّل. يحتجّ على الشرع ويثور، لكن، من موقع العاجز عن نقض الشرع. فيتصوّف. يستبدل الأرض بالسماء، ويزهد. أو يستكين للدنيا وللآخرة، فَيُعقلِنُ الاثنتين في نظام الإستبداد، لسلطته يرضخ.والسلطة، بالدين، تبدو مطلقة. وهي المقدسة، في الغيب وبالغيب. وهي السلطةُ، فوق الرفض وفوق النقض، سيفها على الرقاب مسلّطٌ، والرقاب خاضعةٌ، راضية. فمن تمرّد، فعلى سلطة الدين يتمرّد. إذّاك يُحَلُّ دمُهٌ. حتّى لو كان الحلّاجَ، أو السهر وردي. أما ابن تيميه، أو الغزالي، أو من شابههما، فعلى التمرّد والمتمرّدين، في كلّ عصر، يشهران سلاح الدين، سلاح السلطة، فيكبّلان العقل، يرهبان الروح، ويئدان الجسد.لم يكن للمثقّف، في عالم كهذا، سوى أن يختار بين الإستتباع أو الموت، بين أن ينطق بلغة الإستبداد ونظامه، أو أن ينطق بلغة الصمت، أعني بلغة المكبوت ورموزه. هكذا كانت الثقافة تجري في صراع بين اثنتين: واحدة هي ثقافة الأسياد، بتيّاراتها المختلفة المتباينة، أو أخرى هي ثقافة المقهورين، بأنواعها المتعدّدة. لم تكن الثقافة يوماً واحدة، وليس من الجائز حصرها في ثقافة رسميّة، أو مسيطرة، أو معلنة. كانت ثقافةٌ مناهضةٌ لهذه، مكبوتةٌ، مستترة، لعلّها أكثر شيوعاً من الأولى، أو أصدق تعبيراً عن ضمير الناس وطموحاتهم. كانت، مثلاً، في حكايات ألف ليلة وليلة، أو في عروض خيال الظلّ، أو في سير الأبطال الشعبيّة. وهي، بالتأكيد، أكثر تمرداُ على الواقع القائم، وأشدّ رفضاً له. لكنّها عاجزة كانت عن تغيير العالم، فيما هي كانت تطمح إليه.ليس بالحلم تكون الثورة، وإن كان الحلم شرطاً من شروطها. ومن شروط الثورة أن يتوفر لها وعي متّسق، إليه تستند، وبه تستبق الممكن. أعني الضروري. ومن شروطها أن يتجسّد وعيها المتسّق هذا، أي العلمي، وفي وعي القائمين بها، جماهير الكادحين، المنتجين بأيديهم وأدمغتهم، صانعي التاريخ، بوعيهم الممارسيّ يستحيل الوعي النظري قوةً ماديةً تَدُكُّ أعمدة القائم، وتهيئ لولادة الجديد.

لمن يكنّ للثقافة، في زمن انفصام الفكر عن الواقع، دورٌ في تغيير العالم، إلّا ما لا يكاد يذكر. كانت، كلّما حاولت القيام بهذا الدور، تُقمع وتُهان، باسم الدين غالباً، وبتهمة الكفر أو الزندقة، وبتهمة التحريف أو الهرطقة. فالثقافي، حتّى في ثقافة الأسياد، يرتدّ عليهم وعليها، فهو المبتدعُ في فعل الحريّة، يتهدّد ويزعزع. إنّها القاعدة في كلّ العصور: كلّما انحازت الثقافة إلى جديد ضدّ القديم، إلى المتغيّر ضدّ الثابت، إلى النار ضدّ الرماد، وإلى الحياة والحلم، اضطُهِدت واضطُهِدَ المثقفون، أحباءُ الحرية و الآفاق الزرقاء الرحبة. إنها البداهة في ضرورة أن يكون المثقف ثائرا، أو لا يكون، وفي ضرورة أن تكون الثقافة للفرح الكونيّ، ضدّ كلّ ظلاميّة، أو لا تكون.تلك مشكلة المثقّف والثقافة بامتياز. وهي قضيّة الثورة في آن.ثم التحمت، لأوّل مرّة في تاريخ الفكر، نظريّة الثورة بحركة الثورة، فالتأم الفكر، في نشاطه المعرّف نفسُهُ، بقوى التغيير، فلم تعد الثورة تفتقد فكرها، ولم يعد الفكر سجين تأمّلاته. لقد بات الممكن قابلاً للتحقيق، فهو الضروري في حركة التاريخ المادّي، لا يتحقّق إلّا بنضال ثوري. والنضال وعدُ الكادحين بأنّ أنظمة الرجعيّة والاستبداد إلى زوال. وللنضال شروطٌ وأشكالٌ وأدوات. من شروطه أن يهتدي بعلم الثورة، أعني بتلك النظرية التي أسّسها ماركس، وأقامت ثورات الشعوب المضطّهدة على صحّتها البرهان، بالملموس التاريخي. ومن أشكاله ما تمارسه قوى المقاومة الوطنيّة في كفاحها ضدّ الإحتلال، وضدّ الفاشيّة والطائفيّة. ومن أدواته الأولى الحزب الثوري. حزب العمال والفلاحين والمثقفين.منذ أن التحمت النظريّة بالثورة، لم تعد الثقافة حكراً على نخبة من الكهنة. فلقد عمّت ضرورتها حتّى بات على العامل، كي يكون عاملاً، أن يكون بأدوات إنتاجه المادّي مثقفاً، وعلى المثقّف، كي يكون كذلك، أن يكون بأدوات إنتاجه الفكري كادحاً. والإنتاجان واحدٌ في سيرورة التاريخ الثوري، هذا الّذي يؤسّس لحريّة اليد المبدعة. ليست الثقافة كتابة، وإن كانت الكتابة من أركانها. إنّها تَمَلُّكٌ للعالم في حلم، أو حقل أو مصنع. أمّا المثقفون، فهم المنتجون، بأيديهم وأدمغتهم، ضدّ أنظمة القمع والاستغلال والجهالة، فكراً، فناً وجمالاً هو حبّ للحياة. وأمّا غير المنتجين، القابعين في قبحهم، فهم الأسياد بأنظمتهم. وأمّا هدم الأنظمة، فهو مهمّة الثورة في كل آن.والثورة في لبنان ما تزال فاعلةً في سيرورة حرب أهلية فجّرتها الرجعيّة لإنقاذ نظامها الطائفي وفرض الفاشية، فانقلب عليها، وعلى نظامها، ثورةٌ وطنيةٌ ديمقراطية تخلخل وتصدّع، لا يخيفها عائقٌ، فهي التي تُخيف، بها ينهار عالم بكامله، ويشرئبُّ إلى الولادة آخر. تتفكّك نُظُمٌ من الفكر والاقتصاد والسياسة يصعب عليها الموت بدون عنف، تتصدّى لجديد ينهض في حجرشة الحاضر، وتقاوم في أشكال تتجدّد بتجدّد ضرورة انقراضها، تنعقد بين عناصرها المتنافرة تحالفات هي فيها على موعد الموت.إذن، فليدخل الفكرُ المناضل في صراع يستحثّ الخطى في طريق الضرورة الضاحكة. فهو اليانع أبداً، وهو اليَقِظُ الدائم، في الحركة الثوريّة ينغرس ويتجذّر. يستبق التجربة بعين النظريّة، ولا يتخاذل حين يُفاجَأ: يتوثّب على المعرفة ويعيد النظر في ترتيب عناصره ليؤمّن للنظريّة قدرتها على التشامل، ورحابة أفق تتسّعُ لكلّ جديد. هكذا يكتسب كل نشاط نظري طابعاً نضاليّاً، ويتوق كلّ نشاط ثوريّ إلى التعقلنِ في النظريّة، فتتأكّد، بالتحام النشاطين في الملموس التاريخي، ضرورة الفكر العلمي في أن يكون ثوريّاً، وضرورة الحركة الثوريّة في أن تكون علميّة.والحرب في لبنان حربان: حرب على إسرائيل، وحرب على الفاشيّة والطائفيّة، لكن الرجعيّة، بأطرافها المتعدّدة، تستميت في محاولة إظهارها مظهر الحرب الطائفيّة. وتفشل دوماً في المحاولة، برغم كلّ ما أحاط وما يحيط بهذه الحرب من وحول الطوائف. وكيف تكون الحرب طائفيّة حين يكون الموقف من إسرائيل، مثلاً، محوراً للصراع فيها؟ وكيف تكون طائفية حين يحتدم فيها الصراع بين القوى الرجعيّة ـ الطائفيّة ـ وهي من مختلف الطوائف ـ والقوى الوطنيّة الديمقراطية ـ وهي أيضاً من طوائف متعدّدة ـ ، حول الموقف من هويّة لبنان، أو من الثورة الفلسطينيّة، أو من الإمبرياليّة، أو من الإحتلال الإسرائيلي، أو من قوّات الحلف الأطلسي، أو من اتفاق 17 أيّار، أو الاتفاق الثلاثي نفسه، ومن "الإقتصاد الحرّ" أيضاً، بل حتّى من الطائفيّة إيّاها، بما هي النظام السياسي لسيطرة البرجوازية اللبنانيّة؟!

ليست الحرب طائفيّة، ولا الصراع فيها بطائفي. إنّه، في أساسه، صراع بين قوى التغيير الثوري للنظام السياسي الطائفي، والقوى الفاشيّة الطائفيّة التي تحاول، عبثاً، تأبيد هذا النظام. إنه، باختصار، صراع طبقي عنيف بين قوى الثورة والقوى المضادة للثورة، في سيرورة حرب أهليةٍ هي في لبنان سيرورة الثورة الوطنيّة الديمقراطيّة. فله، إذن، سمة العصر في زمن الانتقال الثوري من الرأسماليّة إلى الاشتراكيّة، وله، تالياً، طابع كوني هو طابع الصراع إيّاه المحتدم، ليس بين معسكر الإشتراكية ومعسكر الإمبرياليّة، أفقياً، وحسب، بل رأسياً أيضاً، أو عامودياً، في كلٍّ من بلدان المنظومة الرأسماليّة العالميّة، بما فيها، بالطبع، البلدان العربيّة. فما هو موقع الثقافة والمثقّفين من هذا الصراع؟ ما هو موقفها وموقفهم منه؟ ما هو دورها ودورهم؟.والسؤال لا ينحصر في لبنان، ما دام الصراع فيه هو إيّاه، بطابعه الكوني نفسه، في جميع البلدان العربيّة، وإن اختلفت شروطه بين بلد وآخر، وتنوّعت أشكاله، أو تفاوت تطوّره. فالحروب الأهليّة تتهدّد بلدان العالم العربي جميعها بلا استثناء، وآلية الصراع فيها تنبئ بإمكان اندلاعها في كلّ آن. وأنظمة البرجوازيّات العربيّة في أزمة. والتغيير الثوري بات ضرورة ملحّة في كلّ منها، وحاجة يوميّة في نضال الجماهير الكادحة. لكن الثورة في انتظار قيادتها. والثورة سيرورة طويلة معقدة، ولها مراحل وأحوال. وعلى الثقافة تطرح سؤالها: أمع الثورة أم ضدّها؟ وعلى المثقفين تطرح السؤال: أمع التغيير أم ضدّه؟ والسؤال سياسي بامتياز. وثقافي في آن.لا تعارض بين السياسة والثقافة. وكيف يكون تعارضٌ بين الاثنتين، كيف يصح اختيار الواحدة ضدّ الأخرى في منظور التاريخ الثوري؟ لئن كانت في البدء الكلمةُ، فلقد كانت، بدئيّاً، مبدعة. وللحريّة كانت، ضدّ القمع، تناضل وتثابر في رفض الظلم، وللحب كانت في قلب الإنسان. تؤسّس في فعل التغيير معناها. وتجود بالجميل يحتج على قبح العالم في نُظُم الاستبداد. هكذا تتكوّن الثقافة دوماً ضدّيّاً، تنمو وتتكامل في صراع مستمرّ ضدّ كلّ قديم يموت. وفي البدء كانت السياسةُ، صراعاً مستمراً بين قوى التغيير الثوري وقوى تأبيد الواقع. يخطئ من يظن أن السياسة نظام، حكم، أو مؤسسات، أو أنّها بالدولة تتحدّد. إنّها، في ذلك، من موقع نظر البرجوازيّة وإيديولوجيّتها المسيطرة. لكنّها، في منظور العلم والتاريخ، صراع طبقي شاملٌ كلّ حقول الحياة، لا هامش فيه للرافض، بالوهم، أن يكون له فيه موقع. إنها حركة التاريخ في مجرى صراع له المتن، والهامش فقط لمن قد مات، أو كان، من موقعه في الماضي، رفيقَ دربٍ للموت.إذن لكلّ ناشط في الحياة أن يأخذ موقعاً وأن يحدّد موقفاً: أمع الثورة أم ضدّها؟ بالكلمة الفاعلة واليد المبدعة. والثورة ليست لفظاً أو تجريداً. إنّها طمي الأرض لا يعرفها من يخاف على يديه من وحل الأرض.وكيف تكون الثورة نظيفة، وهي التي تخرج من أحشاء الحاضر مُتّسخة به، وتهدمه وتغتسل بوعدٍ أنّ الإنسان جميلٌ حراً؟ فلتتوضّح كلّ المواقف، ولتتحدّد كلّ المواقع، ولتكن المجابهة في الضوء. كيف يمكن للثقافة أن يكون لها موقع الهامش في معركة التغيير الثوري ضدّ الفاشيّة والطائفيّة؟ كيف يمكن للمثقّف أن يستقيل من نضال ينتصر للديمقراطية، هو أكسجين الفكر والأدب والفن؟ بوضوح أقول، فالوضوح هو الحقيقة، من لا ينتصر للديمقراطيّة ضدّ الفاشيّة، للحريّة ضدّ الإرهاب، للعقل والحب والخيال، وللجمال ضدّ العدميّة وكلّ ظلاميّة، غي لبنان الحرب الأهليّة، وفي كل بلد من عالمنا العربي، وعلى امتداد أرض الإنسان، من لا ينتصر للثورة في كلّ آن، مثقّف مزيف، وثقافته مخادعة مرائيّة. إذا تكلم عن الثورة، في شعره أو نثره، فعلى الثورة بالمجرّد يتكلّم، من خارج كل زمان ومكان، لا عليها في حركة التاريخ الفعليّة، وشروطها الملموسة. وإذ يعلن، في نرجسيّة حمقاء أنّه يريدها، فبيضاء لا تهدم ولا تغيّر. تُبقي القائم بنظامه، وتحنّ إليه إذا تزلزل أو احتضر. كثيرون هم الذين في لبنان يحنّنون إلى لبنان ما قبل الحرب الأهليّة، ويريدون التغيير للعودة إلى الماضي، ويريدونه إيقافاً لانهيارات الزمان. أمّا الآتي، فمن الغيب، إلى الغيب. إنّه موقف المنهزم، لا بصراعٍ، بل بتسليمٍ واستكانة. إنّه موقف من يُصنعُ التاريخ بدونه. وله في التاريخ موقعٌ ترفضه الثقافة، إذ الثقافة، في تعريفها، مقاومة. فإذا ساوت بين القاتل والقتيل انهزمت في عدميّتها، فانتصر القاتل، وكانت، في صمتها، شريكته.أيُّ ثقافة هذه التي تتساوى فيها الأضداد، فيختلط الأسود بالأبيض في رماديّة اللون والمعنى؟ إنّها الثقافة المسيطرة بسيطرة البرجوازية وإيديولوجيّتها، في أشكال منها قد تتخالف، لكنّها، في اللحظات التاريخيّة الحاسمة، دوماً تتحالف ضدّ الثقافة الثوريّة النقيض. هكذا تنعقد بين العدميّة والظلاميّة مثلاً، أو بين هذه وتلك، وأشكال من الفكر الديني، تحالفاتٌ ترعاها البرجوازية، بل تتوسّلها في مجابهة الفكر الماديّ، محور الثقافة الثوريّة وقطبها الجاذب. أليسَ من الطبيعي أن ينعقد التحالف وطيداً في مجرى هذه الثقافة بين جميع المثقّفين المناضلين من أجل الحريّة والديمقراطيّة، الطامحين إلى تغيير العالم وتحريره من سيطرة الرجعيّة والإمبرياليّة؟ أليس من الضروري أن تتشابك أيدي الكادحين جميعاً ـفي زمن الثورات العلميّة ـ ضدّ الجهل تُعمِّمهُ أنظمة البرجوازيّات العربيّة؟فرحة للثقافة والمثقّفين أن تتهاوى أنظمة القمع هذه في كلّ أرجاء الوطن العربي، بفعل نضال الثوريين يتوحّدون، على اختلاف تيّاراتهم وانتماءاتهم الفكريّة والسياسيّة، في حركة ثوريّة جديدة واحدة، تعيد إلى العالم نضارته، وبها التاريخ يستوثق. فالثورة ليست حكراً على فكر، أو حزب، أو طبقة. إنّها سيرورة تتكامل في الاختلاف، وتغتني بروافد التغيير تصبّ فيها من كلّ صوب، في كلّ مرحلة. لكنّها تتعطّل، أو تظلّ زاحفة، أو منحرفة، إن لم يكن للطبقة العاملة فيها موقعٌ هو موقع الطبقة الهيمنيّة النقيض، ودورٌ هو دورها التاريخي نفسه، ليس في قيادة الإنتقال إلى الاشتراكية وحسب، بل في كل مرحلة من سيرورة هذا الانتقال. لا بقرارٍ، بل بالممارسة الثوريّة، وعلى قاعدة نهجها الطبقي الصحيح، وبقيادة حزبها الشيوعي، تحتلّ الطبقة العاملة موقعها ذاك في الحركة الثوريّة، وتضطلع بدورها. والتاريخ الثوري لا يرحم متخلّفاً عنه، ولا هو يسير بعكس منطقه. فلئن فعل، فلِأجلٍ، لا تلبث، بعده، أن تستعيد سيرورته الثوريّة منطقها. ومنطقها أن تنتكس الثورة، حتّى في طابعها الوطني الديمقراطي، فتراوحَ، فتنهزمَ إلى مواقع رجعيّة، كلّما استأثرت بقيادتها قوى غيرُ هيمنية، من فئات وسطيّة تحتلّ في السلطة موقع السيطرة الطبقيّة، همّها الأول ألا تستكمل الثورة سيرورتها، بحسب منطقها الضروري في تقويض علاقات الإنتاج الرأسماليّة القائمة بارتباطها التبعي بالإمبريالية، وفي إقامة السلطة السياسيّة الثورية القادرة على انجاز هذه المهمة.بين منطق الثورة ومنطق هذه القيادة غير الثوريّة تناقضٌ يشلّ الحركة الثورية ويضعها في أزمة تنعكس في ممارسات سلطويّة قمعيّة ضدّ قوى الثورة وجماهيرها، وبالتحديد، ضدّ الطبقة العاملة التي هي، بحزبها الطليعي ونهجها الوطني الصحيح، النقيض الثوري. إنّ الحل الجذري لتلك التناقضات بات يفرض، بضرورة منطقه، ضرورة تغيير تلك القيادة الطبقية لسيرورة الثورة الوطنيّة الديمقراطيّة، واستنهاض حركة ثوريّة هي، في اتساقها مع مهمّاتها، من نوع جديد، ولها وحدها القيادة. ومن أولى خصائصها، أن تسعى فيها الطبقة الهيمنية النقيض إلى أن يكون نهجها الطبقي نفسه، في سعيها إلى السلطة، نهج الحركة بكاملها. لا بالقمع، بالممارسة الديمقراطية الثورية.لئن كان القمع أو الفئويّة، في لغة أخرى، أو الاستئثار بالسلطة، أو الانفراد بالقيادة هو الشكل الطبقي الذي يحكم علاقة القوى غير الهيمنيّة، في وجودها في موقع الهيمنة الطبقيّة، بأطراف التحالف الطبقي الثوري، وكان، بالتالي ضروريّاً بضرورة التناقض في أن تحتل تلك القوى هذا الموقع، فإنّ الديمقراطيّة، كناظم للعلاقة بين أطراف التحالف إيّاه، وحقّ للجميع في الإختلاف، واحترامٍ لهذا الحق وممارسته، أقول إنّ الديمقراطيّة هذه هي، بالعكس، الشكل الطبيعي، أعني الضروري، الذي يحكم علاقة الطبقيّة. ذلك أنّ علاقة الاتّساق والتلاؤم بينها وبين موقعها هذا هي، بالضبط، الأساس المادي لضرورة الديمقراطية في علاقة القوى الثورية بعضها ببعض. وهي ضمانة تحقّق هذه الضرورة.‎

jeudi 11 septembre 2014

حصري و بالصور // زيارة حفيد الجنرال موشي ديان لقطر

هدا هو ليئور ديان حفيد الجنرال الصهيوني موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق ،الذى قاد حرب 5 يونيو 1967 ضد الدول العربية ،
الصورتين هي لزيارة قام بها للدوحة بقطر استمرت اسبوعا كاملا
الاكيد ان قطر و كل اجهزتها تخدم اجندات مشبوهة و خطيرة، اجندة كتبت المخابرات الصهيونية تفاصيلها و كلفت قطر بتمويلها و تنزيلها


بنكيران ينصب علي متقاعدي 2014/2015


لم يجد عبد الإله بنكيران من صيغة لكسب عطف نساء ورجال التعليم، الذين يفترض أن يحالوا على التقاعد...، والذين أنزل عليهم مرسومه القاضي ببقائهم من دجنبر 2014 إلى يوليوز 2015، غير دغدغة عواطفهم حينما قال في مجلس حكومي إنهم لن يقبلوا بترك آلاف التلاميذ بدون مدرسين بعد أن يغادروا. ووجدنا أنفسنا أمام حكومة تدبر الشأن العام عن طريق الاستجداء، بدلا من أن تدبره عن طريق الإجراءات المعقولة.

لقد وجدت الحكومة أن دعوة أكثر من خمسة آلاف رجل تعليم للبقاء ستة أشهر إضافية هي الحل لتفادي الفقر في الأطر التعليمية، التي أضحت واحدة من اختلالات المدرسة المغربية، بعد أن تعطل التشغيل في هذا القطاع. لذلك جاءت بمرسومها لكي تقطع الطريق أمام أية محاولة لعدم تلبية نداء بنكيران.

لكن هل فاتحت الحكومة هذه الأعداد التي وجدت نفسها مكرهة اليوم لإضافة ستة أشهر على سنها القانوني للتقاعد، وأخذت رأيها في هذه الإضافة؟

ثم ما الذي تقترحه لهذه المهمة على مستوى التعويضات؟

ودون الحديث عند حدود قانونية هذا الإجراء الغريب، لا بد من التساؤل هل راعت حكومة بنكيران الشق الأخلاقي في العملية؟ وهل تأكدت أن هذه الخمسة آلاف رجل تعليم لا تزال مستعدة صحيا ونفسيا للعطاء، خصوصا وأنه عطاء ذو طبيعة خاصة اسمها التعليم والتكوين؟

إنها الأسئلة الحقيقية التي كان على رئيس الحكومة أن يقدم بشأنها أجوبة شافية، بدلا من أن يراهن على بعض من كلامه المعسول وهو يدافع عن مرسوم كتب بلغة ملتبسة، ومرر بسرعة البرق، ونشر في الجريدة الرسمية قبل أن يلتحق المدرسون بمقرات عملهم ليجدوا أمامهم ستة أشهر إضافية من عمر لم يعد قادرا على العطاء لدى جلهم، فيما يشبه الأمر الواقع. وكأني بالسيد بنكيران يشرف على تجنيد إجباري للمدرسين.

العارفون بخبايا ملف التقاعد، الذي يبدو أن الحكومة عازمة على المضي فيه حتى وإن كان سيخلف وراءه ضحايا كثر، يتحدثون على أن حائط نساء ورجال التعليم، الذي يعتبر قصيرا، هو الذي منه سينطلق «الإصلاح». لذلك اختيرت لغة مرسوم إضافة ستة أشهرللذين سيصلون سن التقاعد في متم السنة الجارية، بعناية فائقة في محاولة لجس النبض فيما يشبه بالون هواء للاختبار. وهو اختبار قالت جل النقابات التعليمية إنها ستكون له بالمرصاد، لأن الحكومة اختارت أن تضع الملف بكل حساسيته أمام المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بدلا من أن تضعه أمامها وهي المعنية بالأمر أكثر من غيرها.

لن يمر هذا الدخول المدرسي عاديا، ليس لأن أهل التربية والتعليم ينتظرون إصلاحا تعطل كثيرا، ودخل على خطه المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي، ولكن لأن نساء ورجال التعليم ينتظرون ما يعتبرونه أهم وأكبر، وهو المتعلق بمصيرهم مع تقاعد قيل إنه سينطلق من سن 62 ليستمر إلى 65، ومع إعادة النظر في قيمة المساهمات المالية لهذه الفئة. لذلك لا حديث اليوم بين هؤلاء الملتحقين بحجرات الدرس إلا عن تقاعد سيكون رجل التعليم هو الخاسر الأكبر فيه، وهم يطرحون السؤال الكبير هل كان ملف إصلاح التقاعد، بهذه الصيغة، واحدا من البرامج الانتخابية التي حملها حزب رئيس الحكومة إلى ناخبيه، والتي بموجبها اقتنع به جزء من المغاربة واختاروا التصويت له، أم أن بنكيران جاء لكي ينفذ برنامجا انتخابيا أملي عليه؟

بقي فقط أن نذكر أن معركة المدرسة المغربية اليوم لن تكون فقط مع إصلاح منظومة التربية والتكوين، ولكنها مع ملف أكبر اسمه التقاعد

ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ