jeudi 21 juin 2012

لغز مبارك


مبارك
مبارك

المؤيدون والمعارضون سجال أمام المستشفى
مشاعر متفاوتة بين الضيق والحزن والبكاء من قبل «أبناء» وأنصار الرئيس المخلوع ومؤيدى النظام السابق، وبين سعادة وفرح من قبل معارضى مبارك، تجسدت بقوة فى مشهد ترقب حالة المخلوع الصحية وأنباء وفاته.
«التحرير» رصدت، خلال ليلة كاملة قضتها مع مؤيدى ومعارضى النظام السابق أمام مستشفى المعادى للقوات المسلحة، حيث يرقد مبارك. مشاعر مختلطة امتزج فيها البكاء والصراخ والعويل بعلامات الفرحة والسرور، فى أثناء نقله من مستشفى السجن إلى مستشفى المعادى للقوات المسلحة.
المشهد ليلة أول من أمس، وحتى صباح أمس، كان مثيرًا للدهشة، حيث شهد توافدًا ملحوظًا من قبل أنصار المخلوع، الذين هرولوا إلى المستشفى بمجرد علمهم بنبأ وفاة المخلوع إكلينيكيا وتجمعوا أمام بوابة المستشفى الرئيسية من الخارج، وحاولوا الاطمئنان عليه من أفراد الأمن الموجودين على البوابة للتأكد من خبر وفاته، وانتابتهم حالة من البكاء الهستيرى والصراخ على المخلوع، كما ظهر عدد من معارضى النظام السابق وبعض شباب «6 أبريل» أمام المستشفى للتأكد من صحة الخبر.. عدد من المشادات الكلامية والتراشق بالألفاظ نشب بين مجموعة «إحنا آسفين يا ريس» ومعارضى الرئيس السابق، كادت تصل إلى حد الاشتباك بالأيدى بسبب اختلاف الآراء حول شائعة وفاة المخلوع.
الشيخة ماجدة، إحدى أشهر مؤيدى مبارك، انتابتها حالة من البكاء المستمر والدموع المتواصلة طوال فترة وجودها أمام المستشفى، قائلة «إن ما يحدث لمبارك مؤامرة، فهو مظلوم.. والبلد هتدمّر لو مسكها الإخوان والسلفيين، لأن ده معناه إن حماس وإيران احتلوا مصر».
واستطردت «خسارة بطل حرب أكتوبر يروح كده، وأنا دلوقتى زعلانة منك يا سيادة المشير، لأنك تقدر تطلع تقارير المخابرات اللى بتقول إن مبارك برىء»، ثم قامت بالهتاف «الجيش والشعب إيد واحدة».
بينما اشتبك كريم حسين، أحد أنصار المخلوع، بعدد من معارضى النظام السابق، فى أثناء قيام معارضى المخلوع بدعاء بالتعجيل بموت المخلوع، وتأكيدهم أنهم سيقيمون احتفالا أمام المستشفى حال التأكد من صحة الخبر، موضحًا أن المخلوع «خرب البلد وتركها بلا أى قيمة»، على حد قولهم. ووسط فرحة الثوريين، حمل آخرون من أنصار مبارك ومؤيديه، ملصقات تحمل صوره، واستمروا فى رفعها على جنبات الطريق طوال ساعات الليل حتى ساعات صباح أمس.
تفاصيل الرحلة من «طرة» إلى «المعادى العسكرى»
خبر نقل الرئيس السابق مبارك من مستشفى سجن طرة إلى مستشفى المعادى العسكرى إثر إعلان تردى حالته الصحية بشكل مفاجئ، بل وصل الأمر إلى تسريب شائعة حول وفاته إكلينيكيا، لم يكن مفاجأة كبيرة على كل حال، بل كان استغلالا للظرف السياسى الراهن والأحداث المتلاحقة على الأرض، وهو ما يطرح تساؤلات منها: هل تدهورت صحة الرئيس السابق مبارك بالفعل على مدار الأيام الماضية حقا، أم أن الخبر المسرب عن تدهور صحته مجرد تمثيلية أخرجها وأعد مشاهدها المجلس العسكرى ليتمكن من نقله إلى مستشفى المعادى العسكرى، خصوصا أن القرار جاء بعد دخول مبارك السجن بـ24 ساعة فقط، وهو ما انفردت به وقتها جريدة «التحرير» فى عددها الصادر يوم 5 يونيو الحالى.
أجهزة الدولة ممثلة فى المجلس العسكرى سارعت أمس، عبر بيان أصدرته، إلى نفى ما تناقلته وكالات الأنباء والصحف عن خبر وفاة مبارك، وذلك خوفا من رد فعل الشارع والبرلمان الذى شن هجوما عنيفا على القضاء منذ أيام، اعتراضا على الحكم الصادر ببراءة مساعدى وزير الداخلية، المتهمين بقتل الثوار، ومع تزايد السخط الشعبى على الحكم، وتم إرجاء نقل مبارك إلى خارج السجن مرة أخرى، والتمهيد لنقله تارة بحجة إصابته باكتئاب حاد وتدهور فى حالته الصحية، وتارة أخرى بالترويج لذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة، حتى جاءت اللحظة المناسبة، والتى حانت وقتما نزل المتظاهرون إلى ميدان التحرير من أجل الاعتراض على الإعلان الدستورى المكمّل والخاص بصلاحيات رئيس الجمهورية، حيث وجد «العسكرى» الفرصة سانحة له فى ظل انشغال الناس بشخص الرئيس القادم وصلاحياته، وقام بنقل الرئيس السابق من سجن مزرعة طرة إلى مستشفى المعادى العسكرى.
جاء هذا فى الوقت الذى أكدت فيه مصادر أمنية موجودة داخل مستشفى المعادى العسكرى أن اللواء حسن الروينى قائد المنطقة المركزية للقوات المسلحة، توجه ظهر أمس إلى المستشفى العسكرى وصعد مباشرة إلى الدور الذى يوجد به مبارك، وبقى معه نحو 10 دقائق، ثم خرج بعدها، مغادرا المستشفى.
الرفاهية التى كان يحظى بها مبارك داخل مستشفى سجن طرة لم تكن أقل من التى وجدها داخل مستشفى المعادى العسكرى، فقد حظى الرجل بالطابق الثالث بأكمله، حيث تم وضع 10 أفراد نوباتجية بشكل يومى، وذلك لصيانة الطابق بكل ما فيه من كهرباء وأجهزة تكييف وخلافه، وتم سحب الهواتف المحمولة من جميع العاملين قبل وصول مبارك بساعات، وذلك بناء على تعليمات إدارة المستشفى، كما أن سوزان ثابت زوجة الرئيس السابق، لم تفارقه منذ لحظات وصوله إلى المستشفى، فى الوقت ذاته تم نقل كل من علاء وجمال مبارك نجلى الرئيس السابق إلى ملحق سجن مزرعة طرة مرة أخرى، خصوصا أنهما كانا قد نقلا إلى المستشفى بناء على رغبة والدهما، بتوصية من الأطباء، نظرا إلى تردى حالته الصحية.
مصدر مسؤول بمصلحة الطب الشرعى -رفض ذكر اسمه- أوضح أن سبب وضع الرئيس السابق مبارك فى الطابق الثالث فى مستشفى المعادى للقوات المسلحة ليكون قريبا ما بين قسم جراحة المخ والأعصاب وقسم القلب، تحسبا لحدوث أى مشكلات، لافتا إلى أنه تمت الاستعانة باللواء الطبيب د.محمد توفيق من كبار إخصائيى المخ والأعصاب رئيس قسم جراحة المخ والأعصاب السابق بالمستشفى، بالإضافة إلى طاقم من الأطباء المتخصصين فى علاجه، مشيرا إلى أن هناك محاولات من قبل الأطباء لإذابة جلطة المخ، لافتا إلى أن قلب الرئيس المخلوع يعمل حاليا بواسطة الأجهزة التى تم تعليقها له، بينما يعانى من مشكلات فى أجهزة المخ، لافتا إلى أن نقل مبارك من مستشفى السجن إلى مستشفى المعادى للقوات المسلحة، كان قد تم الترتيب له منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وكان يتم التحضير والتمهيد لتلك الخطوة، لاختيار أنسب الوسائل الممكنة للحفاظ على حياة الرئيس السابق، وعدم تعرض حياته للخطر طوال فترة وجوده بالمستشفى، مدللا على ذلك بالتجهيزات التى كانت تجريها المستشفى، تمهيدا لنقل مبارك إليه، موضحا أنه فى حالة وفاة المخلوع، فإذا كانت الوفاة طبيعية فلن يطلب رأى مصلحة الطب الشرعى فيها إلا فى حالة حدوث مشكلات والتشكيك فى الوفاة، وبالتالى تصبح الوفاة جنائية، فسيطلب ويستلزم الأمر رأى الطب الشرعى فيها بعد إذن النائب العام والنيابة العامة لتشريح جثمانه.
إلى ذلك أكدت مصادر طبية بمستشفى المعادى العسكرى أن الرئيس المخلوع مبارك يتمتع بصحة جيدة بعد نقله إلى المستشفى، وذكرت المصادر أن مبارك أُجريت له أشعة رنين مغناطيسى فور وصوله وكانت نتيجتها كلها طبيعية.
3 سيناريوهات للتعامل مع الوفاة
وسط غيوم الغموض وضبابية المشهد، باتت الحالة الصحية للرئيس المخلوع حسنى مبارك على كف عفريت بعدما تضاربت الأخبار فى وسائل الإعلام ما بين وفاة مبارك إكلينيكيًّا أو استجابته للعلاج ليثير بذلك تساؤلات عديدة حول مصير مبارك والسيناريوهات المتوقعة فى حال وفاته، من بينها إمكانية تشييعه فى جنازة عسكريه كونه مُدانًا، أو عودته إلى مستشفى سجن مزرعة طرة حال تماثله للشفاء؟ ويظل السؤال الأهم: هل مبارك حاليا تحت ولاية مصلحة السجون وهو فى المستشفى العسكرى أم تحت ولاية المجلس العسكرى؟
الخبير الأمنى اللواء محمد عبد الفتاح عمر، أشار إلى أنه فى حال وفاة مبارك قبل البتّ فى الطعن الذى قدمه محاميه ضد الحكم الصادر ضده وصدور حكم نهائى فى قضيته، فإنه سيعامَل كأحد أفراد القوات المسلحة وتُقام له جنازة عسكرية قائلا «الحكم على مبارك ما زال قيد الطعن وغير نهائى ويبقى المتهم بريئا حتى تثبت إدانته وحتى صدور حكم نهائى يظل يُعامل معاملة ضابط سابق فى القوات المسلحة ومن حقه إقامة جنازة عسكرية له لو تُوفِّى قبل ذلك الحين إضافة إلى تطبيق قوانين القوات المسلحة فى التعامل مع أبنائها فى مثل هذه الحالات».
عمر أكد أن مبارك خرج حاليا من تبعية مصلحة السجون وأصبح تابعا لمستشفى المعادى العسكرى، وهو التابع بدوره إلى القوات المسلحة ووزارة الدفاع، وعندما يتماثل للشفاء «ويقر المستشفى العسكرى بذلك» سيتم تحويله إلى مستشفى سجن طرة، مستبعدا حدوث ذلك بسبب ضعف إمكانيات مستشفى السجن.
اللواء حمدى بخيت الخبير الاستراتيجى، قال إن الجنائز العسكرية تُقام فقط للقائد الأعلى للقوات المسلحة، والقائد العام للقوات المسلحة، ووزير الدفاع، ورئيس الأركان، وقادة الأفرع الرئيسية، ورؤساء الهيئات، ومديرى الإدارات الاستراتيجية والشهداء، وموقف الرئيس السابق حتى الآن لم يصدر فيه «حكم باتّ» حتى يتم البتّ فى الطعن، موضحا أن مبارك ما زال يتمتع بصفتين عسكريتين يمنحانه إقامة جنازة عسكرية، مشيرا إلى أنه إذا صدر فى حقه حكم باتّ وقابل للنفاذ، لن تقام له جنازة عسكرية.
وخالفه فى الرأى الباحث فى القانون الدستورى عصام الإسلامبولى، حيث أكد أن مبارك لا يحق له إقامة جنازة عسكرية باعتباره محكوما عليه جنائيا وفقا للمادة 25 من قانون العقوبات، وما زال الحكم قائما ضده بدليل أنه محبوس وينفَّذ عليه حكم المحكمة، مؤكدا أن ذلك الوضع يظل قائما إلى أن يُبَتّ فى الطعن المقام.
وأشار الإسلامبولى إلى جواز خروج مبارك خارج سجن طرة للعلاج إذا كانت إمكانيات مستشفى السجن لا تسمح بعلاجه ولكن هذا لا يعطيه الحق فى العلاج خارج البلاد، وفى ما يخص جواز نقله إلى المستشفى العسكرى بدلا من مستشفى سجن طرة قال الإسلامبولى «المستشفيات العسكرية أحيانا تستقبل مدنيين»، مبديا قلقه أن يكون نقل مبارك إلى المستشفى العسكرى مجرد تمثيلية قبل أن يتولى الرئيس الجديد لكى لا يخضع مبارك للمدنيين ويكون داخل مستشفى تحت إدارة للجيش وتحت سيطرته.
الدكتور محمد الجوادى الباحث السياسى، أشار إلى أن مبارك حال وفاته ستُقام له جنازة سرية لأنه بعد أن صودرت منه الأوسمة والرتب والنياشين الخاصة لم يعد له الحق فى جنازة عسكرية، مؤكدا صعوبة إعداد جنازة عادية للظروف الأمنية، ولذلك ستكون جنازته سرية، لافتا إلى أن مبارك خرج حاليا من ولاية الشعب إلى ولاية النائب العام إلى ولاية مصلحة السجون، مؤكدا أنه رغم وجوده فى مستشفى عسكرى وتابع للقوات المسلحة ووزارة الدفاع فإنه ما زال يتبع إدارة مصلحة السجون وهى التى تدفع فاتورته ومسؤولة عنه، مشيرا إلى أن الموضوع وسط هذه الأحداث الساخنة لم تعد له أهمية كبيرة كما كان فى السابق، مضيفا «الموضوع مابقاش له أهمية يقعد هنا ولّا يقعد هناك هوّ خلاص فى العد التنازلى».
«نيويورك تايمز»: يبدو أن مبارك يسعى للموت قبل سماع اسم خليفته
«تقارير متضاربة»، هكذا وصفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فى تقريرها أمس الأربعاء حول الحالة الصحية للرئيس المخلوع حسنى مبارك حول احتمالية وفاته إكلينيكيا.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن المخلوع على ما يبدو لا يرغب فى أن يرى اسم خليفته فى رئاسة البلاد، والمقرر إعلانه اليوم الخميس، ويفضل الموت على ذلك. وفاة مبارك المحتملة أكدت «نيويورك تايمز» أنها ستزيد من حدة تقلبات الوضع السياسى فى مصر، التى تعيش لحظة متفجرة فى انتظار إعلان أول رئيس جاء من انتخابات حرة، إثر ثورة 25 يناير.
ولكن الصحيفة أشارت إلى أن هناك أصواتا أخرى تؤكد أن تلك الأنباء مجرد إشاعات لتمهيد نقل المجلس العسكرى للمخلوع فى مستشفى المعادى العسكرى الأكثر راحة من وضعه فى سجن طرة، دون أن توجه إليه الانتقادات، كما أن آخرين يرونها محاولة لتوجيه نظر الناس عن نتائج انتخابات الرئاسة وحل البرلمان وإصدار الجنرالات لإعلان دستورى مكمل يجعل السلطة فى يديه حتى بعد انتخاب رئيس جديد.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire