mardi 23 avril 2013

الصراع الطبقي لينين



الصراع الطبقي

من المعلوم أنه في كل مجتمع تتصادم مطامح البعض مع مطامح البعض الآخر و أن الحياة الاجتماعية مليئة بالتناقضات، و أن التاريخ يكشف لنا عن الصراع الذي بين الشعوب و المجتمعات، كما يقوم داخل الشعوب و المجتمعات نفسه، و أنه يبين لنا أيضا مراحل متعاقبة من الثورة و الرجعية، من السلم و الحروب، من الركود و التقدم السريع أو الانحطاط. إن الماركسية قد رسمت النهج الموجه الذي يتيح اكتشاف وجود القوانين في هذا التعقيد و التشوش الظاهر و نعني بهذا نظرية الصراع الطبقي. فقط دراسة مجمل المطامح لدى جميع أعضاء مجتمع ما أو عدد من المجتمعات تسمح بتحديد نتيجة هذه المطامح تحديدا علميا. هذا مع العلم أن المطامح المتناقضة يولدها تباين الأوضاع و شروط الحياة لدى الطبقات التي ينقسم إليها كل مجتمع. يقول ماركس في "البيان الشيوعي": "إن تاريخ كل مجتمع إلى يومنا هذا (ثم يضيف انجلس فيما بعد: ما عدى المشاعية البدائية) لم يكن سوى تاريخ صراع بين الطبقات. فالحر و العبد، و النبيل و العامي، و السيد الاقطاعي و القن، و المعلم و الصانع، أي باختصار، المضطهدون و المضطهدين، كانوا في تعارض دائم و كانت بينهم حرب مستمرة، تارة ظاهرة، و تارة مستترة، حرب كانت تنتهي دائما إما بانقلاب ثوري يشمل المجتمع بأسره و إما بانهيار الطبقتين معا أما المجتمع البرجوازي الحديث الذي خرج من أحشاء المجتمع الاقطاعي الهالك فإنه لم يقض على التناقضات بين الطبقات بل أقام طبقات جديدة محل القديمة و أوجد ظروفا جديدة للاضطهاد و أشكالا جديدة للنضال بدلا من القديمة. إلا أن ما يميز عصرنا الحاضر، عصر البرجوازية، هو أنه جعل التناحر الطبقي أكثر بساطة. فإن المجتمع أخذ بالانقسام، أكثر فأكثر، إلى معسكرين فسيحين متعارضين، إلى طبقتين كبيرتين العداء بينهما مباشر: هما البرجوازية و البروليتاريا". و منذ الثورة الفرنسية الكبرى كشف تاريخ اوروبا في عدد من البلدان على نحو بديهي خاص عن السبب الحقيقي للأحداث وهو صراع الطبقات. فمنذ عهد عودة الملكية ظهر في فرنسا عدد من المؤرخين (تييري و غيزو و مينيه و تيير) الذين كانوا مجبرين عند تلخيصهم لما كان يحدث أن يعترفوا بأن الصراع الطبقي موجود و أنه المفتاح الذي يتيح فهم كل تاريخ فرنسا. و لكن المرحلة الحديثة الأخيرة، مرحلة انتصار البرجوازية التام، و المؤسسات التمثيلية و الاقتراع الموسع (إن لم يكن العام)، مرحلة الصحافة اليومية الزهيدة الثمن، التي تتغلغل بين الجماهير إلخ. هذه المرحلة قد أثبتت بمزيد من الجلاء أيضا (و لو أحيانا على نحو وحيد الجانب و "سلمي" و "دستوري") إن الصراع الطبقي هو محرك الأحداث. إن المقتطف التالي من "البيان الشيوعي" يبين لنا ما طلبه ماركس من علم الاجتماع من وجهة نظر التحليل الموضوعي لأوضاع كل طبقة من طبقات المجتمع الحديث بالارتباط مع تحليل تطور هذه الطبقة: "و ليس بين جميع الطبقات التي تقف الآن أمام البرجوازية وجها لوجه إلا طبقة واحدة ثورية حقا هي البروليتاريا. إن جميع الطبقات الأخرى تنحط و تنقرض في النهاية مع نمو الصناعة الكبرى أما البروليتاريا فهي – خلافا لذلك – أخص و أساس منتجات هذه الصناعة. إن الشريحة السفلى من الطبقة المتوسطة و صغار الصناعيين و الباعة و الحرفيين و الفلاحين تحارب البرجوازية من أجل الحفاظ على وجودها بوصفها فئات متوسطة. فهي ليست إذن ثورية بل محافظة و أكثر من محافظة أيضا إنها رجعية. إذ أنها تريد أن تدور عجلة التاريخ إلى الوراء. و إن حدث و أن كانت ثورية فذلك لأنها في حالة انتقال إلى صفوف البروليتاريا و بذلك لا تدافع عن مصالحها الآنية بل عن مصالحها المستقبلية و هي تتخلى عن وجهة نظرها الخاصة لتتخذ لنفسها و جهة نظر البروليتاريا". و في جملة من المؤلفات التاريخية أعطى ماركس أمثلة ساطعة و عميقة عن علم التاريخ المادي و عن تحليل ظروف كل طبقة بذاتها و أحيانا ظروف مختلف الجماعات و الفئات في الطبقة الواحدة و بين على نحو ساطع لماذا و كيف "أن كل نضال طبقي هو نضال سياسي". إن المقطع الذي استشهدنا به آنفا يبيّن بوضوح كم هي معقدة شبكة العلاقات الاجتماعية و الدرجات الانتقالية بين طبقة و أخرى و بيّن الماضي و المستقبل التي يحللها ماركس ليظهر حاصل كل التطور التاريخي.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire