lundi 16 mai 2011

وضع دستور من طرف نخب حزبية هل هي المهمة الأساسية في المرحلة ؟


يعتقد تحالف اليسار الديمقراطي أن إعداد دستور من طرفه مبني على الملكية البرلمانية ، هي المهمة الأساسية حاليا التي ستعبئ الجماهير الشعبية وستمكن من تحقيق تقدم ديمقراطي.
إنني لا أتفق مع هذه المقاربة نظرا لما يلي:
1ـ إن الدستور يعد انعكاسا لميزان القوة. لذلك لا يمكن حصول تقدم حقيقي على هذا المستوى من دون تفكيك جهاز المخزن بدءا بالعناصر الموصومة بالعار والأكثر فسادا: المسئولين عن الجرائم السياسية والاقتصادية. ويشكل هذا التفكيك، المهمة الأساسية الحالية.
وحتى إذا ما افترضنا حدوث هذا التقدم الدستوري ـ بقدرة قادر ـ من دون تفكيك المخزن، فسوف يقاومه هذا الأخير و يفشله.
2ـ إننا نعترض بقوة، من خلال مقاطعة البعض منا للجنة مراجعة الدستور، على السلطة التي استأثر بها النظام لمراقبة تعديل الدستور. وبناء عليه كيف يمكن لأحزاب التحالف الثلاثة تبرير اعتبار نفسها سلطة تأسيسية؟ وهل انتدبها الشعب لأجل ذلك؟ ثم ألا تعكس هذه المقاربة سلوك أغلبية النخب المتعالي والمحتقر للشعب؟
3ـ إن هذه المقاربة، بإقصائها للقوى الجذرية اليسارية أو غيرها التي لا تتفق معها، تضعف حركة النضال و تضر بأهداف أصحابها.
4ـ إن من بين أهداف مهمة إضعاف المخزن ، هو تهيئ الشروط لمجلس تأسيسي يمثل الشعب المغربي بشكل فعلي، ويمتلك دون غيره صلاحية وضع الدستور. إن هذا البديل لبلورة الدستور من طرف نخبة، أكانت مخزنية أو من جزء من اليسار، ممكن التحقيق إذا نمت حركة الجماهير, والتجربة التونسية تبين ذلك.
5ـ تطرح أحزاب التحالف الثلاثة الملكية البرلمانية، غير أنها مستعدة بقبول بقاء بعض مجالات "السيادة" محتكرة في يد الملك ( الجيش، الأجهزة الأمنية، العلاقات الخارجية...). غير أننا نعرف أن هذه المجالات حاسمة و تشكل السلطة الفعلية. وقد اعتمدت الثورات المضادة دائما على هذه الأجهزة.
إن الملكية البرلمانية ليست سوى شعار هدفه إظهار نوع من الجذرية، بينما يؤدي بالفعل ومهما كانت نوايا المدافعين عنه، إلى تقوية شرعية ملكية شاخت وخفت بريقها. باعتبار شروط تحقيق الملكية البرلمانية في الوقت الراهن غائبة: فالحركة النضالية لم تبلغ بعد القوة الكافية و الملكية لا تظهر أي استعداد للإصلاح العميق كما تبين ذلك مقاربتها لمراجعة الدستور.
6ـ ويتأكد هذا من خلال رغبة هذا التحالف خلق تكتل أوسع يضم بالخصوص نقابتي الإتحاد المغربي للشغل و الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، لتعد بشكل جماعي مشروع دستور. بينما يتضح أن قيادات هذه المركزيات غير مستعدة بالمطلق للنضال من أجل ملكية برلمانية ( أنظر اقتراحاتهما لمراجعة الدستور). كما أنها أقبرت، وخاصة بعد اتفاق 26 أبريل، السلاح الذي كان يمكن في حينه أن يكون حاسما. ويتعلق الأمر بالإضراب العام الوطني: فالكنفدرالية الديمقراطية للشغل عملت على تأجيله إلى تاريخ غير مسمى، بالرغم من إقراره بشكل ديمقراطي من طرف المجلس الوطني. أما الإتحاد المغربي للشغل فقد أسقطه عن بيان اللجنة الإدارية التي تبنت قرار خوضه. ويتضح جليا كون النقاشات التي قد تعرفها المناظرة المزمع عقدها، لن تغير من مواقف هذه القيادات، وإنما، ربما، قد يتأتى ذلك من خلال ضغط الشارع فقط. وهو ما يجب أن يركز عليه الديمقراطيون الحقيقيون سواء كانوا مؤيدين للملكية البرلمانية أو مناضلون من أجل نظام ديمقراطي.
7ـ من هنا، فإن تأكيد هذه الأحزاب الثلاث على وضع الملكية البرلمانية كشرط لأي عمل مشترك مع القوى الأخرى و التهيئ على هذا الأساس لمشروع الدستور، ليس سوى محاولة من طرف هذه الأحزاب للتحكم في حركة 20 فبراير، عوضا من تركها تنمو و تتسع وتصوغ في صيرورتها النضالية الشعارات المناسبة لكل مرحلة. ولا يمكن لهذا الإلحاح (على الملكية البرلمانية) سوى زرع التفرقة في صفوف الحركة، وخنق مبادراتها و تحريف مسارها عن أهدافها، وفي واقع الأمر وآخر المطاف، إضعافها.
يوسف إمام

2 commentaires: