mercredi 18 mai 2011

ستالين.



عاماً على ميلاد ستالين..120)

دحر الهتلرية الألمانية ...

عشية التحضير لدحر الهتلرية التي أعلنت أن هدفها النهائي القضاء على الاتحاد السوفييتي، أخذ تروتسكي يدافع عن موضوعته القائلة، بأنه من أجل الاستعداد للحرب العدوانية النازية، ينبغي ضرب ستالين والبلاشفة الذين حوله دون رحمة، وبدفاعه عن هذه الموضوعة غدا تروتسكي أداة في خدمة الهتلريين، وقد قدر النازيون تقديراً عالياً طروحات تروتسكي.

قال تروتسكي: «إن الواجب المترتب على كل ثوري حقيقي أن يعلن صراحة وبملء صوته: بأن ستالين يهيء لهزيمة الاتحاد السوفييتي». ونادى تروتسكي بالإطاحة بالبلاشفة من خلال الإرهاب، والتمرد المسلح. وقد صرح: «بأن قوانين التاريخ تعلمنا بأن اغتيالات وأعمالاً إرهابية ضد الغانغستر (أوغاد) من أمثال ستالين لا مناص منها». هذا هو تروتسكي الذي انتهى به المطاف للوقوف إلى جانب الهتلرية والنازية ضد الشيوعية وضد الاتحاد السوفييتي.

معاهدة عدم الاعتداء بين ألمانيا والاتحاد السوفييتي

في عام /1939/ شرع الاتحاد السوفييتي في مفاوضات لتشكيل حلف معاد للفاشية. كانت إنكلترا وفرنسا تتلكآن وتناوران. وأوحت هاتان الدولتان لهتلر بأنه يمكن أن يتوجه ضد الاتحاد السوفييتي دون أن يكون لديه قلق من جهة الغرب. في حزيران /1939/، جرت محادثات سرية بين إنكلترا وألمانيا تم خلالها الاتفاق على احترام ألمانيا سلامة كامل أراضي الإمبراطورية البريطانية مقابل سماح إنكلترا لهتلر بحرية الفعل باتجاه الشرق ضد الاتحاد السوفييتي. وتضمنت الخطة (الاتفاق) ما يلي:

1 ــ تلتزم ألمانيا بعدم التدخل في شؤون الإمبراطورية البريطانية.

2 ــ تلتزم بريطانيا العظمى باحترام مناطق المصالح الألمانية في الشرق وفي الجنوب الشرقي لأوروبا، وتلغي بريطانيا الضمانات التي منحتها لبعض البلدان الواقعة في منطقة المصالح الألمانية، وتلتزم بريطانيا بالعمل بأن تتخلى فرنسا عن تحالفها مع الاتحاد السوفييتي.

3 ــ تلتزم بريطانيا العظمى بأن تتوقف عن الحوارات المعقودة مع الاتحاد السوفييتي بهدف إبرام اتفاق فيما بينهما.

أطلعت دوائر الاستخبارات السوفييتية ستالين على كافة هذه المناورات التي تدور في الخفاء.

في آب عام /1939/، دخلت المفاوضات بين إنكلترا وفرنسا من جهة وبين الاتحاد السوفييتي من جهة ثانية مرحلتها النهائية. غير أن إنكلترا وفرنسا أرسلتا إلى موسكو مندوبين، من الدرجة الثانية، من دون تفويض بإبرام اتفاق، وطالب فورشيلوف وزير الدفاع السوفييتي بتعهدات ملزمة، ومحددة. بأنه في حال عدوان ألماني جديد، فإن الحلفاء الثلاثة يدخلون الحرب مجتمعين. ولم يتلقَ فورشيلوف أي جواب عن سؤاله حول عدد الفرق الإنكليزية والفرنسية التي ستجابه هتلر في حال عدوان ضد الاتحاد السوفييتي. وأراد عقد اتفاقية مع بولونيا يسمح للقطعات العسكرية السوفييتية بمجابهة النازيين فوق الأراضي البولونية في حال حدوث اعتداء ألماني فرفضت بولونيا ذلك. أدرك ستالين أن فرنسا وإنكلترا مهيأتان لميونيخ جديد ومستعدتان للتضحية ببولونيا أملاً في دفع هتلر نحو الاتحاد السوفييتي.

وجد الاتحاد السوفييتي نفسه إزاء خطر قاتل، وهو يرى بأم عينه تشكل جبهة واحدة معادية للسوفييت من قبل القوى الإمبريالية مجتمعة. في تلك اللحظة التاريخية، توصل هتلر إلى استنتاج مؤداه أن فرنسا وإنكلترا أضعف قوة وإرادة في المقاومة، فقرر الاستيلاء على أوروبا الغربية قبل مهاجمة الاتحاد السوفييتي.

في /2/ آب عرض هتلر على الاتحاد السوفييتي ميثاق عدم اعتداء، فاستجاب ستالين لذلك. وفي /23/ آب تم التوقيع على الاتفاق.

في الأول من أيلول هاجم هتلر بولونيا، ووقعت إنكلترا وفرنسا في الشرك الذي نصبتاه، فقد سهل البلدان كافة المغامرات التي أقدم عليها هتلر، على أمل استخدامه ضد الاتحاد السوفييتي. ولكنهما وجدا نفسيهما مرغمتين على إعلان الحرب على ألمانيا النازية التي باتت تهددهما. وانفجر غضبهما في حملة مسعورة ضد الشيوعية، وضد الاتحاد السوفييتي. ومع ذلك فقد اثبت التاريخ أن معاهدة عدم الاعتداء الألمانية ــ السوفييتية شكلت مفتاح النصر في الحرب ضد الفاشية. يبدو ذلك تناقضاً في الظاهر، غير أن هذه المعاهدة شكلت انعطافاً أتاح للاتحاد السوفييتي تهيئة الشروط الضرورية لدحر ألمانيا الهتلرية. وكان الاتحاد السوفييتي يدرك رغم توقيع المعاهدة أن ألمانيا ستشن الحرب ضد الاتحاد السوفييتي. لقد بادر ستالين إلى ابتزاز هتلر للحصول منه على الحد الأقصى من التنازلات من أجل تأمين أفضل الأوضاع للحرب المقبلة. وفي الوقت الذي وصل فيه العداء للشيوعية ذروته في إنكلترا وفرنسا، قال ستالين لجوكوف: «إن الحكومة الفرنسية والبريطانية لا ترغبان قط في الالتزام جدياً بشن حرب ضد هتلر. إنهما تأملان دوماً بدفع هتلر إلى الاتحاد السوفييتي. وإذا ما رفضتا في عام /1939/ تشكيل جبهة معنا ضد هتلر. فذلك لأنهما كانتا لا تريدان تقييد يدي هتلر. غير أن مساعيهما قد فشلت كلياً، وسيكون عليهما الآن أن تدفعا الثمن لقاء سياستهما قصيرة النظر». ولم يقتصر موقفهما ضد الاتحاد السوفييتي على الكلام بل أنهما مع الولايات المتحدة وإيطاليا الفاشية أرسلا /700/ طائرة و /1500/ مدفع و /6000/ رشاش إلى فنلندا ضد الاتحاد السوفييتي. ولكن الجيش الأحمر كان قد شتت الجيش الفنلندي بسرعة. وتم التوقيع على اتفاقية سلام مع فنلندا، ولم تمضِ سوى أيام قلائل حتى أعطى هتلر تعليماته بشن الحرب ضد الاتحاد السوفييتي.

اضطرت فرنسا وإنكلترا اللتان رفضتا طوال الثلاثينيات التوقيع على اتفاقية أمن جماعي مع الاتحاد السوفييتي إلى الدخول في حلف عسكري معه في اللحظة التي تخلى فيها الألمان عن الميثاق الألماني ــ السوفييتي.

لقد كسب الاتحاد السوفييتي /21/ شهراً من السلام، مما سمح له بتعزيز صناعته الحربية وقواته المسلحة، بصورة حاسمة. وتمكن من تقديم خطوط دفاعه من /150/ إلى /300 كم/، وكان لذلك أثر كبير في الدفاع عن لينينغراد وموسكو، في نهاية عام /1941/. لقد هيأ ستالين الدفاع عن الاتحاد السوفييتي ببنائه أكثر من /9000/ مشروع صناعي بين عامي /1928 ــ 1941/. وتحدث جوكوف قائلاً: كان لحكمة ونفاذ بصر ستالين اللذين أكدهما بنحو حاسم الحكم الأعلى للتاريخ إبان الحرب. لقد ازداد الإنتاج الصناعي خلال الخطة الخمسية الثالثة /1938 ــ 1940/ بمعدل /3%/ في السنة، غير أن الإنتاج الصناعي الدفاعي ازداد بمعدل /39%/. إن المهلة التي وفرها الاتفاق الألماني ــ السوفييتي قد استغلها ستالين كي يدفع الإنتاج العسكري إلى أقصى مداه.

قبل الحرب، في /5/ أيار عام /1941/، تحدث ستالين في قصر الكريملين أمام عدد من الضباط من خريجي الأكاديمية العسكرية قائلاً: «يخطئ الألمان في اعتقادهم بأن جيشهم جيش لا يُقهر». ورغم أن الاتحاد السوفييتي فقد نحو عشرين مليون من مواطنيه وجنوده وكوادره في الحرب الوطنية العظمى، إلا أنه استطاع دحر النازية وإنقاذ البشرية من الاستعباد النازي. واستطاع الشعب السوفييتي بقيادة ستالين من إعادة بناء كل ما دمرته الحرب بفضل الحماس والبطولات الرائعة للشعب السوفييتي، واستطاع الجيش الأحمر أن يحرر العالم من الوحش النازي وانتصار الاشتراكية في عدد واسع من دول أوروبا الشرقية، وبفضل الانتصار العظيم على النازية والفاشية، ونجاحات الاتحاد السوفييتي، حققت الكثير من شعوب العالم تحررها الوطني والتخلص من النظام الكولونيالي، وكانت سورية أول بلد عربي نال استقلاله الوطني بعد الحرب العالمية الثانية، وكان الاتحاد السوفييتي قد اتخذ حق الفيتو من أجل استقلال سورية لأول مرة في مجلس الأمن لصالح سورية. وشكل ذلك بداية لانهيار المنظومة الكولونيالية العالمية، فتحررت شعوب آسيا وإفريقيا من الاستعمار الإمبريالي. وما كان ذلك ليتحقق لولا الدعم الكبير من قبل الاتحاد السوفييتي بقيادة ستالين العظيم.

لقد بذل ستالين جهداً كبيراً لتطهير الحزب من العناصر المستعدة للمساومة على المبادئ والوطن الاشتراكي، ولكنه لم ينجز المهمة حتى النهاية بسبب الحرب الضروس في أعوام بناء القاعدة المادية الاجتماعية للاشتراكية، وبسبب الحرب الوطنية العظمى، لقد تنبأ ستالين بخطورة بقاء الانتهازيين في قيادة الحزب والدولة على مصير الاشتراكية، ولكن عملاء الإمبريالية تمكنوا من إخفاء وجههم الحقيقي حتى تحسين فرصة الانقضاض على ما أنجزه الشعب السوفييتي لصالح البشرية جمعاء. وإذا كان خروتشوف ويليتسن وغورباتشوف ومن على شاكلتهم ممن هاجموا ستالين قد تمكنوا بغفلة من الرفاق «الطيبين» من القضاء على إنجازات الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي. إلا أن أجيال البلاشفة الجديدة، التي تكن أجمل آيات الحب والاحترام لستالين العظيم، كلما تبين للشعوب الطابع الإجرامي والبربري واللا إنساني للإمبريالية، والصهيونية الإجرامية.

وإذا كانت البشرية تعيش اليوم العذاب والآلام بسبب الرأسمالية وغياب الاتحاد السوفييتي، ولكن الشعوب ستقتنع أكثر فأكثر بأنه لا يمكن الانعتاق من عبودية رأس المال إلا من خلال إتباعها النهج الذي رسمه ستالين ومن خلال الوقوف بقوة إلى جانب الخط الذي انتهجه وتبناه، لأنه هو الماركسية ــ اللينينية، بوصفها الإيديولوجية الشاملة لإنقاذ البشرية من الظلم الاجتماعي والطبقي والاستعماري وبناء مجتمع جديد يليق بإنسانية الإنسان كما أراد ستالين ومعلموه الكبار ماركس وأنجلز ولينين.

د. إبراهيم زعير

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire