jeudi 5 mai 2011

مواقف ابرهام السرفاتي ضد الصهيونية

حوار مع الرفيق أبرهام السرفاتي

[مجلة المطرقة –خريف 1992]

في سبتمبر 1991 ، أطلق سراح المناضل الثوري المغربي الشهير، أبراهام السرفاتي، بعد سبعة عشر عاما قضاها في الاعتقال بسبب دوره في تأسيس و قيادة منظمة " إلى الأمام" في بداية السبعينات. و قد نفي الرفيق ابرهام مباشرة من سجن القنيطرة المركزي في المغرب إلى باريس ، إذ ادعت سلطة الحسن الثاني عدم الإقرار بمواطنيته المغربية.

حوارنا مع الرفيق بدأ و هو في السجن، و يستمر بأشكال شتى، في إطار من العلاقة الرفاقية و الأخوية. و كانت إحدى محطات هذا الحوار مقابلة صحفية طويلة أجريناها معه في ديسمبر 1991، باللغة الفرنسية ، و نشرت بالفرنسية و الانجليزية في المجلتين المركزيتين للاممية الرابعة. و هي تدور حول الأوجه المتداخلة لشخصية المناضل أبراهام السرفاتي: المغربي و المغاربي و العربي و اليهودي العربي و الأممي.

و ننشر هنا تعريبا للمقابلة و تعقيبا عليها جاءنا من مناضلين ثوريين في المغرب، لعله يكون فاتحة نقاش رفاقي آخر بين ثوريين مغاربة على غرار حوارنا كثوريين عرب و امميين مع الرفيق أبراهام.

صلاح جابر






صلاح جابر: وصفت الوضع في المغرب، مرارا منذ إطلاق سراحك في سبتمبر 1991، كوضع " نهاية حكم". ما هي العناصر التي تتيح لك صياغة هكذا حكم بصدد نظام يبدو للناظرين من بعيد كما لو كان وطيدا ثابت الأركان؟

أبراهام السرفاتي: يستند هذا التقدير قبل كل شيء إلى واقع أن هناك تلاقيا ، منذ ثلاث سنوات أو أربع، بين نضالات القوى الديمقراطية في المعارضة الشرعية و نضالات القوى الثورية. طبعا ، يتعلق الأمر بوجه خاص، بالنسبة لهذه القوى الأخيرة، و على المستوى التنظيمي ، بأنوية لا تشكل بالفعل منظمات لها بناها، بل هي بالأحرى تيارات في أحزاب تمتلك هذا الحد أو ذاك من الشرعية.و " إلى الأمام" هي المجموعة الثورية الأكثر تنظيما و هي تناضل ضمن شروط السرية. هذا و قد زاد تأثيرنا بصورة مرموقة بفضل تقدم تفكيرنا بعد أحداث عام 1984 [1] كنا قد أجرينا أول تصحيح سياسي، حوالي نهاية عام 1979، وهو الأمر الذي أتاح لنا أن نزيد من تركيز عملنا في الأحياء الشعبية والطبقة العاملة، لكن مع ارتكاب أخطاء كثيرة أيضا. وانطلاقا من اعتقالات عام 1985، تقدمنا في هذه الطريق، وبوجه خاص وسعنا دائرة تفكيرنا لتشمل مشكلات تتعلق بجوهر الثورة المغربية، كنا قد أهملناها مثلما أهملتها القوى الأخرى – ولاسيما المسألة الامازيغية. وقد اختطت هذه الأفكار طريقها في بعض القطاعات، ومن ضمنها الطلاب القاعديون [2]،لكن كذلك في الأحياء الشعبية، وبوجه خاص في الدار البيضاء، وهي تساهم في الوقت نفسه في المزيد من تبلور القوى الجذرية داخل المنظمات الشرعية بالذات.

وبالتأكيد، ثمة تجدر مستقل، ليس مرده فقط إلى عمل منظمتنا، بل هو ناتج عن اندفاع الجماهير الشعبية والطبقة العاملة، وقد عبر عن نفسه باستعادة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (كدش) ديناميتها [3]. لقد تنامى وزن هذه الأخيرة بصفتها منظمة نقابية وداخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية [4]، ونتج عن ذلك اتجاه إجمالي للتجذر في الاتحاد والمنظمات التابعة له، لاسيما منظمة الشبيبة فيه، الشبيبة الاتحادية.

إن التجذر الشامل مرتبط، بلا ريب، بالشروط الموضوعية: فالطبقات الوسطى لم تعد تستفيد من المنافع المادية المهمة نسبيا التي كانت تحصل عليها في السبعينات. فضلا عن ذلك، لقد فقدت التعبئة الشوفينية حول حرب الصحراء من قيمتها، على الصعيد السياسي، وإن كانت الأحزاب لا تزال تنادي بها، بينما باتت مشكلة الديمقراطية، وحقوق الإنسان – وبصورة تدريجية أيضا مشكلة التغيير السياسي في البلد-، هي التي تغلب في وعي الناس، سواء في القطاعات الشعبية أو في الطبقات الوسطى. إن التقارب الذي يرتسم على القاعدة بين قوى ديمقراطية شرعية والأنوية الثورية، وتجذر القوى الأولى (ولاسيما كدش)، يفسران صعود النضالات المتواصل نسبيا منذ ثلاث سنوات أو أربع، مع تشديد متنام على حقوق الإنسان مثلما على الديمقراطية. وهذا بديهي في موقف الأحزاب الشرعية حيال الدستور، إذ هي انتقلت في غضون شهور قليلة من المطالبة بإصلاحات دستورية، إلى المطالبة منذ 19 نونبر 1991، بتغيير الدستور، وهذا الأمر طبعا يتناقض مع نظام الحسن الثاني.

ص.ج: إن السمة الجديدة الرئيسية في الوضع في الفترة الأخيرة تتمثل إذا، حسب رأيك في هذا التغيير في موقف الطبقات الوسطى حيال مسألة الديمقراطية: هذا ما يجعلك تتحدث اليوم عن "نهاية حكم" أليس كذلك؟

أ.س: هذا ما أقصده، بالضبط. إنها ظاهرة معقدة بالطبع، وهي لا تقتصر على الطبقات الوسطى، فالتوق إلى الحرية عميق جدا. وفي الوقت ذاته، هناك تقارب فعلي بين قوى ديمقراطية شرعية وقوى معارضة أكثر جذرية، لا بل ثورية، وذلك بفعل تطور النضالات وتجاوز العصبويات القديمة، من كلا الجانبين. فعلى سبيل المثال، كانت "إلى الأمام" تنبذ في السابق هذه القوى الشرعية باعتبار أنها إصلاحية، وكانت تلك القوى تنبذنا إما كمغامرين أو كخونة لقضية "مغربية" الصحراء. أما اليوم فقد انتقلت قضية الصحراء، من خلال النضالات إلى مرتبة ثانية، ولم تعد عامل تفرقة، وهذا شديد الأهمية.

من جهة أخرى، فإن التقارب يتم ضد الملك، وهنا بالضبط يكمن السبب في تحديدنا الهدف الملموس على أنه هدف إطاحة الحسن الثاني، ولم نحدده بعد على أنه إلغاء الملكية. أما ضمن الشعب فثمة رفض، بلا ريب، ليس للملك وحسب، بل كذلك الملكية، وهذا واضح بوجه خاص بالنسبة للجماهير الشعبية في المدن. إن الطبقات الوسطى، بالمقابل، لا ترفض الملكية إلى الآن، فهي لا تزال تحت تأثير الاديولوجيات القديمة للحركة الوطنية المغربية الواقعة تحت سيطرة البرجوازية منذ ستين عاما. إن نوعا من الخشية من أن يجري تجاوزها، واهتماما بالاستقرار يمنعانها من المضي إلى حد وضع الملكية موضع الاتهام.

بيد أن هناك تلاقيا في معارضة الحسن الثاني، حتى إن لم يتم التعبير عن ذلك بوضوح – وهذا يستحيل بالنسبة لأحزاب المعارضة الشرعية. أما نحن بالذات، فننضم إلى الهدف اليوم، في حين نتوقع تجاوزه مستقبلا.

إن التلاقي ضد الملك ناتج أيضا من عامل مهم تجسد من خلال الثمانينات، لاسيما منذ عام 1984: إذا صح أن سلطة الحسن الثاني لا تزال تؤمن مصالح الطبقات السائدة، فهي تنعزل نسبيا عن هذه الطبقات بالذات، بتشكيلها ما نسميه "مافيا مخزنية" مندمجة ببنى السلطة القديمة من النموذج "الإقطاعي المخزني" [5].هذه المنظومة تقوم بشكل أساسي على قادة جهاز الشرطة والدرك، وبصورة أكثر هامشية على بعض جنرالات الجيش، علما أنه لا يمكن القول إن الجيش بوصفه جسما قائما يشارك حقا في هذه المنظومة السلطوية. يتعلق الأمر بوجه خاص بديكتاتورية بوليسية، تحت كنف الحسن الثاني، تمارس ابتزازا ماليا على الاقتصاد علاوة على قمع الشعب. وهذا يطور تناقضات داخل الطبقات المسيطرة بالذات، وبالأحرى، بين الطبقات الوسطى ومنظومة السلطة هذه. هذا هو السبب في أن نظام الحسن الثاني ينعزل أكثر فأكثر سياسيا، ويصبح المرمى المباشر أو غير المباشر لهذه النضالات، المتبلورة بوجه خاص حول مطلب تغيير دستوري. هذا هو السبب الذي باتت المغرب ناضجة لأجله اليوم لإطاحة الحسن الثاني وتفكيك المافيا الخاصة به، على الأقل جزئيا.

وبما يخص منظمتنا، فقد فهمنا هذا الأمر تدريجيا خلال خريف عام 1990. وبصورة أدق إبان مظاهرات يناير وفبراير 1991 ضد حرب الخليج، حيث ظهر بوضوح شديد تقارب مجمل تلك القوى، من جهة، وعزلة الحسن الثاني الشعبية، من جهة أخرى. بدا بوضوح أن مجمل الشعب، بما فيه الطبقات الوسطى، يعيد النظر بشرعية هذه السلطة بالذات.

ص.ج: قدمت تقييما سياسيا للشعور السائد اليوم في المغرب، في شرائح أكثر فأكثر اتساعا. لكن ما هي العوامل الاجتماعية الاقتصادية التي تقف وراء التطور السياسي الذي تصفه؟

أ.س: لذلك التطور بالطبع، أساس اقتصادي. فمنذ نهاية السبعينات، استنفذت المنافع النسبية التي كانت تقدم للطبقات الوسطى. وخلال الثمانينات، زادت حدة تلف السلطة على صعيد التسيير الاقتصادي، وهذا يرتبط، من جهة بالإنهاك الذي تسببت به حرب الصحراء، ومن جهة أخرى بالأزمة العالمية عامة، التي أدت إلى تحول شروط صندوق النقد الدولي إلى شروط أكثر فأكثر ضغطا في اتجاه الليبرالية الجشعة. وهذا فاقم وضع الجماهير الكادحة، بالإضافة لوضع الطبقات الوسطى وساهم موضوعيا في انعزال السلطة.

إن علاقات التبعية، حيال أروبا بوجه خاص، ومن ضمن ذلك الإنتاج لحسابها في النسيج والصناعات الجلدية، الذي تطور كثيرا في السبعينات والثمانينات، سهلت منظومة الابتزاز المالي: يشكل المقاولون المغربيون خفراء ليد عاملة رخيصة ومُبالغ في استغلالها أكثر مما يشكلون رأسماليين حقيقيين. وهذه الآليات غير شرعية إطلاقا، تنتهك قوانين العمل وتحتاج إذا لحماية الشرطة. وقد جرى تأمين هذه الحماية مقابل مشاركة مباشرة بذلك الاستغلال. هذا وفي الوقت ذاته، يصادف المقاولون صعوبات متزايدة، عندما يرغبون بتحقيق مشاريع صناعية أو تجارية متلائمة مع القوانين.

لقد توسع الابتزاز المالي، ومنذ انتفاضات عام 1984، توسع وضع اليد البوليسي لوزارة الداخلية على حياة البلد بصورة كبيرة، في كل الحقول، بما فيها الإعلام والثقافة، كما على صعيد المنظومة الاقتصادية. ولم يشكل دلك إزعاجا للطبقات الوسطى وحسب، بل كذلك لقسم من الطبقات المسيطرة. إن "المافيا المخزنية" تزعج حتى بعض المصالح الاقتصادية الأجنبية، التي يزداد تضايقها بحيث يؤثر ذلك على اشتغالها الطبيعي في المغرب.

ص.ج: خلال الحركات الجماهيرية الكبيرة الأخيرة، في نهاية عام 1990 وبداية عام 1991، لاحظنا الدور المركزي للحركة النقابية والحركة العمالية بوجه عام. لكن هذا العامل لا يعبر عن نفسه إلى الآن على صعيد المضمون السياسي، الذي بقي في حدود ما هو مشترك مع الطبقات الوسطى، وبوجه خاص مع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي يمكن النظر إليه كحزب يمثل هذا الوسط الاجتماعي.

أ.س: في الواقع، ليس للطبقة العاملة إلى الآن بنيان سياسي يتيح لها أن تعبر عن نفسها بصورة مستقلة على هذا الصعيد. فلا يزال ينقصها حزب سياسي ثوري كبير، مع أن هذا ما يتطلع إليه العديد من المناضلين-ليس فقط في منظمتنا- الذين يودون المشاركة في بناء حزب كهذا. وهذه حال بعض التيارات الجذرية كالتيار الذي انفصل عن الاتحاد، والذي ظل يطلق عليه اسم "اللجنة الإدارية" لفترة طويلة قبل أن يتشكل حديثا في حزب الطليعة الاشتراكية الديمقراطية.

بيد أننا إذا حللنا المواقف السياسية الخاصة بقادة ك..د.ش، في الحركة النقابية، يمكن أن نلاحظ نوعا من وعي لمشكلات الطبقة العاملة النوعية الخاصة. هناك ما كان يدعوه نيكوس بولانتزاس "التأثير الملائم الذي تمارسه الطبقة العاملة على قادتها "السياسيين" يؤثر على الجناح الجذري في الاتحاد المتبلور في ك.د.ش. يجب التذكير بأن لدى الطبقة العاملة المغربية خصائص غريزة طبقية أو تكوين وعي طبقي تعود إلى زمن بعيد- لقد تنظمت في نقابات بصورة كثيفة للغاية منذ الأربعينات، حين كانت آنذاك في كنف مناضلين فرنسيين أو اسبانيين تحركوا، بحدودهم وأخطائهم، من اجل تطوير الوعي الطبقي وتقاليد النضال الطبقي المستقل في النقابات. وهذا طبع لزمن طويل الاتحاد المغربي للشغل بعد الاستقلال، وهو يفسر اتجاهه الفوضوي- النقابي، الذي تستغله قيادته البيروقراطية للإفلات من سطوة الأحزاب السياسية، لكن كذلك للحفاظ على سيطرتها على القاعدة العمالية.

في الدار البيضاء، أو مصانعها الكبيرة، تتمتع الطبقة العاملة بتقاليد مطلبية من الصراع الطبقي تعبر هي أيضا، ضمن بعض الحدود، عن استقلال الشغيلة النسبي، وتنيخ بثقلها على تشكيلات سياسية متنوعة. وهذا واضح بوجه خاص في التمفصل الموجود بين الاندفاع العمالي الحالي و ك.د.ش، وعبر هذه الأخيرة الجناح الجذري في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية – هذا الجناح الذي يتناقض بالطبع مع الحرس القديم البرجوازي الصغير تماما من حيث اديولوجيته الاصلاحية، الموسومة الانتهازية وبمشروع ديمقراطية برجوازية يسعى حتى للتوافق مع ملكية الحسن الثاني. وحتى إذا كان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال [7] ناديا في الفترة الأخيرة بضرورة إحداث تغيير دستوري، يتخطى التعديل البسيط، فهذا الانعطاف ليس واضحا تماما في ذهن قيادتيهما ويمكن التفكير على العكس بأن قسما من هاتين القيادتين سوف يرضى على الأرجح بمساومة مع الحسن الثاني. لكن اندفاع الجماهير العميق، وتعبير ذلك عن نفسه داخل ك.د.ش، واستياء الطبقات الوسطى، كلها تمضي في اتجاه ديمقراطية أكثر حقيقية، لا تتلاءم مع بقاء الحسن الثاني. إن الطبقة العاملة التي تختار بصورة واعية أن تقتصر في الوقت الراهن على مطلب الديمقراطية تكتشف في الوقت ذاته عن إمكانات تحول ثوري في مرحلة لاحقة.

يجب أن تتيح لنا المرحلة الأولى، الجارية اليوم، تركيز القوى لإطاحة الحسن الثاني، حتى وإن كان ذلك في إطار بقاء الملكية، وللتفكيك الجزئي "للمافيا المخزنية" من أجل انتزاع الحقوق الديمقراطية. هذه المرحلة ستكون قادرة على المضي أبعد لأن هنالك لدى الشغيلة المغاربة غريزة طبقية متقدمة نسبيا بما يخص العالم الثالث. وإن عملا في العمق يقوم به الثوريون، في صلة وثيقة بمناضلي ك.دش الذين ليسوا اليوم ثوريين بالضرورة، وحتى ببعض مناضلي الاتحاد المغربي للشغل، على صعيد القاعدة، سوف يسمح بالتقدم في هذا الطريق الثوري.

ص.ج: ألا يشكل وعي هكذا احتمال، في بلد يشهد تناقضات متفجرة إلى الدرجة التي نراها في المغرب – وقد تكشفت الطاقة الانفجارية للقطاع المديني المهمش خلال السنوات الأخيرة- ألا يشكل كابحا قويا للقوى الإصلاحية من الطبقات الوسطى في الوضع الراهن؟

أ.س: صحيح أن هناك تناقضا. لكن هل هذا كابح في المدى المباشر؟ لا أعتقد ذلك. فحاليا، كل هذه القوى يمكن أن تتلاقى حول هدف إسقاط الحسن الثاني. ففي الوعي الشعبي، يمثل الحسن الثاني عدو الشعب، وقد ظهر ذلك بوضوح شديد في تظاهرات عام 1984، على سبيل المثال.

في مدينة كبرى كالدار البيضاء، بتاريخها الاجتماعي، ثمة، في الواقع، تمفصل موضوعي في النضالات بين الأنوية البروليتارية للمصانع الكبرى وما أسميه "الجمهور البروليتاري" في الأحياء الشعبية. والطرفان يسكنان هذه الأحياء ذاتها التي يجب أن يقام فيها بعمل سياسي وبجهد تنظيمي، وهو ما يتم الآن لكن على مستوى لا يزال غير كاف.

إن تجاوز الأهداف الحالية نحو هدف أكثر ثورية وجذرية إنما هو وثيق الارتباط بتطور هذا التمفصل. لذا نشدد كثيرا، سواء بالنسبة للهدف المباشر أو بالنسبة للهدف الاستراتيجي، على التنظيم الذاتي للجماهير في الأحياء الشعبية وفي المصانع، حيث يجب أن يتنظم العمال في لجان قاعدية يمكن أن تتخطى الأجهزة البيروقراطية لبعض النقابات وبالأخص أن تفجر ديناميتها. هذا ما حصل على صعيد الطلاب في حركة التنظيم التحتي للقاعديين. وعلى هذا المنوال، يمكن أن يتشكل التمفصل بين الجماهير البروليتارية والأنوية البروليتارية، لكن بشرط أساسي، وهو أن يكون البديل الثوري واضحا.

وفي هذا الصدد، يعرف الجميع أن الجماهير نصف البروليتارية، في البلدان العربية، هي حقل ممتاز للحركات السلفية بامتياز، لأنه غالبا ما عجزت القوى الثورية أن تقدم لها منظورا ثوريا متماسكا. فغالبا ما جرى الاقتصار، لاسيما على صعيد الأحزاب الشيوعية العربية، على التوجهات التقليدية "الاقتصادوية". وأنا اعتقد أننا تمكنا على العكس، في منظمة "إلى الأمام" من أن نصوغ منظورا ثوريا إجماليا يتضمن تطلعات هذه الجماهير: إن مناضلينا والمتعاطفين معنا في الأحياء الشعبية يجمعون بشكل وثيق بين أهداف النضال الديمقراطي لأجل مطالب مباشرة والهدف الاستراتيجي لبرنامج ثوري.

ص.ج: أنت ترى إذا أن السبب الرئيسي الذي يمكن أن يعزى إليه كون الحركة السلفية الإسلامية أضعف نسبيا في المغرب مما في بلدان أخرى في المنطقة، بالرغم من اتساع الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، إنما هو الدور الذي تلعبه الحركة الثورية المغربية؟

أ.س: هذا صحيح في كل حال بالنسبة لمدن كالدار البيضاء. وأنا لا أقول طبعا، أن الحركة السلفية ليست موجودة هناك، لكنها لا تمتلك القوة التي تمتلكها في مدن كبيرة أخرى في العالم العربي. وهذا، على الأرجح، ليس صحيحا بهذه الدرجة، في مدن أخرى في المغرب، حيث الحركة البروليتارية ليست بدرجة أهميتها في الدار البيضاء ، أو المراكز المنجمية الرئيسية. والأمور أقل وضوحا في مدن تغلب فيها البرجوازية الصغيرة، حيث للحركة السلفية قدر من القوة. لكن إذا كانت الدار البيضاء المعقل الرئيسي للثورة المغربية، فهذا سيشكل كابحا للحركة السلفية لا يستهان به.

هذا وثمة عامل مهم آخر يقف حاجزا دون الحركة السلفية ويتمثل بمشكلات الهوية في المناطق المهمشة، وذلك في شكل المسألة الامازيغية، ومسألة الريف، والسوس، إلخ...، مع بروز الشخصية الامازيغية والشخصيات الإقليمية. ففي الشمال مثلا، وهو الحلبة الرئيسية لانتفاضات عام 1984، نصادف سواء في المناطق التي تتكلم العربية كالقبالة، أو تلك التي تتكلم الامازيغية كالريافة، مشكلات مهمة جدا في الخصوصية الإقليمية – وهذه المناطق هي، علاوة على السوس، منابع الهجرة الرئيسية.

إننا الوحيدون الذين نملك برنامجا واضحا يجيب عن هذه الاسئلة في إطار بديل ثوري. وهذا يتيح لنا أن نحقق نتائج سريعة، وأن نواجه البديل الأسطوري الخاص بالسلفية ببديل ثوري متماسك وملومس – وهذا أحد أسباب تأثيرنا بين طلاب جامعة كجامعة فاس، وهم يتحدرون من هذه المناطق. إن المشكلة الامازيغية تعني 60% من البلاد، بينما تطول في الجزائر ما بين 15 و 20 % فقط.

إننا لا نزال في بداية هذا العمل فقط – فنحن بالذات لم ندخل المشكلة الامازيغية إلى دائرة تفكيرنا إلا في العقد الأخير، ومواقفنا الواضحة بصدد هذه المسألة تعود إلى السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة، لكننا نلاحظ أنها تشق طريقها بسرعة.

إنها مهمة ممكنة تماما، شريطة أن يتحقق بوضوح التمفصل بين قطب الدار البيضاء البروليتاري، من جهة، والمناطق الريفية من جهة أخرى. وحتى مناطق أكثر التباسا على المستوى السياسي، كالمدن ذات الغلبة البرجوازية الصغيرة التي تجد فيها السلفية ميدانا خصبا. قد تتجاوز الحدود الحالية في حركة ثورية كلية. وهو ما شهدناه بوضوح في مراكش، وهي مدينة مرتبطة أيضا بالمناطق المحيطة بها والناطقة بالامازيغية، إبان المظاهرات الكبرى في يناير 1984.

إن للقوى الديمقراطية الكلاسيكية، الإصلاحية، سطوة مهمة على الطبقات الوسطى، وإن إطلاق دينامية هذه القوى الذي يتضافر مع عملنا الخاص، خلال السنوات الأخيرة، يخلق حركة مهمة باتجاه الديمقراطية تبين للجماهير أن تحقيق عدد من المكاسب أمر ممكن، من دون السقوط في أوهام السلفية- وهو ما يمكن أن يفسر أيضا أن هذه الظاهرة الأخيرة لم تتوصل لتأخذ في المغرب الأهمية التي أخذتها في بلدان أخرى.

ص.ج: هل يمكن عامل الهوية أن يحيد الدور التقليدي الخاص بالفلاحين كقاعدة للملكية، لا بل أن يخلق تضادا بين قطاعات واسعة من هؤلاء الفلاحين و السلطة؟ و هل ثمة عوامل أخرى تعمل في الاتجاه نفسه، فضلا عن ذلك؟

أ.س : لقد بقينا نحن أنفسنا نراوح المكان لوقت طويل بصدد المسألة الفلاحية. كنا نمتلك رؤية "اقتصادية" في السبعينات،متجهة حصرا نحو تجمعات العمال الزراعيين في المناطق المروية حيث توجد الملكيات الكبرى. و قد بين التحليل الأدق الذي أمكننا إجراؤه في الثمانينات ، بيَن أولا ان الطبقات السائدة تتحاشى بالمطلق تشكيل بروليتاريا زراعية دائمة، ولو بخسارة من حيث الإنتاجية ، مبرهنة هكذا عن وعي طبقي بعيد النظر.

إن مشكلات الفلاحين في المناطق التقليدية التي يسيطر فيها المخزن منذ قرون، أكثر تعقيدا بكثير و لا يمكن الكلام إلى الآن على حركات نضال في تلك المناطق. ففي الوقت الراهن، تتعلق الحركات بالمدن، و بصورة عفوية إلى هذا الحد أو ذاك منذ انتفاضات يناير 1984 ، بالمناطق الطرفية، لا سيما الشمال بأسره. إن الدينامية تتوسع، لكنها لا تزال في بداياتها.

لقد لاحظت في اروبا، في بلدان انتشار الهجرة القادمة من الشمال المغربي (بلجيكا و هولندا) حركة توعية بالغة الأهمية. إن مشكلات منطقة الريف تثير في تلك البلدان حماسا خارقا. و خلال المحاضرات التي أمكنني إلقاؤها، رأيت ان المناضلين السلفيين النادرين يبقون صامتين بمواجهة هذه الأسئلة.

إلا أنني لا أقلل من قدرة الصعوبات الموجودة. فقسم مهم من مناطق البادية لا يزال تحت سطوة نظام سيطرة الملكية"الفلاح المغربي المدافع عن العرش" بواسطة الأعيان، لا سيما في مناطق الوسط. هنالك إذن عمل كثير يجب القيام به، لكني اعتقد انه يمكن خلق دينامية إجمالية، بمقدار ما يمكن لحركة ثورية ان تتطور انطلاقا من مراكز بروليتارية، كالدار البيضاء، و من مناطق طرفية. و هذه السيرورة تمر بتلاقي القوى، في المرحلة الراهنة، حول هدف إسقاط الحسن الثاني.

ص.ج: لقد أشرت إلى الصحراء، التي سمح انتقالها إلى المرتبة الثانية من الاهتمام بفتح الطريق اليوم أمام بعض أشكال النضال ضد السلطة. و الملاحظة هنا مُرة بالأحرى: فحتى وقت قريب، لعبت حرب الصحراء إذا لصالح النظام بوجه خاص، و لم تتحقق بعض آمال الثوريين في أن يشكل هذا النزاع حافزا لتجدر ضد الملكية.

أ.س: ليس من شك في ان حرب الصحراء أعطت الحسن الثاني 15 عاما من الإمهال، من عام 1974 إلى عام 1989 . و الاتجاه الغالب في السنوات الأربع الأخيرة هو تجاوز هذه المشكلة في النضالات الملموسة للشعب و القوى الديمقراطية و التقدمية. لكن المشكلة بحد ذاتها لم تتم تسويتها إلى الآن.

في الوقت الراهن، يشكل الاستفتاء بصدد الصحراء المسألة الحاسمة بالنسبة للنظام. و تضاعِف الحكومة جهودها لتخريب هذا الاستفتاء. و من الواضح أيضا ان عددا من قادة المعارضة السياسيين يدعمون هذا الجهد . ان حرب الصحراء تشكل إلى الآن كابحا لتعبئة النضالات الشعبية و تجذرها. و ثمة شعور بأن الموضوع سوف ينحل في الأسابيع القادمة، و يمكن إذا توقع ازدياد حدة هذه الإعاقة، علما ان الوقت مبكر جدا لنقول كيف سوف تكون نهاية الأشياء.

هذا و أنا أتساءل أيضا إلى أي حد ليست بعض التحفظات الحديثة جدا بصدد جهد لتلاقي المعارضة المغربية في الخارج هي ناتجة عن ذلك.

لقد جرى لقاء تداولي في الفترة الأخيرة في جنوب هولندا قرب ماستريخت، مع مجمل المعارضة المغربية، لكن للأسف بغياب العديدين: كان البعض قد تخلف عن الحضور بسبب انه كانت هناك علاقات غير أخوية دائما بين فصائل مختلفة، لكنني أتساءل أيضا إذا لم تكن غيابات عديدة ، لاسيما من فرنسا، ناتجة كذلك من الاستفتاء.

ص.ج: إذا تمكن النظام خلال 15 سنة من استخدام المسألة الصحراوية، فهذا يعني انه على مستوى الجماهير المغربية، بقيت الموضوعة العامة لـ "مغربية" الصحراء موضوعة مثمرة.أليس في ذلك ما يدعو للتفكير؟ هل إن هذه الرؤية للمشكلة قد فرضت نفسها بسبب الشوفينية و التضليل الإيديولوجي فقط أو أن هناك عوامل أكثر فعلية ، بما فيها ربما نتائج بعض السلوك السياسي للبوليساريو، أو ارتهانها بالنظام الجزائري؟

أ.س: يجب تمييز مستويين في هذه المشكلة. طبعا، هناك تاريخ مسيطر في المغرب مصنوع من مجد الإمبراطوريات، و قد طبع الشعب المغربي. فالخارطة التي نشرها عام 1956 ، في فترة الاستقلال، علال الفاسي، مؤسس حزب الاستقلال، كانت تمد المغرب إلى نهر السنغال. وقد كانت معلقة في كل الحوانيت في المدن. علاوة على ذلك، وبالنسبة للجماهير المغربية، كانت المسيرة الخضراء التي نظمها الحسن الثاني عام 1975 [8]مسيرة نحو فردوس جديدة. كان هنالك اعتقاد بأن فوسفاط الصحراء وثرواتها الأخرى سوف تحل كل مشكلاتنا الداخلية.

في نهاية السبعينات، طرأت خيبة أمل على الصعيد الاقتصادي، فخلافا للآمال، تفاقم الوضع. ومنذ بداية الثمانينات،لم تعد مسألة الصحراء تلعب دور كابح – وهذا أحد الأسباب الكامنة وراء الانفجارات الشعبية في عامي 1981 و1984 - ، وإن بقي موقف هذا الطرف أو ذاك بصدد شرعية مطالب جبهة البوليساريو أو عدم شرعيتها على حاله. بالمقابل، بقيت مشكلة الصحراء، على صعيد الطبقات الوسطى، عنصر جمود لأسباب إيديولوجية مرتبطة بكل تاريخ الحركة الوطنية المغربية، التي كانت تحت سيطرة البورجوازية منذ عام 1930. وتتوافق تماما مع الاديولوجية المخزنية المسيطرة على تاريخ المغرب من إدريس الأول إلى الحسن الثاني. لقد أعادت الحركة الوطنية المغربية (حزب الاستقلال بالتحديد) إحياء أسطورة ملكية موحِدة لم تكن في الواقع موجودة في التقاليد العميقة للشعب المغربي.

أما اليوم فالمشاعر أكثر تشوشا في الأوساط الشعبية: لقد سئم الناس هذه الحرب لأنها تكلفهم غاليا، حتى على صعيد عدد الضحايا بالنسبة لبعض المناطق الفلاحية في البلد. وقد رأينا في الثمانينات أمثلة على هذا الملل ونوع من الإعجاب بنضال البوليساريو، لأنها كانت تتجرأ على مواجهة الحسن الثاني – كانت المظاهر الكبرى في المغرب، في يناير 1984 تتعلق بالتأكيد بمطالب الشعب، لكن المنشورات التي كانت تدعو إليها كانت تحيي أيضا نضال البوليساريو، من دون أن يعيق ذلك التعبئة.

من جهة أخرى، ففي المناطق الامازيغية، حيث وعي الهوية يزداد حدة وحيث الأسطورة المخزنية لتاريخ البلد المستقيم النهج تلقى الرفض، ثمة نوع من التآخي مع نضال الشعب الصحراوي، لأنه ينسف بالضبط هذه الأسطورة. وهذا بديهي في منطقة الريف، ولدى الريفيين المهاجرين إلى هولندا أو بلجيكا.

إذا كانت أفكارنا التي تسير عكس تيار الايدولوجيا المسيطِرة قد مارست جاذبية على الطلاب القاعديين، فليس مرد ذلك فقط لأننا كنا نعارض السلطة بصورة جذرية، بل كذلك لأننا كنا حازمين جدا بصدد مسألة الصحراء وحق تقرير المصير للشعب الصحراوي. كان هنالك دور للتعاطف مع نضال البوليساريو ضد النظام المغربي، لكن كذلك فكرة أن ذلك يضع شرعية الملكيَة موضع الاتهام.

إن فكرة "مغربية" الصحراء أقوى بكثير في أوساط الطبقات الوسطى مما على مستوى الجماهير الشعبية. لكنها موضع اتهام في المناطق الناطقة بالامازيغية أو المناطق المهمشة وفي أوساط المناضلين الذين يرفضون الملكية، حتى من دون إقامة علاقة سببية مع المسألة الصحراوية.

أما بخصوص المخاوف حيال دور الجزائر، فهي سيطرت ولا تزال تسيطر لدى قسم مهم من الحركة المغربية – ومن الواضح أن ثمة أسئلة يجب طرحها بهذا الخصوص. لقد كان دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير مسألة مبدئية قبل كل شيء بالنسبة لمنظمة "إلى الأمام"، من دون أن تكون لنا أوهام حول النظام الجزائري. وهذا لا يعني أننا كنا نساوي بينه ويبن النظام المغربي، لكننا كنا نعي حدوده. إننا ندعم بالكامل نضال جبهة البوليساريو من حيث المبدأ. وهذا لا يعني أننا نعتبرها طليعة حركة ثورية إستراتيجية في المغرب العربي (المغرب، الصحراء الغربية، موريتانيا)، كما سبق أن كتبت شخصيا عام 1972. فالأمور أوضح الآن. في الواقع، تشكل جبهة بوليساريو أداة تبلور نضال الشعب الصحراوي، كما الحال مع م.ت.ف. بالنسبة للشعب الفلسطيني. وبالتالي، فإننا ندعمها، وأنا أدعمها شخصيا بالكامل ومن دون تحفظات في نضالها من أجل حق تقرير المصير.

أنا اعتقد – لكن التاريخ ليس مرسوما سلفا إطلاقا- أن علينا بوصفنا مناضلين ثوريين أن نحاول استخلاص الطاقات الكامنة الايجابية في هذا التاريخ، في الوقت ذاته الذي نعي فيه تماما الاحتمالات السلبية. ويتمثل دورنا في العمل كي تتغلب الامكانات الايجابية على الإمكانات السلبية، فيما نعلم أن هذا ليس مضمونا.

في رأيي أن الآفاق لكي تتطور هذه المنطقة بكاملها بصورة إيجابية لا تكمن فقط في ما هنالك من إيجابي في النضال التحرري لشعب الصحراء ولجبهة بوليساريو، بل كذلك في إمكانية رؤية المغرب يتقدم على طريق الديمقراطية والثورة الجذرية، وإذا في أن نكون قادرين على أن نساعد سياسيا القوى الايجابية في الشعب الصحراوي وجبهة بوليساريو للتغلب على المخاطر السلبية.

ص.ج: أشرت إلى تقدم "إلى الأمام" على صعيد بعض أوجه المسألة الوطنية أو مسألة الهوية في المغرب، ولاسيما أخذ الهوية الامازيغية في الحسبان. لا بل وصفت المغرب في كتابات حديثة بالأمة (nation) العربية- الامازيغية. هل يمكن أن توضح ما تقصده بذلك: كيف تحدد العلاقة بين الهويتين العربية والامازيغية؟ وأخيرا، ما ذا تقصد بكلمة (nation) ؟ وأنا أرجع هنا إلى الجدال القديم حول الأمة العربية- كما هو معلوم لديك، هناك تمييز في اللغة العربية بين التعبير المستخدم للدلالة على الجماعات المتشكلة على مستوى الدول القائمة ("الوطن"، في الغالب) والتعبير الذي يدل على الهوية القومية على المستوى العربي (الأمة).

أ.س: هذا السؤال أساسي تماما. وأنا أعتقد أن علينا جميعا، نحن الماركسيين العرب، أن نبذل جهدا بصدد هذه المسألة، فحتى الآن، كانت الرؤية الغالبة للمسألة القومية العربية برجوازية صغيرة، تقود إلى الكوارث التي نعرفها في سوريا وفي العراق، لكن كذلك في حركة التحرر العربية.

للأسف، نحن لم نبلور رؤية بديلة. فالأحزاب الشيوعية العربية تميل إلى التقليل من شأن هذه المشكلة، وعموما فإن الحركات العربية المستقلة، الماركسية أو الماركسية- اللينينية، التي تشكلت في الثورة الفلسطينية أو اليمنية الجنوبية، تبعت إلى هذا الحد أو ذاك هذه الرؤية البرجوازية الصغيرة.

في المغرب، فكرنا في المشكلة الامازيغية، لكننا لا نزال في بداية تفكير حول المسألة القومية، لا يمكن في رأيي أن يخوض فيه شخص واحد، أو حركة واحدة في بلد عربي واحد. يلزم بالضرورة تفكير إجمالي من جانب ماركسيي العالم العربي: إنها مهمة أساسية وملحة.

إننا نعتقد، بخصوص المغرب، أنه تشكل فيه خلال ألوف السنين وطن عربي-أمازيغي، ليس مجرد تجاوز هويتين(أمازيغية وعربية)، بل هو الاندماج، الانصهار الوثيق بين الأساس الامازيغي للوطن المغربي، التي بدأت توضع أسسه قبل أربعة آلاف سنة، والمجلوب العربي. وفي الأخير نضم مجلوب الاسلام، في مكونه الشعبي، لا السنة ولا الشيعة، بل الثقافة العربية، التقدم الثقافي والاقتصادي الذي أدى إلى ازدهار العالم العربي في قرون الاسلام الأولى. ان الانصهار الوثيق العربي- الامازيغي قد تحقق في المغرب، على مستوى السكان والمناطق، وليس على مستوى الدول المركزية.

علاوة على ذلك، يجب الانطلاق من مفهوم الأمة، الذي ليس مفهوما بسيطا، ولم تتم بلورته كفاية إلى الآن. إن مفهوم الأمة المسيطر يأتي من المثال الأوربي، وأنا لا أتكلم حتى على الدولة-الأمة، بل على الإحالة إلى الأمم الناجزة. والحال أن التاريخ لا يجري، في الواقع بهذه الطريقة. وإنني أعتقد شخصيا، أن الأمة هي دينامية: ففي البدء، هنالك الأشكال الأولى لتجاوز البنى القبلية- وهذا أمر لا يعني بالضرورة نفي هذه البنى.

وفي العالم العربي، تختلف هذه السيرورة اختلافا واضحا للغاية عنها في أرويا، حيث الأمم تشكلت على قاعدة تدمير الأشكال ما قبل الرأسمالية: تتشكل أمم عن طريق تحول القبائل، لا عن طريق تدميرها. وحين تبدأ سيرورة التحول هذه، أعتقد أننا ندخل إلى الدينامية القومية.

هذه الدينامية هي على مستويين في العالم العربي: مستوى يمكن تسميته "الوطن" كما في حالة المغرب، ومستوى شامل يسمى "الأمة". والمشكِلة هي أن الحركة القومية العربية نزعت إلى تصور مثالي لمفهوم الأمة، عبر تقديمه كما لو كان وجد بمعناه الحديث على الدوام (منذ الاسلام على الأقل) وعبر إرسائه على أسس مثالية: الدين واللغة. لقد ميزت الحركات ذات الاتجاه المسمى علمانيا كحزب البعث، عامل اللغة من دون تنحية الاسلام، لكن الامور بقيت عند هذه النقطة.

وفي رأيي أنه يجب الانطلاق من امتداد جذور الأمم، وأولا في الانصهار الوثيق بين الجماعات الانسانية وأراضيها –وهذا واقع القبيلة. هذه الانصهارات الوثيقة يجري دمجها عند مستوى أعلى عن طريق خلق روابط تجارية، ثم أنوية مدينية، شبكة مدينة-ريف تخلق شيئا فشيئا أساس الأمة، بشكل لا يتمتع بالضرورة ببنيان سياسي، لكنه مبني اقتصاديا وكذلك ثقافيا، مع دعامة لغوية مشتركة، إلى حد ما. أعتقد أن الدينامية القومية يمكن هكذا على المدى البعيد جدا.

لكن قبل الاسلام، كانت هذه الدينامية القومية، التي سبق أن بدأت تتشكل بوصفها وطنا إذا أمكن القول (وهذا واضح وجلي بالنسبة للوطن المصري الذي وجد بصورة مشخصنة جدا)، كانت لا تزال، إلى حد ما، في وضع الحمل في المغرب كوطن أمازيغي يتطور، يكسب دينامية، حيث لم تكن شبكات المدن-الارياف قد باتت مبنية كفاية، وحيث لم تكن الثقافة، بمعنى الكتابة، قد تطورت كفاية.

إن التطعيم العربي-الإسلامي أعطى هذا التطور دينامية جديدة- وهذا أمر لا جدال فيه- مع تناقضات، وتضادات وصراعات. خُلِق على المدى الطويل في المغرب الكبير اتحاد وثيق على مستوى الشعوب- وليس إطلاقا على مستوى الامبراطوريتين، المغربية أو العثمانية، اللتين كانتا تسعيان للسيطرة عليها- نتج منه، في المغرب الأقصى وفي الجزائر، وطنان عربيان- أمازيغييان.

لكن التطعيم العربي لم يكن محليا: لقد كان مرتبطا بديناميات أخرى كانت تتطور في أمكنة أخرى، في مجمل العالم العربي. إن هذا يربط إذا تكوين هاذين الوطنين العربيين-الامازيغيين بالدينامية القومية العربية. وهذه الأخيرة، التي شهدت ازدهارا كبيرا حتى ما قبل خمسة أو ستة قرون، تقهقرت منذ ذلك الحين، ولم تتمكن بالتالي من أن تتهيكل أكثر. لقد استعادت ازدهارها منذ قرن، في أوساط المناضلين السياسيين والمثقفين، بوصفها برنامج عمل معاد للإمبريالية –وهذا مهم-، وقد تأثرت في الوقت ذاته بالتصورات المثالية المعروفة.

لهذا السبب، علينا نحن المناضلين الثوريين العرب، الماركسيين بوجه خاص، ان نتمكن، على ضوء المآزق التي قاد إليها اليسار المثالي في هذا الميدان، من إعادة بناء إشكالية جديدة. فهنالك دينامية قومية عربية، أكثر مما هنالك أمة عربية ناجزة. وكل الأممين العرب متفقون على الكلام عن حركة قومية عربية، وهي عبارة تتناسب مع الواقع الحالي للمرحلة التاريخية التي نعيشها.

علينا، في آن واحد، أن نقود في اوطاننا المختلفة، حيث توجد اوطان (ليس هذا بديهيا بالنسبة لبعض الدول المصطنعة)، عملا من أجل الثورة، وان نشارك في الوقت ذاته في الحركة القومية العربية كمنظور تاريخي، معاد للإمبريالية ومعاد للصهيونية، وبالطبع معاد للرجعية العربية، من ضمن المنظور التاريخي لبناء أمة عربية، عن طريق انتصار الثورات في مختلف البلدان، وعن طريق التضامن أيضا بين شتى حركاتنا الثورية –وهو تضامن لا بد أن يكون أقوى، وأوثق وأكثر عضوية من التضامن الضروري بين الحركات الثورية في العالم أجمع.

ص.ج: ان التمييز الذي تقيمه بين حركة قومية وأمة لا يبدو لي واضحا جدا. أنت تتكلم عن دينامية قومية موحِدة وتعلن تأييدك لهذا التوحيد، ذي الطابع الدولاني. لكن إذا لم يكن ينبغي –كما قلت في البدء- الخلط بين الأمة والدولة-الأمة، وإذا كانت توجد إرادة خلق إطار دولاني مشترك، وتحقيق التوحيد، فذلك بالضبط لتوحيد كل بشري مرتبط بالوعي المشترك بتشكيل أمة.

أ.س: أعتقد، على كل حال، أن سيرورة التوحيد على مستوى الدول لا يمكن أن تأتي إلا من دول يمكن وصفها، على سبيل الاختصار، بالثورية، متحررة من كل هيمنة امبريالية أو إقطاعية أو رجعية- وفي هذا الصدد نحن متفقون تماما. وحتى إذا كانت هناك تباينات في البنيان الاجتماعي والسياسي بين بلد وآخر، فمذ تنجح الشعوب بإرساء دول ثورية كهذه، يمكن أن تبدأ سيرورة توحيد.

وفي رأيي أن هذا قد يصبح ممكنا، على المدى المتوسط، بالنسبة للمغرب الكبير الذي يمكن عندئذ أن ينخرط في طريق توحيد دولاني. وفي الوقت ذاته، بما أن سيرورة كهذه تستجيب لتطلعات الشعوب، فهي تشكل عامل تعبئة في النضال الثوري. وعندما أقول ان علينا أن نقوم بالثورة في كل بلد من بلداننا، فذلك لا يتم إطلاقا عن طريق إغلاق بلداننا أمام هذا المنظور، لأن ذلك غير صحيح ولأن المنظور المشار إليه هو خميرة لدينامية ثورية – إنه تطلع عميق للشعوب العربية والعربية- الامازيغية، شريطة التحديد الواضح لموقع كل شخصية نوعية وعدم تذويبها في كل أسطوري.

على مستوى مجمل الأمة العربية، إنها سيرورة يمكن أن تكون أطول بكثير مما بالنسبة للمغرب الكبير، إذا أخذنا بالحسبان كل الانقسامات الموجودة في المشرق والصعوبة الكبيرة جدا لتحقيق تحرير كل فلسطين (أي إلغاء الدولة الصهيونية –لا يتعلق الأمر، طبعا، بـ "رمي اليهود في البحر"!). لكن ينبغي أيضا أن نأخذ بالحسبان الأهمية الاستراتيجية العظمى التي يشكلها نفط الخليج للإمبريالية العالمية. سوف تكون المعركة إذا على المدى الطويل: يجب التوصل لتطويق الخليج بدول ثورية –ولا نزال بالطبع بعيدين عن ذلك – قبل التمكن من الضغط بصورة أكثر مباشرة، وليس بحروب كلاسيكية بل بحركات ثورية وبالتضامن الثوري مع القوى المناضلة في هذه المنطقة. يجب القيام أيضا بعمل مواز باتجاه الرأي العام العالمي، لاسيما في البلدان الغربية، من أجل عزل القوى الامبريالية الأكثر عدوانية وإحرابية.

ص.ج: إن هدف التوحيد على المستوى العربي، والدينامية القومية العربية التي تتحدث عنها، يواجهان تحفظات ومعارضات في بعض المناطق الامازيغية، لا سيما في مناطق القبائل في الجزائر. كيف ترى العلاقة بين الرفض الممكن في بعض المناطق لهذا التوجه وإرادة توحيدية محتملة ذات طابع أكثري؟ بمعنى آخر، كيف تنطرح في رأيك مشكلة تقرير المصير بالنسبة للمناطق ذات الخصوصية الاثنية؟ ومن جهة أخرى، هل ترى أن المسألة الامازيغية مسألة "أمازيغية كبرى" أو أن لها بالأحرى خصائص إقليمية تجعلها تتبلور بشكل مختلف من منطقة لأخرى؟

أ.س: أولا، يجب رؤية مشكلة كل المجموعات على هامش العالم العربي، التي تنتمي إليه اليوم سياسيا، لكن من دون أن تكون جزءا من الأمة العربية. نحن متفقون على أن للمناطق الزنجية-الافريقية في جنوب موريتانيا أو السودان، أو بالتأكيد للأمة الكردية، الحق في تقرير المصير، وصولا إلى الانفصال وتشكيل كل منها أمتها الخاصة على أرضها، إذا كان هذا ما تتمناه.

بالمقابل، حين ندرس تاريخ المغرب الاقصى، نرى أن هناك تداخلا، فسيفساء حقيقية عربية- أمازيغية، ومن الصعب جدا، ما خلا في حالات نوعية، الحديث عن تقطيع إقليمي بين منطقة أمازيغية وأخرى عربية، كما يمكن أن نفعل بخصوص الاكراد بالنسبة لباقي مناطق العراق. و هذا لا يعني أنه توجد افكار انفصالية: فهي موجودة بصورة أدق في منطقة الريف حيث هناك تيارات استقلالية.

إن الرد على تيارات كهذه لا يمكن ان يوجد الا في النضال المشترك. و إذا كان للحركة الثورية المغربية برنامج سليم بصدد المسألة العربية-الامازيغية في المغرب الأقصى ، فأنا مقتنع بأنه سيكون في وسعنا كسب هؤلاء المناضلين الداعين للاستقلال إلى رؤية غير انفصالية للمشكلة الريفية. إن صدى اطروحاتنا لدى العديد من المناضلين الريفيين الذين كانوا في طليعة انتفاضات عام 1984 لها صدى معبر.

لكن يجب حل المسألة ديموقراطيا ، و ذلك جوهري. اما في الجزائر ، و حتى إذا كانت المشكلة الامازيغية أقل اتساعا مما في المغرب الأقصى فهي ، أكثر تبلورا في منطقة القبائل لأسباب تاريخية منها الهجرة القبائلية القديمة جدا إلى فرنسا و أسباب أخرى. فلدى القبائليين شعور أعم بكثير بالشخصية و رفض الالتحاق بالعروبة. كما ليس من السهل بالنسبة للمناضلين المغربيين الامازيغيين التسليم بأننا عرب-أمازيغ و أننا جزء لا يتجزأ من دينامية قومية عربية. و هذا مستحيل في كل حال ، إذا جرى الانطلاق من تصور مثالي بوجوازي صغير للامة العربية. و لا يمكن الوصول إلى ذلك إلا إذا عارضنا هذا التصور بتصور مادي تاريخي و دينامي لبناء الأمة العربية، و للمغرب الأقصى كوطن عربي-أمازيغي.

بهذا المعنى، لا يصح الكلام عن" نزعة امازيغية كبرى؟ إلا انه يصح الكلام عن لغة امازيغية، التمازيغت، بالنسبة لمجمل السكان الذين يتكلمون الامازيغية في كل المغرب الكبير. هنالك في الوقت الراهن عدة لهجات أمازيغية، يمكن ان تتوحد في لغة لثقافة امازيغية مكتوبة. و الاختلاف الوحيد بيني و بين بعض المناضلين أو اللغويين الناطقين بالتمازيغت، هو أنني أفضل ان تكتب هذه اللغة بالأحرف العربية، لأسباب تربوية حصرا و ليس لتكريس أي سيطرة عربية كي يتعلم الأطفال الناطقين بالتمازيغت لغتهم و يتمكنوا من الانتقال من دون صعوبات لدراسة اللغة العربية. يجب ان يكون للمغرب الأقصى ، كما لسويسرا عدة لغات قومية، لكن من دون ان تكون لدى الأطفال صعوبات في الكتابة.و المشكلة الأكثر تعقيدا في الجزائر: فلابد ان تكون حركة جزائرية ثورية وديموقراطية قادرة على تقديم هكذا منظور، كي يستطيع مناضلوها ان يساعدو مناضلي القبائل على التقدم نحو تصور كهذا الذي وصفته- لكن بشرط أساسي: يجب رؤية مشكلة الأمة العريبة في ديناميتها القومية التوحيدية لا في تعارض مع الاوطان الملموسة الموجودة اليوم في الجزائر أو في المغرب.

هذه الدينامية يجب ان لا تؤدي إلى تذويب الشخصيات الوطنية في كل بلد، كالمغرب أو الجزائر أو كالمغرب الكبير بمجمله: لا تعني الأمة العربية المستقبلية التماثل. فسوف يحتفظ المجموع المغاربي بخصوصياته العربية-الامازيغية ضمن الأمة العربية الكبرى. و حتى في تصورنا لمغرب أقصى حر ، وطن عربي –أمازيغي، ثمة مكان للاحكام الذاتية الاقليمية.

ص.ج: أنت ترى إذن حلا للمسألة القبائلية فيما تسميه الحكم الذاتي الاقليمي؟


أ.س: أجل ، حكم ذاتي اقليمي على مستوى الادارة السياسية لمناطق القبائل ومساواة بين اللغة العربية و اللغة التمازيغت، الموضوعة كلغة ثقافة عليا لمجمل أمازغة المغرب الكبير.

ص.ج: أين سيكون موقع اليهود الاسرائليين من أصل عربي بالنسبة للامة العربية؟ لقد تطرقت في مقالات كثيرة لهذا الموضوع، لكن إذا جرى النظر إليه من اسرائيل، تبدو الطريقة التي تشدد بها على الهوية العربية لليهود الاسرائيليين القادمين من بلدان عربية- ولسيما اليهود القادمين من المغرب الأقصى و هم نسبة مهمة من سكان دولة اسرائيل- كطريقة تخطتها إلى حد بعيد قوة الصهيونية الدمجية.

أ.س: إن ما كان يشكل اليهودية العربية يتركز حاليا بغالبيته العظمى فيما يسمى باليهود الشرقيين في دولة اسرائيل. و الطائفة اليهودية المغربية مهمة أكثر من الطوائف الأخرى، في بلدان أخرى أيضا كفرنسا و كندا و حتى في المغرب الأقصى بعض الشيء.

لقد درست بنفسي هذه المشكلة كثيرا في بداية الثمانينات و المعلومات القليلة التي أمكنني الحصول عليها تتيح لي التفكير بأن طريقتي في تحليلها سابقا لا تزال صحيحة. هناك تناقض موضوعي- كقوة كامنة و ليس كواقع سياسي مباشر- بين دفاع اليهود الشرقيين، و بصورة أدق اليهود العرب، عن هويتهم كيهود عرب ، و بنية دولة اسرائيل الصهيونية- ليس فقط لانها الصهيوينة هي ما هي، بل لأنها قبل كل شيء اديولوجيا سيطرت المؤسسة الصهيوينة ، الواقعة تحت سطوة الرساميل الكبرى المرتبطة بالرأسمال العالمي اليهودي الغربي ، و هو عمليا رأسمال أروبي-أمريكي، مستقر في اسرائيل تندمج به البرجوازية اليهودية الشرقية.

وهذا واضح بوجه خاص بالنسبة لقادة الطائفة اليهودية المغربية، و هم في الواقع رجال اعمال دوليون، و في الوقت ذاته سماسرة للحسن الثاني.

إن اليهود الشرقيين مواطنون من الدرجة الثانية في دولة اسرائيل سواء من وجهة النظر الاقتصادية أو من حيث نفي هويتهم الثقافية و خصوصياتهم الدينية اللتين تختلفان على سبيل المثال عن هوية يهود بولندا. و هم يعانون من استغلال اقتصادي ، لكن أيضا من اضطهاد ثقافي- و كل تلك تناقضات بين جمهور يهود اسرائيل العرب ، و بوجه أخص اليهود المغربيين، و هم طائفة اكثر تماسكا، و البنية الصهيوينة لدولة اسرائيل.

إلا انه إذا كان يهود اسرائيل العرب متضامنين مع الدولة ، فيجب تحديد المسؤوليات عن ذلك : بالطبع ، ثمة أولا القوة الدمجية للصهيونية، لكن كذلك كون مشروع سلام يسلم بالاعتراف باسرائيل بوصفها دولة صهيوينة يسد كل أفق أمام هذه اليهودية الشرقية في اسرائيل . فتجد نفسها محشورة داخل هذا المشروع- في حين ان التعبير عن هويتها لا يمكن ان يتم الا عبر النضال الثوري ضد البنية الصهيونية لدولة اسرائيل.

هنالك بعض الانوية النضالية داخل الجماهير الشعبية اليهودية الشرقية في دولة اسرائيل، تناضل في هذا الاتجاه، لكنها تعرضت للخنق باستمرار بفعل نظام الاحتواء الخاص بكل الجهاز السياسي الاسرائيلي، كما يحضرها سياسيا ما يبدو حاليا كمشروع السلام الوحيد.

ليس أمام اليهود الشرقيين أي أفق ، و حلفاؤهم الطبيعيون المفترض ان يكونوا هم الثوريين الفلسطينيين، يتخلون عنهم. و هذا هو السبب في ان مؤتمر مدريد و الاوهام المتولدة بصدده تؤدي حتما إلى المأزق. سيكون من الضروري ان تضع الثورة الفلسطينية إستراتيجية تأخذ بالاعتبار هذا التناقض الموضوعي لدولة اسرائيل. فلا يمكن التغلب على الصهيونية الا عن طريق تفجير تناقضاتها الداخلية، و التناقض الاكبر موجود في قلب الكيان الصهيوني بالذات، بين اليهودية الشرقية و البنية الصهيونية للدولة. إن تفجير هذا التناقض هو دور الثوريين الاسرائيليين، لكنه أيضا دور كل الثوريين العرب و لا سيما الفلسطينيين منهم، مثلما هو دور ثوريي العالم أجمع. و بهذا الشرط فقط سيكون هناك انبعاث اليهودية العربية، يمكن ان يساهم فيه ايضا حدوث ثورة حقيقية في هذا البلد العربي أو ذاك.

إن أحد الأسباب التي أدت بي شخصيا، في يونيو 1967، إلى أن أعي ضرورة الانخراط في طريق ثوري جديد كان أولا اكتشافي أن كل رفاقي القدامى في النضال باستثناء واحد فقط، كانوا عنصريين: كانوا قد سقطوا في النزعة القومية العربية الاكثر عنصرية، المعادية لليهود وليس فقط للصهيونية، والتي لا يمكن القيام انطلاقا منها بأي ثورة. والحال أن الوسيلة الوحيدة لإنعاش اليهودية المغربية في يوم ما، إنما هي أن يكون هناك مغرب ثوري. وانطلاقا من تلك اللحظات فقط، وضمن دينامية الحركة الثورية حصرا، سيكون ممكنا خلق قطب جاذب لهؤلاء اليهود المغاربة المضطهدين في اسرائيل، وبالوقت ذاته، من أجل نضالهم هناك، لكي يشاركوا في النضال المعادي للصهيونية داخل دولة اسرائيل، لكن كذلك كي يتمكنوا يوما ما من العودة إلى المغرب.

ص.ج: كيف يتمفصل هذا التناقض الذي تحدده كتناقض أساسي، بين اليهودية الشرقية واليهودية الغربية، الاشكينازية، في دولة اسرائيل مع التناقض "الكلاسيكي" بين البروليتاريا، بكل مكوناتها الاثنية، والدولة البرجوازية؟

أ.س: لا يتحدد موقع التناقض بين اليهودية الشرقية واليهودية الاشكينازية، بل بين اليهودية الشرقية ومجمل البنى الصهيونية لدولة اسرائيل، التي تستمد أسسها التاريخية مما حدث في أرويا الشرقية إبان الحرب العالمية والابادة النازية، بوجه خاص. لكن هذا الواقع لا يلازم اليهودية المغربية- فالعديد من اليهود المغربيين مناضلون ثوريون أو مناضلون معادون للصهيونية. ان بنية دولة اسرائيل العنصرية قد منحت امتيازات لليهودية الاشكينازيية، مثلا في الهستدروت وفي عدد من البنى، كالكيبوتزات، الخ...، إنه لأصعب إذا إفهام الطبقة العاملة اليهودية الغربية في اسرائيل المعركة المعادية للصهيونية.

ينبغي أن نأخذ بالحسبان عامل الهوية من دون أن نعارض هوية بأخرى. فالمؤسسة الصهيونية هي في الأخير معادية للهويتين: لكنها مرئية أكثر بالنسبة لليهودية الشرقية مما هي بالنسبة للبروليتاريا اليهودية الغربية.

ص.ج: كيف تطرح مسألة الوضع المستقبلي للسكان اليهود الاسرائيليين، بكل مكوناتهم، ضمن منظور برنامجي هدفه المركزي قيام الحركة الثورية بتفكيك الدولة الصهيونية؟

أ.س: لقد بقيت زمنا طويلا مؤمنا بالدولة الديمقراطية الفلسطينية كمرحلة مباشرة، من دون مرحلة وسيطة. ولم أدرك إلا في الثمانينات، وفي التأملات التي تمكنت من القيام بها عام 1982، قبل حرب لبنان، أن ليس هدفا يمكن أن يلتمسه اليهود الاسرائيليون بمجملهم. بل يجب تحريك سيرورة ديمقراطية تمضي في هذا الاتجاه. وإذا أردنا بلوغ دولة ديمقراطية، لا يمكن فرض ذلك عن طريق الحرب. وللأسف، لم يتم طرح ذلك دائما بهذه الطريقة.

ينبغي لليهود الاسرائيليين أن يتبنوا بأكثريتهم مفهوم الدولة الديمقراطية الفلسطينية. والحال أن ذلك ليس ممكنا في الوقت الراهن، ولهذا السبب تلزم مرحلة وسيطة. وأنا أعتقد شخصيا أن هذه المرحلة تتمثل في دولتين – إحداهما اسرائيلية والاخرى فلسطينية – مضمونتين دوليا (هذه الفكرة يتناسب معها مشروع القمة العربية المنعقدة في فاس الموضوع في سبتمبر 1982)، مع استحالة اندلاع أي حرب بين دول المنطقة، انطلاقا من إرساء هاتين الدولتين.

وطالما بقيت دولة اسرائيل صهيونية، لن يمكنها أبدا أن تقبل بهذا الحل. ينبغي إذا أن يتخلص المناضلون من أجل السلام في اسرائيل من المؤسسة الصهيونية. ولهذا يجب تفهيم الرأي العام العالمي، ولاسيما الغربي، أنه طالما بقيت دولة اسرائيل صهيونية، لن يكون السلام ممكنا في الشرق الاوسط. والقسم الأعظم من مهمة النضال لنزع "صهيونية" هذه الدولة يقع على المناضلين الثوريين وعلى مجمل الجماهير الشعبية اليهودية الاسرائيلية. وحين تصبح حركة الرأي العام العالمي والحركة الداخلية التقدمية والثورية لدى اليهود الاسرائيليين قوية كفاية لإطاحة البنية الصهيونية لدولة اسرائيل ضمن منظور سلام، لا منظور تدمير هذه الدولة بما هي دولة. سوف تجتمع شروط سلام لدولتين – دولة اسرائيل في حدودها كما قبل يونيو 1967 والدولة الفلسطينية على مجمل الاراضي الفلسطينية المحتلة في يونيو 1967، بما في ذلك القدس.

إن خطة فاس تترك الطريق مفتوحة أمام الصيرورة، إذ هي لا تتحدث عن الاعتراف المتبادل، الذي لا أؤيده. فإذا كانت طوبى الدولة الديمقراطية الفلسطينية تبدو قابلة للحياة بالنسبة لمجمل سكان أرض فلسطين- أعتقد انها طوبى أكثر سموا بمعنى الاخلاق الانسانسة، من دولتين على أرض فلسطين- فإن الصيرورة التاريخية لهذين الشعبين هي التي سيكون عليها أن تحدد ذلك ديمقراطيا.

ص.ج: كنت تتكلم على العواقب الوخيمة، لمنظور السلام مع الدولة الصهيونية بما هي الحال عليه، لاسيما بالنسبة لدينامية الانسلاخات عن الصهيونية في إسرائيل بالذات. والحال أن خطة فاس هي ذلك بالضبط. وأنا أعتقد أنك تعطي هذه الخطة قيمة لا تنطوي عليها، لاسيما حين نعرف عمن تصدر هذه الخطة.

أ.س: لا تحدد خطة فاس موقفا بصدد الطبيعة الصهيونية أو غير الصهيونية لدولة اسرائيل. لكن حتى ذلك التاريخ، لا بل حتى عشية المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في الجزائر عام 1988، كانت م.ت.ف تؤيد دولة غير صهيونية. وأنا أعتقد أنه كان في وسعها الاستمرار في القول إنه طالما بقيت دولة اسرائيل دولة صهيونية، لن يكون هنالك سلام ممكن، حتى وإن لم يكن مطلوبا منها اشتراط ألا يكون دولة اسرائيل دولة صهيونية. كان على م.ت.ف أن تحافظ على المعركة السياسية والاديولوجية ضد الصهيونية. لكن هنا بالضبط ينبغي تمييز المستوى الديبلوماسي: ليس على دول، ولا حتى على منظمة تحرر وطني كـ م.ت.ف أن تشترط سلفا أن يكون للطرف المناوئ هذا الطابع أو ذاك. بل يقع على المناضلين الثوريين في هذا الطرف الأخير أن يقاتلوا لكي لا يكون صهيونيا، وعلى المناضلين الثوريين في العالم أن يشرحوا أنه لن يكون هناك سلام ما بقيت الدولة صهيونية.

ص.ج: لكن ثمة فضلا عن ذلك مشكلة تنطرح حتى ضمن منظور دولة اسرائيلية غير صهيونية في حدود 1967. ماذا سيكون مصير حق العودة للفلسطينيين- الذين يعود أصلهم إلى الاراضي التي قامت عليها دولة اسرائيل عام 1948-، وحقهم في مواصلة نضالهم بكل أشكاله من أجل هذا الحق، وهو نضال يبقى مشروعا طالما لم يتم ضمان الحق؟ إن خططا كخطة فاس، التي تنطوي على ضمانات دولية لحدود الدولة الصهيونية، تتناقض مع هذه الحقوق. كما ان ثمة حقا آخر مرفوضا هو حق الفلسطينيين العرب الباقين تحت سلطة دولة اسرائيل ضمن حدود عام 1948: إذا جرى التسليم بهذه الحدود، يقضى سلفا على حقهم في تقرير مصيرهم في المناطق التي هم أكثرية فيها، كما في الجليل، لا بل في مدنهم وقراهم.

أ.س: لا تشكل خطة فاس اعترافا بدولة اسرائيل، إنها ترسي ما جرت تسميته "حالة عدم اعتداء" بين الدولة الاسرائيلية وجيرانها. فضلا عن ذلك، لقد كتبت دائما أن خطة فاس صالحة ما عدا مقدمتها التي توافق على قرار الامم المتحدة لعام 1948، القاضي بتقسيم فلسطين.

وفي هذا الصدد، من البديهي أن حق العودة جزء لا يتجزأ من النضال الفلسطيني. إنه يبقى واردا في قرارات الأمم المتحدة، وهذا احد تناقضات تلك القرارات. لكن على منظمة التحرير الفلسطينية، وعلينا نحن الثورين العرب جميعا، أن نكون منطقيين في هذا الشأن: لا يجب أن نقدم أي تنازل بصدد قرارات الامم المتحدة التي تكرس دولة اسرائيل بصورة أو بأخرى. يمكننا أن نتبنى كهدف تكتيكي خطة فاس، لكن شريطة عدم الاعتراف بمقدمتها ورفض كل ما يكرس دولة اسرائيل، كدولة صهيونية أو حتى غير صهيونية.

إننا نقول إن الدولة الفلسطينية ذات السيادة يجب أن تقوم فوق الاراضي المحتلة عام 1967، لأن الظرف العالمي يتيح طرح ذلك فقط، لا أكثر ولا أقل، ولأن علينا أن نتمكن من الحوار مع الراي العام العالمي ونكسبه، لكسب المعركة ضد الحكومات. هذا مع العلم أن حدود عام 1967 غير عادلة إطلاقا، مثلها مثل حدود خطة 1947، لكن الرأي العام العالمي عاجز عن فهم ذلك حاليا. علينا كذلك أن نكسب أكثرية الرأي العام الاسرائيلي عبر أخذ التناقضات التي سبق أن وصفتها بالحسبان.

يجب ان يكون حق الفلسطينيين في العودة معترفا به في دولة اسرائيل. وإذا كانت تلك الدولة علمانية وغير صهيونية، فهذا يعني المواطنية الكاملة للجميع، مع ما يعنيه ذلك من تناقضات.

إن خطة فاس تحمل، في رأيي، مستقبلا توحيديا لفلسطين، بواسطة نضالات سياسية داخل دولة اسرائيل بالذات قد تؤدي إلى قيام دولة موحدة –مع حق العودة، والمواطنية الكاملة للفلسطينيين وتناقضات كبرى بين صهاينة ومناهضين للصهيونية، وللوصول إلى خطة فاس، أعتقد أن ثمة حاجة لنضال سياسي داخل دولة اسرائيل بالذات، يمكن أن يصل إلى حدود الحرب الأهلية وأن يتسبب بتسريع التاريخ. وخلافا لما تفعل اليوم م.ت.ف، يمكن خطة فاس، من دون تنازلات مبدئية، أن تؤدي إلى إرتقاء فوري، ومن دون انقطاع، لدينامية النضالات بالذات.

ص.ج: لكن يجب أن يكون لمناطق التواجد السكاني العربي – الفلسطيني، ضمن حدود عام 1967، حق الخروج من تحت السيادة الاسرائيلية حتى وإن كانت غير صهيونية، للإلتحاق بالمجموع الآخر الفلسطيني العربي.

أ.س: هذا المطلب صحيح تماما ويجب أن يوضع على طاولة المفاوضات بعد ان يتعدل ميزان القوى لخلق شروط سليمة، مختلفة عن تلك التي تحكم مفاوضات مدريد!

ص.ج: ليس في وسعنا استنفاذ هذه المناقاشات في لقاء واحد. وعلينا مواصلتها وسوف أختم بالسؤال التالي: ماهي الأفكار التي توحي بها إليك انهيار الاتحاد السوفياتي، بصفتك مناضلا شيوعيا منذ زمن طويل؟

أ.س: أنت تعرف جيدا أني قطعت منذ بداية الستينات مع الدوغما والنموذج السوفياتيين. لكنني كنت ولا أزال أتخيل، مع ذلك، حتى أغسطس 1991، أنه قد تكون هناك إمكانات كامنة –لاسيما في روسيا وأوكرانيا، نظرا لتاريخ الطبقة العاملة في هاتين الجمهوريتين، وقد جرى كسبها للأفكار الماركسية منذ أكثر من قرن، وكانت تجهزت بحزب ثوري – وان الامور لم تكن متفككة إلى هذا الحد. للأسف، إن انهيار الاتحاد السوفياتي السابق مؤلم، وهذه كلمة يجب قولها، كنت آمل أن تكون هنالك طاقات كامنة بروليتارية أهم من تلك التي تظهر اليوم. لكنني لا أيأس من إمكانية أن تعود إلى الظهور هكذا طاقات كامنة، لاسيما في روسيا وأوكرانيا. سيكون ذلك طريقا طويلا وصعبا.

في المدى المباشر، لا نشهد فقط انتصار الامبريالية الامريكية على المستوى العالمي، بل كذلك انتصار الأفكار التي ترى ان الليبرالية والرأسمالية واقتصاد السوق هي التي انتصرت وان هذه هي الطريق الوحيدة للشعوب.

إن علينا، نحن شعوب العالم الثالث، ان نأخذ بالحسبان دروس التخطيط البيروقراطي وإخفاقاته –طبعا من دون الوقوع بسبب ذلك، في تقديس السوق-، وذلك في التصدي لمشكلات التحرر القومي، بما فيها على المستوى الاقتصادي. أما بصدد باقي الاتحاد السوفياتي السابق، خارج روسيا و اوكرانيا حيث جمهوريات كآذريبجان وجمهوريات آسيا الوسطى الأربع الأقرب إلينا بأكثر من وجه، فأعجز عن التكهن بأي اتجاه سوف يتطور. لقد انفصلت عن الوصاية الروسية وأيا تكن مخاطر الوضع الراهن، سوف يكون ذلك ايجابيا على المدى المتوسط أو البعيد، ويمكنها أن تلتحق بحركة التحرر العامة لشعوب المنطقة. لكن سيكون ذلك صعبا.

على المستوى الإيديولوجي، كنا جميعا، نحن الماركسيين الحقيقيين، قد بدأنا نتجاوز العصبويات القديمة منذ بعض الوقت. أما الآن فعلينا أن نبدأ معا، وبصورة أخوية جدا، نفكر في دروس هذه التجربة الدرامية التي بدأت مع ثورة أكتوبر العظمى. يجب أن يتغذى تفكيرنا المشترك الضروري تماما للبدء برسم آفاق المناضلين الثوريين في العالم بأسره، بإسهامات متنوعة، من ضمنها الإسهام النقدي الذي أحسنت تقديمه الأممية الرابعة وربما أيضا مع بعض الأشياء التي يجب إعادة النظر فيها ضمن هذا الإسهام النقدي، بالإضافة إلى اسهام مناضلين ماركسيين لينينيين، أنا احدهم، قطعوا علاقاتهم بالستالينية والخروتشوفية وبالمثالية التي انطوت عليها الماوية، ويحسنون هم أيضا تجاوز حدودهم وعصبوياتهم السابقة. كما يجب أن نأخذ أيضا بالحسبان التجربة الصينية كتجربة ثورية، لكن كذلك كتجربة بناء للاشتراكية مع حدودها وإسهاماتها الايجابية

ديسمبر 1991

عن مجلة "المطرقة"

مجلة شيوعية ثورية لعموم المنطقة العربية

العدد التاسع- خريف 1992
1- في يناير1984، اندلعت انتفاضات شعبية في مدن مغربية عدة لا سيما في شمال البلاد، ردا على ارتفاع الاسعار.

2- الطلاب "القاعديون" تيار في اليسار الطلابي الجذري قريب من "إلى الأمام".

3- ك.د.ش: هي الاتحاد النقابي القريب من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية –أنظر الهامش رقم 4. تأسس عام 1978، وهو اليوم الاتحاد الثاني من حيث الأهمية، بعد الاتحاد المغربي للشغل (أنظر الهامش رقم 7).

4- الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المعاد تأسيسه عام 1975 في إطار الشرعية، انبثق عن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية- وكان انشقاقا يساريا تم عام 1959 عن حزب الاستقلال (أنظر الهامش رقم 7)، بقيادة المهدي بن بركة.

5- المخزن هو جهاز السلطة الملكية ومناطق سيطرتها.

6- الاتحاد المغربي للشغل هو الاتحاد النقابي المغربي الأول، كان يتدخل فيه بوجه خاص كل من حزب الاستقلال وحزب التقدم (الحزب الشيوعي).

7- حزب الاستقلال، الذي أسسه علال الفاسي عام 1944، هو حزب البرجوازية الوطنية الليبرالية.

8- كانت المسيرة الخضراء مسيرة عملاقة نظمتها السلطة الملكية عام 1975 من المغرب إلى الصحراء الاسبانية سابقا (الصحراء الغربية) من اجل تسجيل وضع اليد على هذا الإقليم، بعد إعلان المستعمر عن انسحابه.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire