mercredi 4 janvier 2012

لإخوان والصفقة التى لا تنتهى أبدا




لإخوان والصفقة التى لا تنتهى أبدا!


التحيرمقالات
إبراهيم عيسى
هذه فرصة تاريخية كى نقرأ التاريخ!
وبالذات أن يقرأ أعضاء جماعة الإخوان تاريخهم. لا أعرف هل من مقررات عضوية الإخوان قراءة كتب عن تاريخ الجماعة أم مجرد الاطلاع ومذاكرة رسائل المرشد المؤسس حسن البنار ومحاضراته ومأثوراته؟ أعرف طبعا أن الجماعة لها ملاحظات سلبية على كثير مما كتبه مؤرخون وباحثون وزعامات سياسية عنها، لكن من المهم أن تدرك، على الأقل، كيف يراك غيرك، كما أنه رحم الله من أهدى إلينا عيوبنا، لكن يبقى أنه فى هذه اللحظة المهمة للجماعة، ولمصر معها، يصير واجبا على الجميع قراءة تاريخ الإخوان حتى نتعامل مع حاضرهم ونتلمس مستقبلهم ومستقبلنا معهم، ليقرأ إذن قادة «الإخوان» تاريخها كى يتعلموا مما سبق شيئا عما لحق وأن لا يعيدوا أخطاءهم الكبرى (ويا سلام لو كمان الصغرى) ويقرأْه الأعضاء والمحبون والناخبون المصوتون للإخوان كى يعرفوا تاريخ جماعتهم، لأن فصوله تكاد تتكرر، كل هذا عيانا بيانا فى صفحات التاريخ، لكن التاريخ فى بلدنا مهجور بين قوم لا يقرؤون، ثم إن بعضهم يفخر بجهله حين يتحدث بعلمه!
الدرس الرئيسى الذى تؤكده لنا كتب التاريخ أن أى تحالف أو مراهنة أو صفقة بين الإخوان والسلطة الحاكمة فى مصر انتهت بقمع الإخوان وضربهم، منذ الصعود الكبير للإخوان بعد عشر سنوات التكوين الأولى، وهى تراهن على حكومة أو ملك، فتتلقى ضربة موجعة وفضًّا للصفقة بشراسة، وهو ما جرى مع صفقة محدودة مع «الوفد» بزعامة النحاس باشا.
فى الكتاب الرائع (من قتل حسن البنا؟) للكاتب الكبير (المظلوم تاريخا) محسن محمد ينقل هذا المشهد:
(يستدعى فؤاد سراج الدين المرشد العام حسن البنا قال له:
- يا شيخ حسن عايز اعرف إنتم جماعة دينية أو حزب سياسى؟ إحنا ماعندناش مانع أبدا إنكم تكونوا حزب سياسى. اعلنوا على الملأ إنكم بتشتغلوا بالسياسة، وإنكم كونتم حزب سياسى ولا تتستروا بستار الدين، ولا تتخفّوا فى زى الدين.
أما أن تتستروا تحت شعار الدين، «والله أكبر ولله الحمد» وفى نفس الوقت تقوموا بالعمل السياسى وتباشروا السياسة الحزبية، فهذا غير معقول، لأنه يخل بمبادئ تكافؤ الفرص بينكم وبين الأحزاب السياسية. أنا كرجل سياسى حزبى لا أستطيع أن أهاجم جماعة دينية تنادى بشعارات دينية سامية، وإلا سأكون محل استنكار من الرأى العام.
رد الشيخ البنا:
- نحن لم نفكر فى العمل بالسياسة. ونحن رجال دين فقط، ورجال فكر دينى، وإذا كان قد صدر من بعض رجالنا أو من بعض شعبنا أى عمل يخالف هذا الخط، أو يدل على اتجاه سياسى فأنا أستنكره وسأوقفه عند حده فورا).
ثم يكتب البنا بعدها بسنوات فى صحيفة الإخوان وقد اشتدت الخصومة بين الإخوان و«الوفد» ليقول نصًّا «ما زلنا نجهل الدافع إلى خصومة (الوفد) مع الإخوان؟ أخلطوا الدين بالسياسة كما يقال؟ وما ضرر هذا على (الوفد) أو على الوطن؟ ألم يعلم (الوفد) أننا خلطنا الدين بالسياسة إلا الآن فقط؟».
تتكرر الصفقات مثلا مع حكومة إسماعيل صدقى الذى كان بلا شعبية إطلاقا وصنيعة الملك (إسماعيل صدقى هو السياسى الذى تحب أن تكرهه جدا وأنت مطمئن تماما إلى سلامة قرارك!) وتنتهى الصفقة على نحو مفجع وكذلك مع حكومة النقراشى التى بدأت الجماعة معها حليفا فى صفقة ضد «الوفد» فانتهت الصفقة بحل الجماعة نفسها ثم مقتل حسن البنا نفسه، وبينهما اغتيال النقراشى أيضا، والقصة مكررة مع الملك فاروق الذى كان يلاعب الإخوان ويلاعبونه فى صفقات تذهب وتجىء بالخسارة فى كل مرة ونقلا عن كتاب (من قتل حسن البنا؟) فإن صحفيا سأل المرشد العام:
(- تحولتم فى السنوات الأخيرة إلى النشاط السياسى.
أجاب الشيخ البنا:
- تقصد النشاط الوطنى، فما لنا بالسياسة علاقة، لقد حرصنا على أن لا نحتك بالأحزاب ولا بالهيئات، بل حرصوا هم على الاحتكاك بنا فتولدت الشرارة التى لفتت إلينا الأنظار.
سُئل:
- هل تشترك فى الانتخابات إذا جرت قريبا؟
- نعم.
- وهل تضمن النجاح؟
- أستطيع فى انتخابات حرة أن أحصل على أغلبية ساحقة، لو أردت ذلك، لكنى لا أريد، فمكاننا فى صفوف الشعب أكثر منه فى صفوف الحكام، ولهذا لن نتقدم إلا فى عدد صغير من الدوائر.
- معنى ذلك أنك لا تقبل رئاسة الوزارة إذا عُرضت عليك.
- بل أقبل.. والحكم ليس متعة، وإنما جهاد).
بذمتك أليست نفس إجابات تلاميذ وأحفاد حسن البنا فى الجماعة الآن، وهو ما يقودنا إلى يوم الحدث الأكبر، وهو صفقة الإخوان مع ضباط ثورة يوليو التى شعر فيها الإخوان -كما يشعرون اليوم أنها طابت واستوت- فإذا بأعنف وأقسى وأفدح حملة على الإخوان امتدت حتى 25 يناير 2011، وتخللها تحالف بين الإخوان والرئيس الراحل أنور السادات انتهى باغتياله والتنكيل بالإخوان.
هل سيكرر الإخوان مع المجلس العسكرى نفس الخطيئة؟
فى الأغلب نعم.
طيب ليه؟
يبدو أن إخلاص الإخوان لأخطائهم أقوى من إخلاصهم للجماعة!!

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire