"والله، ثم والله، ثم والله ،لا تراجع عن الاقتطاع من أجور المضربين عن العمل، وإن حصل لن أبقى في الوزارة".
بهذه الصيحات عبر مصطفى الرميد، "وزير
العدل والحريات" في حكومة الواجهة، صباح يوم الأربعاء 24 أكتوبر 2012، عن
عزمه السير قدما في الهجوم على حق الإضراب.
واعتبر الرميد أن قرار الاقتطاع من رواتب
2771 من شغيلة كتابة الضبط بالمحاكم، المضربين عن العمل، إجراء قانوني،
تبرره جملة قوانين و اجتهادات قضائية. و أكد أن هذا القرار قرار حكومي، لن
يُقصر على موظفي وزارة العدل. و وصف أداء أجور أيام الإضراب ب"حق
مغتصب"، ردا على من يرى فيه "حقا مكتسبا".
و جريا على العادة المعادية لحق الإضراب
يجري سرد الأرقام حول ما يسبب من "خسائر"، منها أن موجة إضرابات شغيلة
المحاكم في العام 2011 كلفت 56 مليون درهم. لكن، ماذا عما يتحمله الشغيلة
من أضرار تتجلى في اوضاعهم الاجتماعية المتردية، و في فرط استغلالهم، تبلغ
كلفتها أضعاف مضاعفة لما يعتبر "خسائر الإضراب"؟ هذا علاوة على أن مسبب
"خسائر الإضراب" هي الدولة التي ترفض تلبية مطالب مشروعة فيما هي تبدر
المال العام في امتيازات لأصحاب الرساميل، و في اداء الديون الخارجية، و
تغض الطرف عن النهب و تهريب الرساميل إلى البنوك الأجنبية.
تندرج حملة الرميد في إطار أعم ، حيث
اشتدت الهجمات على إضرابات الموظفين و اتسعت، بعد تمكن الدولة من إخماد
الإضرابات في القطاع الخاص بالقمع و التنكيل بالمضربين، منها على سبيل
المثال الشراسة التي عومل بها إضراب عمال مناجم بوازار [ اعتقالات ومحاكمة
].
فقد سبق للمسمى وزير إتصال في مارس 2012
أن قال إن تنظيم حق الإضراب مرتبط بسير المرافق العمومية، مستعملا الفصل
154 من الدستور، حيث الإشارة الى " الاستمرار في أداء الخدمات".
و الحال أن من يعرقل استمرار أداء الخدمات
هو سياسة الدولة ذاتها التي تقلص ميزانية الخدمات العامة على نحو لا يساير
الحاجات الاجتماعية، لدرجة تدري خدمات الصحة و التعليم الى مستوى جريمة
بحق الطبقات الشعبية.
ومن جانبه كان امحند العنصر،وزير
الداخلية، بعث يوم 11 سبتمبر 2012 مذكرة إلى ولاة وعمال العمالات
والأقاليم، كي يقتطعوا أجور أيام إضراب موظفي الدولة والجماعات المحلية.
المذكرة تعتبر الإضراب تغيبا عن العمل بطريقة "غير مشروعة"، بدون إذن مسبق
من الإدارة أو لمبرر قانوني. و اعتبرت وزير الداخلية في مذكرته، أيام
الإضراب خدمات غير منجزة لا تستوجب صرف الأجرة لفائدة المضربين.
إن النبرة التصعيدية لدى الرميد، وعزم
الدولة على تمرير قانون تكبيل حق الإضراب بالحكومة الحالية، يضعان منظمات
العمال النقابية أمام امتحان كبير لن تنفع معه التهديدات الكلامية كتلك
الواردة في رسالة قيادة الفيدرالية الديمقراطية للشغل إلى رئيس الحكومة،
لما قالت بشأن اقتطاع اجور ايام الإضراب : “هذا القرار لا يمكن إلا أن
يزيد الوضع توترا واحتقانا، لا يمكن لأي أحد تصور نتائجه".
و أول من تقع على كاهلهم مسؤولية الشروع
في حملة الدفاع عن حق الإضراب بتجنيد كل القوى و العدة الممكنين هما قيادتا
الكونفدرالية.د.ش و الفيدرالية .د.ش اللتان أعلنتا تعاونهما بتنظيم مسيرة
27 مايو الوطنية بالدار البيضاء، وحتى نيتهما اسقاط حكومة الواجهة.
فالفيدرالية الديمقراطية للشغل هي التي
تؤطر شغيلة المحاكم المستهدفة حاليا بتصعيد الرميد، ومن ثمة فأدنى مدلول
فعلي للتعاون مع الكونفدرالية يستوجب قيام هذه بتنظيم حملة تضامن مع
المستهدفين و دفاع عن حق الإضراب.
لقد سبق ان جرى اختبار مزاعم العمل الموحد
بين الفيدرالية و الكونفدرالية مباشرة بعد مسيرة 27 مايو 2012، لما اعلنت
الحكومة بعدها بأيام قلائل رفع أسعار المحروقات، حيث امتنعت قيادتا
النقابتين عن أي فعل نضالي محاولتين، كالمعتاد، ستر التخاذل بكلام
الاستنكار، و مرت الزيادة كما شاءت لها الدولة.
و الآن ها هو الوزير الرميد يتحدى من
يدعي انه سيسقط الحكومة بكاملها، يتحداهم ان يسقطوه إذ اقسم بأغلظ الأيمان
الا يبقى بالحكومة إن جرى تراجع عن اقتطاع أجور المضربين.
أيا يكن موقف القيادتين (ك.د.ش – ف.د.ش)،
اللتين ليستا مبدئيا ضد "تقنين الإضراب"، من التصعيد الراهن المعادي
للشغيلة، لا يمكن للمناضلين العماليين التفرج على استهداف حق الإضراب، و لا
انتظار التحرك من فوق.
لقد سبق لشغيلة التعليم بجهة سوس -ماسة
-درعة أن نجحت في إجبار الحكومة على التراجع عن اقتطاع أيام الإضراب
بالتعبئة العامة التي شملت الجهة في ديسمير 2012 و توجت بالوقفة
الاحتجاجية العارمة أمام مقر أكاديمية التعليم باكادير.
هذا التعبئة الناجحة نموذج ما يجب ان نعمل لتنظيمه وطنيا دفاعا عن أجور المضربين و عن حق الإضراب.
إن أجور أيام الإضراب حق ينتزعه العمال
حتى في القطاع الخاص كلما أتاح ذلك ميزان القوى. فلنعزز هذا الميزان
بالتعبئة القصوى لصيانة حق الإضراب.
واجبنا التضامن مع شغيلة المحاكم، تضامن
نعبر عنه بالبيانات، ثم بالأفعال. قوى الشغيلة أكبر من أن تمرر الدولة
منعها الفعلي للإضراب، سواء باقتطاع الأجور، او إصدار قانون. لكن هذه القوى
يجب ان تتحرر من الكبح الذي تمارسه القيادات، ومن الاستكانة الى هذه
القيادات، وهنا دور المناضلين العماليين الكفاحيين.
فلنوحد قوى الحركة النقابية من أجل أن
نحافظ على أجور مضربي وزارة العدل، ومن ثمة ينصرف منها الرميد عملا بقسمه،
ومن أجل أن نحافظ على ما تبقى من حق الإضراب و نوسعه.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire