mardi 26 juillet 2011

أزمة قيادة حزب الطليعة

Kamal Pads
أزمة حقيقية تفتك بقيادة حزب الطليعة وهي الان أمام خيارين : النقد الداتي أو الرحيل

أما بالنسبة للشباب الطليعي فالمهمة الملقاة عليها هي تجاوز الضيق الفكري المعهود، الذي يحصر قضايا النضال في مسألة الانتخابات والدستور ومقتطفات من كلام هذا المجا...هد الخطابي أو ذاك الشهيد المهدي أو...ولنا السرد التالي تابعوا معنا

، حيث أن المطلوب "أطروحة سياسية على ضوء موقف بوكرين المنصور بموقف المناضلين الطليعيين الكفاحيين المتمثل في ضرورة أن يقدم الحزب نقدا ذاتيا حول مشاركته في مهزلة شتنبر ومجاراة نظام الاستبداد 2007."

اختزال مشاكل الحزب في موقفه من الانتخابات إلى مؤسسات الاستبداد المقنع خطأ تاريخي ظهر مع الحزب وطبع مساره. ليست مسألة الانتخابات سوى وجه من سياسة جماعة تعتبر ذاتها حاملة لمشروع بناء حزب الشغيلة الثوري كما زعم حزب الطليعة في فترة ما، وربما لا يزال به من ينطلق ذلك المنطلق. حظيت مسألة الانتخابات في أدب حزب الطليعة بقدر من الاهتمام لم تحظ به أي من قضايا النضال العمالي والشعبي. وقد كان فرط تقدير أهمية الانتخابات هذا، من موقع الدعوة إلى مقاطعتها طيلة عقود والدعوة أخيرا إلى المشاركة في سبتمبر 2007، وجها مقابلا لموقف اليمين الاتحادي الذي جعل من المشاركة في الانتخابات والمؤسسات الزائفتين إستراتيجية عمله (ما سمي زورا بإستراتيجية النضال الديمقراطي). يقاطع حزب الطليعة الانتخابات أو يشارك فيها لا من منظور ماركسي ثوري يراعي مدى استعداد الجماهير الكادحة الثوري، بل من منظور إصلاحي يرى في قيام مؤسسات ديمقراطية برلمانية سليمة طريقا للتغيير. يعمل حزب الطليعة بمنطق المقاطعة ما دامت المؤسسات لا تعطي إمكانية فعلية للتغيير، ويضع شرطا لمشاركته سلامة الانتخابات والمؤسسات التي ستنتج عنها. وقد تأكد هذا المنظور الإصلاحي بالطريقة التي شارك بها الحزب في انتخابات سبتمبر 2007.

إذ تحالف مع قوى مبتورة النزعة الديمقراطية (ليبرالية سياسيا) يحكمها وهم التغيير بواسطة المؤسسات. اين حزب الطليعة من الوظيفة المنبرية التي يعطيها الماركسيون لمشاركتهم في مؤسسات الديمقراطية البرجوازية؟ وعلى كل حال تبقى مسألة الانتخابات ثانوية قياسا بقضايا النضال الجماهيري: النضال في النقابات العمالية وبين الشباب والنساء و كادحي الأحياء الشعبية والقرى.

العمل في منظمات النضال العمالي والشعبي

كان لمناضلي الطليعة، عندما جمعهم مع أتباع عبد الرحيم بوعبيد حزب واحد، دور في تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، ومن ثمة في ما فتحه ذلك من إمكانات لطاقة العمال النضالية بعد عقود من الحجر البيروقراطي المتواطئ مع النظام. ولما انفصل مناضلو الطليعة عن الاتحاد الاشتراكي، بعد زهاء خمس سنوات من قيام الكونفدرالية، ظلوا حاملين لنفس التصورات السياسية المؤسسة لهذا الاتحاد النقابي: "ربط الحركة النقابية بحركة التحرر الوطني"، أي عمليا تبعية المنظمة النقابية لقوى سياسية غير عمالية. هذا علاوة على الفهم الاتحادي الشعبوي القديم الذي يعتبر العمل النقابي مجرد عمل إصلاحي. هذا ما جعل حزب الطليعة مفتقرا على الدوام إلى منظور اشتراكي ثوري للعمل في المنظمات العمالية النقابية، و اقتصر نقده للقيادات النقابية على بعض أوجه العسف لا سيما التنظيمي.

و ظل مقياس تقدم دور الحزب في النقابات العمالية هو عدد المقاعد بأجهزتها، وليس إقناع العمال بوجهة نظره ودور فعال في النضالات عبر:

بلورة مطالب ذات قدرة على التوحيد و مساعدة على تقدم وعي مضاد للرأسمالية لدى العمال، أي مطالب ترفع النضال العمالي من مجرد الدفاع عن المكاسب الطفيفة وتحقيق تحسينات قليلة إلى مستوى الطعن في نظام الاستغلال الرأسمالي.

حفز أشكال نضال وحدوية وكفاحية تمتن عرى العلاقات مع قوى النضال الأخرى (نساء، معطلون، طلاب، كادحو القرى،...).
إعلاء شأن الديمقراطية داخل المنظمات العمالية، وفي تسيير النضالات، وحفز أشكال التنظيم الذاتي هذا الافتقار إلى خط نضال اشتراكي ثوري داخل النقابات هو ما اعترفت به أطروحة المؤتمر السادس للحزب بالقول:"عوض ان يكون الحزب وتنظيماته موجها ومتتبعا لعمل مناضليه في الإطارات الجماهيرية، أصبح الحزب يتحرك على إيقاع تلك الإطارات" [أطروحة المؤتمر السادس –ابريل 2007. ص 51] . فإيقاع النقابات العمالية بالمغرب هو ما تفرضه بيروقراطياتها من مسايرة ومساعدة على تطبيق السياسات المعادية للعمال: الخصخصة، فتح اقتصاد البلد للرأسمال الامبريالي، تفكيك القوانين المنظمة لاستغلال قوة العمل بالقطاع الخاص والوظيفة العمومية على السواء، تخريب الطفيف من مكاسب الحماية الاجتماعية، خنق الحريات،... هذه السياسة الخائنة لأبسط مصالح الشغيلة هو ما يزكيه بصمته، وحتى بمشاركته، القيادي في حزب الطليعة العضو بالمكتب التنفيذي لـك.د.ش، و ما قدمت قيادة الحزب بشأنها شهادة حسن السلوك للبيروقراطيات النقابية بالقول في بيانها بمناسبة فاتح مايو2008 إن المركزيات النقابية "برهنت عن وفائها وإخلاصها لقضايا الشعب المغربي". إنها بالأحرى شهادة زور لصالح متعاونين مع النظام في تمرير سياسات البنك العالمي والاتحاد الأوربي الاستعمارية.كما أن عديدا من المنتمين إلى حزب الطليعة بيروقراطيون صغار في أجهزة تحتية للنقابات، لهم دور مشهود به في عرقلة العمل النقابي الحقيقي. همهم الأساسي أحابيل تسلق الأجهزة.

والموقف اللاديمقراطي وغير الكفاحي ذاته يحكم سلوك حزب الطليعة إزاء حركة النضال ضد غلاء المعيشة، حيث ساهم في بقرطة الحركة في لقائها الوطني الرابع في مارس 2008 الذي صنع هياكل فوقية للتنسيقيات لأجل التحكم بها من طرف ما يسمى " تجمع اليسار الديمقراطي". ضحى المنتمون الى حزب الطليعة بكل مستلزمات تطوير حركة مكافحة الغلاء، من ديمقراطية وطابع جماهيري واستقلال، ليظفروا بمقاعد في جهاز فوقي الى جانب تيارات ذات تاريخ عريق في إجهاض النضالات النقابية وفي أساليب الاستجداء الليبرالي، وبمقدمتها الجماعة المسماة "حزب المؤتمر الاتحادي".

العطب عينه يعتري وجود مناضلي حزب الطليعة بالجمعية المغربية حقوق الإنسان. فعوضا عن تفعيل هذه المنظمة وبنائها أداة للنضال، أي تنظيم ضحايا انتهاك الحقوق الإنسانية، بالشمول الذي تنص عليه أدبياتها، وتنظيم كفاحاتهم ضد السياسة المدمرة للمكاسب الاجتماعية الشحيحة، انساق الطليعيون مع ما كرس تيار بوعبيد من فهم لـ"العمل الحقوقي" قائم على النخبوية، ومنطق الضغط ببيانات إعلان المواقف وبالتقارير. وحتى هذا المنظور البائس انحط الى مجرد تسابق إلى كراسي الأجهزة القيادية... التي لا تقود عمليا أي شيء.

ولا تُـستثنى العلاقة بالحلفاء من ذلك الخبط العشواء الذي طبع أوجه عمل الحزب. فبعد علاقة تنسيق مع تيار النهج الديمقراطي منذ منتصف سنوات 90 ، جرى خلالها التأكيد على الطابع الاستراتيجي لتحالفهما، لم يتقدم التعاون رغم ان الاجتماع المشترك لقيادتي التنظيمين (اللجنة المركزية للطليعة واللجنة الوطنية للنهج)، في مايو 2001 ، اعتبر أن " من مهامهما الأساسية في الظرف الراهن بلورة أشكال تنظيمية وحدوية انطلاقا من التنسيق القائم بينهما... سعيا الى توحيد القوى الاشتراكية". وعلى مر الأعوام تلاشى تنسيق الطليعة والنهج لدرجة أن الفصل السابع من أطروحة مؤتمر الحزب السادس، الخاص بوحدة اليسار، لم يأت بأي تناول جدي لمسألة التحالف مع النهج الديمقراطي. ليس ماركسيا ،ولا حتى جديا وحسب، ان يقوم تحالف يشهر انه سيوحد اليسار وسيبني حزب العمال وفي الأخير يتلاشى حتى دون استخلاص للدرس. هذا مستوى ما بلغ اليسار ذو "المرجعية الاشتراكية العلمية" كما يحلو له نعث نفسه. فمن وعود السير لتوحيد الاشتراكيين، وحل معضلة افتقار عمال المغرب إلى حزبهم، نزل تحالف الطليعة والنهج إلى حضيض حرب المواقع التنظيمية في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حرب ليس لها أي أساس سياسي.

هل فات الأوان؟

لن ينكر ما بلغ حزب الطليعة من حالة مؤسية غير من ينقصه الصدق أو أدنى انتباه، والحق أن أدبيات الحزب ذاتها تقر أن "التراكمات الكمية التي حققها الحزب عبر مسيرته النضالية تتعرض للتبديد باستمرار وتعيده إلى نقطة الصفر ."

كم هدر فعلا حزب الطليعة من قوى نضال باستقطاب جماعات شابة بالانتساب إلى تراث الاتحاد الوطني للقوات الشعبية (الموقف الجذري من الحكم والسعي العملي لإطاحته)، ثم سرعان ما تتفكك لغياب خط نضال حقيقي مطابق لمستلزمات الساعة، ولواقع منظمات النضال العمالي وللمقاومة الشعبية بالمناطق المهمشة. وكم من الأصوات ارتفعت لوقف التردي لكن دون جدوى.

الى جانب الاعتراف بأزمة الحزب، سجلت أطروحة مؤتمر الطليعة الأخير ما يلي: " إن اليسار العربي مطالب اليوم بمراجعة نقدية شاملة لأساليب عمله وطرق اشتغاله ليتمكن من تجاوز الظواهر المرضية والأخطاء القاتلة التي سقط فيها. وفي مقدمة هذه المراجعة إعادة الاعتبار للاجتهاد النظري والبحث العلمي لصياغة الأجوبة وتحديد المهام التي تفرضها طبيعة المرحلة الراهنة." ص 9 هذا ما يجب ان يطبقه حزب الطليعة، والأصح شبابه الثوري، إزاء خط الحزب، او بالأحرى انعدام خط نضال، في المنظمات العمالية والشعبية، وفي علاقته مع القوى الليبرالية، وتحالفه مع قوى اليسار الجذري.

إن حصيلة ربع قرن، منذ الاستقلال عن الاتحاد الاشتراكي، لا تبعث على أمل في مستقبل حزب الطليعة ككيان، وأكثر ما تتيح هو ترجي استيقاظ قوى فتية جلبها إلى الحزب كلامه ـ غير المطابق للفعل ـ عن تبني الاشتراكية العلمية وعن انتهاج درب بنونة ودهكون و النمري.

فإما أن يظل المستاؤون من تسارع تدهور الحزب سلبيين، و من ثمة يتفكك ما تبقى منه، أو يبادروا إلى فتح نقاش حول الحصيلة والآفاق وإلى خطوات عملية لتجميع الحريصين على التطوير بتشكيل تيار، وتكريس هذا الحق على أنقاض التقاليد البيروقراطية المورثة عن ماضي الحزب المتأثر بالفهم الستاليني للمركزية الديمقراطية.

هذا القول واجب علينا، نبلغه حرصا على القوى الثورية الفتية التي ربما لا تزال داخل حزب الطليعة. وإن لم تبق فيه هكذا قوى، فكلامنا موجه إلى الشباب التواق خارج هذا الحزب إلى النضال الثوري كي يتجنب مآزق حزب الطليعة

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire