mardi 29 mars 2011

النظام المخزني استعمل الإسلاميين للقضــــاء على الاتحاد الوطني لطلبة المغرب





نورالدين جرير، الناطق الرسمي باسم الطلبة القاعديين التقدميين سابقا: النظام المخزني استعمل الإسلاميين كآلية للقضــــاء على الاتحاد الوطني لطلبة المغرب من الداخل

يؤكد نورالدين جرير، الناطق الرسمي باسم الطلبة القاعديين التقدميين (سابقا)، أن ظهور الإسلاميين في الجامعة كان الهدف منه هو استهداف الفكر الديمقراطي. واعتبر أن العدل والإحسان سهلت مهمة المخزن في شرعنة الإجهاز على مكتسبات الطلبة ومواجهة المد النضالي كالاتحاد الوطني لطلبة المغرب، حيث خضعت للاستعمال. وحمل مسؤولية مآل الجامعة للأحزاب السياسية، ودعاها إلى توفير فضاءات ديمقراطية للنقاش. كما عملها مسؤولية نقل خلافاتها التنظيمية إلى الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، مما أضاع الفرصة على الفكر التقدمي، وسهل زحف الظلاميين على الجامعة وانقضاضهم عليها..

* أنت قيادي سابق بفصيل الطلبة القاعديين التقدميين، وبحكم معايشتك لفترة الحظر العملي للإتحاد الوطني لطلبة المغرب بعد فشل المؤتمر الوطني 17 ومارافقه من جدل حول «فشل أم إفشال المؤتمر»، ماهي في رأيك تداعيات ذلك الحظر على الجامعة المغربية؟
** بالرغم من الحظر العملي للاتحاد الوطني لطلبة المغرب والقمع الذي واكبه، واعتقال أغلب مسؤولي أجهزة الاتحاد وإغلاق المقرات، فالحركة الطلابية استمرت في نضالاتها ورفع شعاراتها من أجل رفع الحظر العملي عن الاتحاد ومواجهة الإصلاح الجامعي. ويمكن القول إن القمع أجج نضالات الحركة الطلابية، ولم يستطع أن ينال من عزيمة المناضلين والمناضلات في تلك الفترة. كما أؤكد أن القمع الذي عرفته الحركة الطلابية في تلك الفترة كان قمعا شرسا حيث أن أغلب المناضلين تعرضوا للاعتقال والمحاكمات الجائرة، وهو ما جعل هؤلاء المعتقلين يحولون معاركهم في السجون إلى معارك للدفاع عن الكرامة وعن الحق في الرأي والحق في الانتماء السياسي، فحولوا السجون الى قلاع نضالية، كما قدمت الحركة الطلابية العديد من الشهداء سواء في مراكش أو الرباط، وكذا العديد من المواقع.

* يلاحظ هو أن دخول الإسلاميين للجامعة جاء مباشرة بعد إنشاء اللجان الانتقالية التي تحدتث عنها، فهل الأمر تم بإيعاز من جهات معينة بعد مخاض إعادة هيكلة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب؟
** في الحقيقة، إن ظهور الإسلاميين، هو ظهور في المجتمع ككل، وقد حاولوا استغلال فضاء الجامعة باعتباره فضاء للحرية والنقاش الديمقراطي، حيث وجدها الاسلاميون، وأساسا جماعة العدل والإحسان، كمنفذ يعبرون من خلاله عن ذواتهم نظرا للقمع الذي تعرضوا له في الشارع السياسي، حيث حاولوا من خلال الجامعة كمنبت للحرية والديمقراطية إيجاد موطء قدم كي يعبروا عن صوتهم، ولكن للأسف أساؤوا للجو الديمقراطي داخل الجامعة، إذ حاولوا التعبير عن ذاتهم من خلال إلغاء فضاء الحرية، وعندما أقول إلغاء فضاء الحرية فأعني إلغاء تعدد الآراء. ونحن نعرف أن جماعات الإسلام السياسي عند بروزها داخل الجامعة كانت تنعت الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بـ«الاتحاد الوثني لطلبة المغرب» نسبة الى الوثنية، وبالتالي فهم كانوا يستهدفون الإطار كإطار عتيد ويستهدفون كذلك، فكرا و رأيا، التجربة التي تعتبر في عمومها تجربة يسارية. ولم يكن الاستهداف يطال فقط القاعديين، بل كل رأي ديمقراطي. وواهم من كان يعتقد بأن الصراع كان بين العدل والإحسان والطلبة القاعديين ، ففي الواقع الصراع كان بين تصورين، تصور يؤمن بالاختلاف وتصور شمولي توتاليتاري، كلما تقدم واكتسح الجامعة يلغي الأضعف، فالأضعف، فالأقوى.

* كنتم في تلك الفترة تنعتونهم بـ «الظلاميين» و«الرجعيين».. أكثر من ذلك كنتم ترفضون موقف طلبة منظمة العمل الديمقراطي الشعبي كموقف جديد يدعو الى تبادل الاعتراف بين مختلف المكونات والفصائل كمخرج للعنف السائد بالجامعة ما هو رأيك؟
** عندما نقول القوى الظلامية، فهذا ليس تحديدا قدحيا، هو تسمية لمسمى، والقوة الظلامية ليست مرتبطة بالتصور الإسلامي، فالظلامية تعني كل فكر شمولي سواء كان إسلاميا أو كان على أي أرضية إيديولوجية أخرى، لا يؤمن بالحوار، ولا بالاختلاف. إذن هذا ليس نعتا قدحيا، بالإضافة إلى ذلك لم نكن نؤمن بالإقصاء تجاه الإسلاميين، كنا نعتبر وجود أي فصيل جديد داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب لابد أن يشرعن وجوده من خلال المؤتمر، وقد ظهر توجه يدعى طلبة الميثاق موسم 88 - 89 ، هؤلاء كانوا يتبنون التوجه الإسلامي وكانوا طلبة متنورين وكانت لنا علاقة بهم، وخضنا معهم نقاشا لأنهم كانوا يؤمنون بالاختلاف ويدينون العنف علانية. لكن للأسف، كانوا أقلية وتجربتهم لم تذهب بعيدا حيث تلاشوا مع الزمن.

* هل اكتساح العدل والإحسان للعديد من المواقع الجامعية تم بناء على مقارعات فكرية وسياسية أم أن لغة العنف كانت سيدة الموقف؟
** القول بأن هذه الحركات الإسلامية اكتسحت المواقع الجامعية هو قول نسبي، ومن الصعب القول إن طرفا سياسيا معينا استطاع اكتساح الجامعة. هناك تواجد هنا وهناك، يقل أو يضعف حسب المواقع، هناك تواجد فصيل الطلبة القاعديين بمراكش وأكادير ومكناس وطنجة.. وهذا الوجود يتفاوت من موقع الى آخر، وهناك تواجد كذلك لهذه القوى الإسلامية (يقصد العدل والإحسان- المحرر)، والتي أقامت تعاضديات شكلية مستأسدة بالوضع ولكن فاعليتها ضعيفة تجاه تحقيق مطالب الطلبة ومواجهة الإصلاح الجامعي، وحضورها في الساحة الجامعية هو من أجل لجم أي ممارسة ديمقراطية، وأساسا التوجه القاعدي. وكلما استنهض الفعل القاعدي في الجامعة في الفترة الحالية إلا وتظهر ما تسمى «التيارات الإسلامية» لمواجهة هذا المد.. في حين نجدهم في بداية الموسم يعلقون اللافتة «الاتحاد الوطني لطلبة المغرب» تعاضدية كذا وكذا ويجلسون وراء الطاولة، يعني أصبحوا يقومون بوظيفة إدارية لا أقل ولا أكثر.

* وهل يمكن إعادة هيكلة بناء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب أم أن الأمر أصبح مستعصيا مع استحواذ طلبة الشيخ ياسين على الجامعة؟
** من الصعب الإجابة عن هذا السؤال، وفي الحقيقة من يمكنه الإجابة عن هذا السؤال هم من يعملون في الفترة الحالية داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. لكن بالنسبة لي، فهذا التوجه الإسلامي ما زال لحد الساعة لم تقع داخله رجة ومخاض وفرز يمكن أن يؤدي به إلى الإيمان بالاختلاف، نظرا لأن واقع هذه الجماعة هو واقع مازال يرى نفسه ضحية، وبالتالي فمن يرى نفسه ضحية، عادة ما يقوم بخلق عدو مفترض، إذن الفرز داخل هذه الجماعات لم يحصل بعد، وأعتقد أن واقع جماعة العدل والإحسان من الممكن أن يعطي نتائج في القريب العاجل عبر فرز يفضي إلى ثلاث توجهات: توجه متطرف، توجه معتدل، توجه منفتح..

* طالما اتهم طلبة العدل والإحسان بممارسة التضييق على باقي الفصائل فماهي أشكال هذه المضايقات وهل هذه التهمة صحيحة أصلا؟
** أعتقد أن دخول الإسلاميين للجامعة مع بداية التسعينات كان من اجل مواجهة مد نضالي، ولم يكن من أجل مواجهة التيار القاعدي أو الفصائل التاريخية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، بل مواجهة إطار تقدمي وجماهيري وديمقراطي، إطار استعصى على النظام المغربي بالرغم من الإعتقالات وبالرغم من جميع أشكال التضييق، ومن ضمنها إدخال الأواكس الى الجامعات، استعصى عليه قتله، فكان أن استعمل ورقة الإسلاميين التي وظفها من أجل قتل الإتحاد الوطني لطلبة المغرب.

* وعلى ماذا تستندون في تبني هذا الطرح؟
** نستند في تبني هذا الطرح على كون الإسلاميين كانوا يتحركون داخل فضاء الجامعة وخارج فضاء الجامعة بكل حرية ويتجولون وهم حاملين للأسلحة أمام أعين الشرطة ولا حسيب ولا رقيب، كما يتم إطلاق سراحهم بعد اعتقالهم، ولسنا في القضاء للحديث عن وسائل الإثبات، ولكن استراتيجية الدولة في تلك الفترة بزعامة غير المؤسوف عليه إدريس البصري، كانت هي مواجهة المد النضالي للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ودائما الأنظمة الاستبدادية تلجأ إلى هذه الأوراق، فمصر استعملت الإسلاميين ضد الشيوعيين، السودان، المغرب.. إضافة إلى ذلك، يمكن مقارنة حجم الاعتقالات التي طالت المناضلين اليساريين مع حجمها لدى الإسلاميين.

* كيف تمكن الإسلاميون من السيطرة على الجامعة؟
** أولا ينبغي الاعتراف بأن هذه الحركات هي حركات جد منظمة، وتنظيمها أفقي وعمودي، يسود داخله جو الانضباط والانقياد لأوامر الأمير، فهم لديهم l'ordre du jour، يستمعون لبعضهم ولديهم قوة تنظيمية، بالإضافة إلى الإمكانيات المالية التي سهلت لهم التنقل على المستوى الوطني، وأيضا توفير المأوى للطلاب.. لكن بالنسبة لنا، كان فضاء الجماعة بمثابة «غيتو» كنا نعيش داخله دون أن نقوى على الخروج منه، وإذا خرجنا منه من الممكن أن نتعرض للاعتقال، بينما طلبة العدل والإحسان كانوا يقودون المواجهات داخل الجامعة ويخرجون أمام أعين البوليس، ولا أحد يتحدث معهم. إذن استراتيجية الدولة كانت هي قتل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب من الداخل، وبالتالي فالنظام كان يتدخل تحت يافطة محاربة العنف داخل الجامعة، قبلها كان يتدخل فتتعرض سمعته للتشويه على مستوى الرأي العام الوطني والحقوقي والدولي، فحاول البحث عن آلية أخرى واستراتيجية أخرى لنخر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب من الداخل ، وقد وجدها في محاربة العنف، حيث كان يعمد إلى اعتقال المناضلين المستهدفين، كما استطاع أن يجني من هذه الاستراتيجية مكاسب إعلامية ومكاسب على المستوى الداخلي وعلى المستوى الدولي مفادها أن النظام يتدخل «من أجل حماية سلامة الطلبة والطالبات»، ولكن في الجوهر كان يتدخل معززا بلائحة من المناضلين والمناضلات.

* وما هي أبرز المحطات «الدموية » في تاريخ الحركة الطلابية المغربية؟
** أبرز محطة هي محطة 25 أكتوبر 1991، والتي كان شعارها لدى طلبة العدل والإحسان وجميع التيارات الإسلامية باستثناء ما يسمى بـ «طلبة الميثاق»، هو تحرير «كابول» وهم يقصدون بذلك جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس.

* وما هي دلالة هذا الاقتباس؟
** لأن أفغانستان كان يوجد فيها الاتحاد السوفياتي، والجامعة المغربية يسيطر عليها الماركسيون والشيوعيون، إذن «تحرير جامعة سيدي محمد بن عبد الله» هو بمثابة ثأر لإخوانهم في كابول.

* هل تعرضت لاعتداء من طرف طلبة العدل والإحسان؟
** تعرضت لاعتداء بشع جدا بجميع أنواع الأسلحة البيضاء، كما استعملوا آلة حديدية لتعذيبي وضعوها على يدي.

* وكم كان عدد المهاجمين آنذاك؟
** أنا كنت مستهدفا من طرف الجماعات الإسلامية باعتباري كنت الناطق الرسمي باسم فصيل الطلبة القاعديين التقدميين، وبالتالي فعندما اعتقلوني شرعوا في ضربي بقوة من حيث لا أدري، ورموني من الطابق الأول للحي الجامعي فتعرضت قدمي للكسر، كما ضربوني بالساطور والعصي على مستوى الرأس.

* يعني أنك تعرضت لمحاولة اغتيال؟
** بالطبع، حيث كنت محكوما بالإعدام من طرف محاكم تفتيش العدل والإحسان. ضربوني بآلة حديدية في يدي، فتعرضت لكسر مزدوج على إثره دخلت في غيبوبة إلى أن وجدت نفسي داخل المستشفى مقيد اليدين ومحاطا بجيش من الشرطة السرية والعلنية، وبدون الخضوع لأي مراقبة صحية، ولا أي علاج لمدة ثلاثة أيام ، إلى أن ساءت حالتي الصحية، حيث تم نقلي سرا إلى مستشفى ابن سينا بالرباط.

* من المسؤول عن استحواذ الأصوليين على الجامعة المغربية والذين يتهمون من طرف خصومهم بإحلال الفكر الغيبي والخرافي كبديل عن الفكر النظري والعلمي والعقلاني؟
** المسؤولية أطرافها متعددة، ويمكن القول إن تراجع الفكر اليساري على المستوى العالمي بسقوط جدار برلين وأفول وتراجع مجموعة من الأنظمة جعل الفكر الغيبي والوثوقي يلقى مكانته إضافة الى السياسة التعليمية المنتهجة منذ الثمانينات وتعريب التعليم وإفراغ العديد من المواد من قبيل مادة الفلسفة من محتواها ، فالسياق الداخلي و الإقليمي والدولي جعل التيارات الإسلامية تتقدم ليس فقط في مجموعة من المواقع الجامعية بل أيضا داخل المجتمع، سواء داخل المغرب أو خارجه. إذن صعود هذه التيارات هو مرتبط بسياق عالمي والذي عرف سقوط الأنظمة الاشتراكية وتراجع حركات التحرر، وبالتالي وجدت هذه التيارات الفرصة مواتية للتواجد.

* من المعروف أن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب يحتكم لمبادئ أربع ضمنها الإستقلالية والديمقراطية فهل طلبة العدل والإحسان يحتكمون لهذه المبادئ؟
** هذا الفصيل لا يحتكم لأعراف او مبادئ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، بل يحتكم لشريعته هو. وكي يشرعن ممارسته، يتحرك من داخل المقررات الشرعية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ولكن في واقع الأمر ليس هناك لا مجلس الطلبة ولا تعاضدية ولا نقاش ديمقراطي. هناك تعاضدية تحاول أن تكون مخاطبا لطرف آخر وهو الدولة.

* لكن يلاحظ أن القوى الديمقراطية ظلت تقف موقف المتفرج إزاء هذا الوضع؟
** واقع الحركة الطلابية لا يمكن إلا لأصحابه أن يفكروا فيه. هذا يعني أن الطلبة أساسا هم المعنيون بالتفكير في هذا الموضوع ، أي أن الشباب داخل الجامعة هو المؤهل كي يجيب عن أوضاعه. هناك مجموعة من المبادرات من طرف الطلبة القاعديين في مراكش وأكادير من أجل التجميع، وأعقد أنهم ذاهبون في اتجاه توحيد الرؤى حول ما يتفقون عليه. بالمقابل، فإن الفصائل الطلابية المرتبطة بالأحزاب السياسية أصبحت تلعب دور المتفرج داخل الإتحاد الوطني لطلبة المغرب ، وحتى ولو اجتمعت القوى السياسية والديمقراطية للتفكير في واقع الحركة الطلابية، فإن مساهمتها لن تكون سوى مساهمة فكرية لا أقل ولا أكثر ، وبالتالي فالمطلوب من الأحزاب السياسية فقط هو أن توفر للفصائل التقدمية فضاءات للنقاش على امتداد أيام في شروط مريحة وبشكل حر، وأن تدعمها إعلاميا، وأي تدخل للأحزاب السياسية في الجامعة لن يؤدي إلا الى نتيجة عكسية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire