التقرير السنوي للمكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان
للندوة الصحفية الخاصة بتقديم التقرير السنوي حول انتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب سنة 2011
الرباط في 18 يوليوز 2012
السيدات والسادة ممثلات وممثلي الهيآت الصحافية ووسائل الإعلام؛
السيدات والسادة ممثلي الهيئات الدبلوماسية؛
الأصدقاء والصديقات ممثلي الهيآت الحقوقية والنقابية والجمعوية الحاضرة.
باسم المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أشكركم على تلبية دعوتنا لحضور هذه الندوة الصحفية المخصصة لتقديم التقرير السنوي للجمعية حول انتهاكات حقوق الإنسان التي تابعتها خلال سنة 2011.
كما دأبت عليه الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، نقدم اليوم تقريرنا السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب، والذي يهدف إلى رصد اخلال الدولة المغربية بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، وعدم تقيدها تشريعيا وواقعيا بالإعمال الفعلي لتلك الالتزامات بصفة عامة.
ويتضمن هذا التقرير مختلف أصناف الحقوق التي واكبتها الجمعية خلال سنة 2011 حسب مجموعة من المجالات ، دون أن تدعي تغطيتها لكافة الانتهاكات الممارسة ضد حقوق الإنسان، إلا أنها كافية لتبرز المنحى العام الذي يميز السياسة العمومية في هذا المجال، ويعطي صورة على مدى عدم احترام الدولة للحقوق والحريات التي التزمت بها وطنيا ودوليا.
أولا : على المستوى التشريعي
1) الدستور
قامت الدولة المغربية، تحت الضغط الجماهيري لـ"حركة 20 فبراير"، بتعديلات دستورية التي رغم إدراجها لعدد من الحقوق والحريات في الدستور كتجريم التعذيب، والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، إلا أن عدم توفر الضمانات الدستورية ـ القضائية منها بالخصوص ـ لأجرأة هذه الحقوق وضمان حمايتها وعدم إفلات منتهكيها من العقاب يحد من تأثيرها في الواقع، كما أنه تم تقييد سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في الدستور بسقف الخصوصية المتجلية في أحكام الدستور والقوانين المحلية والهوية الوطنية، مما يشكل تناقضا يفرغ التنصيص على هذا السمو من أي مضمون(التصدير).
من جهة أخرى فإن الدستور الحالي لا يكرس المساواة الفعلية بين النساء والرجال، بسبب اشتراطه عدم تعارض تلك المساواة مع الخصوصيات المتجلية في "أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها"، وهي مصدر التمييز بين الجنسين في الحقوق المدنية، ومبرر تحفظات المغرب في هذا المجال؛ الأمر الذي يجرد التنصيص على المساواة بين الجنسين من مضمونه الحقوقي الكوني.
ورغم إيجابية إقرار الدستور، لأول مرة، بالأمازيغية كلغة رسمية، فقد تم تأجيل أجرأة هذا الترسيم من خلال ربطه بصدور قانون تنظيمي؛ كما تم تكريس التراتبية بين اللغتين العربية والأمازيغية، لفائدة الأولى (المادة 5).
و على العموم لا يقر الدستور حق الشعب المغربي في تقرير مصيره ، وفصلا حقيقيا للسلط ، وغيرها من شروط ملائمته مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ويظل جوهره استبداديا وبعيدا عن مقومات الدستور الديمقراطي.
2) الصكوك الدولية التي لم يصدق عليها المغرب
من الإيجابي أن المغرب قد صادق، مؤخرا، على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وعلى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وأن الحكومة أعلنت نيتها التصديق على اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري؛ إلا أنه ما زال يتلكأ في التصديق على العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها اتفاقية روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، والبروتوكولين الملحقين بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ مع رفع جميع التحفظات والإعلانات التفسيرية على الاتفاقيات المصادق عليها، إضافة إلى عدم تصديقه على عدد من اتفاقيات منظمة العمل الدولية وفي مقدمتها اتفاقية 87 حول الحق في التنظيم النقابي.
3) المجلس الوطني لحقوق الإنسان
وبخصوص المجلس الوطني لحقوق الإنسان المحدث في مارس 2011، فإنه رغم توسيع صلاحياته، فإن هيكلته وقواعد سيره تجعله تحت السلطة المطلقة للملك؛ إذ أن نظامه الداخلي (المادة 45)، وجدول أعماله ونتائج أعماله تستلزم مصادقة الملك عليها (المادتان 46 و49 )؛ فيما لا تنشر تقاريره ولا تعمم إلا عقب إطلاع الملك على فحواها (المادة 48)، ولا يحق لرئيس المجلس اقتراح إحداث لجنة خاصة لبحث قضية معينة تدخل في مجال اختصاصه (المادة 45)، أو تفويض بعض اختصاصاته لأعضاء في المجلس ما لم يستأذن الملك في ذلك (المادة 49).
وهكذا، فبالرجوع إلى وثيقة " مبادئ باريس"، يتبين أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان لا تنطبق عليه المعايير المتعلقة بالمؤسسات الوطنية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها. فولاية المجلس غير واسعة قدر الإمكان، كما أنه غير متوفر على ما يكفي من السلطة لتتبع تنفيذ توصياته ، وهو ما يتعارض مع اختصاصات ومسؤوليات المؤسسات الوطنية التي تنص عليها "مبادئ باريس".
كما لا يتوفر المجلس على الاستقلالية الضرورية للقيام بواجبه في تتبع أوضاع حقوق الانسان وتقديم توصيات بشأن تطويرها، إضافة إلى الازدواجية في المرجعية التي تحول دون الوضوح في منهجية عمله.
4) توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة
على الرغم من مرور أكثر من ست سنوات على مصادقة الملك على التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، في 06 يناير 2006، فإن أهم وأغلب التوصيات الصادرة عنها لم تعرف طريقها إلى التنفيذ؛ ومن ضمنها ما لا يتطلب سوى الإرادة السياسية لذلك من قبيل الاعتذار الرسمي والعلني للدولة والتصديق على عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات.
5) النهوض بثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية
لازالت الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان التي أعلنت عنها الدولة رسميا في سنة 2008 دون تنفيذ ؛ كما أن خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان 2011-2016 لم يعلن عنها رسميا بعد على علاتها؛ وهو الأسلوب الذي تتعامل به الدولة مع العديد من المخططات والمشاريع والتوصيات التي تهم تطوير أوضاع حقوق الإنسان.
ثانيا: الحقوق المدنية والسياسية
1) الحق في الحياة والحق في الحماية من التعذيب وفي السلامة البدنية والأمان الشخصي : ما فتئت الجمعية تسجل العديد من الخروقات التي طالت الحق في الحياة، والتي تتحمل فيها الدولة المسؤولية إما مباشرة أو غير مباشرة، وذلك بسبب العنف الذي يمارس على المواطنين، في مراكز الشرطة، في الأماكن العمومية، بالمراكز الصحية نتيجة الإهمال، في السجون نتيجة الاكتظاظ وغياب شروط السلامة الصحية وانتشار العنف، في بعض الأحداث الاحتجاجية وأثناء التظاهرات والوقفات الاحتجاجية وإبان الخضوع للحراسة النظرية أو بمجرد التوقيف من طرف دوريات الأمن... إن هذه الانتهاكات أصبحت ممارسات تتكرر باستمرار من طرف السلطة العمومية، بمختلف قواتها ووسائلها على المواطنين، خاصة بعد الحراك الشعبي الذي خلقته حركة 20 فبراير؛ وبشكل عام، يتمتع المسؤولون عن هذه الانتهاكات بحماية تجعلهم بمنأى عن المتابعة والمحاسبة مما يشكل تشجيعا لهم.
2) الاعتقال السياسي : يقدر عدد المعتقلين السياسيين الذين تابعت حالتهم الجمعية خلال 2011 ب 48 معتقلا، وهو رقم نسبى بسبب المد والجزر في حركية الاعتقال السياسي؛ لأن مدد الأحكام أصبحت قصيرة نسبيا مقارنة مع مراحل سابقة. ويتوزع هؤلاء المعتقلون على مجموعات نذكر منها كنماذج: نشطاء حركة 20 فبراير، نشطاء حقوقيون، معتقلوا الحركات الاحتجاجية، معتقلو الرأي الصحراويون، نقابيون، الطلبة نشطاء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، المعتقلون السياسيون المتبقون في ملف بلعيرج ... ؛ منهم من استكمل مدة اعتقاله وغادر السجن ومنهم من لازال معتقلا،
ينضاف اليهم العديد من المعتقلين ممن يعرفون بمعتقلي السلفية الجهادية، ضحايا المحاكمات غير العادلة. كما تم إطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين في أبريل 2011 تحت ضغط حركة 20 فبراير، وآخرين بعد تولي الحكومة الجديدة المسؤولية . وهناك تقرير منفصل حول مختلف انتهاكات حقوق الإنسان التي طالت نشطاء حركة 20 فبراير من ضمنهم ضحايا الاعتقال السياسي.
لذا فملف الاعتقال السياسي لازال مفتوحا، حيث لازال عدد من المعتقلين السياسين يقبعون في السجون.
3) الاختفاء القسري بالمغرب، وحالات الاختطاف : لم يتم إجلاء الحقيقة بشأن العديد من ملفات الاختفاء القسري، ومن ضمن الحالات العالقة، تلك التي تضمنها تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة وعلى رأسها ملفات المهدي بنبركة والحسين المانوزي وعبد الحق الرويسي وعبد اللطيف زروال ووزان بلقاسم وعمر الوسولي ومحمد إسلامي وغيرهم. كما سجلت الجمعية العديد من حالات الاختطاف الجديدة بين 2010-2011 تقدر ب 42 حالة.
وتجدر الاشارة انه يعتبر اختطافا أي اعتقال لشخص خارج نطاق القانون ودون إخبار عائلته بمكان وجوده رغم بحثها عنه.
4) الأوضاع العامة بالسجون: لا يزال واقع السجون مترديا ويعرف انتهاكات خطيرة لحقوق السجناء المنصوص عليها في القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء نتيجة تسييد المقاربة الأمنية في السجون، ومن تجلياتها استمرار أحد المسؤولين عن جرائم سنوات الرصاص على رأس المؤسسات السجنية، وممارسة سياسة العقاب الجماعي للسجناء خاصة على إثر أحداث سجن سلا ليومي 16 و17 ماي 2011. مما أفضى إلى تنامي مختلف أشكال الاحتجاج الفردية والجماعية، وتنفيذ العديد من الإضرابات عن الطعام من طرف السجناء، خاصة معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية، ووقوع وفيات ( سجلت ثلاث حالات على الأقل سنة 2011: مصطفى لزعر ببوعرفة، الرشيق أحمد بمكناس وعزيزالودغيري بفاس إضافة إلى حالة أحمد بنميلود بسلا2 خلال 2012). ولا تزال أغلب المكونات الحقوقية منها المنظمة العالمية للحماية من التعذيب ووسائل الإعلام، الوطنية والدولية، ممنوعة، من طرف المندوب العام للسجون، من ولوج المؤسسات السجنية للاطلاع على ظروف الاعتقال ومدى احترام حقوق السجناء.
5) الحريات العامة : عرفت تراجعات ملموسة خلال سنة 2011 وتوالت وتيرة الانتهاكات والخروقات التي تطال ممارسة الأفراد والجماعات لحقهم في حرية التعبير، الحق في تأسيس الجمعيات، حرية التجمع، كما هو الشأن مؤخرا بالنسبة للقضاة الذين أقفل في وجههم، بدون موجب حق وبمبرر وجود تعليمات، مقر الاجتماع الذي حجزوه بشكل قانوني. وفي الوقت ذاته تواترت انتهاكات حرية الصحافة، والحرية النقابية، وحرية التنقل، كما لازالت العديد من القوانين تنتهك الحريات الفردية وتحد منها وفي مقدمتها حرية العقيدة والضمير.
6) الحق في التظاهر السلمي: ينتهك عبر التدخلات العنيفة للقوات العمومية والاستعمال المفرط للقوة وخارج نطاق القانون أدت في بعض الأحيان إلى الوفاة منها حالة كريم الشايب بصفرو في 20 فبراير 2011 وكمال العماري في 29 ماي 2011 والتي لازالت لم يتم التحقيق بشأنها ولم تتم معاقبة أي شخص من المتورطين في هذه الجرائم. كما تم استعمال القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه والرصاص المطاطي واستعمال العصي والعصي الكهربائية والقضبان الحديدية ضد متظاهرين سلميين- وفك الاعتصامات السلمية بالقوة في العديد من المدن، سواء المنظمة من طرف المعطلين، أو السكان المطالبين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية أو ضد الاستيلاء على أراضيهم، أو العمال والعاملات المحتجين ضد انتهاك حقوقهم، أو حركة النساء السلاليات المطالبات بالحق في الأرض، ...كما أصبحت السلطات تلجأ لاستعمال خدمات أشخاص مدنيين للاعتداء على المتظاهرين وعلى نشطاء الحركة الاحتجاجية تحت حمايتها وبإيعاز منها وفي إفلات تام لهم من العقاب رغم فتح الشرطة القضائية تحقيق بشأن بعض الشكايات إلا أنها لم تقم بأي متابعات في أغلبها.
7) انتهاك الحق في التنظيم: كما هو الحال بالنسبة للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين، حزب البديل الحضاري، حزب الأمة، مجموعة العمل حول التنمية والهجرة، الهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، جمعية "أطاك المغرب"، والعديد من المكاتب النقابية والجمعيات المحلية وبعض فروع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
8) خرق حرية الصحافة وهيمنة الدولة على الإعلام العمومي: تواصل الدولة المغربية تقييد الحق في الوصول إلى المعلومة، واستمرار المحاكمات غير العادلة للصحافيين، وإصدار الأحكام الجائرة ضدهم؛ كما هو الشأن بالنسبة لاعتقال ومحاكمة الصحافي رشيد نيني بالدار البيضاء ، وأيضا متابعة الصحافي مصطفى العلوي في إطار محاكمة لم تتوفر فيها كل شروط المحاكمة العادلة ومدير جريدة المشعل عدة مرات كما يتم الضغط على الصحف المستقلة بسبب لجوء ذوي النفوذ السياسي لاستغلال سلطتهم لمنع الإعلانات الإشهارية ضد الصحف المنتقدة للسلطة، واستمرار الهيمنة على الإعلام العمومي وتسخيره للدعاية السياسية والتشهير ببعض المناضلين والهيآت في غياب أخلاقيات المهنة وواجب الحياد المفروض على الدولة.
9) القضاء المغربي : لازالت الدولة مستمرة في توظيف القضاء من طرف أجهزتها التنفيذية لاستصدار الأحكام الجائرة في محاكمات تغيب فيها معايير المحاكمة العادلة، وخاصة تلك التي توبع فيها ضحايا قمع حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، والنقابيون، والناشطون والمعارضون السياسيون، والمشاركون في الاحتجاجات الاجتماعية ، والنشطاء الحقوقيون من ضمنهم العديد من أعضاء الجمعية ، ومعتقلو ملفات محاربة الإرهاب.
كما يستعمل القضاء من طرف ذوي النفوذ لطبخ ملفات ضد مواطنين أبرياء للانتقام وتصفية الحسابات الشخصية كحالة البطل العالمي زكريا مومني وبعض المواطنين في مدينة خنيفرة بسبب تسلط إحدى القريبات من الملك في المنطقة التي تتمتع بالحماية من السلطات؛ فيما لا يزال إصدار الأحكام بالإعدام مستمرا. إضافة إلى استمرار العاهات الأخرى للقضاء من ضعف الكفاءة وانتشار الفساد والمحسوبية.
ثالثا: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
سجلت سنة 2011 على غرار سابقاتها، استمرار نفس الأوضاع على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، بحيث لم تعرف أهم المؤشرات أي تحسن ملموس، بل أحيانا سجلت انتكاسة مدوية. فنسبة العجز في الميزانية، حسب بعض الخبراء، وصلت إلى 6%، فيما أصبحت المديونية تفوق 50% من الناتج الداخلي الخام، بينما لازال يهيمن اقتصاد الريع والامتياز، ويستشري الفساد، ويسود الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والاجتماعية، في غياب مساءلة ناهبي المال العام، واستمرار المحكوم عليهم دون اعتقال.
و هكذا، فقد تراجع المغرب ب16 نقطة في سلم التصنيف الدولي، وفق التقرير العالمي للتنمية البشرية برسم سنة2011، الذي يصدره البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة؛ حيث أحتل المرتبة 130 من بين 181 دولة، فيما كان قد احتل الرتبة 114 عام 2010. كما جرى تصنيف المغرب، داخل نفس التقرير، ضمن عشر دول سجلت أدنى نسبة من أوجه الحرمان والفقر المتعدد الأبعاد؛ إذ بلغت هذه النسبة 45%، ووصلت نسبة السكان المعرضين لخطر الفقر إلى 12.3%، في حين قدرت نسبة السكان الذين يعانون من الفقر المدقع ب 3.3%.
و في نفس السياق تظهر نتائج " المسح الاستقصائي للأسر والشباب بالمغرب"، المنشورة بالتقرير الصادر عن البنك الدولي في ماي 2012، المعنون ب " المملكة المغربية: النهوض بالفرص المتاحة للشباب وتعزيز مشاركتهم "، أن حوالي نصف الشباب، الذي يمثل نحو 30% من مجموع السكان، و44%من الساكنة في سن العمل، غير ملتحق بالمدارس وغير منخرط في اليد العاملة؛ وبأن معدل البطالة بينهم يتراوح في المتوسط ما بين 22% لدى الرجال، و38% عند النساء.
لذلك، فإنه لم يكن مستغربا أن ترتفع وتيرة الحركات الاحتجاجية ويتسع نطاقها؛ وذلك على خلفية الدينامية التي أطلقتها حركة 20 فبراير، وما تشهده الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من ترد وتقهقر؛ بسبب انهيار القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنين والمواطنات، وارتفاع الأسعار وتدهور الخدمات الاجتماعية.
·الحق في العمل والحقوق الشغلية:
ــ الحق في العمل:
لعل أول ما ينبغي تسجيله، في هذا الباب، هو استمرار معضلة البطالة وتفاحشها، وعجز الدولة عن توفير الحماية منها؛ إذ لم تشهد سنة 2011 أي تحسن ملموس في وضعية تشغيل المعطلين حملة الشهادات العليا، حيث يفيد التقرير العربي الأخير حول التشغيل والبطالة في الدول العربية بأن نسبة بطالة خريجي الجامعات والمعاهد العليا في المغرب، والذين تتراوح تقديرات عددهم بين 170 ألف و200 ألف، بلغت 26.8 %، وهي أعلى نسبة بالمنطقة؛ وذلك على الرغم من التشغيل الجزئي لبعض الفئات منهم، كما هو حال من استفاد من القانون الذي صادق عليه المجلس الحكومي، والقاضي بالتوظيف المباشر، بصفة استثنائية، وإلى حدود نهاية دجنبر 2011، ل 4304 معطل ومعطلة، من حملة شهادة الماستر والدكتوراه، في الادارات العمومية والجماعات المحلية. وهذا ما يفسر الفورة، التي عرفتها الحركات الاحتجاجية للمعطلين، بشتى فئاتهم وتنظيماتهم، لاسيما عقب انطلاق حركة 20 فبراير، ورفعها لمطلب التشغيل. وفي مقابل التصعيد النوعي والكمي لهذه النضالات تواصل الدولة المزاوجة بين الحوار أحيانا والقمع الشديد في غالب الأحيان، مع اللجوء أكثر فأكثر إلى الاعتقالات والمحاكمات.
ــ الحقوق الشغلية:
لازال المغرب لم يصدق على مجموعة من الاتفاقيات، وفي مقدمتها الاتفاقية رقم 87 حول "الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي"، التي التزمت الحكومة بالتصديق عليها أثناء الحوار الاجتماعي ليوم 26 أبريل 2011. هذا بالإضافة إلى عدم التوقيع على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
أما بالنسبة لمدونة الشغل، رغم ما يشوبها من قصور ونواقص، فإنها لا تطبق إلا في عدد محدود من مؤسسات القطاع الخاص، حتى بعد الانتهاء من ما سمي ب"المخطط الوطني للملاءمة"، الذي ساهم في التشجيع على الانتهاك الواسع لقانون الشغل في ظل مواصلة العمل بسياسة الإفلات من العقاب؛ في الوقت الذي لازال فيه العمل جاريا بجملة من المقتضيات المعرقلة للحق في الإضراب وللحريات النقابية، وعلى رأسها الفصل 288 من القانون الجنائي، والفصل الخامس من مرسوم 5 فبراير 1958 بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي.
كما سجل استمرار الحرمان من ابسط الحقوق الشغلية (بطاقة العمل، ورقة الأداء، الحد الأدنى للأجور، الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي، تحديد ساعات العمل، العطل الأسبوعية والسنوية...)، وتواصل مسلسل الطرد التعسفي للعمال، والتسريحات الجماعية والاغلاقات غير القانونية للمؤسسات الإنتاجية، مع تجريم ممارسة الحقوق والحريات النقابية خاصة في القطاع الخاص.
·الحق في السكن
إن سياسة ما يسمى بالسكن الاجتماعي الذي تحاول الدولة من خلاله التخفيف من أزمة السكن لم تقلص من حدة هذه الأزمة، إذ لم ترق إلى المستوى المطلوب وبقيت أيادي المضاربين ومافيات العقار طويلة في هذا المجال؛ في الوقت الذي تفاقمت فيه ظاهرة البناء العشوائي، وتناسل مدن الصفيح بواسطة لوبيات لازالت تعمل دون تدخل للدولة بينما يتم إفراغ السكان وهدم المنازل دون توفير بدائل لهم.
وقد شهدت بداية سنة 2011 سنة حدوث عملية إحراق الذات بسبب المطالبة بالحق في السكن (حالة فدوى العروي بسوق السبت)، ووقوع احداث دامية إثر تدخل القوات العمومية لقمع المظاهرات السلمية للسكان المطالبين بالحق في السكن اللائق (حالة دوار لاحونا "المجد" بتاوريرت).
كما أن العديد من قاطني دور الصفيح وأصحاب البيوت الآيلة للسقوط قد تكتل بعضهم في شكل تنسيقيات أو لجن المتابعة؛ كما هو الشأن في مدينة الدار البيضاء، حيث ينظمون وقفات احتجاجية للمطالبة بحقهم في السكن اللائق. وغالبا ما يتعرضون للقمع والاعتقال والمحاكمات.
فيما لم تخل سنة 2011، من حالات الهدم والإخلاء القسري من المساكن، وأحيانا رغم توفر أصحابها على وثائق تثبت ملكيتهم للقطع الأرضية التي أقاموا عليها هذه المساكن.
· الحق في الصحة
إن المنظومة الصحية للمغرب تعاني من اختلالات كبرى من بين تجلياتها :
o تراجع الدولة عن دورها الأساسي في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين الشيء الذي يؤدي إلى استحواذ القطاع الخاص على هذا المجال دون خضوعه للسياسة العمومية المتبعة وهاجسه الأسمى تحقيق الربح.
o إشكالية الولوج للخدمات الصحية؛
o تفشي الأمراض المزمنة الأمراض المعدية؛
o فرض مساهمات مالية تتراوح بين 200 درهم الى 50 في المائة من فاتورة العلاج على الفئات الفقيرة والمعوزة دون سند قانوني
o تحمل المواطن المغربي لوحده أكثر من نصف الغلاف الإجمالي الموجه لتمويل القطاع الصحي برمته(57%)؛
o السياسة الدوائية غير العادلة مما يجعل أثمنة الأدوية بالمغرب تعرف ارتفاعا كبيرا مقارنة مع دول مماثلة من ناحية الدخل.
o تهميش الدولة للصحة الوقائية والعلاجات الأولية
o الخصاص الكبير في الموارد البشرية بالقطاع الصحي.
·الحق في التعليم:
على الرغم من الانطلاق المبكر للموسمين الدراسيين 2010-2011 و2011-2012، فإن العديد من المؤسسات الجديدة لم تفتح أبوابها، وظلت الكثير من الداخليات المحدثة مغلقة في وجه التلاميذ والتلميذات، بسبب استمرار الأشغال فيها؛ بينما تتواصل في بعض المؤسسات الأخرى الإصلاحات مع انطلاق الدراسة (41.3% بالنسبة للابتدائي والثانوي الإعدادي، و 35%، في الثانوي التأهيلي) . ومن جهة أخرى لازال الاكتظاظ، والخصاص في الأطر الإدارية والتربوية، واستمرار العمل بتعدد المستويات، هي السمة العامة الغالبة على الدخول المدرسي.
كما أن نسبة المؤسسات المتوفرة على الماء الصالح للشرب والكهرباء، والمتوفرة على المرافق الصحية والمرتبطة بالصرف الصحي، تكشف عن تطور بطيء لا يستجيب للحاجة الملحة لمثل هذه التجهيزات.
و لازالت مشكلة التسرب والهدر المدرسي، لأسباب تتعلق، في جزء كبير منها بعوامل الفقر ونوعية التعليم والتمييز بين الجنسين، تسجل مستوى مرتفعا، وهو ما يضفي على هذه الوضعية مزيدا من القلق نسبة التكرار المرتفعة.
و من جهة أخرى، فإن الجهود التي تبذلها الدولة للقضاء على الأمية، مازالت غير كافية؛ إذ أنه رغم تقديرات مديرية محاربة الأمية بأن نسبة الأمية عرفت انخفاضا إلى حوالي 30%، فإن إحصائيات منظمة اليونسكو، تقدر نسبة السكان المغاربة البالغين، الذين لا يلمون بالقراءة والكتابة، بنحو 44%؛ وأن نسبة الأمية داخل فئة الشباب، ما بين 15 و24 سنة، تقارب 21%ومعظمهم من النساء.
·الحقوق الثقافية:
عرفت سنة 2011 احتجاجات كثيرة من أجل الحقوق الثقافية أهمها:
o احتجاجات مطالبة بدعم الفنانين المغاربة، والمطالبة برفع التهميش عنهم، وجعل حد للمنع المسلط على البعض منهم، وإيجاد حلول لمشاكلهم المزمنة.
o احتجاج اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر في المغرب والائتلاف المغربي للثقافة والفنون، على إخلال الوزارة بالتزاماتها وغياب الوضوح في الرؤية والتصور للشأن الثقافي، وللتنديد بالسياسة الثقافية المتردية في المغرب خلال ولاية الوزير المسؤول حينه.
o احتجاج لجنة التنسيق النقابي للنقابات الأكثر تمثيلية، بالقطاع السمعي البصري العمومي ، بشكل متزامن أمام الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والقناة الثانية، يوم فاتح أبريل، للمطالبة ب "إعلام عمومي مواطن في خدمة الشعب ويرسخ قيم الحداثة والديمقراطية والتعدد والاختلاف".
o الاحتجاج على التغييب القسري والمؤقت للبرنامج الثقافي والأدبي " مشارف "، الذي يشرف عليه الشاعر ياسين عدنان، للحيلولة دون ظهور بعض الوجوه الثقافية المعروفة من خلاله.
o احتجاج العديد من الجمعيات على سوء تدبير المرافق الثقافية وتوزيع ميزانيات دعم الجمعيات التخييمية خاصة بعد قرار تمييزي بينها بسبب مواقفها وتوجهاتها.
·الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية:
إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وهي تسجل إيجابية دسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية المضمنة في الفصل 5 من دستور 2011؛ فإنها تسجل تخوفها من تعطيل هذا الاعتراف بتقييد تفعيله باستصدار القانون التنظيمي المنصوص عليه في نفس الفصل. كما تسجل استمرار الدولة في الامتناع عن الاستجابة للتوصية الصادرة من لجنة مناهضة كافة أشكال التمييز العنصري والمتعلقة بتقديم إحصائيات وبيانات و"معلومات عن تكوين سكان المغرب، وعن استخدام اللغات الأم، وعن اللغات الشائعة، وعن أي مؤشر آخر يتعلق بالتنوع العرقي.
كما تسجل الجمعية منع وزارة الداخلية العديد من الاسماء الامازيغية.
كما عرف تدريس اللغة الأمازيغية تعثرا كبيرا، سواء على مستوى توقعات تعميم تدريس اللغة الأمازيغية على جميع المدارس والفرعيات الابتدائية، ابتداء من سنة 2012، أو على مستوى عدد التلاميذ والتلميذات الذين استفادوا من تعليم هذه اللغة وضعف الموارد البشرية، كما وكيفا، وانعدام تخصص المدرسين، بل أن العديد منهم لا يتقن هذه اللغة.
أما في ما يخص إدماج الأمازيغية في مجال الإعلام، ورغم أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تسجل إيجابية إطلاق القناة التلفزية الأمازيغية، فإنها تسجل تدني مستوى الجودة والمهنية والتضييق على حرية الإبداع لدى العاملين في القنوات الوطنية، واستعمال مقص الرقابة على بعض الحوارات، وعدم التزام "الهاكا" بدفتر التحملات بخصوص عدد ساعات بث الأمازيغية، وتكريس التمييز الممارس ضد الإعلاميين في القناة الأمازيغية، إسوة بوضعية العاملين في القنوات الوطنية الأخرى.
رابعا : حقوق المرأة
تراجعت مرتبة المغرب من 124 سنة 2009 الى 127 من ضمن 134 دولة حسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2010 ، وبالتالى يعتبر المغرب من أكثر الدول غير المتكافئة من حيث مقاربة النوع الاجتماعي. وذلك حسب مجموعة من المؤشرات كصعوبة الوصول إلى سوق العمل للنساء (28 امرأة مقابل 84 رجلا)، وتدني دخل المرأة ( أربع مرات أقل من الرجال ) واستمرار نسبة مرتفعة للأمية في صفوف النساء (69 ٪ وسط النساء مقابل 44٪ بالنسبة للرجال).
ويسجل كذلك استمرار العنف بمختلف أنواعه ضد النساء في ظل تماطل الدولة في إصدار القانون الخاص بحماية النساء من العنف. ولا زالت الدولة تتلكأ في فرض احترام القوانين الأخرى على علاتها (وفي مقدمتها مدونة الأسرة) وفي الالتزام بوعودها برفع التحفظات على سيداو حيث اكتفت باستبدال التحفظات بإعلانات تفسيرية مما يشكل استمرارا لتملص الدولة من الالتزام بتطبيق المواد التي كان متحفظا عليها .
خامسا : حقوق الطفل
لم تنفذ الدولة حتى الآن المخططات التي وضعتها في إطار التزاماتها الدولية بخصوص حقوق الطفل. فلازالت حقوق الأطفال تتعرض للعديد من أنواع الانتهاكات وفي مقدمتها الاستغلال الاقتصادي والجنسي للأطفال، الذي يأخذ أبعادا خطيرة. كما يلاحظ النسبة المرتفعة لوفيات الأطفال أثناء الولادة، كما سجل استمرار تشغيل الطفلات في البيوت ( أكثر من 60 ألف حالة) في ظروف أشبه بالعبودية وقد توفيت بعضهن بسبب العنف الممارس من طرف مشغليهن،كما سجل تواتر هجرة الأطفال القاصرين غير المرافقين
من جهة أخرى تم تسجيل تسامح كبير للقضاء مع المتورطين في جرائم الاغتصاب ضد الأطفال.
ضعف الحماية لحقوق الطفل في الدستور، حيث أن نصيب حقوق الطفل من الدستور الجديد لا تستجيب والتزامات المغرب الدولية ولا ترقى إلى مطالب الحركة الحقوقية، ذلك أنه لا مناص من التنصيص الصريح على حقوق الطفل كما هي متعارف عليها دوليا، وإقرار آلية وطنية مستقلة تعنى بشؤون الطفولة وحمايتها.هذا إضافة إلى عدم التزام وتأخر الدولة المغربية في تقديم التقرير الحكومي أمام لجنة حقوق الطفل الاممية.
سادسا : حقوق ذوي الإعاقة
رغم مصادقة المغرب على الاتفاقية الخاصة بهذه الفئة من المواطنين والمواطنات وعلى البروتوكول الاختياري الملحق بها، فلا زال مشروع القانون الخاص بتنفيذها الذي أعدته الوزارة المعنية في الرفوف، ولم يصدر بعد. مما يجعل تصديق المغرب على الاتفاقية شكليا ودون أثر على واقع المعنيين الذين يعتبرون من الفئات الأكثر معاناة في المجتمع.
سابعا : حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء
اتسمت 2011 باستمرار الحملات ضد تواجد المواطنين من جنوب الصحراء ورميهم في الحدود المغربية الجزائرية في ظروف لا إنسانية، دون الاستناد لقرارات إدارية أو قانونية.
أما أوضاعهم الاجتماعية فتتسم عامة بعدم تمتعهم بحقوقهم الأساسية كالحق في العلاج أو التعليم او السكن ناهيك عن النساء اللواتي لايتم قبولهن في المستشفيات سواء عند الولادة أو لتلقي الإسعافات ، نفس الشيء بالنسبة للأطفال حيث يرفض تسجيلهم بالحالة المدنية ويجدون صعوبة في التسجيل في المدارس
كما تتفاقمت مآسي المهاجرين من أصل مغربي ــ بالبلدان الغربية خاصة ــ نتيجة العطالة والاضطهاد العنصري والربط التعسفي بين الهجرة والتطرف الديني والإرهاب. وقد تعمقت هذه الأوضاع بسبب انعكاسات الأزمة الاقتصادية على أوضاع المهاجرين، إضافة إلى التراجعات المتتالية في سياسة الهجرة بأوربا. وقد تتبعت الجمعية انتهاكات حقوق الإنسان الناتجة عن هذا الوضع خاصة فيما يتعلق بترحيل المهاجرين المغاربة وإرجاعهم للمغرب من ضمنهم القاصرين غير المرافقين. وفي ظل استمرار الهجرة غير النظامية للمغاربة نحو أوربا والتي لازالت تنتج مآسي حقيقية، من بينها وفاة العديد من المواطنين في قوارب الموت.
وفيما يخص ملف الهجرة غير النظامية للأفارقة الوافدين من جنوب الصحراء لبلادنا بنِيَة العبور نحو أروبا، فلازالت المعالجة القمعية هي السائدة ببلادنا ضدا على معايير حقوق الإنسان. وما زالت الجمعية تطالب بالكشف عن الحقيقة في الأحداث الأليمة والدامية التي تمت على مشارف سبتة ومليلية في خريف 2005 .
ثامنا : الحق في البيئة السليمة
رغم توفر المغرب على ترسانة قانونية تزيد عن 700 وثيقة لها علاقة بالبيئة، بشكل مباشر أو غير مباشر، فإنها غير كافية للحفاظ على البيئة السليمة؛ نظرا لتجاوزها من طرف الواقع ومحدوديتها، وعدم تغطيتها لكافة المجالات، وتشتتها على العديد من النصوص القطاعية وجهلها من طرف المهتمين، وعدم كفاية وسائل الردع التي تتضمنها وعدم ملاءمتها مع التشريع الدولي، وعدم فعالية الآليات المكلفة بتطبيقها.
المكتب المركزي
للندوة الصحفية الخاصة بتقديم التقرير السنوي حول انتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب سنة 2011
الرباط في 18 يوليوز 2012
السيدات والسادة ممثلات وممثلي الهيآت الصحافية ووسائل الإعلام؛
السيدات والسادة ممثلي الهيئات الدبلوماسية؛
الأصدقاء والصديقات ممثلي الهيآت الحقوقية والنقابية والجمعوية الحاضرة.
باسم المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أشكركم على تلبية دعوتنا لحضور هذه الندوة الصحفية المخصصة لتقديم التقرير السنوي للجمعية حول انتهاكات حقوق الإنسان التي تابعتها خلال سنة 2011.
كما دأبت عليه الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، نقدم اليوم تقريرنا السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب، والذي يهدف إلى رصد اخلال الدولة المغربية بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، وعدم تقيدها تشريعيا وواقعيا بالإعمال الفعلي لتلك الالتزامات بصفة عامة.
ويتضمن هذا التقرير مختلف أصناف الحقوق التي واكبتها الجمعية خلال سنة 2011 حسب مجموعة من المجالات ، دون أن تدعي تغطيتها لكافة الانتهاكات الممارسة ضد حقوق الإنسان، إلا أنها كافية لتبرز المنحى العام الذي يميز السياسة العمومية في هذا المجال، ويعطي صورة على مدى عدم احترام الدولة للحقوق والحريات التي التزمت بها وطنيا ودوليا.
أولا : على المستوى التشريعي
1) الدستور
قامت الدولة المغربية، تحت الضغط الجماهيري لـ"حركة 20 فبراير"، بتعديلات دستورية التي رغم إدراجها لعدد من الحقوق والحريات في الدستور كتجريم التعذيب، والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، إلا أن عدم توفر الضمانات الدستورية ـ القضائية منها بالخصوص ـ لأجرأة هذه الحقوق وضمان حمايتها وعدم إفلات منتهكيها من العقاب يحد من تأثيرها في الواقع، كما أنه تم تقييد سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في الدستور بسقف الخصوصية المتجلية في أحكام الدستور والقوانين المحلية والهوية الوطنية، مما يشكل تناقضا يفرغ التنصيص على هذا السمو من أي مضمون(التصدير).
من جهة أخرى فإن الدستور الحالي لا يكرس المساواة الفعلية بين النساء والرجال، بسبب اشتراطه عدم تعارض تلك المساواة مع الخصوصيات المتجلية في "أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها"، وهي مصدر التمييز بين الجنسين في الحقوق المدنية، ومبرر تحفظات المغرب في هذا المجال؛ الأمر الذي يجرد التنصيص على المساواة بين الجنسين من مضمونه الحقوقي الكوني.
ورغم إيجابية إقرار الدستور، لأول مرة، بالأمازيغية كلغة رسمية، فقد تم تأجيل أجرأة هذا الترسيم من خلال ربطه بصدور قانون تنظيمي؛ كما تم تكريس التراتبية بين اللغتين العربية والأمازيغية، لفائدة الأولى (المادة 5).
و على العموم لا يقر الدستور حق الشعب المغربي في تقرير مصيره ، وفصلا حقيقيا للسلط ، وغيرها من شروط ملائمته مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ويظل جوهره استبداديا وبعيدا عن مقومات الدستور الديمقراطي.
2) الصكوك الدولية التي لم يصدق عليها المغرب
من الإيجابي أن المغرب قد صادق، مؤخرا، على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وعلى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وأن الحكومة أعلنت نيتها التصديق على اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري؛ إلا أنه ما زال يتلكأ في التصديق على العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها اتفاقية روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، والبروتوكولين الملحقين بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ مع رفع جميع التحفظات والإعلانات التفسيرية على الاتفاقيات المصادق عليها، إضافة إلى عدم تصديقه على عدد من اتفاقيات منظمة العمل الدولية وفي مقدمتها اتفاقية 87 حول الحق في التنظيم النقابي.
3) المجلس الوطني لحقوق الإنسان
وبخصوص المجلس الوطني لحقوق الإنسان المحدث في مارس 2011، فإنه رغم توسيع صلاحياته، فإن هيكلته وقواعد سيره تجعله تحت السلطة المطلقة للملك؛ إذ أن نظامه الداخلي (المادة 45)، وجدول أعماله ونتائج أعماله تستلزم مصادقة الملك عليها (المادتان 46 و49 )؛ فيما لا تنشر تقاريره ولا تعمم إلا عقب إطلاع الملك على فحواها (المادة 48)، ولا يحق لرئيس المجلس اقتراح إحداث لجنة خاصة لبحث قضية معينة تدخل في مجال اختصاصه (المادة 45)، أو تفويض بعض اختصاصاته لأعضاء في المجلس ما لم يستأذن الملك في ذلك (المادة 49).
وهكذا، فبالرجوع إلى وثيقة " مبادئ باريس"، يتبين أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان لا تنطبق عليه المعايير المتعلقة بالمؤسسات الوطنية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها. فولاية المجلس غير واسعة قدر الإمكان، كما أنه غير متوفر على ما يكفي من السلطة لتتبع تنفيذ توصياته ، وهو ما يتعارض مع اختصاصات ومسؤوليات المؤسسات الوطنية التي تنص عليها "مبادئ باريس".
كما لا يتوفر المجلس على الاستقلالية الضرورية للقيام بواجبه في تتبع أوضاع حقوق الانسان وتقديم توصيات بشأن تطويرها، إضافة إلى الازدواجية في المرجعية التي تحول دون الوضوح في منهجية عمله.
4) توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة
على الرغم من مرور أكثر من ست سنوات على مصادقة الملك على التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، في 06 يناير 2006، فإن أهم وأغلب التوصيات الصادرة عنها لم تعرف طريقها إلى التنفيذ؛ ومن ضمنها ما لا يتطلب سوى الإرادة السياسية لذلك من قبيل الاعتذار الرسمي والعلني للدولة والتصديق على عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات.
5) النهوض بثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية
لازالت الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان التي أعلنت عنها الدولة رسميا في سنة 2008 دون تنفيذ ؛ كما أن خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان 2011-2016 لم يعلن عنها رسميا بعد على علاتها؛ وهو الأسلوب الذي تتعامل به الدولة مع العديد من المخططات والمشاريع والتوصيات التي تهم تطوير أوضاع حقوق الإنسان.
ثانيا: الحقوق المدنية والسياسية
1) الحق في الحياة والحق في الحماية من التعذيب وفي السلامة البدنية والأمان الشخصي : ما فتئت الجمعية تسجل العديد من الخروقات التي طالت الحق في الحياة، والتي تتحمل فيها الدولة المسؤولية إما مباشرة أو غير مباشرة، وذلك بسبب العنف الذي يمارس على المواطنين، في مراكز الشرطة، في الأماكن العمومية، بالمراكز الصحية نتيجة الإهمال، في السجون نتيجة الاكتظاظ وغياب شروط السلامة الصحية وانتشار العنف، في بعض الأحداث الاحتجاجية وأثناء التظاهرات والوقفات الاحتجاجية وإبان الخضوع للحراسة النظرية أو بمجرد التوقيف من طرف دوريات الأمن... إن هذه الانتهاكات أصبحت ممارسات تتكرر باستمرار من طرف السلطة العمومية، بمختلف قواتها ووسائلها على المواطنين، خاصة بعد الحراك الشعبي الذي خلقته حركة 20 فبراير؛ وبشكل عام، يتمتع المسؤولون عن هذه الانتهاكات بحماية تجعلهم بمنأى عن المتابعة والمحاسبة مما يشكل تشجيعا لهم.
2) الاعتقال السياسي : يقدر عدد المعتقلين السياسيين الذين تابعت حالتهم الجمعية خلال 2011 ب 48 معتقلا، وهو رقم نسبى بسبب المد والجزر في حركية الاعتقال السياسي؛ لأن مدد الأحكام أصبحت قصيرة نسبيا مقارنة مع مراحل سابقة. ويتوزع هؤلاء المعتقلون على مجموعات نذكر منها كنماذج: نشطاء حركة 20 فبراير، نشطاء حقوقيون، معتقلوا الحركات الاحتجاجية، معتقلو الرأي الصحراويون، نقابيون، الطلبة نشطاء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، المعتقلون السياسيون المتبقون في ملف بلعيرج ... ؛ منهم من استكمل مدة اعتقاله وغادر السجن ومنهم من لازال معتقلا،
ينضاف اليهم العديد من المعتقلين ممن يعرفون بمعتقلي السلفية الجهادية، ضحايا المحاكمات غير العادلة. كما تم إطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين في أبريل 2011 تحت ضغط حركة 20 فبراير، وآخرين بعد تولي الحكومة الجديدة المسؤولية . وهناك تقرير منفصل حول مختلف انتهاكات حقوق الإنسان التي طالت نشطاء حركة 20 فبراير من ضمنهم ضحايا الاعتقال السياسي.
لذا فملف الاعتقال السياسي لازال مفتوحا، حيث لازال عدد من المعتقلين السياسين يقبعون في السجون.
3) الاختفاء القسري بالمغرب، وحالات الاختطاف : لم يتم إجلاء الحقيقة بشأن العديد من ملفات الاختفاء القسري، ومن ضمن الحالات العالقة، تلك التي تضمنها تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة وعلى رأسها ملفات المهدي بنبركة والحسين المانوزي وعبد الحق الرويسي وعبد اللطيف زروال ووزان بلقاسم وعمر الوسولي ومحمد إسلامي وغيرهم. كما سجلت الجمعية العديد من حالات الاختطاف الجديدة بين 2010-2011 تقدر ب 42 حالة.
وتجدر الاشارة انه يعتبر اختطافا أي اعتقال لشخص خارج نطاق القانون ودون إخبار عائلته بمكان وجوده رغم بحثها عنه.
4) الأوضاع العامة بالسجون: لا يزال واقع السجون مترديا ويعرف انتهاكات خطيرة لحقوق السجناء المنصوص عليها في القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء نتيجة تسييد المقاربة الأمنية في السجون، ومن تجلياتها استمرار أحد المسؤولين عن جرائم سنوات الرصاص على رأس المؤسسات السجنية، وممارسة سياسة العقاب الجماعي للسجناء خاصة على إثر أحداث سجن سلا ليومي 16 و17 ماي 2011. مما أفضى إلى تنامي مختلف أشكال الاحتجاج الفردية والجماعية، وتنفيذ العديد من الإضرابات عن الطعام من طرف السجناء، خاصة معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية، ووقوع وفيات ( سجلت ثلاث حالات على الأقل سنة 2011: مصطفى لزعر ببوعرفة، الرشيق أحمد بمكناس وعزيزالودغيري بفاس إضافة إلى حالة أحمد بنميلود بسلا2 خلال 2012). ولا تزال أغلب المكونات الحقوقية منها المنظمة العالمية للحماية من التعذيب ووسائل الإعلام، الوطنية والدولية، ممنوعة، من طرف المندوب العام للسجون، من ولوج المؤسسات السجنية للاطلاع على ظروف الاعتقال ومدى احترام حقوق السجناء.
5) الحريات العامة : عرفت تراجعات ملموسة خلال سنة 2011 وتوالت وتيرة الانتهاكات والخروقات التي تطال ممارسة الأفراد والجماعات لحقهم في حرية التعبير، الحق في تأسيس الجمعيات، حرية التجمع، كما هو الشأن مؤخرا بالنسبة للقضاة الذين أقفل في وجههم، بدون موجب حق وبمبرر وجود تعليمات، مقر الاجتماع الذي حجزوه بشكل قانوني. وفي الوقت ذاته تواترت انتهاكات حرية الصحافة، والحرية النقابية، وحرية التنقل، كما لازالت العديد من القوانين تنتهك الحريات الفردية وتحد منها وفي مقدمتها حرية العقيدة والضمير.
6) الحق في التظاهر السلمي: ينتهك عبر التدخلات العنيفة للقوات العمومية والاستعمال المفرط للقوة وخارج نطاق القانون أدت في بعض الأحيان إلى الوفاة منها حالة كريم الشايب بصفرو في 20 فبراير 2011 وكمال العماري في 29 ماي 2011 والتي لازالت لم يتم التحقيق بشأنها ولم تتم معاقبة أي شخص من المتورطين في هذه الجرائم. كما تم استعمال القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه والرصاص المطاطي واستعمال العصي والعصي الكهربائية والقضبان الحديدية ضد متظاهرين سلميين- وفك الاعتصامات السلمية بالقوة في العديد من المدن، سواء المنظمة من طرف المعطلين، أو السكان المطالبين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية أو ضد الاستيلاء على أراضيهم، أو العمال والعاملات المحتجين ضد انتهاك حقوقهم، أو حركة النساء السلاليات المطالبات بالحق في الأرض، ...كما أصبحت السلطات تلجأ لاستعمال خدمات أشخاص مدنيين للاعتداء على المتظاهرين وعلى نشطاء الحركة الاحتجاجية تحت حمايتها وبإيعاز منها وفي إفلات تام لهم من العقاب رغم فتح الشرطة القضائية تحقيق بشأن بعض الشكايات إلا أنها لم تقم بأي متابعات في أغلبها.
7) انتهاك الحق في التنظيم: كما هو الحال بالنسبة للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين، حزب البديل الحضاري، حزب الأمة، مجموعة العمل حول التنمية والهجرة، الهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، جمعية "أطاك المغرب"، والعديد من المكاتب النقابية والجمعيات المحلية وبعض فروع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
8) خرق حرية الصحافة وهيمنة الدولة على الإعلام العمومي: تواصل الدولة المغربية تقييد الحق في الوصول إلى المعلومة، واستمرار المحاكمات غير العادلة للصحافيين، وإصدار الأحكام الجائرة ضدهم؛ كما هو الشأن بالنسبة لاعتقال ومحاكمة الصحافي رشيد نيني بالدار البيضاء ، وأيضا متابعة الصحافي مصطفى العلوي في إطار محاكمة لم تتوفر فيها كل شروط المحاكمة العادلة ومدير جريدة المشعل عدة مرات كما يتم الضغط على الصحف المستقلة بسبب لجوء ذوي النفوذ السياسي لاستغلال سلطتهم لمنع الإعلانات الإشهارية ضد الصحف المنتقدة للسلطة، واستمرار الهيمنة على الإعلام العمومي وتسخيره للدعاية السياسية والتشهير ببعض المناضلين والهيآت في غياب أخلاقيات المهنة وواجب الحياد المفروض على الدولة.
9) القضاء المغربي : لازالت الدولة مستمرة في توظيف القضاء من طرف أجهزتها التنفيذية لاستصدار الأحكام الجائرة في محاكمات تغيب فيها معايير المحاكمة العادلة، وخاصة تلك التي توبع فيها ضحايا قمع حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، والنقابيون، والناشطون والمعارضون السياسيون، والمشاركون في الاحتجاجات الاجتماعية ، والنشطاء الحقوقيون من ضمنهم العديد من أعضاء الجمعية ، ومعتقلو ملفات محاربة الإرهاب.
كما يستعمل القضاء من طرف ذوي النفوذ لطبخ ملفات ضد مواطنين أبرياء للانتقام وتصفية الحسابات الشخصية كحالة البطل العالمي زكريا مومني وبعض المواطنين في مدينة خنيفرة بسبب تسلط إحدى القريبات من الملك في المنطقة التي تتمتع بالحماية من السلطات؛ فيما لا يزال إصدار الأحكام بالإعدام مستمرا. إضافة إلى استمرار العاهات الأخرى للقضاء من ضعف الكفاءة وانتشار الفساد والمحسوبية.
ثالثا: الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
سجلت سنة 2011 على غرار سابقاتها، استمرار نفس الأوضاع على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، بحيث لم تعرف أهم المؤشرات أي تحسن ملموس، بل أحيانا سجلت انتكاسة مدوية. فنسبة العجز في الميزانية، حسب بعض الخبراء، وصلت إلى 6%، فيما أصبحت المديونية تفوق 50% من الناتج الداخلي الخام، بينما لازال يهيمن اقتصاد الريع والامتياز، ويستشري الفساد، ويسود الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والاجتماعية، في غياب مساءلة ناهبي المال العام، واستمرار المحكوم عليهم دون اعتقال.
و هكذا، فقد تراجع المغرب ب16 نقطة في سلم التصنيف الدولي، وفق التقرير العالمي للتنمية البشرية برسم سنة2011، الذي يصدره البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة؛ حيث أحتل المرتبة 130 من بين 181 دولة، فيما كان قد احتل الرتبة 114 عام 2010. كما جرى تصنيف المغرب، داخل نفس التقرير، ضمن عشر دول سجلت أدنى نسبة من أوجه الحرمان والفقر المتعدد الأبعاد؛ إذ بلغت هذه النسبة 45%، ووصلت نسبة السكان المعرضين لخطر الفقر إلى 12.3%، في حين قدرت نسبة السكان الذين يعانون من الفقر المدقع ب 3.3%.
و في نفس السياق تظهر نتائج " المسح الاستقصائي للأسر والشباب بالمغرب"، المنشورة بالتقرير الصادر عن البنك الدولي في ماي 2012، المعنون ب " المملكة المغربية: النهوض بالفرص المتاحة للشباب وتعزيز مشاركتهم "، أن حوالي نصف الشباب، الذي يمثل نحو 30% من مجموع السكان، و44%من الساكنة في سن العمل، غير ملتحق بالمدارس وغير منخرط في اليد العاملة؛ وبأن معدل البطالة بينهم يتراوح في المتوسط ما بين 22% لدى الرجال، و38% عند النساء.
لذلك، فإنه لم يكن مستغربا أن ترتفع وتيرة الحركات الاحتجاجية ويتسع نطاقها؛ وذلك على خلفية الدينامية التي أطلقتها حركة 20 فبراير، وما تشهده الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من ترد وتقهقر؛ بسبب انهيار القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المواطنين والمواطنات، وارتفاع الأسعار وتدهور الخدمات الاجتماعية.
·الحق في العمل والحقوق الشغلية:
ــ الحق في العمل:
لعل أول ما ينبغي تسجيله، في هذا الباب، هو استمرار معضلة البطالة وتفاحشها، وعجز الدولة عن توفير الحماية منها؛ إذ لم تشهد سنة 2011 أي تحسن ملموس في وضعية تشغيل المعطلين حملة الشهادات العليا، حيث يفيد التقرير العربي الأخير حول التشغيل والبطالة في الدول العربية بأن نسبة بطالة خريجي الجامعات والمعاهد العليا في المغرب، والذين تتراوح تقديرات عددهم بين 170 ألف و200 ألف، بلغت 26.8 %، وهي أعلى نسبة بالمنطقة؛ وذلك على الرغم من التشغيل الجزئي لبعض الفئات منهم، كما هو حال من استفاد من القانون الذي صادق عليه المجلس الحكومي، والقاضي بالتوظيف المباشر، بصفة استثنائية، وإلى حدود نهاية دجنبر 2011، ل 4304 معطل ومعطلة، من حملة شهادة الماستر والدكتوراه، في الادارات العمومية والجماعات المحلية. وهذا ما يفسر الفورة، التي عرفتها الحركات الاحتجاجية للمعطلين، بشتى فئاتهم وتنظيماتهم، لاسيما عقب انطلاق حركة 20 فبراير، ورفعها لمطلب التشغيل. وفي مقابل التصعيد النوعي والكمي لهذه النضالات تواصل الدولة المزاوجة بين الحوار أحيانا والقمع الشديد في غالب الأحيان، مع اللجوء أكثر فأكثر إلى الاعتقالات والمحاكمات.
ــ الحقوق الشغلية:
لازال المغرب لم يصدق على مجموعة من الاتفاقيات، وفي مقدمتها الاتفاقية رقم 87 حول "الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي"، التي التزمت الحكومة بالتصديق عليها أثناء الحوار الاجتماعي ليوم 26 أبريل 2011. هذا بالإضافة إلى عدم التوقيع على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
أما بالنسبة لمدونة الشغل، رغم ما يشوبها من قصور ونواقص، فإنها لا تطبق إلا في عدد محدود من مؤسسات القطاع الخاص، حتى بعد الانتهاء من ما سمي ب"المخطط الوطني للملاءمة"، الذي ساهم في التشجيع على الانتهاك الواسع لقانون الشغل في ظل مواصلة العمل بسياسة الإفلات من العقاب؛ في الوقت الذي لازال فيه العمل جاريا بجملة من المقتضيات المعرقلة للحق في الإضراب وللحريات النقابية، وعلى رأسها الفصل 288 من القانون الجنائي، والفصل الخامس من مرسوم 5 فبراير 1958 بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي.
كما سجل استمرار الحرمان من ابسط الحقوق الشغلية (بطاقة العمل، ورقة الأداء، الحد الأدنى للأجور، الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي، تحديد ساعات العمل، العطل الأسبوعية والسنوية...)، وتواصل مسلسل الطرد التعسفي للعمال، والتسريحات الجماعية والاغلاقات غير القانونية للمؤسسات الإنتاجية، مع تجريم ممارسة الحقوق والحريات النقابية خاصة في القطاع الخاص.
·الحق في السكن
إن سياسة ما يسمى بالسكن الاجتماعي الذي تحاول الدولة من خلاله التخفيف من أزمة السكن لم تقلص من حدة هذه الأزمة، إذ لم ترق إلى المستوى المطلوب وبقيت أيادي المضاربين ومافيات العقار طويلة في هذا المجال؛ في الوقت الذي تفاقمت فيه ظاهرة البناء العشوائي، وتناسل مدن الصفيح بواسطة لوبيات لازالت تعمل دون تدخل للدولة بينما يتم إفراغ السكان وهدم المنازل دون توفير بدائل لهم.
وقد شهدت بداية سنة 2011 سنة حدوث عملية إحراق الذات بسبب المطالبة بالحق في السكن (حالة فدوى العروي بسوق السبت)، ووقوع احداث دامية إثر تدخل القوات العمومية لقمع المظاهرات السلمية للسكان المطالبين بالحق في السكن اللائق (حالة دوار لاحونا "المجد" بتاوريرت).
كما أن العديد من قاطني دور الصفيح وأصحاب البيوت الآيلة للسقوط قد تكتل بعضهم في شكل تنسيقيات أو لجن المتابعة؛ كما هو الشأن في مدينة الدار البيضاء، حيث ينظمون وقفات احتجاجية للمطالبة بحقهم في السكن اللائق. وغالبا ما يتعرضون للقمع والاعتقال والمحاكمات.
فيما لم تخل سنة 2011، من حالات الهدم والإخلاء القسري من المساكن، وأحيانا رغم توفر أصحابها على وثائق تثبت ملكيتهم للقطع الأرضية التي أقاموا عليها هذه المساكن.
· الحق في الصحة
إن المنظومة الصحية للمغرب تعاني من اختلالات كبرى من بين تجلياتها :
o تراجع الدولة عن دورها الأساسي في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين الشيء الذي يؤدي إلى استحواذ القطاع الخاص على هذا المجال دون خضوعه للسياسة العمومية المتبعة وهاجسه الأسمى تحقيق الربح.
o إشكالية الولوج للخدمات الصحية؛
o تفشي الأمراض المزمنة الأمراض المعدية؛
o فرض مساهمات مالية تتراوح بين 200 درهم الى 50 في المائة من فاتورة العلاج على الفئات الفقيرة والمعوزة دون سند قانوني
o تحمل المواطن المغربي لوحده أكثر من نصف الغلاف الإجمالي الموجه لتمويل القطاع الصحي برمته(57%)؛
o السياسة الدوائية غير العادلة مما يجعل أثمنة الأدوية بالمغرب تعرف ارتفاعا كبيرا مقارنة مع دول مماثلة من ناحية الدخل.
o تهميش الدولة للصحة الوقائية والعلاجات الأولية
o الخصاص الكبير في الموارد البشرية بالقطاع الصحي.
·الحق في التعليم:
على الرغم من الانطلاق المبكر للموسمين الدراسيين 2010-2011 و2011-2012، فإن العديد من المؤسسات الجديدة لم تفتح أبوابها، وظلت الكثير من الداخليات المحدثة مغلقة في وجه التلاميذ والتلميذات، بسبب استمرار الأشغال فيها؛ بينما تتواصل في بعض المؤسسات الأخرى الإصلاحات مع انطلاق الدراسة (41.3% بالنسبة للابتدائي والثانوي الإعدادي، و 35%، في الثانوي التأهيلي) . ومن جهة أخرى لازال الاكتظاظ، والخصاص في الأطر الإدارية والتربوية، واستمرار العمل بتعدد المستويات، هي السمة العامة الغالبة على الدخول المدرسي.
كما أن نسبة المؤسسات المتوفرة على الماء الصالح للشرب والكهرباء، والمتوفرة على المرافق الصحية والمرتبطة بالصرف الصحي، تكشف عن تطور بطيء لا يستجيب للحاجة الملحة لمثل هذه التجهيزات.
و لازالت مشكلة التسرب والهدر المدرسي، لأسباب تتعلق، في جزء كبير منها بعوامل الفقر ونوعية التعليم والتمييز بين الجنسين، تسجل مستوى مرتفعا، وهو ما يضفي على هذه الوضعية مزيدا من القلق نسبة التكرار المرتفعة.
و من جهة أخرى، فإن الجهود التي تبذلها الدولة للقضاء على الأمية، مازالت غير كافية؛ إذ أنه رغم تقديرات مديرية محاربة الأمية بأن نسبة الأمية عرفت انخفاضا إلى حوالي 30%، فإن إحصائيات منظمة اليونسكو، تقدر نسبة السكان المغاربة البالغين، الذين لا يلمون بالقراءة والكتابة، بنحو 44%؛ وأن نسبة الأمية داخل فئة الشباب، ما بين 15 و24 سنة، تقارب 21%ومعظمهم من النساء.
·الحقوق الثقافية:
عرفت سنة 2011 احتجاجات كثيرة من أجل الحقوق الثقافية أهمها:
o احتجاجات مطالبة بدعم الفنانين المغاربة، والمطالبة برفع التهميش عنهم، وجعل حد للمنع المسلط على البعض منهم، وإيجاد حلول لمشاكلهم المزمنة.
o احتجاج اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر في المغرب والائتلاف المغربي للثقافة والفنون، على إخلال الوزارة بالتزاماتها وغياب الوضوح في الرؤية والتصور للشأن الثقافي، وللتنديد بالسياسة الثقافية المتردية في المغرب خلال ولاية الوزير المسؤول حينه.
o احتجاج لجنة التنسيق النقابي للنقابات الأكثر تمثيلية، بالقطاع السمعي البصري العمومي ، بشكل متزامن أمام الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والقناة الثانية، يوم فاتح أبريل، للمطالبة ب "إعلام عمومي مواطن في خدمة الشعب ويرسخ قيم الحداثة والديمقراطية والتعدد والاختلاف".
o الاحتجاج على التغييب القسري والمؤقت للبرنامج الثقافي والأدبي " مشارف "، الذي يشرف عليه الشاعر ياسين عدنان، للحيلولة دون ظهور بعض الوجوه الثقافية المعروفة من خلاله.
o احتجاج العديد من الجمعيات على سوء تدبير المرافق الثقافية وتوزيع ميزانيات دعم الجمعيات التخييمية خاصة بعد قرار تمييزي بينها بسبب مواقفها وتوجهاتها.
·الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية:
إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وهي تسجل إيجابية دسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية المضمنة في الفصل 5 من دستور 2011؛ فإنها تسجل تخوفها من تعطيل هذا الاعتراف بتقييد تفعيله باستصدار القانون التنظيمي المنصوص عليه في نفس الفصل. كما تسجل استمرار الدولة في الامتناع عن الاستجابة للتوصية الصادرة من لجنة مناهضة كافة أشكال التمييز العنصري والمتعلقة بتقديم إحصائيات وبيانات و"معلومات عن تكوين سكان المغرب، وعن استخدام اللغات الأم، وعن اللغات الشائعة، وعن أي مؤشر آخر يتعلق بالتنوع العرقي.
كما تسجل الجمعية منع وزارة الداخلية العديد من الاسماء الامازيغية.
كما عرف تدريس اللغة الأمازيغية تعثرا كبيرا، سواء على مستوى توقعات تعميم تدريس اللغة الأمازيغية على جميع المدارس والفرعيات الابتدائية، ابتداء من سنة 2012، أو على مستوى عدد التلاميذ والتلميذات الذين استفادوا من تعليم هذه اللغة وضعف الموارد البشرية، كما وكيفا، وانعدام تخصص المدرسين، بل أن العديد منهم لا يتقن هذه اللغة.
أما في ما يخص إدماج الأمازيغية في مجال الإعلام، ورغم أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تسجل إيجابية إطلاق القناة التلفزية الأمازيغية، فإنها تسجل تدني مستوى الجودة والمهنية والتضييق على حرية الإبداع لدى العاملين في القنوات الوطنية، واستعمال مقص الرقابة على بعض الحوارات، وعدم التزام "الهاكا" بدفتر التحملات بخصوص عدد ساعات بث الأمازيغية، وتكريس التمييز الممارس ضد الإعلاميين في القناة الأمازيغية، إسوة بوضعية العاملين في القنوات الوطنية الأخرى.
رابعا : حقوق المرأة
تراجعت مرتبة المغرب من 124 سنة 2009 الى 127 من ضمن 134 دولة حسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2010 ، وبالتالى يعتبر المغرب من أكثر الدول غير المتكافئة من حيث مقاربة النوع الاجتماعي. وذلك حسب مجموعة من المؤشرات كصعوبة الوصول إلى سوق العمل للنساء (28 امرأة مقابل 84 رجلا)، وتدني دخل المرأة ( أربع مرات أقل من الرجال ) واستمرار نسبة مرتفعة للأمية في صفوف النساء (69 ٪ وسط النساء مقابل 44٪ بالنسبة للرجال).
ويسجل كذلك استمرار العنف بمختلف أنواعه ضد النساء في ظل تماطل الدولة في إصدار القانون الخاص بحماية النساء من العنف. ولا زالت الدولة تتلكأ في فرض احترام القوانين الأخرى على علاتها (وفي مقدمتها مدونة الأسرة) وفي الالتزام بوعودها برفع التحفظات على سيداو حيث اكتفت باستبدال التحفظات بإعلانات تفسيرية مما يشكل استمرارا لتملص الدولة من الالتزام بتطبيق المواد التي كان متحفظا عليها .
خامسا : حقوق الطفل
لم تنفذ الدولة حتى الآن المخططات التي وضعتها في إطار التزاماتها الدولية بخصوص حقوق الطفل. فلازالت حقوق الأطفال تتعرض للعديد من أنواع الانتهاكات وفي مقدمتها الاستغلال الاقتصادي والجنسي للأطفال، الذي يأخذ أبعادا خطيرة. كما يلاحظ النسبة المرتفعة لوفيات الأطفال أثناء الولادة، كما سجل استمرار تشغيل الطفلات في البيوت ( أكثر من 60 ألف حالة) في ظروف أشبه بالعبودية وقد توفيت بعضهن بسبب العنف الممارس من طرف مشغليهن،كما سجل تواتر هجرة الأطفال القاصرين غير المرافقين
من جهة أخرى تم تسجيل تسامح كبير للقضاء مع المتورطين في جرائم الاغتصاب ضد الأطفال.
ضعف الحماية لحقوق الطفل في الدستور، حيث أن نصيب حقوق الطفل من الدستور الجديد لا تستجيب والتزامات المغرب الدولية ولا ترقى إلى مطالب الحركة الحقوقية، ذلك أنه لا مناص من التنصيص الصريح على حقوق الطفل كما هي متعارف عليها دوليا، وإقرار آلية وطنية مستقلة تعنى بشؤون الطفولة وحمايتها.هذا إضافة إلى عدم التزام وتأخر الدولة المغربية في تقديم التقرير الحكومي أمام لجنة حقوق الطفل الاممية.
سادسا : حقوق ذوي الإعاقة
رغم مصادقة المغرب على الاتفاقية الخاصة بهذه الفئة من المواطنين والمواطنات وعلى البروتوكول الاختياري الملحق بها، فلا زال مشروع القانون الخاص بتنفيذها الذي أعدته الوزارة المعنية في الرفوف، ولم يصدر بعد. مما يجعل تصديق المغرب على الاتفاقية شكليا ودون أثر على واقع المعنيين الذين يعتبرون من الفئات الأكثر معاناة في المجتمع.
سابعا : حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء
اتسمت 2011 باستمرار الحملات ضد تواجد المواطنين من جنوب الصحراء ورميهم في الحدود المغربية الجزائرية في ظروف لا إنسانية، دون الاستناد لقرارات إدارية أو قانونية.
أما أوضاعهم الاجتماعية فتتسم عامة بعدم تمتعهم بحقوقهم الأساسية كالحق في العلاج أو التعليم او السكن ناهيك عن النساء اللواتي لايتم قبولهن في المستشفيات سواء عند الولادة أو لتلقي الإسعافات ، نفس الشيء بالنسبة للأطفال حيث يرفض تسجيلهم بالحالة المدنية ويجدون صعوبة في التسجيل في المدارس
كما تتفاقمت مآسي المهاجرين من أصل مغربي ــ بالبلدان الغربية خاصة ــ نتيجة العطالة والاضطهاد العنصري والربط التعسفي بين الهجرة والتطرف الديني والإرهاب. وقد تعمقت هذه الأوضاع بسبب انعكاسات الأزمة الاقتصادية على أوضاع المهاجرين، إضافة إلى التراجعات المتتالية في سياسة الهجرة بأوربا. وقد تتبعت الجمعية انتهاكات حقوق الإنسان الناتجة عن هذا الوضع خاصة فيما يتعلق بترحيل المهاجرين المغاربة وإرجاعهم للمغرب من ضمنهم القاصرين غير المرافقين. وفي ظل استمرار الهجرة غير النظامية للمغاربة نحو أوربا والتي لازالت تنتج مآسي حقيقية، من بينها وفاة العديد من المواطنين في قوارب الموت.
وفيما يخص ملف الهجرة غير النظامية للأفارقة الوافدين من جنوب الصحراء لبلادنا بنِيَة العبور نحو أروبا، فلازالت المعالجة القمعية هي السائدة ببلادنا ضدا على معايير حقوق الإنسان. وما زالت الجمعية تطالب بالكشف عن الحقيقة في الأحداث الأليمة والدامية التي تمت على مشارف سبتة ومليلية في خريف 2005 .
ثامنا : الحق في البيئة السليمة
رغم توفر المغرب على ترسانة قانونية تزيد عن 700 وثيقة لها علاقة بالبيئة، بشكل مباشر أو غير مباشر، فإنها غير كافية للحفاظ على البيئة السليمة؛ نظرا لتجاوزها من طرف الواقع ومحدوديتها، وعدم تغطيتها لكافة المجالات، وتشتتها على العديد من النصوص القطاعية وجهلها من طرف المهتمين، وعدم كفاية وسائل الردع التي تتضمنها وعدم ملاءمتها مع التشريع الدولي، وعدم فعالية الآليات المكلفة بتطبيقها.
المكتب المركزي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire