samedi 6 août 2011

افلام خالدة - المدرعة بوتمكين



سيرجي أيزنشتاين سينما بنت الثورة في العام 1925 انتج المخرج الروسي الرائد "سيرجي أيزنشتاين"- أبو فن المونتاج السينمائي- فيلمه الثوري، الأكثر شهرة في تاريخ السينما العالمية "المدرعة بوتمكين"،وقد تعرض هذا الفلم للمنع والمصادرة وتقطيع الأوصال في الكثير من دول العالم؛ خوفا من حسه الثوري العالي الذي بسعى لإعلاء قيم الثورة المجردة، وحق الإنسان في الانتفاض ضد الظلم وسلب الحقوق، عرض الفيلم في فرنسا لأول مرة في 18 تشرين الثاني 1926 بباريس في قاعة أجّرتها بالمناسبة- ولعرض واحد بعد الظهر- جماعة "نادي السينما" ثم انتقل العرض في قاعات عديدة بفضل جماعة "أصدقاء سبارتكوس" التي نظمت عروضا خاصة، وقد دفعت هذه الجماعة ثمن حماسها، فقد صدر أمر قضائي عام 1928 بحل الجماعة وحظر نشاطها، وهكذا واجه الفيلم أخيرا مقاطعة كاملة في فرنسا من بينها قاعات العرض التقليدية، ولم يرفع الحظر عن "المدرعة بوتمكين" إلا في عام 1953 قبل عشر سنوات من السماح بعرضه على الجمهور العام في اليابان وسبع سنوات من ذلك في ايطاليا ولعل مثل هذه الأمور جميعا تجعلنا نتساءل مندهشين، لم يتم فعل كل هذا القطع والمنع والمصادرة في حق فيلم لم يقدم سوى ثورة لمجموعة من البحارة على سطح إحدى السفن الحربية نتيجة سوء أحوالهم المعيشية والقهر الذي يواجهونه من قبل ضباط هذه السفينة؟ بهذه الروح الثائرة داخل "سيرجي أيزنشتاين" كان انطلاقه واهتمامه الأساسي حينما صنع فيلمه "المدرعة بوتمكين" 1925 منصبا على الحدث الفعلي والواقعي لثورة 1905 ؛ كي يستطيع من خلاله تمجيد تلك الروح الثورية، وبث روح الثورة داخل فيلمه ومن ثم نفوس مشاهديه- لا يستطيع أحد إنكار أن هذا الفيلم قد أثار داخل العديد من المشاهدين في جميع أنحاء العالم الرغبة المكبوتة في الثورة- ولقد كان من هؤلاء المشاهدين الكثير من مثقفي أوروبا الذين سارعوا بالانضمام إلى الحزب الشيوعي بعد مشاهدتهم لهذا الفيلم، بل لقد ظن الكثيرون من المشاهدين أن الفيلم فيه الكثير من التسجيلية محاولين في ذلك إخراجه من روائيته- ربما نتيجة صدقه وأمانته في التصوير وتقديم الكثير من الحقائق- حتى أننا رأينا المنتج البريطاني "جون جيرسون" وهو من أشهر منتجي الأفلام التسجيلية يقول (إن حركة الأفلام التسجيلية البريطانية ولدت من آخر بكرة لبوتمكين) ولعل هذا الصدق وهذا التأثير قد ظل ممتدا حتى يومنا هذا لكل من يشاهد الفيلم، ولعلّي لا أستطيع نسيان اليوم الذي شاهدت فيه فيلم untouchables للمخرج "برايان دي بالما" حينما شاهدت مشهد سقوط عربة الطفل داخل محطة القطارات على الدرج، أذكر الآن أني يومها تجمدت أمام الشاشة ليرد أمام ذاكرتي نفس المشهد الذي صنعه "سيرجي أيزنشتاين" في فيلمه "المدرعة بوتمكين" وهو مشهد مذبحة سلالم الأوديسا حينما خرج جميع أهل الأوديسا لتحية البحارة الثائرين على ظهر المدرعة التي نحت باتجاه الشاطئ، والذين تخلصوا من ضباطهم الظالمين، لينهال عليهم الرصاص فجأة من الخلف نتيجة تلقي الجنود القوزاق أمرا بتفريقهم وإطلاق الرصاص عليهم، فنرى لقطة لامرأة شابة تضم يديها إلى صدرها والدم ينزف بغزارة عليها، ثم لقطة لعربة بها طفل رضيع تندفع بسرعة فوق درجات السلم، لعل هذه اللقطة البارعة كان لها من التأثير على العديد من المشاهدين حتى لقد تأثر بها "برايان دي بالما" بعد كل هذه السنوات. ولعل ثورية "سيرجي أيزنشتاين" تبدو واضحة جلية منذ أول فيلم روائي طويل قام بتقديمه عام 1925 وهو فيلم "إضراب"، وبالرغم من كونه كان متأثرا كثيرا- من الناحية الفنية- بما قدمته المدرسة التعبيرية الألمانية في السينما، إلا أنه يكاد أن يكون الإرهاصات الأولى والمقدمة التي تنحى نحو صناعة فيلم "المدرعة بوتمكين"، حيث يتحدث الفيلم حول القمع العنيف الذي لاقاه إضراب عمال أحد المصانع عام 1912 ، ولعل هذا ما نحا بسينما "أيزنشتاين" بقوة تجاه التسجيلية، كما لاقى هذا الفيلم الكثير من الاهتمام خاصة من صنّاع الثورة وقائدها، كما نراه يقدم فيلمه "أكتوبر" 1928 الذي يتناول فيه المراحل الأولى من ثورة تشرين 1917 والاحتفاء بالعشرة أيام الأولى من هذه الثورة، ولكن بالرغم من سلامة نيته وإخلاصه الشديد للثورة نرى أن الثورة في المقابل لم ترض عن هذا الفيلم بالقدر الكافي؛ لأنه من وجهة نظرها لم يكن فيلما دعائيا بالقدر الذي أرادته، بمعنى أن فن السينما لابد أن يكون فنا شعبيا يفهمه الجميع أكثر من كونه فنا له قواعده المنهجية الخاصة، كذلك نرى تلك الروح الثورية الوثابة في جميع أفلام "سيرجي أيزنشتاين" الثائر دوما، فقدم لنا "خط الجنرال"، كذلك فيلم "أليكسندر نيفسكي" 1938 ، "ايفان الرهيب" 1941 ، وغيره من الأفلام التي كانت تنطلق دوما من تلك الساحرة- ثورة تشرين العظمى- كي تصب منتهية إليها في نهاية الأمر. ولكن السؤال الهام الذي لابد من طرحه حين تأملنا لسينما "أيزنشتاين" هو، من الذي أفاد الآخر، ومن كان أكثر إخلاصا للآخر؟ "سيرجي أيزنشتاين" أم الثورة؟ علّ الإجابة على هذا السؤال تكمن في أن "سيرجي أيزنشتاين" بإخلاصه الشديد وإيمانه العميق بمبادئ ثورة تشرين العظمى 1917 ، بل ومن خلال تاريخه السينمائي كله الذي لا يتحدث سوى ثورة منذ أول فيلم له حتى نهايته، نقول أن هذا المخرج هو الذي أفاد الثورة أيما إفادة بسينماه التي تضج ثورة والتي خلدت ثورة أكتوبر البلشفية في الأذهان حتى اليوم، بل وكان هو الأكثر إخلاصا لها على الإطلاق. بتصرف عن صحيفة الاهالي المصرية

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire