mardi 6 avril 2010

الحزب الشيوعي اللبناني

التعميم السياسي الشهري 10


الكاتب/ Administrator
23/03/2010
يتناول هذا التقرير أهم المستجدات السياسية والإقتصادية والعسكريةالتي تشهدها العديد من مناطق العالم.

• ويتوقف، بشكل خاص، عند بعض جوانب المواقفالسياسية الأميركية، في ضوء التحضير للإنتخابات التي ستجري بعد بضعة أشهر،وانعكاسات هذا الموقف في المنطقة العربية والشرق الأوسط، عموماً.
• كما يتوقف عند الأوضاع الأوروبية، وبالتحديد ما يجري فياليونان، اضافة الى نتائج الانتخابات المناطقية الفرنسية، والتوقعات بالنسبةللأوضاع الإقتصادية الأوروبية عموماً.

• ويتناول التقرير،كذلك، الوضع العربي، منزوايا مختلفة، بدءاً بالأحداث المتسارعة في فلسطين، ووصولاً الى نتائج الإنتخاباتالعراقية والى التحضيرات الجارية في مصر للإنتخابات الرئاسية.

• ويركز التقرير،أخيراً، على الأوضاع الداخلية اللبنانية، إن من زاوية العلاقة اللبنانية – السوريةوالعلاقة اللبنانية – الفلسطينية (أخذاً بعين الإعتبار إنعكاس بعض التطوراتالسياسية الفلسطينية على أوضاع المخيمات وقيادتها)، أم من زاوية دور حكومة الإئتلافبين كل أطراف البرجوازية في تصفية بعض القضايا والإصلاحات (ومنها قانون البلديات)،أم كذلك في المجال الأمني، وبالتحديد الإتفاق الأمني الموقع مع واشنطن…مع تركيزخاص على الجانب الإقتصادي، إن لجهة تأخر الموازنة أم لجهة الضرائب غير المباشرة،ومع عرض سريع للتحركات الإجتماعية.

أولاً – في المواقف السياسية الأميركية

لاتزال الإدارة الأميركية تنطلق في سياستها الدولية من منطلق حل الأزمة الإقتصاديةالتي لا تزال تتخبط بها، على الرغم من كثرة الحديث عن قرب الخروج منها في النصفالثاني من العام 2010، وكذلك من منطلق الإبقاء على سيطرتها الإستراتيجية (المباشرةوغير المباشرة) على مناطق استخراج الطاقة وطرق نقلها…

• وهذان المنطلقان، علىما يبدو، هما الدافع الأول للإهتمام الخاص بأميركا اللاتينية، وللزيارة التي قامتبها وزيرة الخرجية هيلاري كلينتون الى كل من الأوروغواي والشيلي والبرازيلوكوستاريكا وغواتيمالا. فالولايات المتحدة مستعجلة لوقف عملية إنسلاخ بلدان جنوبالقارة الأميركية عن جارتهم الكبري في الشمال، إن عبر التدخل المباشر في الشؤونالداخلية لهذه البلدان، ومنها بالتحديد تلك التي ستجري فيها إنتخابات رئاسية قريبة،أم عبر الوصول الى إتفاقات إقتصادية وعسكرية مع رؤساء بعض الدول التي انتهت من مثلهذه الإنتخابات، وبالتحديد الشيلي، حيث حل رجل الأعمال المحافظ سيباستيانبينرا(Sebastian Pinera) محل ميشال باشليه في موقع الرئاسة وكوستاريكا.

إلا أنالموقع الأهم في الزيارة كان البرازيل، وذلك لأسباب عدة: فمن جهة، لاتخفي واشنطنانزعاجها من دعم الرئيس البرازيلي لولا (Lula) للبرنامج النووي الإيراني وإصرارهعلى زيارة إيران في أيار المقبل؛ ومن جهة ثانية، تحاول واشنطن التأثير فيالإنتخابات الرئاسية البرازيلية التي ستجري في تشرين الأول المقبل، لمنع وصولالمرشحة التي يدعمها الرئيس لولا، بما يسهل الوقوف بوجه مساعي البرازيل (المدعومةمن قبل عدد مهم من بلدان العالم) لنيل الأغلبية المطلوبة من أجل احتلال مقعد دائمفي مجلس الأمن الدولي… دون أن ننسى أن البرازيل، اليوم، أصبحت تشكل موقعاًإقتصادياً مهماً، عدا عن موقعها الجيو سياسي الواضح.

على هذه الأسس، يرتديالإجتماع المغلق الذي قامت به هيلاري كلينتون مع رئيس البرلمان البرازيلي ميشالتامر ورئيس مجلس الشيوخ، بالإضافة الى عدد من نواب اليمين، مغزى سياسياً واضحاً،خاصة وأن البحث، حسبما يقال، تناول مسألة العلاقة بين البرازيل وكل من كوباوفنزويلا والهندوراس وبوليفيا، أي البلدن التي تشكل النواة الصلبة في مواجهةالولايات المتحدة.

• في المنطقة الأسيوية، لا تزال الهجمة الأميركية ضد شعبيأفغانستان وباكستان مستمرة بحجة القضاء على "طالبان". فحسب جريدة واشنطن بوست (22شباط)، كان الهدف من الهجوم على مرجة وتضخيم أهميتها، عبر القول أنها إحدى المدنالكبرى الأفغانية التي تضم حوالي 90 ألف شخص والتي تشكل معقلاً مهماً لطالبان (فيوقت أن المنطقة كلها، على مساحة أكثر من 300كلم مربع، لا تضم هذا العدد)، هوالتأثير على الرأي العام في الولايات المتحدة ( الذي يتململ اليوم من توسيع رقعةالحرب وزيادة عدد القوات الأميركية هناك) وإيهامه بأن "الحرب على الإرهاب" لم تذهبسدى وأن بإمكان الجيوش الأميركية – الأطلسية تحقيق "إنتصار" كبير وواضح ضد مدينةكبرى تؤيد الإرهاب.

وفي المجال نفسه، لا بد من الإشارة الى أن الولايات المتحدةبحاجة، كما أسلفنا في التقرير السابق، الى دور أكثر وضوحاً للنظام الإيراني . لذا،وبالرغم أن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أشار في زيارته الأخيرة لتل أبيب الى أنالنظام الإيراني قد أصبح خطراً على السلم العالمي، كونه يدعم الإرهاب ويصر علىالتوجه النووي"، فهو برر سياسة عدم القطع مع هذا النظام التي يتبعها أوباما بالقول "انها دبلوماسية من نوع جديد تعتمد على الحوار حتى مع الدول المارقة". ويمكن، كذلك،تفسير زيارة الرئيس الإيراني الى تلك المنطقة باهتمام الدولة الإيرانية في أن تكونأحد اللاعبين الكبار فيها…

• أما الموقف "المستنكر" لإعلان إسرائيل عن نيتهاالمتابعة في سياسة تهويد القدس وبناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، فلم يصمدطويلاً قبل أن يتم التراجع عنه. ويقال أن هذا التراجع قد تم بناء على "دعوة" مجموعةالدعم لإسرائيل في الولايات المتحدة (AIPAC) إدارة أوباما لإتخاذ تدابير فورية منأجل التهدئة مع إسرائيل والمعروف أن أوباما بحاجة ماسة الى الأصوات "اليهودية" المؤثرة في المعركة المقبلة لتجديد مجلس الشيوخ، في تشرين الأول المقبل،. من هذاالمنطلق نفسر اسراع هيلاري كلينتون، التي ستكون الى جانب نتانياهو في الكلام خلالمؤتمر AIPACالسنوي (21-23آذار)، وكذلك باراك أوباما للحديث عن أن ما أعلن من قبلنائب الرئيس جو بايدن لا يعدو كونه "سوء تفاهم" بين الأصدقاء والحلفاء. وإذا ماأضفنا الى ذلك إعلان جورج ميتشل، المكلف بالملف الفلسطيني – الإسرائيلي، تأجيلالمجيء الى المنطقة بانتظار اللقاء المرتقب بين كلينتون وناتنياهو، لاستنتجنا أن كلما جرىكان نوعاً من المهزلة – المأساة، الهدف منها، ربما، إرضاء بعض العرب وإعطاءالبعض الآخر، كما جرت العادة، الذريعة للقول أن الولايات المتحدة تختلف عن اسرائيلفي نظرتها للحل في المنطقة وأنها ترفض بناء المستوطنات، كونها جادة في الوصول الىالسلام العادل… إلا أن "دقة المرحلة" بالنسبة للرئيس الأميركي لم تسمح له طويلاًبإظهار "التمايز عن إسرائيل".

ثانياُ – في الأوضاع الأوروبية، سياسياًواقتصادياً:

منذ دخول معاهدة لشبونة حيز التنفيذ (الأول من كانون الأول 2009)،والمشاكل الإقتصادية تتعاظم في منطقة نفوذ اليورو في أوروبا. حتى أن بعضالإقتصاديين لم يتوانوا عن تسمية هذه المرحلة بـ"الإنهيار الكبير"، في محاولة للربطبين ما يجري، اليوم، في القارة الأوروبية وما جرى في الولايات المتحدة في العام 1929.

وقد أدى انهيار اليونان، وما يتوقع من إنهيارات أخرى في بلدان جنوب أوروباعموماً (من البرتغال الى اسبانيا فايطاليا)، الى إثارة موجة من النقاشات الواسعة،وحتى الخلافات، في محاولة لمنع انفجار الإتحاد الأوروبي (وهو ما أشرنا له فيالتقرير السابق).

1. من هذا المنطلق، كثرت، في الأيام الأخيرة، مشاريع الحلولالمطروحة التي نود التوقف عند أهمها، أي عند المشروعين اللذين أثارا خلافاً بينفرنسا والمانيا: فقد دعت فرنسا الى استبدال كل الصيغ المعمول بها في المجالالإقتصادي بصيغة أطلقت عليها اسم "الحكومة الإقتصادية"، مترافقة مع تنظيم أفضلللسياسات الإقتصادية الوطنية، بهدف "محاربة الفروقات في مجالات التنافس داخل منطقةاليورو". أما المانيا، فترى أن الحل يكمن في خلق "صندوق النقد الأوروبي" (على غرارصندوق النقد الدولي) وملاحقة تنفيذ ما طرح، في بدايات توسع الإتحاد، حول السياساتالنقدية لليلدان ومنع مساهمة كل من يثبت عدم تمكنه من المحافظة على قوتهالمالية.

هذا، الى جانب توجهات تذهب الى حد طرح مسألة الشراكة بين أوروباوالولايات المتحدة، انطلاقاً من أن البعض يرى أن هذه الأخيرة قد استطاعت السيطرةعلى أزمتها وبدأت مرحلة العد العكسي للخروج منها نهائياً.إلاأن أحداً من قياداتالإتحاد الأوروبي لم يتعاط بشكل فعلي مع مسائل حيوية تبدأ بحق العمل (بعد ازديادالبطالة)…

2. أما في التدابير الآنية، فتتراوح الطروحات بين التوجه الى تخفيفأكبر لسعر صرف اليورو ووضع مشاريع مساعدات مالية جديدة لليونان وغيرها من الدولالتي تليها على خط الإنهيار. الا أن أحدا لا يكترث لأهمية المسائل الاجتماعية،وبالتحديد ديمومة العمل والضمانات وتطويرها. بل، على العكس، يطرح البعض أهميةالرهان على السياحة لإنقاذ الوضع، منطلقين من أن 4 من البلدان المهددة (اليونان،اسبانيا، إيطاليا، البرتغال) هي بلدان سياحية بامتياز ويمكن لها أن تنتعش قليلاً فيحال عملت على التوظيف في المجال السياحي، بالإستفادة من احتمالات تخفيض سعر صرفاليورو… علماً أن الصناعة السياحية تشهد، هي الأخرى، انهياراً لن ينفع معه أيتوجه مرحلي.

3. هذه الصورة القاتمة أو السوداء (من الإنهيارات الجزئية الى "الإنهيار الكبير") لا بد وأن تترك بصماتها لسنوات طويلة في المجالين الإقتصاديوالسياسي، ليس فقط داخل الإتحاد الأوروبي ببلدانه الأساسية، بل وخاصة في البلدانالتي دخلت مجدداً الى "رحاب" الرأسمالية. وبتقديرنا أن الإنعكاسات السريعة ستكون،في حال عدم طرح بديل فعلي لتغيير ما يجري:

- انهيار إقتصادي، كلي أو جزئي، فيمنطقة البلقان، وبالتحديد في رومانيا وبلغاريا، حيث التوظيفات اليونانية كبيرة جداًمنذ عشرين عاماً، أي بعد انهيار الإتحاد السوفياتي.

- عودة القوى الفاشية الىالساحات السياسية في العديد من البلدان،، مترافقة مع توسع في السياسات الإنغلاقيةالتي بدأها اليمين الأوروبي منذ عدة سنوات، وبالتحديد في فرنسا وإيطاليا. من هذهالزاوية ننظر الى الانتصار الأخير الذي حققته قوى اليسار على اليمين "الديغولي" السابق في فرنسا، كونه ترافق مع عودة ملفتة لليمين المتطرف (12 بالمئة) الذي بنىمعركته ضد الأجنبي.

- إنصياع أكبر للإتحاد الأوروبي تجاه التوجهات السياسيةالأميركية، خاصة فيما يتعلق بالعودة الى "الدرع الصاروخية" وبالتراجع عن الموقفالسابق للاتحاد، الذي كان متمايزاً (نسبياً) تجاه الصراع العربي – الإسرائيلي،والقضية الفلسطينية على وجه التحديد.

وهذه التقديرات، التي يذكّر البعض منها بماجرى بعد أزمة أوائل القرن الماضي، تتطلب زيادة فعالية الأحزاب الشيوعية والعماليةفي قيادة الماجهات، ان على صعيد التحركات العمالية أوالمطلبية العامة (على غرار مايقوم به الحزب الشيوعي اليوناني والنقابات اليونانية)، أم، خاصة، على صعيد وضعبرنامج سياسي – اقتصادي – إجتماعي يواجه طروحات البرجوازية الأوروبية، بدءاً بطروحات الشراكة مع واشنطن، ويتصدى للمحاولات، التي ستزداد بالتأكيد، الهادفة الىتحميل الحركة العمالية والشعبية المزيد من أوزار الأزمة، بدءاً بما يلوح به علىصعيد تخفيض الضمانات الإجتماعية والصحية ووصولاً الى ما يمكن ان يتخذ من تدابير فيمجال السطو على المعاشات التقاعدية ومدخرات الفئات الدنيا.

ثالثاً - في الوضعينالعربي والشرق أوسطي

إن هذه التقلبات في السياسات داخل الولايات المتحدة وفيعلاقتها مع العالم، إضافة الى التطورات المأساوية المرتقبة في أوروبا، ستؤثر دون شكعلى الوضع العربي عموماً، المرتبط ارتباطاً وثيقاً بهذه السياسات في المجالينالإقتصادي والمالي والمتأثر، من خلال النظام العربي الرسمي كله، ومجموعة ما يسمى "الدول العربية المعتدلة" على وجه الخصوص، بالتوجهات الأميركية العامة الداعية الىاعتماد سياسة المفاوضات (حتى غير المباشرة) مع إسرائيل كمدخل وحيد للوصول الىالسلام (حتى وأن وضعت له نعوت "العادل" و"الشامل") في المنطقة. ويلاحظ أن الدعواتالجديدة تطلق بمعزل عن حل قضية اللاجئين الفلسطينيين، التي تراجعت مرتبتها، ودونالأخذ بعين الاعتبار وقف بناء الستوطنات وتهويد القدس… كأنما النظام الرسميالعربي عاد لينحو منحى السلام بأي ثمن…

1.في الوضع الفلسطيني: تجدر الاشارةالى الاستناجات التي طرحناها في تقييمنا لخطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما قيالقاهرة، صيف 2009، والذي ركز على أولوية دعم "الدولة اليهودية"، من دون أن يحددملامح قيام دولة فلسطين أو أن يحسم في مسألة القدس، وان كان تحدث عن عاصمةللدولتين.

هذا الموقف، مترافقاً مع تصريحات كل من أوباما وبايدن وكلنتون عن أمناسرائيل وعن التحالف الوثيق بين واشنطن وتل أبيب، يوكد أن لا تغيير في السياسةالأميركية تجاه ما كان قد أعلن في مجال الموافقة على تصفية القضية الفلسطينية وطمسجرائم اسرائيل وتشديد الحصار على غزة، حتى استسلام أهلها أو ترحيلهم، وتفعيل سياسةالصفاء العنصري… يضاف الى ذلك كله استمرار التردد الفلسطيني الرسمي في الامساكبورقة اعلان الدولة المستقلة والتغيرات التي طرأت على بعض المواقع وبالنسبة لبعضالمسؤولين وعودة بعض دعاة "الصلح غير المشروط" مع اسرائيل الى الواجهة . وهنا لا بدمن الاشارة السريعة الى الانعكاسلت السلبية للتعديلات التي طرأت على المسؤولياتالأساسية في مخيمات اللاجئين في لبنان والى الأحاديث التي بدأت تدور عن "خضات" محتملة في بعض المخيمات وعن خطط يرسمها جهاز الموساد بالتوافق مع بعض الأجهزةالعربية التي تنسق معه.

2.الوضع في الخليج العربي والقرن الأفريقي: من الملاحظأن الأزمة في هذه المنطقة تشبه جبل الجليد، بمعنى أن المخفي منها كبير جداً. فبالاضافة الى مئات مليارات الدولارات التي أخذتها الولايات المتحدة، خلال السنةالماضية، للتخفيف من أزمة مصارفها، تعمد واشنطن الى دفع دول الخليج الى زيادةانتاجها للبترول، بينما لا تزال أسعار النفط الخام الى ارتفاع. ويحكى أن أغلبيةالأموال التي تحويها الصناديق الاستراتيجية العربية، ومنها بالتحديد "الصندوقالاستراتيجي" في أبو ظبي (600 مليار دولار)، موظفة في الولايات المتحدة وأوروبا، بايدفع الى طرح السؤال حول تبخر هذه الأموال وحول احتمال حصول هزات جديدة في دول أخرىفي الخليج، غير تلك التي سجلت في دبي. ولا يجب أن ننسى استمرار مساعي الشركاتالأميركية لوضع اليد كاملة على اليمن وخاصة على الصومال، ومخزون النفط هناك، بحيثلا تتكرر التجربة السودانية، أي اقصاء شركة "أكسون" وغيرها عن مجال السيطرة علىاستخراج النفط وتسويقه.

3.الوضع في العراق: أظهرت نتائج الانتخابات النيابيةالأخيرة تراجعاًً ملحوظاً في شعبية رئيس الوزراء نوري المالكي لصالح خصمه الرئيسالأسبق اياد علاوي. ويمكن القول أن هذا التراجع، الذي لم يعط المالكي أكثرية تساعدهعلى الحكم، انما يأتي كتعبير عن حدة الانقسامات المذهبية وكذلك عن تحركات ذات طابع "قومي" في مواجهة التدخلات الخارجية، الأميركية والأقليمية.

ويمكن القول أولياًأن هذه النتائج قد جاءت مخيبة لآمال الولايات المتحدة ؛ من هنا يمكن الجزم أن تصريحقائد القوات الأميركية، الجنرال باتريوس، حول تخفيف عديد قواته في العراق الى 45ألفاً تمهيداً للانسحاب الكامل في 2011 يتناقض مع الخطة الموضوعة لاعادة الانتشاروالتجميع ضمن مراكز محددة حول ابار النفط ، والتي أعلن عتها وزير الدفاع غيتس. لذايضع البعض هذا الموقف الجديد في خانة التلبك الذي يطبع السياسة الأميركية فيالمنطقة… أما البعض الآخر فيرى فيه محاولة لتسهيل مهمة المالكي، خاصة مع دخولالعاملين السوري والسعودي بقوة على الوضع الحكومي الجديد.

رابعاً- في الوضعاللبناني

في ظل هذه التعقيدات الكثيرة، وبانتظار أن تتبلور المرحلة القادمة، عادلبنان مجدداً الى دائرة المراوحة، وشل عمل الحكومة التي أتت على أساس المصالحةالسورية-السعودية. فلا موازنة حتى الآن ولا تعيينات ادارية ولا مشاريع انمائية، فيوقت تشهد فيه الأسعار صعوداً سريعاً، ويزداد فيه الفقر نتيجة ذلك ونتيجة اقفال مئاتالمؤسسات الانتاجية الصغيرة.

ويمكن التوقف عند أمور اربعة:

-ألأول ويتعلقباعادة تشكيل المشهد السياسي. فقوى 14 اذار، أو الأكثرية النيابية التي تشكلت نتيجةانتخابات 2009 والتي أتت بسعد الحريري رئيساً للحكومة. فقد انفرط عقدها بعد انسحابوليد جنبلاط منها وتوجهه سياسياً باتجاه دمشق. ويقال أن الحريري هو الآخر بدأ يفكرفي ما بعد هذا الانسحاب.

في الوقت عينه، يشن هجوم واسع (من قبل بعض المقربين منالحكم السوري) على رئيس الجمهورية من منطلق التغيير الذي طرأ على موقفه من سلاحالمقاومة (حزب الله) ويعاد العمل بتكتل "مسيحي" حوله، بالاستناد الى مواقف اليطريركالماروني الذي يطالب باستعادة الموارنة، عبر رئيس الجمهورية، جزءا من صلاحياتفقدوها في اتفاق الطائف.

-الثاني ويتمثل بالحملة ضد رئيس الوزراء السابق فؤادالسنيورة. وتأتي هذه الحملة من الزاوية الأمنية، من خلال اتفاقية عقدت في عهده معالأميركيين للتنصت على الاتصالات الهاتفية. كما تأتي من الزاوية الاقتصادية، حيثيتحدث بعض الوزراء في الحكومة عن قروض دولية طلبتها حكومة السنيورة السابقةوجمدتها في المصارف لفاء فوائد ضخمة تجنى من ورائها، بينما يتم التفكير في زيادةالضريبة على القيمة المضافة وعلى المحروقات لسد جزء من العجز فيالموازنة.

-الثالث ويأتي من باب القضايا الانتخابية ويتمثل في محاولة الابقاءعلى قانون البلديات دون تعديل، بما يعني الغاء مسألة النسبية المطروحة في القانونالجديد. وتزداد التكهنات المتعلقة بوجود أغلبية تريد تأجيل هذه الانتخابات الى مابعد نهاية الصيف المقبل.

-الرابع ويأتي من باب التهديدات والتسريبات الاسرائيليةالمستمرة والخروقات الاسرائيلية المستمرة للأراضي اللبنانية وللاجواء اللبنانية،بالاضافة الى شبكات التجسس التي يتم كشفها. ان المعلومات التي يحاول العملاء جمعهاتبرهن مرة اخرى نوايا اسرائيل العدوانية التي ما زالت تحاول جمع معلومات بهدف اجراءغارات وحروب وعمليات اغتيال.

كل ذلك يتقدم على وقع الخلافات العربية-العربية،التي سيكون مؤتمر القمة العربية مسرحاً لها، اضافة الى ثأثير الأوضاع في فلسطينالمحتلة على المخيمات التي تشهد تحركات لقوى "أصولية"، عدا عن المشاكل الناجمة عنالتعيينات المشار اليها سابقاً والتي لا بد وأن تعيد طرح مشكلة السلاح الفلسطيني… حتى داخل المخيمات.

خامساً- الاوضاع الاقتصادية – الاجتماعية

هذا القسميتناول الاوضاع الاقتصادية-الاجتماعية، وبعض المؤشرات المهمة التي صدرت خلال الشهرالفائت؛ بالتحديد حول المواضيع التالية:

أ‌. أثر التحويلات السلبي على حياةالمواطنين والاقتصاد اللبناني

ب‌. السياسات الضريبية للدولة

ج .السياسات المالية للدولة

د.الخطر المتصاعد للخصخصة
أ - اثر التحويلات

ان الدولة ما زالت تفتخر بما تراه ايجابياتالتحويلات المالية الى لبنان بدون ان تلتفت ولو للحظة واحدة لتقيّم امكانية وجوداثار سلبية لهذه التحويلات على حياة المواطنين العاديين وعلى فقراء لبنان الذيناصبحوا يشكلون غالبية شعبنا. ومن هنا نود ان نذكر حكومتنا بالاثار السلبيةللتحويلات على غالبية الشعب اللبناني وعلى اقتصادنا الوطني:

• ان أبرز مقوّماتالاقتصاد مبنية على «صناعة تهجيرية» تصيب النمو الاقتصادي بالتذبذب وبالتركّز فيقطاعات منكشفة على الخارج (العقارات، السياحة، القطاعات المالية)! إذ باتت هذهالتحويلات تُعدّ مورداً إنتاجياً يلغي قطاعات أخرى ويُضعف القدرة التنافسية للسلعاللبنانية.

• تخصيص الموارد في أي اقتصاد يؤدي إلى إضعاف القدرة التنافسية للسلعالمنتجة محلياً مع مثيلاتها المنتجة خارجياً. فما حصل في لبنان على صعيد التحويلات،أدّى إلى انفجار الاستثمار في المقاهي والمطاعم، أي اقتصر الاستثمار على قطاعاتتتّسم بمستوى إنتاجية متدنٍّ.

• الاستثمار في الجامعات والمدارس التي تحوّلت إلى «صناعة التصدير الوحيدة في لبنان»، وهذه إشكالية خطورتها تظهر بمرور الوقت، علىمستوى الديموغرافيا ومعدلات الإعالة.

• تُسهم هذه التحويلات في زيادة بنيةالأسعار في لبنان من أجور وأكلاف تشغيل وأسعار أراض وشقق. بات صعباً على أولادناشراء شقة في لبنان، وطردوا من المدينة إلى ضواحي الضواحي. فالإحصاءات تؤكد أنتضاعف الأسعار بنحو 2.5 مرات خلال 4 سنوات ليس متولّداً من طلب محلّي. وهذا ينعكسسلباً على الاقتصاد الوطني وفرزاً اجتماعياً. وهذا يستدعي تدخل الدولة في العرضوإقرار ضرائب عقارية وتنشيط سوق الإيجارات.

• في السياق نفسه، أن إحصاءاتالمصرف تظهر أن 40% من مجمل التسليفات السكنية حصل عليها غير المقيمين، مقابل 60% للمقيمين. أنّ السلطة لا ترى «أولوية وطنية» في السياسات الإسكانية، فعندما حزمتأمرها، «مكّنت سوليدير من فعل العجائب». واللافت أن أراضي بيروت لم تعد مشغولة منأبنائها الذين نزحوا باتجاه عرمون وبشامون وغيرهما من المناطق خارج بيروت، وهي حركةسنوية تعدّ بالآلاف.

• بيروت أصبحت مدينة للأثرياء، «حتى ضمن أحيائها الفقيرةوالشعبية، إذ إن سعر المتر المربّع السكني لا يقلّ عن 1500 دولار في المناطقالشعبية والمباني القديمة أو المتوسطة، ويرتفع إلى ما بين 3000 دولار و8000 دولار،أي إن سعر الشقة بمساحة 100 متر مربع سكني لا يقلّ عن 120 ألف دولار، وهذا الرقمكبير جداً قياساً على دخل العائلات، ولا سيما الشابة منها.

• على الصعيدالاقتصادي الواسع، يفترض أن يتحول قسم من هذه التحويلات إلى استثمارات، لكن أثرهاالاستثماري والتنموي ضعيف جداً في لبنان.

• من أبرز الآثار السلبية لهذهالتحويلات، أنها مرتفعة نسبة إلى الناتج المحلي، إذ توازي (اعتماداً على حجم 4.5مليارات دولار) ما نسبته 20%، وهو من أعلى المستويات عالمياً. في المقابل، يشهدلبنان تحويلات معاكسة من العمالة الأجنبية لديه، وهي تؤدي إلى خروج 3 ملياراتدولار، أي لا يبقى إلا نحو 1.5 مليار دولار.

• التحويلات تخلق إشكالية اجتماعيةتتمثّل في هجرة الشباب أو الموارد البشرية المؤهلة. فالعمالة الماهرة هي التيتهاجر ولا يبقى في لبنان إلا العمالة غير المنتجة.
ب - السياسات الضريبية للدولة

في ظل الحديث عن زيادة رسومضرائب القيمة المضافة (TVA) من 10% الى 12% او 15% يبرهن اطراف السلطة مرة اخرى مدىارتباط مصالحهم بمصالح الرأسمال ومدى استبسالهم للدفاع عن أغنياء لبنان وعدماكتراثهم لمعاناة الفئات الفقيرة من شعبنا والفئات المتوسطة واصحاب الدخل المحدود. فهناك توجّه لدى الحكومة بأن تزيد الضريبة على الاستهلاك لتغطية عجوزات الموازنة،وهذا الأمر سيساهم في عملية سوء توزيع الثروة بشكل غير منصف فتركّز الثروةوالمداخيل لدى قلّة من الأسر، في ظل تراجع الدور التوزيعي للدولة، يجعل من ثقل هذهالضريبة لدى الأسر المتوسطة الدخل والأسر الفقيرة مبالغاً فيه إلى درجة تهددبالمزيد من الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما أكّدته دراسة باحثين فيالجامعة الامريكية، التي توصّلت إلى أن زيادة الضريبة إلى 12% تؤدّي إلى زيادة عددالفقراء من مليون و490 ألف لبناني حالياً إلى مليون و863 ألف لبناني. أمّا إذاازدادت الضريبة إلى 15%، فإن عدد الفقراء سيبلغ مليونين و680 ألف لبناني، أي أكثرمن 50 في المئة من اللبنانيين المقيمين، على أساس أن عدد السكان يبلغ 4 ملايين و139ألف نسمة، وفق تقرير البنك الدولي في عام 2008.

أضف الى ذلك أن الإعفاءات منالضريبة على بعض السلع الغذائية والخدمات، كالتعليم والصحّة والثقافة، هي إعفاءاتضرورية، إلا أن التدقيق فيها يبيّن أن الأسر ذات المداخيل الأعلى هي التي تستفيدأكثر من هذه الإعفاءات. بل إن قانون الضريبة على القيمة المضافة أعفى سلعاً مخصصةللأغنياء، كاليخوت ونشاطات التأمين والمصارف وألعاب المراهنة وبيع العقارات! وهذهالأمثلة تُسقط الادّعاءات أن الإعفاءات مخصصة للفقراء حصراً.

وبمقابل توجهاتالدولة، يرى حزبنا أنه يجب اعتماد النظام الضريبي أداةً لتحقيق توازنات اجتماعيةواعادة توزيع للثروة لتحقيق حد ادنى من المساواة والعدالة الاجتماعية، لا لجبايةالإيرادات. ومن هنا نرى انه يجب الذهاب مباشرة الى اجراءات ضريبية على ارباحالمصارف والاغنياء، مثل فرض ضريبة على قيمة الأرض وعلى الارباح العقارية والمصرفيةحيث تشير الاحصاءات ان الضريبة على الربح العقاري قادرة على تحقيق إيرادات بما لايقل عن 1000 مليار ليرة. ومن هذا المنطلق من الممكن استخدام الادوات الضريبيةلاعادة توزيع الثروة بشكل عادل؛ وللتخفيف من نتائج العملية المنظمة والعنيفة لسرقةمدخرات الشعب اللبناني التي ما زالت مستمرة منذ عقدين. ومن هذا المنطلق نطالب انيكون العبء الضريبي على الفئة القليلة ذات الثراء الفاحش في وطننا، لنأخذ منهمولنعطي لكل لبنان – بينما الدولة المدافعة عن مصالح الاغنياء ما برحت تنهب من كلالشعب اللبناني وتتم عملية تقاسم الغنائم بين الاغنياء من أصحاب المصارف والمصالحالمالية والعقارية وبين ارباب السلطة الطائفية – وهم انفسهم في الكثير منالاحيان!.

ج - السياسات المالية للدولة

ان تراكم فائض في حساب الخزينةيبلغ نحو 6500 مليار ليرة (أو ما يعادل 4.3 مليارات دولار)، أثارت صدمة فعلية، ولاسيما أن المشاورات التي تجريها الحكومة لإقناع الكتل النيابية الأساسية بالقبولبزيادات ضريبية واسعة لم تتطرّق إلى هذا الأمر إطلاقاً. فحجم الفائض المذكور كبيرجدّاً بكل المقاييس، وهو يمثّل نحو 38% من مجمل الإنفاق المحقّق في العام الماضي،ونحو 145.6% من قيمة العجز في العام نفسه التي بلغت نحو 4462 مليار ليرة، وهوبالتالي يغطّي كامل العجز المتوقّع في مشروع موازنة هذا العام، بما في ذلك الإنفاقالإضافي المتوقّع أن يبلغ 2000 مليار ليرة، وذلك من دون اتخاذ أي إجراء ضريبياستثنائي. ان وجود ودائع متراكمة للدولة، وفائض قياسي في حساب الخزينة يمثّل وجودهمخالفة واضحة للإجازة الممنوحة للحكومة بالاقتراض في حدود العجز المالي فقط. ومنهنا نطرح السؤال لماذا ومن المستفيد من الاقتراض الحكومي بمبلغ أكثر من 13000 مليارليرة، بينما العجز الحكومي بلغ في العام الماضي 4462 مليار ليرة، وهو ما أدّى إلىزيادة الدين العام اصطناعياً؟

فالدين الفائض عن الحاجات التمويلية الفعلية باتقائماً، ويتم تسديد الفوائد عليه، سواء تم استثمار هذا الدين وإنفاقه أو لم يتمذلك. وتكفي الإشارة إلى أن خدمة الدين العام المعلنة رسمياً ارتفعت في العام الماضيوحده من نحو 5304 مليارات ليرة إلى نحو 6087 مليار ليرة، أي بزيادة 783 مليار ليرة،وهذا على الرغم من انخفاض أسعار الفائدة على إصدارات سندات الخزينة الجديدة. ويُتوقع أن ترتفع خدمة هذا الدين بما لا يقل عن 900 مليار ليرة في هذا العام.
ان ارتهان السلطة الى الرأسمال والى مصالح الاغنياء يظهر بشكلجليّ عند مراجعة الادوات المالية والنقدية المعتمدة من قبل السلطة. فهذه السلطة لمتكتف بالمبالغة بعملية الاقتراض فحسب، بل عمدت إلى إبقاء أسعار الفائدة المحليةمرتفعة بالمقارنة مع المراكز المالية الخارجية الأساسية، وهو ما أسهم في جذب ودائعهائلة إلى لبنان، بما يفوق قدرة الاقتصاد اللبناني والمصارف المحلّية على استيعابهاوإدارتها وإعادة توظيفها. فقد وصلت القيمة الإجمالية للودائع في المصارف التجاريةفي نهاية عام 2009 إلى نحو 145957 مليار ليرة (96,8 مليار دولار)، أي ما يوازي 350% من مجمل الناتج المحلي. ومن ثم وضعت السلطة اللبنانية المزيد من الحوافز لكي تواصلالمصارف اجتذاب الودائع، بمعزل عن أي هدف جدّي وملموس. أحد أبرز الحوافز تمثّلبالتعهّد للمصارف بالعمل على امتصاص فائض السيولة لديها، عبر إصدار شهادات الإيداعمن قبل مصرف لبنان وإصدار سندات الخزينة من قبل وزارة المال، بفوائد تراوحت فيالأدوات الأولى بين 7 و9%، وتراوحت في الأدوات الثانية بين 4 و8%، وهذه الفوائدمثّلت صفقة مربحة جدّاً للقطاع المصرفي، الذي جنى أرباحاً في العام الماضي أكثر من 1200 مليار دولار، منها 733 مليون دولار للمصارف الثلاثة الأكبر في لبنان.

وهذايكشف عن حجم الكلفة الباهظة التي يتكبّدها المواطنين اللبنانيين من جرّاء ربطالسياسات المالية والنقدية لمستوى معيشتهم بأولوية شبه وحيدة تقضي بخدمة هذهالودائع عبر أدوات الدين العام والقدرة على تسديد الفوائد عليها، وهي بلغت فيموازنة العام الماضي أكثر من 4 مليارات دولار. وتستمر السلطة بسرقة الشعب اللبنانيلزيادة ارباح المصارف والاغنياء، فاللبنانيون اضطروا إلى تسديد نحو 1000 مليار ليرةرسوماً على البنزين، ونحو 3000 مليار ليرة ضريبة على القيمة المضافة، ونحو 2000مليار رسوماً على الاتصالات، وهي مبالغ ذهبت بشكل رئيسي لخدمة الدين العام المتعاظمبلا سبب او رقيب.

د - الخصخصة

ان مثلث الجريمة التي ترتكب بحق الشعب اللبناني (من سياسيات مالية وضريبية) يكتمل عندما ننظر الى عملية الخصخصة المقنّعة، التيتسللت إلى قطاعاتنا «بالتراضي» وتدريجاً، وهي ذات طبيعة فاسدة. الخصخصة علىالطريقة اللبنانية تحوّلت بسبب التركيبة السياسية في لبنان إلى «خصخصة مقنّعة تعيشخارج إطار القوانين والأنظمة. نعطي اربعة امثلة سريعة في هذا السياق:

1. خصخصةوزارة البريد لكن لم تنخفض الأسعار، ولم تتحسّن الخدمات البريدية

2. خصخصة «قطاعالنفط بعد تدمير منهجي لمصفاتي النفط في الزهراني وطرابلس، إذ «إنّهما شُغّلتا قبلأن تكونا مهيأتين وبلا صيانة، فكانت كلفة الإصلاح تبلغ 193 مليون دولار، لكننااليوم فقدنا مصفاتين قيمتهما تفوق مليار دولار، وفي المقابل أُعطي الاستيراد للقطاعالخاص بدعم سياسي، ما أدّى إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وتذبذبها، فضلاً عنفقدان دوري لها من الأسواق. أمّا على المدى الاستراتيجي، فقد مَنَعت هذه الشركاتوصول أنابيب الغاز إلى لبنان لمدة 5 سنوات حتى تستمر الشركات في تزويد كهرباء لبنانبالفيول أويل، محددةً السعر الذي تريده، وقد رُفضَت عروض كثيرة من أجل حماية كارتيلالنفط، إذ كان سعر الفيول أويل أعلى بنحو 20% بذريعة أن معامل الكهرباء تحتاج إلىمواصفات خاصة، لكن تبيّن عكس ذلك.

3. خصخصة جمع النفايات والتزمتها شركة «سوكلين» على مراحل، بدأت ضمن بيروت ثم انتقلت إلى المناطق، ما حرم البلدياتأموالاً تحولت إلى «سوكلين، التي أُنشئت برأسمال قدره 19 ألف دولار، فيما كانالالتزام يبلغ 35 مليون دولار

4. خصخصة إعمار وسط بيروت،

هذه الامثلة تأتيعلى وقع معلومات تشير الى توافق اطراف السلطة الطائفية على خصخصة المياه والكهرباءوالهاتف؛ وفي ظل معلومات خلال اليومين الاخيرين عن بيع احد منابع نهر ابراهيم مقابلستين قرشاً لليتر الواحد بمرسوم موقع من قبل أطراف السلطة. وهنا نؤكد كذب الاهدافالمعلنة للخصخصة. فاذا كان الهدف من الخصخصة توسيع قاعدة الملكية، فإن أوسع قاعدةملكية هي القطاع العام، فيما التشوّهات التي تحصل، غالباً ما تكون ناجمة عن خلل فيالسياسات، لا نتيجة سوء إدارة القطاع العام. أما الحديث عن عدم كفاءة القطاعالعام، فعلينا ان ندرك ان الخصخصة في لبنان هي أحد أبرز عناصر الفساد، التي يشهدهاالقطاعين العام والخاص، وبالتالي لا يمكن ان تشكل أداة إصلاحية تأتي بالقطاع الخاصليحلّ مقابل سوء كفاءة القطاع العام وأدائه. وهنا نطرح سؤالاً أساسياً: هل هناكنظام رقابي مستقلّ، أم كلها تتبع للسلطة التنفيذية والاعتبارات السياسية ذاتالطبيعة الفاسدة؟ .

أما في المجال الاجتماعي، فتزداد القضايا سوءاً، ان فيالمشروع المسمى "الرعاية الاجتماعية" والذي يهدف الى الاستيلاء على تقاعد العمالوذوي الدخل المحدود، أم في مشروع قانون الايجار الجديد، أم في رفض العودة عنالتخفيض الذي أقر على معاشات الهيئة التعليمية في القطاع الرسمي… مما يزيد منالتحركات القطاعية، على الرغم من الغياب الملحوظ للاتحاد العمالي العام (المشرذموالضائع في زواريب المذهبية والولاءات "السلطوية" التي تجعل من قياداته تابعينلطرفي البرجوازية الموجودين في السلطة).

وستشهد البلاد، تباعاً، اضرابات فيقطاعات التعليم والدولة وفي صفوف العمال والمستخدمبن وطلاب الجامعات. كما تحضرتظاهرات شعبية على وقع محتويات الموازنة والضرائب الجديدة غير المباشرة…

وفينهاية التحليل، نعتبر ان نقطة البداية لاي اصلاح حقيقي يجب ان تكون إجراء مراجعةلنمط وطريقة نمو الدين العام وخدمة الدين العام وأكلافه، وللسياسات الضريبية. انالحديث عن اي اصلاح يبقى فارغاً ما لم يتضمن تصور وخطوات عملية لاعادة توزيع الثروةلكي تلغي اثار عملية النهب المدروسة التي تعرض لها شعبنا اللبناني على مدى العقدينالسابقين.
بيروت في 21 اَذار 2010 لجنة العلاقاتالخارجية

في الحزب الشيوعي اللبناني

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire