lundi 22 septembre 2014

تصريح خطير لرشيد بلمختار



في حوار مع جريدة المساء، بلمختار : لا ترخيص لموظفي الوزارة بمتابعة دراستهم والزيادة 3 سنوات في التكوين + التعويض عن العالم القروي + مواضيع اخرى يكشف عنها وزير التربية الوطنية
في حوار مع جريدة المساء، بلمختار : لا ترخيص لموظفي الوزارة بمتابعة دراستهم والزيادة 3 سنوات في التكوين
رضوان الحسني
المساء العدد :2480 - 17/09/2014
مع انطلاق الموسم الدراسي الحالي طفت على السطح من جديد تساؤلات حول واقع المنظومة التربوية ومستقبلها، سيما أن عمر هذه الحكومة شارف على الانقضاء. كما برزت قضايا ومشاكل جديدة أثرت بشكل أو بآخر على الدخول الدراسي الحالي، وعلى رأسها مسألة إجبار المقبلين على التقاعد خلال هذه السنة على إكمال السنة الدراسية، وكذا قضية عدم الترخيص أو «المنع بطريقة ذكية» نساء ورجال التعليم من متابعة دراستهم الجامعية. كما تطرح مجموعة من التساؤلات حول مسار الإصلاح ومدى تجاوبه مع نداءات الملك محمد السادس، التي أطلقها في خطبه الأخيرة، ومصير النظام الأساسي المرتقب والباكلوريا ذات الشعب الدولية... في هذا الحوار، الذي خص به وزير التربية الوطنية جريدة «المساء»، يتحدث رشيد بلمختار عن مستقبل المنظومة وخطة الوزارة لإصلاحها. كما يتحدث عن القرارات التي اتخذها وسياقاتها، وعن علاقة وزارته بمكونات مختلفة من الفاعلين والشركاء، كما يجيب عن التساؤلات المطروحة ويقر بتحمله مسؤوليته في القرارات التي يتخذها.
- اسمح لي أن أعود بك إلى خطاب الملك محمد السادس بمناسبة 20 غشت الأخير، الذي خص فيه نساء ورجال التعليم بالذكر، ونوه فيه بالمجهودات التي يقومون بها خدمة للبلاد. كيف تقرأ هذا التنويه بصفتك وزيرا للقطاع؟
قبل الحديث عن الخطاب الأخير لصاحب الجلالة، لابد من العودة إلى الخطب السابقة، ومنها خطاب 20 غشت 2013، الذي قدم فيه الملك تشخيصا، ودق ناقوس الخطر وأعطى خطة طريق حين قال إنه يجب الأخذ بعين الاعتبار التراكمات الإيجابية، وأن نبحث عن حلول للأشياء السلبية، وأن نأخذ مبادرات شجاعة لحل مشكل التعليم. هذه السنة نشتغل ليس من أجل التشخيص، بل نقوم بعملية تحليل للواقع كي نعرف أين وصلنا، وما هي الوسائل التي ستمكننا من إيجاد حل نهائي للمشاكل المطروحة علينا، سواء على المدى القصير أو المتوسط. وفي هذا الإطار، يتبين أن نساء ورجال التعليم هم الفاعلون الأساسيون فيما يخص المنظومة التربوية. كما يتبين أن هناك مشاكل متعددة، إذ نسجل أن هناك نظرة سلبية تجاه نساء ورجال التعليم، لأن هناك بعض الخروقات وبعض الممارسات التي تعطي نظرة سيئة عن نساء ورجال التعليم. لكن هناك من يقوم بمجهودات كبيرة، ويحاول أن يعمل كل ما في وسعه لأداء مهمته على أحسن وجه. من جهة ثانية، هناك من يتهم الوزارة بتحميل مسؤولية الفشل لنساء ورجال التعليم، وهذا تحوير للنقاش الحقيقي المفتوح حول المشاكل المطروحة، وهذا في نظري تصرف غير صحيح، ولن يقدم شيئا للإصلاح المنشود.
أعود إلى خطاب صاحب الجلالة، الذي أراد أن يقول إن هناك نساء ورجالا للتعليم يشتغلون بجدية، ونحن نقول إن نساء ورجال التعليم عنصر أساسي فيما يخص الإصلاح، ومهنتهم مرتبطة بالكثير من الأشياء المتعلقة بالإصلاح، فالأستاذة أو الأستاذ يكونان وجها لوجه مع التلاميذ، وهنا تكمن أهميتهما وجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهما، إضافة إلى باقي مكونات المنظومة التربوية، كل من موقع مسؤوليته.
لكي نتقدم، يجب أن يعاد النظر في الشروط والمواصفات الواجب توفرها في الراغبين في التقدم لمباراة ولوج مراكز مهن التربية والتكوين، وهذا الأمر غير موجود حاليا. كما نسجل أن هناك آلافا من الممارسين اليوم بالأقسام جاؤوا إلى القسم في غياب أي تكوين، بعد إعادة النظر في شروط ومواصفات ولوج مهنة التدريس. يجب إعادة النظر كذلك في منظومة التكوين لكون التكوينات التي تقدم اليوم غير صالحة لاعتبارات عدة، على رأسها قصر مدة التكوين، وتركيزه على الجانب المعرفي، في غياب تأطير ومصاحبة وتكوين مستمر، ومن هنا تبدأ الكثير من المشاكل.
- هل نفهم من كلامك أن الوزارة تفكر في مراجعة منظومة انتقاء وتكوين الأساتذة؟
بالفعل، ستكون هناك مراجعة تامة لكل ما ذكرته، ونفكر جديا في الزيادة في سنوات التكوين من سنة إلى ثلاث سنوات كي نحصل على أساتذة يتوفرون على المعرفة الكافية والتأطير الكافي لممارسة مهنة التعليم، ونوفر لهم جميع الآليات المتطلبة لإنجاح مهمتهم.
- وما هي شروط الانتقاء التي تفكر فيها الوزارة؟
هناك معايير نفسية ومعايير معرفية، حيث لابد من توفر المقبل على التدريس على الحد الأدنى من المعرفة الذي بإمكاننا تتبعه وتحسينه، وأن تكون لديه قابلية للتعامل مع الأطفال حسب الفئات التي سيقبل على تدريسها، وهي معايير سنعتمد في تحديدها على خبراء ومختصين سيتم استثمار خبراتهم في هذا المجال لتحديد الآليات والوسائل، التي من الضروري أن يتحكم فيها المقبلون على مهنة التدريس، والذين سيكونون مطالبين باستثمارها في العمل والتكوين الذاتي في مجال عملهم. هناك أيضا مسألة القيم، فالأستاذ مطالب بأن يكون مثالا لتلاميذه في القسم. كما أن الاعتناء بالهندام يبقى مسألة ضرورية في ممارسة التدريس.
- العديد من الفاعلين التربويين يكادون يجزمون بأن قطاع التعليم يعيش حالة من «الانتظارية»، وأن قطار الإصلاح لازال لم يجد سكته، التي تساعده على الانطلاق الحقيقي، ونستحضر هنا تعاقب البرامج والمخططات منذ سنوات، انطلاقا من وثيقة الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلى المخطط الاستعجالي، وهي كلها مخططات تعرضت لانتقادات لاذعة. كيف توضح هذا الوضع؟ وما هو مخططك لتجاوز هذه الحالة؟
يمكنني أن أقول إن تجربتي في تحمل المسؤوليات لا تقوم على الكلام، بل العمل، وحتى في تجربتي الوزارية السابقة كان كلامي قليلا، وحاولت أن أقوم بأعمال كان لها أثر على الواقع.
- يمكنك، إذن، أن تعطينا خطتك التقنية أو وصفتك للإصلاح.
نريد أن تكون لدينا رؤية واضحة حول المشاكل المطروحة، وفي نفس الوقت يكون لدينا تحليل دقيق وعميق لهذه المشاكل البعيدة عن التشخيص، ولأجل ذلك نزلنا إلى القواعد وفتحنا سلسلة مشاورات شارك فيها أزيد من 100 ألف شخص، ونحن نستثمر نتائج هذه المشاورات، حيث أصبحت لدينا على الأقل نظرة موحدة حول العديد من المشاكل، التي تخبط فيها قطاع التربية والتكوين، ويتفق حولها الجميع. وقد اكتشفنا أن هناك أشياء تتماشى مع نظرة مستقبلية للمنظومة ومرتبطة بالأشياء الأساسية، سميناها الأعمدة أو الركائز التي لابد من الاتفاق حولها من أجل تحديد النظرة المستقبلية. وقد حددنا هذه الركائز في خمس: أولاها، مسألة «الانتماء» للوطن. فالمتعلم عليه أن يعرف وطنه وجذوره وعلاقات بلاده مع باقي العالم وهويته. الركيزة الثانية هي «المعرفة». إذ يجب أن نعيد طرح السؤال حول المعرفة، التي نود أن نلقنها لتلاميذنا في جميع المستويات، والتي ستكون بمثابة الأساس الذي سيمكنه من اختيار المجالات التي يريد الولوج إليها. الركيزة الثالثة تتعلق بـ»الأسس الاجتماعية» التي ستمكن التلاميذ من معرفة علاقاتهم بمحيطهم الأسري والاجتماعي. الركيزة الرابعة تتعلق بـ»الجانب الإنساني»، الذي سيركز على تكوين مواطن قادر على خدمة بلده، وعلى بناء مستقبله بشكل مستقر. أما الركيزة الأخيرة فتتعلق بالجانب المتعلق بالمناخ الاقتصادي، الذي نهيئ له هؤلاء التلاميذ. وهذا الجانب يتطلب من التلاميذ معرفة الوضع الاقتصادي لبلدهم وعلاقته بالمحيط الاقتصادي بباقي الدول. ويبقى السؤال المطروح هو: كيف يمكن إدراج كل هذه الركائز داخل المنظومة التربوية؟
المنظومة التربوية خضعت منذ مدة لتجاذبات مجموعة من الأطراف، وتدخلت الأيديولوجيات في اختيار المواد المدرَّسة، إلى أن تحول التلميذ إلى وعاء يتم ملؤه بجميع المواد الدراسية. وهذا الوضع يجب أن يعاد فيه النظر. لذا علينا أن نشتغل لتحديد ما يمكن تدريسه للتلاميذ حسب السن والمستوى الدراسي. كما يجب القطع مع حشو التلاميذ بأشياء فوق طاقتهم. كما سنركز كذلك على الأشياء التي ستمكن التلميذ من الركائز الأساسية، التي ستساعده على أن يبني عليها ما سيتم تعلمه في الأسلاك الموالية.
- ما تقوله الآن يحيلنا على دور الباحثين التربويين والمختصين. هل سيكون لهم حضور فيما تفكر فيه؟
سؤالك مهم. بطبيعة الحال سنتعامل مع الباحثين والمتخصصين في علوم التربية وعلم النفس التربوي. فهؤلاء من عليهم الاشتغال في هذا الإطار، وهم من سيحددون قدرات المتعلمين على التعلم وفق أعمارهم. فمن بين الأشياء التي لا تجعل تعليمنا يعطي نفس الفرص للجميع هي أننا لا نأخذ بعين الاعتبار محيط التلميذ، سواء على المستوى الجغرافي أو السوسيو اقتصادي أو السوسيو ثقافي. ولهذا يفشل الكثير من الأطفال في دراستهم لأن البرامج المعتمدة تكاد تكون موحدة في جميع المناطق..
- هل تفكر في مسألة الجهوية بقطاع التعليم؟
ليس الجهوية بالتحديد، لكن سيكون هناك تعليم أساسي للجميع، غير أن طرق تدريسه ستكون مختلفة، حسب المناطق والظروف التي يوجد بها المتعلمون، لأن تلميذا في الوسط الحضري يعيش في كنف أسرة متعلمة توفر له أغلب حاجياته، ويدرس بالتعليم الأولي، لا يمكن مقارنة تعليمه بتلميذ في الوسط القروي أو تلميذ يعيش محروما من أبسط الحاجيات، ولا يتوفر ببيته على ظروف الاشتغال والدراسة.
- طرحت مسألة التعليم الأولي. لكن ليس هناك تعليم أولي داخل المنظومة التربوية.
نحن لم نستطع بعد حتى تعميم التعليم العادي، فبالأحرى تعميم التعليم الأولي. هناك فوضى تامة فيما يقدم بالتعليم الأولي، وهذا المجال غير مقنن ويجب تقنينه لأن الطفل في سن التعليم الأولي يحتاج إلى أنشطة التفتح في الوقت الذي يتم مطالبته بالحفظ والاستظهار. كما تكون هناك صراعات وضغوطات على هذا الطفل في التعليم الأولي. لذلك لابد من توحيد ما يتم تقديمه في المدارس التي تقدم تعليما أوليا. أما في العالم القروي فعلينا أن نجد له طريقته، وأن نفكر في تقديمه، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الطبيعية والمناخية والاجتماعية، التي يعيش فيها هؤلاء الأطفال الصغار.
- هذا تأكيد منك على أن الوزارة عازمة على أخذ ظروف العمل بعين الاعتبار مستقبلا.
نعم، وأضيف أن هناك آلافا من الأساتذة ولجوا مهنة التدريس دون تكوين خلال السنوات الأخيرة، ونفكر في أن نخلق لهم نواة للتكوين والمصاحبة في إطار ما أسميناه شبكات المدارس التي ستشتغل في هذا الإطار، وسنقوم بمصاحبة هذه الفئة من الأساتذة الذين لم يتلقوا أي تكوين كي يواكبوا المستجدات التربوية والتكوينية، وكي نتمكن من السير في خط واحد من أجل الإصلاح ...
- نعرج الآن على علاقة الوزارة بالفرقاء الاجتماعيين، إذ أن العديد من البيانات النقابية تتهمك باتخاذ قرارات انفرادية دون استشارة الفرقاء.
منذ عينت على رأس هذه الوزارة استدعيت السادة الكتاب العامين للنقابات، فأخبرتهم بأن باب الوزارة مفتوح، وأنني أعتبرهم شركاء، فقررنا أن نشتغل بشكل جماعي، وعقدنا اجتماعات أخرى وشكلنا اللجان الموضوعاتية حول القضايا الآنية، وهي تشتغل ولم تتوقف، رغم وجود بعض الصعوبات يتم تجاوزها. كما تلقيت منهم مذكرات حول الإصلاح، وأخذت على عاتقي المشاكل الآنية، ونحن ننسق مع وزارة الوظيفة العمومية ووزارة المالية. لكن أود أن أقول إن هناك بعض الأشياء التي يجب أن تكون واضحة، سواء بالنسبة إلينا أو بالنسبة إلى شركائنا، وهي أنني وزير للتربية الوطنية ومسؤوليتي هي تجاه التلاميذ والقطاع، وطبيعي أن أدافع عن هذا الأمر. فأنا قد يكون لدي موقف من قضية معينة، فيما النقابات تدافع عن الأساتذة أو أي شريحة من الموظفين. لذا يمكن أن لا تلتقي وجهات النظر في بعض الأحيان حول نقطة معينة، فإذا لم نتوافق حولها يبقى القرار للوزير، الذي يتحمل مسؤوليته في القرار الذي يتخذه حينها. كذلك لا يمكن أن نتشاور في جميع الأشياء لأن هناك قضايا تكون آنية وتتخذ فيها قرارات، لكننا نفسر ونشرح للشركاء وللمعنيين بها. وأنا أؤكد من جهتي ألا مشكلة لدي مع الفرقاء الاجتماعيين، وأنا استدعيتهم إلى لقاء الثلاثاء لنقاش الدخول المدرسي والحصيلة والمشاكل المطروحة. هناك بعض النقابيين الذين طلبوا مني في الأسبوع الأخير جلسات استعجالية، وقد استقبلتهم وناقشنا المواضيع التي حضروا من أجلها .
- وماذا عن علاقتك بنقابة مفتشي التعليم، التي يبدو أنها لازالت متوترة؟
بالنسبة إلى نقابة مفتشي التعليم، عندما تحملت مسؤولية الوزارة وجدت وضعا سابقا، وهذا الوضع فاجأني، لأنني كنت أعرف المفتشين عندما كنت في الوزارة سنة 98، والصورة التي كانت في ذهني هي أنهم أناس مسؤولون، ويمكن التعامل معهم، وهم قاموا بمجهودات كبيرة في مسلسل الإصلاح. لكنني فوجئت باحتجاجاتهم المتكررة والشعارات التي رفعت في وجهي خلال ترؤسي المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.
- هل كان بابك مفتوحا لهم؟
نعم، وهم لم يعطونا حتى الفرصة لمنحهم موعدا للقائهم. كما أنهم اتخذوا بعض الإجراءات غير المقبولة، إذ رفضوا تقديم برنامج عملهم، وقاطعوا مجموعة من المحطات المهمة، وأنا أقول وأؤكد أن باب الوزارة مفتوح لهم، وقد كانت الفرصة ملائمة حين أطلقنا مشاورات موسعة حول المنظومة التربوية فراسلناهم لطلب حضورهم، لكنهم قاطعوا تلك المشاورات على المستوى الجهوي، وشاركوا على المستوى الوطني، وقد سررنا بمشاركتهم. كما أني التقيت بمسؤولين منهم، وحددنا معهم موعدا للقاء يوم 20 شتنبر. يجب التأكيد على أن الضغط لا يأتي بنتائج وعلينا التصرف بروح الوطنية والمساهمة في البحث عن حلول لهذه المنظومة. وقضية تمثيليتهم في المجلس الأعلى للتعليم بعيدة عن الوزارة وتهم المجلس الأعلى للتعليم.
- نعلم أن عدد الأساتذة الجدد هو 7000 والذي تقلص بـ 1000 مقارنة بالسنة الماضية، في ظل استمرار الخصاص في القطاع، واستمرار الاكتظاظ والأقسام المشتركة. كيف تدبر الوزارة هذا الوضع؟
الميزانية أعطتنا 7000 منصب، علما بأن عدد الأساتذة الذين أحيلوا على المعاش كان تقريبا 8000، وهذا الأمر كان مقررا في مشروع المالية قبل مجيئي إلى الوزارة. بطبيعة الحال هناك نقص في الموارد البشرية، ونحاول البحث عن حلول، لكننا فوجئنا هذه السنة بتوصل الوزارة بـ4600 طلب للتقاعد النسبي، إضافة إلى عدد المتقاعدين، وهذا المعطى المتعلق بالتقاعد النسبي لم يكن حاضرا لدينا، ولم نكن نتوقعه ولا يمكننا توقعه.
- ربما هؤلاء يتخوفون من الإجراءات التي يمكن اتخاذها في حال تطبيق ما جاء في مشروع إصلاح أنظمة التقاعد.
هذا ممكن، لأن هذه السنة كانت استثنائية في الطلبات المقدمة لطلب التقاعد النسبي، ويمكن أن يكون المبرر الذي طرحته حاضرا. أما بالنسبة إلينا فقد أصبحنا أمام 12600 سيغادرون مناصبهم بين المتقاعدين والراغبين في التقاعد النسبي، وهذا حقهم، لكن المسؤولية كبيرة كذلك تجاه التلميذ. ومن باب الوطنية، فإن الأستاذ المقبل على التقاعد في الشهور المقبلة يكمل مع تلاميذه الموسم الدراسي، وسيحافظ على حقوقه المادية كاملة. وكيفما كانت القرارات التي يمكن أن تتخذ في مشروع إصلاح التقاعد فإنها لن تطبق على هذه الفئة من المتقاعدين.
- لماذا لم تطلب الوزارة هذا الأمر بشكل حبي، وتم إخراج مرسوم يجبرهم على الاستمرار في ممارسة عملهم إلى نهاية السنة؟
هناك حالة استعجالية، ويجب أن نكون موضوعيين وراشدين في اتخاذ القرارات، والموضوع تم طرحه منذ يونيو الأخير، وهذا الأمر كان العمل به جاريا، لكن تم توقيفه ولا ندري سبب ذلك. وهذا القرار اتخذته الحكومة لإيجاد حلول لآلاف التلاميذ، الذين كانوا سيبقون دون أساتذة في شهور وسط الموسم الدراسي، وكان يمكن ألا تتخذ الحكومة أي قرار في هذا الاتجاه، لكن من غير المقبول ترك التلاميذ بهذا الشكل. كما أن مسألة توديع المتقاعد لتلاميذه في منتصف الطريق أمر صعب شيئا ما، وإحياء هذا المرسوم هو بمثابة البحث عن حلول لضمان استفادة التلاميذ من سنة دراسية وبيداغوجية كاملة وهذا حق للتلاميذ يجب ضمانه.
أما عن مسألة الاكتظاظ والأقسام المشتركة، فهذا المشكل مرتبط بمشاكل العالم القروي ككل، لأن هناك تشتتا للقرى لا يمكن معه وضع مؤسسة في كل قرية. ونحن نحاول إيجاد حلول في هذا الاتجاه بفتح فرعيات جديدة كل سنة، رغم أنها تطرح مجموعة من المشاكل، ونحن نسير في تجربة المدارس الجماعاتية لحل هذا المشكل، رغم أنها هي الأخرى تطرح مشاكل أخرى، كمشكل الأطفال الصغار الذين يلجون الداخليات في سن مبكرة. لذا نحن نفكر في تحسين فكرة المدارس الجماعاتية، كتوفير النقل المدرسي للتلاميذ الصغار، وهذه الإجراءات لن تتم بعصا سحرية، إذ لا بد من وقت لإنجاز ما يمكن إنجازه.
- قوبلت الباكالوريات ذات الشعب الدولية بانتقادات لاذعة من طرف العديد من الأطراف، التي اعتبرتها إضعافا للباكالوريا العادية وبأنها لن تخدم التلاميذ المغاربة في شيء . كيف تردو على هذا الأمر؟
كي نكون واضحين، فقرار هذه الباكالوريا اتخذ قبل مجيئي إلى الوزارة، وتمت دراسته منذ سنة 2009، واتخذت فيه قرارات في إطار الحكومة، وانطلق العمل بها بست مؤسسات في سنة 2013، وعندما جئت إلى الوزارة كان كل شيء يتعلق بهذه الباكالوريا موجودا، وقد اكتشفت بأن التجربة انطلقت ولا يمكن توقيفها، بل فقط نخضعها للمتابعة. هناك من يتحدث عن تعزيز اللغة الفرنسية، وهذا الأمر منصوص عليه في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، في الشق المتعلق بتعزيز اللغات، فلماذا يتحدث هؤلاء عن توقيف التجربة؟ نحن قمنا بتقويم أولي للتجربة، وتبين أنها إيجابية. ما هو مطروح الآن هو استعمال اللغات في تدريس بعض المواد في هذه الباكالوريا، ومن يتوفر على مستوى جيد من التلاميذ في هذه اللغات بإمكانه ولوج هذه الباكالوريا، تماما كما يحدث في تخصص العلوم الرياضية أو التقنية التي يلجها التلاميذ المجدون، ونحن نشتغل على تحسين اللغات في الإعدادي، وسيبقى الاختيار للجميع: إما ولوج الباكالوريا المغربية للشعب الدولية أو الباكالوريا العادية أو العلوم الرياضية. اليوم هناك فرص شغل كثيرة في المغرب تحتاج إلى اللغات واللغة الفرنسية بالتحديد، والمستقبل كله مرتبط بالانفتاح على اللغات الأخرى.
قوبل قرارك بعدم الترخيص لموظفي قطاع التعليم من أجل متابعة دراستهم بالرفض والانتقاد، واعتبر الأمر تضييقا على نساء ورجال التعليم، وضربا لأحد حقوقهم الدستورية. كما أنك اتخذت قرارا بمنع الموظفين من اجتياز مباريات المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. نريد منك توضيحا في هذا الأمر.
بالنسبة إلى قضية الراغبين في ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، هؤلاء تعاقدوا مع الوزارة كي يدرسوا أبناء الشعب، وهذه هي مسؤوليتهم، فوزارة التربية الوطنية توفر لهم كل آليات الترقية الممكنة ولها نصوصها وقوانينها، وحتى الترقية بالشهادات لم تعد أمرا ممكنا إلا بمباراة. هناك أساتذة يدرسون الفرنسية ويحصلون عل ماستر في الدراسات الإسلامية ويطلبون ترقيتهم وتغيير إطارهم في المادة الجديدة «الدراسات الإسلامية». هؤلاء يزاحمون المعطلين الراغبين في الحصول على منصب شغل جديد. من جهة ثانية من أراد ولوج مراكز التكوين مرة ثانية عليه تقديم استقالته والتقدم للمباراة.
- لكن هناك من يتوفرون على السلم 11 وهم في وضعية مريحة، فقط يريدون متابعة دراستهم الجامعية من أجل الرقي بمستواهم المعرفي وتكوينهم الذاتي، فلماذا يتم حرمانهم من هذا الحق؟
أنا ليس من حقي منعهم من متابعة الدراسة، ولكن من جهة ثانية أنا مسؤول أمام التلاميذ، وهمي أن يكون الأساتذة حاضرون في أقسامهم ويقومون بتدريسهم «فقط»، ومن أراد متابعة دراسته فليذهب، فأنا لا أمنعه، لكن لا يمكنني أن أمنحه ترخيصا بذلك ..
لكن الجامعات اشترطت عليهم الإدلاء بتراخيص متابعة الدراسة من الوزارة.
«هاداك شغلهم». أنا أريد الأستاذ في القسم، وسأقوم بجميع الوسائل ليكون في القسم. كما أني لن أعطي هذا الترخيص. نحن نتوفر على إحصائيات للأساتذة المسجلين بجامعات تبعد عنهم بمئات الكيلومترات، وسنقوم بنشر هذه الإحصائيات مستقبلا في إطار الشفافية، ومن يريد إتمام دراسته فليتفرغ لها. الخلاصة أني لا أمنع ولا أرخص في هذا الأمر.
الحركة الانتقالية قضية معقدة لن تحل بسهولة
- أين وصل النظام الأساسي لنساء ورجال التعليم، علما أن اللجان الموضوعاتية تشتغل في هذا الإطار؟
هذا كله راجع إلى استمرار عمل اللجان الموضوعاتية، التي ينتظر أن تواكب عملها مع بداية الموسم، ونحن نشتغل في تنسيق تام مع وزارة الوظيفة العمويمة، التي اقترحت حضور ممثلين عنها لمواكبة عمل اللجان، ونحن نعتبر النظام الأساسي ضمن الأولويات التي نشتغل عليها.
- كان هناك نقاش كبير حول موضوع الحركات الانتقالية، التي لم تعد نتائجها تقنع نساء ورجال التعليم. هل ستتم مراجعة آلياتها؟
الكل يعلم أن هذه العملية معقدة ولن تحل بسهولة. صحيح أن هناك مجهودا كبيرا تم منذ سنوات، كمكننة العملية على الصعيد الوطني، التي قلصت من مسألة «التدخلات» في العملية، وقد تم اعتماد البرنامج جهويا ومحليا، لكن هناك بعض المشاكل التي تطرح مع بداية كل موسم دراسي فيما يخص الموارد البشرية، ويكلف المسؤولون جهويا وإقليميا بتدبير مسألة الفائض والخصاص. وقد تحدثنا مع الفرقاء حول موضوع الحركات الانتقالية، لكن مع الصيغة المعتمدة يصعب الاستجابة لجميع الطلبات، لأن هناك مناطق استقطاب يقع عليها الضغط، وهناك مناطق أخرى لا يقع عليها الضغط. والحل الذي يجب أن نخلص إليه هو أن المتخرجين من المراكز السنة المقبلة سيكون تعيينهم جهويا في الجهة التي يوجد بها مركز تكوينهم، ونحن نتدارس مع الشركاء ومع الوظيفة العمومية مسألة التوظيف على مستوى الأكاديميات. كما سنحاول البحث عن آليات لتفادي الرغبات الكثيرة في الانتقال عبر تعيين أبناء بعض المناطق في المناطق التي يتحدرون منها والتي يرغبون في التدريس فيها.
- وماذا عن مصير تعويضات العمل في العالم القروي؟
في إطار النقاش مع وزارة المالية، نؤكد على موقفنا بأن المواضيع التي اتخذت فيها قرارات يجب أن تطبق. لكن هذا القرار لا يهم وزارة التربية الوطنية فقط، بل يهم القرار الحكومي على اعتبار أنه يهم باقي القطاعات. غير دورنا يبقى هو وضع الأسئلة على المسؤولين، ونحن نتابع الملف ولدينا فيه أفكار جديدة ستأخذ طريقها. وهناك أيضا مشاكل تتعلق بالأزمة المالية ستكون حاضرة في مثل هذه القرارات .
- وهل فعلا اتخذت قرارا بإنهاء تفرغات بعض النقابات؟
سجلنا أن هناك تفرغات غير مبررة، وهناك نقاش حول هذا الموضوع حتى بالنسبة إلى النقابات، وقد قررنا أن نعرف ما هي هذه النقابات التي تحصل على تفرغات ومن هم متفرغوها؟ وأين هم؟ علينا أن نعرف كم هو عدد المتفرغين في كل نقابة. التفرغ يجب أن يمنح سنة واحدة تجدد أو لا تجدد. لكن الملاحظ، اليوم، هو أن هذه التفرغات تصبح «تفرغات مدى الحياة»، وهذا غير معقول. ونحن سنتدارس رأي النقابات في هذا الموضوع، حسب المساطر، التي سيتم تهييئها، وسنكون عادلين، ولن نقصي أحدا، ومساعدة أي نقابة ستكون حسب حجمها. وعلى النقابات أن تفكر في مسألة «المتفرغ مدى الحياة» تجديدا للنفس وللدماء، فهذا في مصلحتها، حتى لا نصبح أمام «محترف للتفرغ»، ونحن نحتاج إلى شيء من المنطق في هذا الجانب. وللإشارة، فهناك بلدان لا تمنح تفرغات للنقابات على اعتبار أن هذا الأمر تطوعي، فالمتفرغ يؤدى راتبه من قبل نقابته، وهكذا يمكن أن ينتقد كما يشاء، رغم أننا لن نذهب في هذا الاتجاه. نحن نحتاج إلى نزهاء فكريا في هذا المجال، إذ من غير المعقول أن أجالس مسؤولا ويخرج ليقول كلاما آخر غير الذي تم تداوله في الاجتماعات الرسمية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire