بصدد القضية الأمازيغية حوار مع الرفيق عبد الله الحريف...//
حوار مع الرفيق عبد الله الحريف...//الكاتب الوطني السابق للنهج الديمقراطي
بصدد القضية الأمازيغية
********************
هذا الحوار سبق أن اجرته احدى الصحف مع الرفيق عبد الله الحريف لكنه لم يجد طريقه للنشر، لأنه لازال يحافظ على راهنيته فإننا ننشره عبر الموقع تعميما للفائدة.
الموقع
السؤال الأول:
كيف تنظرون لعلاقة السياسي بالثقافي في الحركة الأمازيغية ؟
جواب:
قبل الجواب على سؤالكم، لابد من توضيح ما يلي:
إن الثقافة السائدة هي ثقافة التكتل الطبقي السائد الذي يتميز بكونه تبعي للأمبريالية، وخاصة الفرنسية. وبالتالي، فإن الثقافة السائدة هي، بالأساس، الثقافة الفرنسية، واللغة السائدة هي اللغة الفرنسية. أما الثقافة واللغة، أكانتا عربيتين أو أمازيغيتين، فهما مسودتين ومهمشتين إلى هذا الحد أو ذاك. لكن مع ذلك يجب الإقرار أن اللغة والثقافة الأمازيغيتين تعانيان من تهميش مضاعف.
كما أن السؤال يفترض أن هناك حركة أمازيغية موحدة لها نفس الموقف من العلاقة بين السياسي والثقافي. والحال أن الحركة الأمازيغية ليست متجانسة لأنها مخترقة بالصراع الطبقي. فالحركة الأمازيغية تتشكل، بالأساس، من شرائح مثقفة أو لنقل متمدرسة تنتمي، بشكل عام ،للبرجوازية الصغرى المتذبذة بين حلم التسلق الاجتماعي وواقع تردي وضعها المادي. فلا غرابة والحالة هاته أن تسعى بعض النخب التي كانت مؤثرة وسط الحركة الأمازيغية إلى الالتحاق بالمشروع المخزني واستعمال الدفاع عن الأمازيغية مطية لتحقيق مطامحها الوصولية (وحالة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية واضحة في هذا المجال). فبالنسبة لهذه النخب تتجلى العلاقة بين الثقافي والسياسي في خدمة المشروع المخزني لمعالجة القضية الأمازيغية ،أي خدمة القوة (المخزن) التي تتحمل ،ومند قرون ،القسط الأوفر من المسؤولية في تهميش الثقافة واللغة الأمازيغيتين.
أما نخب أخرى من داخل الحركة الأمازيغية، فهي ترى العلاقة بين الثقافي والسياسي في نفي العنصر العربي في هويتنا الوطنية وتسعير العداء ضد العرب بإسم مواجهة "القومجية" وهي بالتالي، بقصد أو بدون قصد، تسعى إلى عزل المغرب عن محيطه وإمتداده الطبيعي، أي العالم العربي، والمزيد من تعميق تبعيته للغرب الامبريالي. ومن الطبيعي أن تصبح هذه النخب الهامشية والأكثر غلوا في الشوفينية متصهينة. فالعلاقة هنا بين الثقافي والسياسي تتمثل في توظيف الدفاع عن قضية عادلة ومشروعة لخدمة المشاريع الامبريالية – الصهيونية في المنطقة الهادفة إلى المزيد من تفتيث المنطقة إلى كيانات ضعيفة عبر إثارة النعرات الاثنية والدينية وغيرها.
وهناك إتجاهات داخل الحركة الأمازيغية، ومن منطلق خوفها في نفس الآن من الكادحين ومن التكتل الطبقي السائد والنظام، تناضل بصدق من أجل القضية الأمازيغية، لكنها تتلافي طرح سؤال على من تقع مسؤولية التهميش الذي يطال الثقافة واللغة الأمازيغيتين أي مسؤولية النظام المخزني والقوى الإجتماعية التي يرتكز إليها (الإقطاع ثم الكمبرادور و ملاكي الأراضي الكبار...). إنها بالتالي ترفض ربط هذه القضية بالصراع الطبقي ممهدة بذلك الطريق لإستيعابها من طرف التوجهات الرجعية ،إما المخزنية أو الامبريالية.
وهناك داخل الحركة الأمازيغية قوى تدافع عن القضية الأمازيغية وتتبنى شعارات دسترة الأمازيغية كلغة رسمية وثقافية وطنية ورفع التهميش عن المناطق ذات الخصوصيات كالريف والأطلس وسوس عبر تمتيعها بأقصى قدر من التسيير الذاتي، لكن دون عزل ذلك عن نضال الطبقة العاملة وعموم الكادحين من أجل التحرر والديمقراطية والاشتراكية.
إذن لا يمكن أن نتكلم، بشكل عام ومجرد، عن علاقة الثقافي بالسياسي في الحركة الأمازيغية لأنها مخترقة بمشاريع ثقافية وسياسية مختلفة ومتناقضة إلى هذا الحد أو ذاك. فهناك من يستعمل الثقافي لخدمة استمرار الإستبداد والقهر والإستغلال والتبعية، وهناك من يستغله للتشويش على تطور الوعي الطبقي وعرقلة الصراع الطبقي، وهناك من يسعى إلى أن تصبح الثقافة الأمازيغية الشعبية، بإعتبارها تعبيرا عميقا عن تطلعات وآمال وآلام جماهير غفيرة من الشعب المغربي، رافعة للنضال ضد الإستبداد والإستغلال والتبعية ومن أجل التحرر والديمقراطية والإشتراكية.
سؤال الثاني:
في رأيكم ما هي أسباب العزوف السياسي والحزبي داخل الحركة الأمازيغية؟ أو بمعنى آخر الموقف السلبي من الأحزاب بشكل عام ؟
جواب:
ليس هناك عزوفا سياسيا لدى أوسع الجماهير الشعبية كما تروج لذلك بعض المنابر والقوى .فالمقاطعة العارمة للإنتخابات هي، في الغالب، تعبير عن موقف سياسي من المؤسسات "الديمقراطية" المزعومة التي كرست الفقر والإستبداد والقهر.
طبعا هناك موقف سلبي من الأحزاب بشكل عام. ويتحمل مسؤولية ذلك:
أولا وأساسا النظام الذي أستطاع تدجين الأغلبية الساحقة من الأحزاب وتحويلها إلى أدوات طيعة، وفي أحسن الأحوال، إلى مجرد وسائط بين الدولة والمجتمع ،عوض أن تكون معبرة على مصالح طبقات شعبية وحاملة لمشاريع مجتمعية. وكذلك لإن النظام الملكي يحتكر على السلط ويهيمن على كل المجالات ويزكي فكرة أن الأحزاب لا قوة ولا حول لها.
ثانيا الأحزاب التي تقبل أن تمثل دور الكومبارس في مسرحية يحرك النظام كل خيوطها وتساهم في تزكية "ديمقراطية" الواجهة مقابل بعض الفتات التي تمنحه السلطة. ومادام العمل السياسي بدون رهان ،و بالتالي مادامت الأحزاب القابلة باللعبة مجرد ديكور، فلا غرابة أن يهجرها المواطنات والمواطنون وتملئها كل أصناف الإنتهازيين والوصوليين الذين يبحثون عن خدمة مصالحهم الخاصة فقط.
سؤال الثالث:
ما موقفكم من تأسيس أحزاب سياسية أمازيغية ؟
جواب:
إن بناء أحزاب سياسية حقيقية يجب، في إعتقادي، أن يرتكز على تمثيل والدفاع عن مصالح طبقية أو فئوية وليس على تمايزات ثقافية أو لغوية أو دينية. والحال أن ما يجمع بين فلاح أو عامل أو كادح بشكل عام لغته الأصلية هي الأمازيغية بكادح لغته الأصلية هي العربية أعبر بكثير ،من الناحية الموضوعية، مما يجمع كادحا أمازيغيا بإقطاعي أو برجوازي كبير أو حتى برجوازي صغير أمازيغي. ونفس الشيء بالنسبة للكادح العربي. فبناء أحزاب على أسس تتعلق بالبنية الفوقية (الدين، اللغة، الثقافة، الإثنية....) يساهم في عرقلة تطور الوعي الطبقي ويؤدي إلى تحويل تناقضات ثانوية وسط العمال الفلاحين وعموم الكادحين إلى تناقضات أساسية ويساهم في تفتيت وحدتهم.
لذلك فعلى القوى الممثلة لمصالح الطبقة العاملة والفلاحين وعموم الكادحين و المؤهلة أكثر من غيرها للدفاع عن الثقافة الأمازيغية في بعدها الأكثر إشراقا وتعبيرا عن وجدان الجماهير الكادحة أن تكون في طليعة النضال من أجل إنعتاق الكادحين وفي نفس الوقت من أجل الحقوق المشروعة والعادلة للأمازيغيين.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire