قراءة في نكسات حكومة ابنكيران
قراءة في نكسات حكومة ابنكيران
سامي ملوكي
سيناريوهات درامية تلك التي لحقت بالعديد من وزراء الحكومة الحالية، الذين
خانتهم التجربة ووجدوا أنفسهم محط سخرية وإشفاق العديد من فئات الشعب
المغربي العريضة، بعد أن ووجهت إجراءاتهم بالرفض والاحتجاج تارة، وبالعصيان
والتمرد والبيدقة تارة أخرى...
لا أحد يجادل في أن هؤلاء الوزراء
يعيشون إحباطا داخليا وخيبة أمل مما آلت إليه قراراتهم التي أقروها بنوع من
الحماسة الزائدة عن اللزوم وغير المحسوبة ورد الفعل العنيف اتجاهها.
ولأنهم أوهموا أنفسهم بكونهم هم من يتخذ القرار، وهم أعلى سلطة على رأس
وزاراتهم استبشروا خيرا، بدؤوا يرفعون شعارات من قبيل محاربة الريع
الاقتصادي والفساد وتخليق الحياة العامة وغير ذلك من الشعارات الرنانة. فهل
تم فعلا تطبيق هاته الشعارات على أرض الواقع؟ وهل توفق هؤلاء الوزراء في
ذلك؟ وماذا كان رد فعل الشعب اتجاه هذه الإجراءات وطبيعتها؟ وهل استفاد
منها ؟
بغية الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها آثرنا أن نعطي نماذج بعض الإجراءات المتخذة من قبل وزراء محسوبين الحكومة الحالية.
بدأت أولى شرارات الحماس الزائد مع وزير النجهيز النقل عبد العزيز رباح
الذي اعتبر بأن إعلان وزارته لائحة المستفيدين من الكريمات إنجازا كبيرا
وغير مسبوق، قد نتفق معه في جانب لأنه امتلك نوعا من الجرأة في ذلك، لكننا
نختلف معه في جوانب عديدة، بكل بساطة لأن ذلك غير كاف،لماذا؟ باعتبارنا
مغاربة كنا ننتظر أن يتم التدقيق في طبيعة من يمتلكونها وأن تكون هناك جرأة
حقيقية من أجل سحبها ممن لا يستحقونها، لا أن نرى أسماء من يستفيد منها
فقط ونشعر "بالحكرة" لعدم اتخاذ أي إجراءات من شأنها المحاربة الحقيقية
لاقتصاد الريع، ولعل هذا ما يسمى بذر الرماد على العيون الذي يحسب للعدالة
والتنمية تجاوزا (لأن هناك من استيقظ من وزراء الحكومة السابقة ليقول بأن
اللائحة المعلن عنها كانت موجودة سلفا، وأن رباح فقط اكتفى بإعلانها
وإخراجها إلى حيز الوجود).
خبث حسن النوايا، وعدم قدرة حكومة حزب
العدالة والتنمية ستتضح أكثر عندما ستعجز حكومة بنكيران عن الكشف
علىاللائحة النهائية للمستفيدين من رخص مقالع الرمال ورخص الصيد في أعالي
البحار خوفا من الدخول في صراعات مع جهات نافدة في الدولة، وذات تأثير على
العديد من القرارات، وهي بمثابة لوبي داخلي. فأين هي الجرأة المتحدث عنها؟
وأين هي تجليات محاربة اقتصاد الريع أم
أن ذلك ذهب في مهب الريح؟ وهل
يعقل أن نقول إن الحكومة الحالية كمثيلاتها السابقة مادام أنها تنصاع
لضغوطات اللوبيات الداخلية منها والخارجية.
نكسة أخرى أصابت حماس وزير
آخر من الحزب نفسه هو وزير الاتصال مصطفى الخلفي، بعد أن خلف دفتر التحملات
الذي أعده بخصوص قنوات القطب العمومي جذلا واسعا بين مختلف الفرقاء، ما
أدى إلى رفضه من قبل العديد من الجهات وكذلك القائمين على القناتين الأولى
والثانية. فظهر بذلك نوع من التمرد والعصيان على الوزير المسكين ولم تحترم
خصوصياته( بغض النظر عن اتفاقنا مع مضمون ما جاء به دفتر التحملات أو عدم
اتفاقنا معه).
هكذا، أهين الوزير مصطفى الخلفي بطريقة مذلة وفي واضحة
النهار بأن تم تشكيل لجنة على رأسها نبيل بن عبد الله (وزير السكنى
والتعمير ووزير اتصال سابق)، عهد إليها إعادة النظر في دفتر التحملات. وهو
خرق سافر للدستور الجديد الذي تتبجح وتفتخر حكومة عبد الإله بنكيران بسعيها
إلى تنزيل روحه كما تدعي.
استمر مسلسل العبث مع وزراء بنكيران، وعدم
احترام التخصصات عندما تم تهميش وزير التشغيل عبد الواحد سهيل في قضية وضع
إستراتيجية شاملة للتشغيل بعد أن كثرت الاحتجاجات من مختلق فئات الشعب
المغربي التي كانت تنتظر الشيء الكثير من هذا القطاع الحساس، أي أنها تنتظر
إجراءات عملية من الوزارة الوصية نفسها( وزارة التشغيل) بتنسيق مع رئيس
الحكومة عبد الإله بنكيران، لكن هذا الأخير، وضع الوزير المسؤول جانبا،
وبكل برودة دم أناط المهمة لوزير الدولة -بدون حقيبة- عبد الله باها ما خلف
سخرية العديد من المتتبعين للشأن العام، باعتبار أن في ذلك نوع من الخرق
للدستور الجديد.
وبما أن العديد من فئات الشعب المغربي انتظرت أن
يكون هناك تغييرا في هذا البلد بتعطش كبير، خاصة المعوزة التي أثرت فيها
الخطابات الشعبوية البنكيرانية وما جاورها، فقد استبشرت خيرا بقدوم حكومة
عبد الإله بنكيران، وانتظرت منها إجراءات استعجالية غايتها تخفيض سعر
المواد الأساسية المساعدة على العيش الكريم والرفع من القدرة الشرائية
للمواطن المغربي. لكن الوزير محمد بوليف المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف
بالشؤون العامة والحكامة وبتنسيق مع عبد الإله بنكيران خالف المألوف، ورفع
من سعر البنزين بشكل صاروخي ودون سابق إنذار عوض أن يستجيب لمطالب
الاحتجاجات العديدة هنا وهناك لفئات الشعب العريضة، التي أخذ الملل يسكنها
من جراء انتظار ترجمة ما وعد به عبد الإله بنكيران في حملته الانتخابية
وبعدها, كذلك الأمر بالنسبة للوزير محمد بوليف الذي أكد على أن الدولة
ستعطي الأولوية للجانب الاجتماعي. السؤال الذي يطرح في هذا الصدد هو أو لم
يع رئيس الحكومة تبعات هاته الزيادة وتأثيرها على القدرة الشرائية للمواطن
المغربي؟
إن التطمينات المقدمة أكدت على أنه ليس هناك تأثير، لكنه ومع
مرور الوقت اتضحت تبعات هذا الإجراء من خلال ارتفاع الأصوات المطالبة
بإسقاط الحكومة الحالية، باعتبارها قد خذلت انتظاراتها ولم تأت بجديد، بل
كانت أكثر تشددا مع مطالب أبناء الشعب واحتجاجاتهم من خلال المواجهة بالعنف
والمقاربة الأمنية التي أثبت التاريخ القريب عدم جدواها.
نتساءل بناء
على ما ذكرناه سالفا من نماذج عن بعض الإجراءات التي قام بها بعض وزراء
حكومة بنكيران وتجليات تأثير هاته الإجراءات، هل يا ترى حكومة عبد الإله
بنكيران قادرة على إخراج نفسها من عنق الزجاجة التي التي وضعت نفسها فيها
أم لا.....؟
Aucun commentaire:
La publication de nouveaux commentaires n'est pas autorisée.