lundi 19 mars 2012
قصة تعديب صحفي إيراني
ان صورة الرجل المعلق هى صورة الصحفى الإيرانى « هوشانج أسدى » الذى يبلغ من العمر ٢٦ عاماً ، بينما كان « على خامنئى » يبلغ من العمر ٣٧ عاماً حين التقى الاثنان فى زنزانة من زنازين الشاه ، قبل قيام الثورة الإسلامية فى إيران ، لم يكن هوشانج يعرف أن زميله فى الزنزانة سيكون يوماً ما المرشد الأعلى فى إيران ، وصاحب الأمر والنهى والولاية ، لكنهما ... حسبما جاء فى مذكراته التى عنونها باسم « رسائل إلى معذبى » ... بانهما كانا يحلمان بالعدل والحرية والكرامة ؛ وسط سياسات التعذيب والتنكيل التى تعرضا لهما فى عهد الشاه .
كان الأول « شيوعى » والثانى « إسلامى » ، لكن كليهما جمعت بينهما المعارضة للقمع والاستبداد ، والتطلع إلى حرية تحمى كرامة الإنسان ، لقد تشاركا الاثنان الزنزانة والتعذيب والحياة ... تصادقا وتبادلا الحكايات ، وعندما حان موعد الفراق وصدر قرار بترحيل « هوشانج » من سجنه ، تعانقا فى لحظات الوداع وبكيا ، وقال له « خامنئى » :
« فى ظل حكومة إسلامية ؛ لن يذرف برىء دمعة » .
كان « خامنئى » فى وقتها يعى ما يقوله تماماً ويؤمن به ، فنظرة واحدة لسطور « هوشانج » عن رفيقه فى السجن وعن تقواه وورعه ورقته وقبوله للآخر حتى لو كان « ملحداً » تكفى لتخرج بهذا الاستنتاج ، لكن الصديقين افترقا ... وغادرا السجن .
وقامت الثورة الإسلامية فى إيران ، وتشكلت الحكومة التى كان يحلم بها « خامنئى » ... والذى قال عليها إن بريئاً لن يذرف دمعة فى ظلها ، ولكن بعد سنوات قليلة كان « خامنئى » يصعد فى سلم السلطة الجديدة ، وكان فى نفس الوقت « هوشانج » يعود إلى الزنزانة ذاتها التى كان فيها اثناء حكم الشاة ، فلم يتغير منها سوى أنها صارت انفرادية دون صحبة الشيخ التقى ، وتغير السجان من حكم الشاه إلى حكم « الملالى » .
كان « هوشانج » شاباً يتوق للحرية وكان يؤمن أن ايران يمكن أن تتغير ، لذلك وقف إلى جوار الثورة الاسلامية ... وهو يؤمن بشدة بأن الديكتاتورية ستنتهى إلى الأبد ، وبراعم الحرية ستتفتح ، لكنه فجأة وجد نفسه فى الجحيم ....
معذبه ظن أنه يمثل الله على الأرض ، ورائ فى " هوشانج " جاسوساً وخائناً للثورة ... وبكل الاتهامات التى وجهها إليه ؛ أجبره تحت الجلد والحرمان من النوم والتعليق بحبل طوال أيام وليال ؛ وتهديده بأن زوجته تخضع أيضا للتعذيب ، على الاعتراف بسلطتة الالهية على الارض .
غادر " هوشانج " سجنه بعد سنوات تاركا ايران إلى باريس ، وهناك شاهد فى احدى الحفلات السفير الإيرانى فى كازاخستان ، ولم يحتاج جهداً ليعرف أنه نفسه الضابط الذى كان يتولى تعذيبه والتنكيل به فى السجن قبل مغادرتة ايران .
تخطئ لو أخذت هذه القصة على أنها شأن إيرانى ، فالمسألة أكثر عمقاً من ذلك ومتكررة ، خاصة فى شعوب ثقافة الحريات فيها ليست أكثر من شعارات ، فلا تصدق داعيا للديمقراطية إلا بعد أن تشاهد تجربته فى السلطة ، لأن هذه اللعينة « السلطة » غيرت الشيخ التقى الورع الذى كان يبكى أثناء الصلاة ، وجعلته جلادا فى نظام لم يتورع عن استخدام كل أساليب القمع والتعذيب .
فليس كل من يقول « لا إله إلا الله» يصلح لتطبيق العدل الذى هو جوهر الشريعة الاسلامية ، وليس كل من يتحدث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان يمكن أن يكون أميناً على هذه القيم ، وإلا سيظل الأبرياء يذرفون الدموع انهارا ... لا تجف أبدا .
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
Aucun commentaire:
La publication de nouveaux commentaires n'est pas autorisée.