"لا حكم إلا لله" =========
" لا حكم إلا لله " و التي يعبر عنها أحيانا "بالحاكمية الإلاهية" أو "الإسلام هو الحل" كلمات ذات معنى واحد يواجهنا به الإسلاميون في مشارق الأرض و مغاربها شيعتهم و سنتهم.. مجتهديهم و سلفييهم.. حنابلتهم و مالكييهم.. شافعيتهم و حنفييهم.. معتزلتهم و أشاعرتهم.. ظاهرييهم و باطنييهم.. لنستخدم قليلا عقولنا و نناقش هذه المقولة "لا حكم إلا لله".. فأول ما يمكن أن تعنيه هو نفي الحكم عن الناس بالمطلق، و تخصيصه لله تعالى و هنا يكمن المشكل فالنصوص الإلهية لا تحكم مباشرة ، بل هي تحكم عبر الفهم الإنساني لها ، ومن بعدُ ، عبر التطبيق الإنساني النسبي لها . من هنا يتضح أن المقصود من هذه العبارة (= لا حكم إلا لله ) هو إبعاد الآخرين عن ممارسة أية سيطرة / حكم ، فلا يسيطر ولا يهيمن إلا الله . وبما أن حكم الله ليس مباشرا وإنما عبر وحيه (= نصوصه ) التي يفهمها البشر بعقولهم ويطبقونها في حدود قدراتهم ، فبزعمهم أن لا أحد يُعبّر عنها إلا هم ، وهم وحدهم العالمون بها والمؤتمنون على تنفيذها ، أما الآخرون فهم ما بين جاهل بها أوخائن لها . وهكذا تتحول كلمتهم الأولى من ( لا حكم إلا لله ) ؛ ليصبح مضمونها الوحيد : ( لا حكم إلا لنا = لا حكم إلا لفهمنا ) . وهنا يفرضون هيمنتهم باسم الله تعالى و يفرضوا أنفسهم كوكلاء مفوضين لتطبيق الشريعة.. الشيئ الأخطر الذي لا يظهر لكل من يسمع أو يقرأ أو حتى يتبنى هذا الشعار،بحسن نية أو بسوء نية،هو أن يكون الحزب أو التيار أو التوجه أو الطائفة أو المذهب ،في حس معتنقه ومتبنيه هو الإسلام الذي هو الحل.إن قياسا من هذا النوع هو قياس باطل .خاصة حين نعلم أن أقصر الطرق إلى التطرف هي طريق تبني الدين جهلا وتنطعا.حيث يصبح سلوك الإنسان صائبا وربما مقدسا،ليس بمقاييس الخطإ والصواب،ولكن بمقاييس الانتماء لهذا المذهب أو مفارقته.وحينها يصبح كل شيء مباحا بما في ذلك استباحة حرمة الآخر وهدر دمه .إن السلوكيات الخاطئة التي تنتج عن هذا المسلك في التفكير نراها ونعايشها في كثير من المجتمعات التي تمزقها النعرات الطائفية والمذهبية كما هو الحال في باكستان والعراق...ومن حين لآخر في مجتمعات إسلامية أخرى.. و هو ما عاشه المسلمون منذ المراحل الأولى التي تلت وفاة الرسول و المتصارعون بل المتقاتلون كانوا في غالبهم صحابة مقربين من الرسول (ص) و كان كل منهم يدافع على ما يعتقده صحيح الإسلام و يعتبر غيره خارجا عن الملة.. ألم يكن من الأفضل لهم و للإسلام أن يعلمنوا (من العلمانية) صراعهم و يعتبروه شأنا دنيويا سياسيا؟؟ لو فعلوا ذلك لكان المستقبل أفضل بكثير مما نعيشه الآن في العالم الإسلامي!!!! هنا تصبح الحاجة ماسة إلى نوع من العلمانية،باعتبارها آلية لتدبير الخلافات الدينية والمذهبية داخل المجتمع،و بذلك قد نخرج من الدائرة المغلقة التي تحشرنا فيها التيارات و الأحزاب الدينية التي تجعل من الدين ملكية خاصة بها و نجعله ملكية للجميع كما أراد الله تعالى.. بديهي أن الكثيرين يبنون رفضهم البات والمطلق للعلمانية باعتبارها نقيضا للإسلام، وهؤلاء لا يختلفون في شيء عن أولئك المتعصبين والمتطرفين الغربيين الذين لا يرون في الإسلام إلا التطرف والإرهاب .كلا الفريقين يصدر حكما مطلقا يستند فيه على تعريف خاص ووحيد يعرف به الأفكار التي يرفضها
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire