) جرت جريدة الأخبار (العدد 166 ليوم الخميس 30 ماي 2013) استجوابا مع نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد حول عدد من قضايا الوضع العام في بلادنا ومنها نظرتها "إلى موقف حزب النهج الديمقراطي من قضية الصحراء ومن تعاطيه مع مسألة تقرير المصير في الأقاليم الجنوبية" وهو سؤال ماكر اختتم به الاستجواب المذكور لتوريط منيب التي جاء ردها بمثابة هجوم وتجني وتشويه لموقف النهج الديمقراطي وصل إلى درجة التخوين.واليكم رد الرفيقة على السؤال أعلاه ننقله بكل أمانة كما ورد في آخر الصفحة الثامنة من الجريدة المذكورة:
"أولا يجب الاعتراف بأن مبدأ تقرير المصير مبدأ نبيل ونحن كمغاربة يجب علينا جميعا أن نقرر في مصيرنا،وكذا بالنسبة إلى كل الشعوب،لكن المبدأ لا يجب أن يستعمل في غير مكانه،فأن تكون تقدميا لا يسمح لك باسم أي مبدأ،بأن تساوم في أرضك أو تتخذ موقفا يحد من سيادة بلادك،وهذا معروف لدى كل الشعوب"
وتضيف "الأطماع والمخططات النيواستعمارية،خربت العراق وقسمت الصومال والسودان وهي تستهدف المغرب وربما غدا الجزائر لتستولي على خيراتنا وتحرمنا من بناء المغرب الكبير وتحقيق التقدم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.ما يعرفه الرفاق في النهج الذين نشتغل معهم في القضايا الاجتماعية كالدفاع عن المدرسة العمومية أو حقوق العمال وغيرها من القضايا الاجتماعية،أن قضيتين نختلف معهم فيها،هما القضية الوطنية وطبيعة النظام،وهو اختلاف جوهري بيننا".
2) واضح إذن حسب الشطر الأول من الجواب أن الرفيقة تعتبر أن النهج الديمقراطي وهو القوة السياسية القانونية الوحيدة في بلادنا التي تتبنى وتدافع عن تقرير المصير لسكان الصحراء الغربية يساوم على وحدة أرضنا وسيادة بلدنا.يصدر هذا التهجم عن الأمينة العامة لحزب يساري صديق فما بالك بالمخزن والقوى الملتفة حوله فحق لنا أن نقول مع الشاعر طرفة بن العبد "وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند".
لقد كان حريا بالرفيقة عرض أفكار حزبها بخصوص قضية الصحراء وإذا دعت الضرورة طرح الخلاف مع النهج الديمقراطي فهذا حقها ولكن بشكل موضوعي أو إحالة الصحفي المعني على قيادة النهج الديمقراطي لشرح موقفه بنفسه بدل التسرع والسقوط في فخ السؤال ومهاجمة حزب صديق وحليف موضوعي وبالتالي المساهمة في تأجيج التناقض معه بدل تقريب هوة الخلاف ولما لا التضامن معه ضد القمع الذي يتعرض له بسبب مواقفه ومنها موقفه المتعلق بقضية الصحراء تعبيرا منها على احترام المواقف رغم الخلاف والاختلاف.
وأعتقد أن الرفيقة منيب أبانت عن عدم إيمانها بمبدأ تقرير المصير رغم قولها بأنه مبدأ نبيل وفي نفس الوقت عدم استيعابها لـلأسس التي يقوم عليها هذا المبدأ الماركسي الأصيل،فراحت تلقي اللوم على تنظيمنا بدل تعرية وفضح سياسة النظام في هذا الملف بالذات.
3) بداية وقبل مناقشة ما ورد في جواب الرفيقة أعتقد أن ما أثارته في جوابها على السؤال ما قبل الأخير من الاستجواب المذكور بخصوص علاقة الشباب الصحراوي بعدد من قادة جيش التحرير ومنهم بنسعيد أيت يدر وأنهم كانوا يطرحون المسألة في إطار السيادة المغربية،أعتقد أنه غير دقيق،ذلك أن الشباب الذي أسس فيما بعد جبهة البوليزاريو كان بالفعل على علاقة قوية بعدد من أطر وقادة اليسار وجيش التحرير، غير أن هذا الشباب تجاوز اتجاه موحا الركيبي الذي تشكل سنة 1969 والذي لم يكن يطرح بناء دولة مستقلة ولكنه اتجاه تلاشى بسرعة فاسحا المجال أمام اتجاه الوالي مصطفى السيد الذي كان طالبا بكلية الحقوق بالرباط ومعه مجموعة من الطلبة الصحراويين سنة 1971 والذي كان يطرح بوضوح مشروع تحرير الصحراء الغربية عن طريق الكفاح المسلح وتأسيس جمهورية مستقلة وهو ما دفع بالسلطات المغربية إلى حل مجموعته نتج عنها لجوء الوالي إلى الصحراء ثم تأسيس جبهة البوليزاريو يوم 10 ماي من سنة 1973.
4) كما أن الرفيقة لا تتحدث بوضوح في معرض استجوابها عن طبيعة النظام المغربي وسياساته اللاوطنية التي دفعتهم إلى اعتماد استراتجية جديدة.صحيح أن الرفيقة تحدثت في نفس الحيز المشار إليه عن عملية وليس اتفاق(كما أسمته) "ايكوفيون" ولكنها تعتبره نتيجة تأمر القوى الاستعمارية فقط وهي بذلك كأنها تعفي ذمة النظام المغربي من هذه العملية.والحق فان هذه العملية الجهنمية التي تمت خلال شهر فبراير من سنة 1958 كانت بالفعل بتنسيق محكم بين الجيش الفرنسي والجيش الاسباني ولكن بعلم ومباركة ودعم أعلى سلطة في البلاد بهدف تدمير جيش التحرير في الجنوب الذي كان بفضل هجماته المسلحة لتحرير تلك المنطقة يحكم على جيش فرانكو بالتقوقع في مواقع معينة.
5) كان على الرفيقة التي تتحدث عن الوحدة الترابية أن تكون صريحة مع الرأي العام فيما يتعلق بأكاذيب النظام بخصوص الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية التي طلب منها الحسن الثاني رأيها في الموضوع معبرا في خطاب رسمي سنة 1974 عن التزامه به فإذا بالنظام يبتر الحقيقة ويقلبها رأسا على عقب ويتجاهل رأيها ويقفز نحو المجهول بإعطائه إشارة الانطلاق للمسيرة الخضراء(6 نونبر 1975).
وعلى كل حال فان تقرير المصير بصفة عامة غير مشروط بالضرورة بانتماء أو عدم انتماء إقليم أو منطقة معينة لبلد ما.ويمكننا هنا أن نعطي مثال السودان الذي جاء في معرض جواب الرفيقة منيب حيث الجنوب جزء لا يتجزأ من السودان ولكن سكان الجنوب قرروا من خلال استفتاء حر ونزيه في شهر يناير من سنة 2011 وبعد مرحلة انتقالية دامت 5 سنوات وبأغلبية ساحقة،قرروا الانفصال وهذا حقهم.وهكذا تم وضع حد لمرحلة طويلة من الحرب والاقتتال دامت،على مرحلتين وفي المجموع، حوالي 36 سنة،عطلت التنمية،وأدت إلى عشرات الآلاف من الضحايا، فاتحة ليس،دون صعوبات طبعا، عهدا جديدا من التعاون ولما لا لشكل جديد من الوحدة إذا ما تقدم نضال شعبي السودان الجنوبي والشمالي نحو الديمقراطية والتحرر الوطني.وهناك أمثلة أخرى كالأكراد في تركيا وإقليم الباسك في اسبانيا.
وفي السياق نفسه نذكر أن الحركة الماركسية-اللينينية المغربية مجسدة في منظمتي " 23 مارس" و" إلى الأمام" كانت متمسكة بموقف تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية وجسدت هذا الموقف خلال المؤتمر 15 للاتحاد الوطني لطلبة المغرب صيف سنة 1972 ويمكن التساؤل عن المفارقة التي طبعت موقف منظمة "23 مارس" بعد المراجعات اليمينية التي كان قد أقدم عليها اتجاه الأطر (ومن بعدها منظمة العمل الديمقراطي الشعبي) بحيث تنكرت لتقرير المصير شعب الصحراء الغربية فيما أيدت حق اريتريا في تقرير المصير الذي تحقق سنة 1991 من خلال استفتاء بعد حوالي 30 سنة من الصراعات الدامية.
6) إن تقرير المصير حمال أوجه ويمكن أن يتخذ شكل الاستقلال أو الاندماج بصيغة من الصيغ ولكن هذا يجب أن يقرر فيه السكان المعنيون من خلال استفتاء تقرير المصير حر ونزيه تحت إشراف الأمم المتحدة لا إكراه فيه ولا ترهيب ولا ترغيب ولا ابتزاز ولا ضغط ولا رشوة ولا هم يحزنون،رغم انه في حالة الصحراء يبدو أن سكان هذه المنطقة لا يرون حلا آخرا سوى بناء دولة مستقلة وذلك أساسا بسبب طبيعة النظام المغربي وممارساته على الأرض طيلة عقود من الزمن كنظام حكم فردي مطلق استبدادي ومفرط في المركزية وهو أمر يتناقض كليا مع الخطاب حول الجهوية المتقدمة التي لازالت تراوح مكانها.
7) والحال أن النظام المغربي الذي تبنى رسميا مبدأ تقرير المصير في شهر يونيو من سنة 1981 في قمة نيروبي لمنظمة الوحدة الإفريقية كما كانت تسمى آنذاك بعدما عارض بشراسة تنظيم استفتاء تقرير المصير الذي كان من المنتظر أن ينظم في بداية 1975،ظل يعرقل إجراء الاستفتاء ويضع العصا في الرويضة كما يقال وراح يروج لمهزلة الاستفتاء التأكيدي التي لا يستسيغها مخ طفل يرضع قبل أن يخرج فكرة الحكم الذاتي والجهوية المتقدمة التي تلقفها الجميع وراح يقوم بالدعاية لها في إطار ما يسمى بالدبلوماسية الموازية.
8) تتهمنا الرفيقة منيب بالتفريط في السيادة والمساومة على الأرض باسم تبنينا تقرير المصير ولكنها تقفز عن جانب آخر مخزي من سياسات النظام المرتبطة بهذا الملف ونقصد هنا الاتفاق الثلاثي بين المغرب وموريتانيا والمستعمر الاسباني في أبريل من سنة 1976 على استغلال خيرات الصحراء وتقسيمها بشكل قسري ضدا على إرادة سكانها وخارج أي قرار أممي بحيث غنمت موريطانيا،آنذاك في عهد دمية الاستعمار الفرنسي المختار ولد داداه،الثلث الجنوبي وللمغرب المساحة الباقية.هل هناك مساومة على الأرض أكبر وضربا للسيادة أفظع من هذا أخذا بمنطق الرفيقة منيب نفسه؟
ونشير هنا إلى أن اصطفاف ولد داداه إلى جانب النظام المغربي وخوضه الحرب ضد البوليزاريو هو ما جر عليه انقلاب العسكر بقيادة مصطفى ولد محمد سالك في يوليوز 1978 الذي غير سياسة بلاده فيما يتعلق بقضية الصحراء فإذا بالنظام المغربي يضم الثلث الذي كان بحوزة موريطانيا بمنطق "الشفعة" المستوحى من الشريعة الإسلامية.فهل يصمد هذا المنطق بالله عليكم أمام منطق الشرعية الدولية الذي يعمل وفقه المنتظم الدولي؟
9) لا نتفق مع الرفيقة منيب في تحميلها المسؤولية لما أسمته "الأطماع والمخططات النيواستعمارية" وحدها فأعفت الطبقات السائدة والأنظمة القائمة التي تستند عليها من المسؤولية.طبعا نحن متفقون لا شك في ذلك على الدور التخريبي للامبريالية ولكن هل يمكن أن نعفي النظام المغربي الذي عمل منذ الاستقلال الشكلي وبتنسيق كامل مع الأوساط الإمبريالية على تصفية كل أشكال المقاومة بدءا بحل وتصفية جيش التحرير وتحييد الحركة النقابية وقمع واجتثاث المعارضة الجذرية ببلادنا واضعا يده بيد الامبريالية الفرنسية على الخصوص.هل ننسى دور نظام جعفر النميري الغارق في الرجعية وفرضه الشريعة الإسلامية على مجموع الشعب السوداني غير آبه بسكان الجنوب وهم مسيحيو الديانة لهم دينهم ولسكان الشمال دينهم،ناهيك عن الفوارق بين شطري هذا البلد لفائدة الشمال رغم استغلال خيرات الجنوب وخاصة البترول؟ورغم أن المقاومة العراقية حالت لحسن الحظ دون النزوع التقسيمي الذي صاحب الغزو الأمريكي فهل يمكن أن ننسى الطابع الاستبدادي القمعي لنظام البعث في هذا البلد والذي باسم معاداة الصهيونية ومناهضة الاستعمار ألغى أبسط التعبيرات الديمقراطية وحقوق الأقليات فلا هو نجح في إفشال الغزو الإمبريالي ولا هو أقام الديمقراطية التي تعد شرطا حيويا لتعبئة القوى الشعبية للدفاع عن الوطن وصيانة وحدة البلاد وصد محاولات التقسيم إلى دويلات على أساس نعرات مذهبية أو اثنية صرفة.
10) إن النهج الديمقراطي لا يمكن أن يسكت على الكلفة الباهظة بل الخيالية التي يتحملها الشعب المغربي وطبقاته الكادحة المسحوقة بسبب قضية الصحراء من حيث المجهود الحربي وجميع أشكال الرشوة والارتشاء في الداخل وفي الصحراء وفي الخارج والتي يقدرها البعض بحوالي 7,5 مليار يورو سنويا.كما لن يسكت على واقع قمع الصحراويين بسبب التعبير سلميا عن موقفهم بشكل علني بخصوص موقف تقرير مصيرهم السياسي وشخصيا لا أرى مانعا لمراقبة المينورسو لوضعية حقوق الإنسان بمجموع الصحراء بما في ذلك في تيندوف.وعلى النقيض من الدعاية الرسمية التي رأت في ذلك مسا بسيادة المغرب نقول بأن وجود المينورسو هو أصلا من أجل تنظيم الاستفتاء ونذكر بان كلمة المينورسو تعني بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية وهي تتخذ من مدينة العيون مقرا لها منذ 2007.أو ليس هذا أكبر انتقاص من سيادة المغرب الرسمي بالمنطق الذي تتحدث به الرفيقة؟
11) إن الأمور بالنسبة لقضية الصحراء تتجه إلى مأزق حقيقي ذلك أن المغرب رغم كونه نجح في سحب مشروع القرار حول توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان فان هذا ليس سوى انتصارا مؤقتا إذ أن مجرد تقديم مشروع القرار يعد إنذارا للمغرب على خرقه لحقوق الإنسان بالصحراء ومؤشر على أن المنتظم الدولي سيكون حريصا على تتبع الأوضاع بهذه المنطقة.أعتقد أن هذه المستجدات شجعت على انطلاق دينامية قوية متصاعدة تجسدها الاحتجاجات السلمية الواسعة في مختلف مناطق الصحراء ترفع شعار سياسي واضح هو تقرير المصير وكذا ملف الاستفادة من خيرات الصحراء.
وتواجه هذه الاحتجاجات في الغالب بقمع شرس الأمر الذي يتطلب من القوى الديمقراطية بغض النظر عن مواقفها كل الإدانة والوقوف إلى جانب الجماهير الشعبية المنتفضة،والحال إما نكون مع المحتجين أو مع النظام.فليحدد كل منا موقعه ويتحمل مسؤولياته التاريخية.
12) إن حل مشكلة الصحراء على أسس ديمقراطية سيجنب المنطقة خطر الحرب وويلاتها وسيفتح المجال لبناء المغرب الكبير،مغرب الشعوب.كما سيضع حدا على المستوى الداخلي لعقود من استغلال هذه القضية لفائدة المافيا المخزنية ولسحق المعارضة وخاصة المعارضة الجذرية باسم الإجماع الوطني وتمتين الجبهة الداخلية وتبرير كل السياسات المتبعة على الصعيدين الداخلي والخارجي بما في ذلك الولاء التام للامبريالية والتطبيع مع الكيان الصهيوني.
13) إن تقرير المصير يعد موقفا مبدئيا بالنسبة للقوى الماركسية ينطلق من مصالح الكادحين وخدمة للتغيير الجدري،كما ينطلق من الإنسان وحقه في التعبير عن رأيه وطموحاته والاستفادة بحرية من خيرات أرضه عكس التصورات الشوفينية التي تقدس الأرض على حساب البشر،وهو بالنسبة لنا كاستمرارية لمنظمة إلى الأمام التي دافعت عنه بجرأة وأدى مناضلوها بسببه الثمن غاليا سابق على جبهة البوليزاريو.
14) إن أجزاء من اليسار مطالبة ببذل مجهود فكري للتخلص من هيمنة فكر الحركة الوطنية عليها عبر إعادة النظر في مفهوم"الوحدة الوطنية" الذي كان وبالا على مسيرة نضال شعبنا من اجل الديمقراطية والتحرر الوطني ومفهوم الدولة التي لا تراها إلا ممركزة ومفهوم شوفيني ضيق للوطنية.
أما بالنسبة لنا فان "الوطنية التي نتبناها هي تلك التي انصهرت في الكفاح ضد الاستعمار ولذلك فهي تكتسي طابعا تقدميا لأنها تعبير عن دفاع الشعوب المضطهدة عن أرضها وكرامتها وحريتها وهويتها في مواجهة الهيمنة الامبريالية وهي تنبذ الشوفينية والعنصرية سواء على أساس لغوي أو ديني كما تنبذ القطرية الضيقة وتؤمن بوحدة الشعوب المغاربية في أفق وحدة شعوب العالم العربي"(انظر وثيقة الإطار المرجعي للنهج الديمقراطي الصادرة عن مؤتمره الثالث على موقعه الالكتروني)
15) ورغم أن السؤال الموجه للرفيقة كان في الأصل حول موقف النهج الديمقراطي من قضية الصحراء فان الرفيقة أبت إلا أن تختم جوابها بالتأكيد على وجود خلافات جوهرية مع النهج الديمقراطي ليس فقط في قضية الصحراء ولكن أيضا حول طبيعة النظام وكأني بها تنتشي بوجود هذا الخلاف أو تريد إبرازه لست أدري لأي غرض.
هنا أيضا مع الأسف لا أتفق مع الرفيقة،فالخلاف أظنه حول شكل النظام وليس طبيعته إذ كل من النهج الديمقراطي والاشتراكي الموحد فيما أعرف يطمحان إلى بناء نظام ديمقراطي متحرر من السيطرة الامبريالية.أما ما هو شكل النظام فالرفاق في الاشتراكي الموحد يؤكدون على الملكية البرلمانية وهذا رأيهم ولكن ما نرفضه هو أن يكون شرطا لإقامة أي تحالف أو تنسيق سياسي أو ميداني.وهكذا واجهنا وضع أي سقف يتعلق بشكل النظام بالنسبة لحركة 20 فبراير لأنه يتناقض مع طبيعة الحركة كحركة شعبية واسعة تشكل وعاء لقوى متنوعة ذات مرجعيات واستراتجيات مختلفة مؤكدين على أولوية شعار إسقاط المخزن،بمعنى التخلص من العلاقات المخزنية على كافة المستويات،باعتباره العرقلة الأساسية أمام طموح شعبنا لإقامة نظام ديمقراطي يسود فيه الشعب ويحكم وحينذاك يكون شعبنا في موقع مناسب للتعبير عن إرادته الحرة دون خوف لتقرير مصيره واختيار شكل النظام الذي يريده من خلال مجلس تأسيسي.وان تحويل شعار الملكية البرلمانية إلى شعار مقدس يتناقض أصلا مع ما جاء على لسان الرفيقة بان "نحن كمغاربة يجب علينا جميعا أن نقرر في مصيرنا".إن هذا التشدد ربما هو ما يفسر اعتبار الرفيقة هذه التناقضات جوهرية ما يعني جعلها في ذهنها خطوطا حمراء لأي تنسيق أو عمل مشترك أو تحالف.والحق فان هذا المنطق مخالف للواقع،والرفيقة تعرف والجميع يعرف أننا عندما أسسنا تجمع اليسار الديمقراطي الذي يتم اليوم إقباره دون سابق إعلان كنا مختلفين حول القضايا المذكورة وغيرها ولم يمنع هذا من العمل.
إن هذا التشدد واضح وساطع عندما تحصر الرفيقة مجال العمل الذي يجمع حزبها معنا في " القضايا الاجتماعية كالدفاع عن المدرسة العمومية أو حقوق العمال وغيرها من القضايا الاجتماعية".أقول للرفيقة نحن لسنا نقابة بل تنظيم سياسي يساهم من موقعه في التغيير الجدري والشامل للأوضاع.وفي جميع الأحوال حتى في قضايا التنسيق في المنظمات الجماهيرية أقول مرحبا وستجدون مناضلونا ومناضلاتنا على أتم الاستعداد من أجل تطوير وتوسيع وتجدير وتوحيد ودمقرطة الحركة الجماهيرية والعمل على إدماجها في النضال العام وهو أمر يتم بشكل تلقائي مع كل المناضلين الديمقراطيين بمن في ذلك عدد من المخلصين في الاشتراكي الموحد الذين اختاروا قولا وفعلا الانخراط في العمل من اجل نفس الأهداف.
16) إن يدنا ممدودة وستظل كذلك من أجل التنسيق والعمل المشترك متشبتين بتجمع اليسار الديمقراطي على طريق بناء جبهة واسعة للنضال من أجل الديمقراطية وضد الليبرالية المتوحشة ولن ندخر جهدا ولن نمل رغم الصعوبات وكل محاولات عزلنا من أجل انجاز هذا الهدف الطموح والضروري والممكن رغم الخلافات.وان الخلاف لا يفسد للود قضية.
سلا في 5 يونيو 2013
) جرت جريدة الأخبار (العدد 166 ليوم الخميس 30 ماي 2013) استجوابا مع الرفيقة نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد حول عدد من قضايا الوضع العام في بلادنا ومنها نظرتها "إلى موقف حزب النهج الديمقراطي من قضية الصحراء ومن تعاطيه مع مسألة تقرير المصير في الأقاليم الجنوبية" وهو سؤال ماكر اختتم به الاستجواب المذكور لتوريط الرفيقة منيب التي جاء ردها بمثابة هجوم وتجني وتشويه لموقف النهج الديمقراطي وصل إلى درجة التخوين.واليكم رد الرفيقة على السؤال أعلاه ننقله بكل أمانة كما ورد في آخر الصفحة الثامنة من الجريدة المذكورة:
"أولا يجب الاعتراف بأن مبدأ تقرير المصير مبدأ نبيل ونحن كمغاربة يجب علينا جميعا أن نقرر في مصيرنا،وكذا بالنسبة إلى كل الشعوب،لكن المبدأ لا يجب أن يستعمل في غير مكانه،فأن تكون تقدميا لا يسمح لك باسم أي مبدأ،بأن تساوم في أرضك أو تتخذ موقفا يحد من سيادة بلادك،وهذا معروف لدى كل الشعوب"
وتضيف الرفيقة "الأطماع والمخططات النيواستعمارية،خربت العراق وقسمت الصومال والسودان وهي تستهدف المغرب وربما غدا الجزائر لتستولي على خيراتنا وتحرمنا من بناء المغرب الكبير وتحقيق التقدم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.ما يعرفه الرفاق في النهج الذين نشتغل معهم في القضايا الاجتماعية كالدفاع عن المدرسة العمومية أو حقوق العمال وغيرها من القضايا الاجتماعية،أن قضيتين نختلف معهم فيها،هما القضية الوطنية وطبيعة النظام،وهو اختلاف جوهري بيننا".
2) واضح إذن حسب الشطر الأول من الجواب أن الرفيقة تعتبر أن النهج الديمقراطي وهو القوة السياسية القانونية الوحيدة في بلادنا التي تتبنى وتدافع عن تقرير المصير لسكان الصحراء الغربية يساوم على وحدة أرضنا وسيادة بلدنا.يصدر هذا التهجم عن الأمينة العامة لحزب يساري صديق فما بالك بالمخزن والقوى الملتفة حوله فحق لنا أن نقول مع الشاعر طرفة بن العبد "وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند".
لقد كان حريا بالرفيقة عرض أفكار حزبها بخصوص قضية الصحراء وإذا دعت الضرورة طرح الخلاف مع النهج الديمقراطي فهذا حقها ولكن بشكل موضوعي أو إحالة الصحفي المعني على قيادة النهج الديمقراطي لشرح موقفه بنفسه بدل التسرع والسقوط في فخ السؤال ومهاجمة حزب صديق وحليف موضوعي وبالتالي المساهمة في تأجيج التناقض معه بدل تقريب هوة الخلاف ولما لا التضامن معه ضد القمع الذي يتعرض له بسبب مواقفه ومنها موقفه المتعلق بقضية الصحراء تعبيرا منها على احترام المواقف رغم الخلاف والاختلاف.
وأعتقد أن الرفيقة منيب أبانت عن عدم إيمانها بمبدأ تقرير المصير رغم قولها بأنه مبدأ نبيل وفي نفس الوقت عدم استيعابها لـلأسس التي يقوم عليها هذا المبدأ الماركسي الأصيل،فراحت تلقي اللوم على تنظيمنا بدل تعرية وفضح سياسة النظام في هذا الملف بالذات.
3) بداية وقبل مناقشة ما ورد في جواب الرفيقة أعتقد أن ما أثارته في جوابها على السؤال ما قبل الأخير من الاستجواب المذكور بخصوص علاقة الشباب الصحراوي بعدد من قادة جيش التحرير ومنهم بنسعيد أيت يدر وأنهم كانوا يطرحون المسألة في إطار السيادة المغربية،أعتقد أنه غير دقيق،ذلك أن الشباب الذي أسس فيما بعد جبهة البوليزاريو كان بالفعل على علاقة قوية بعدد من أطر وقادة اليسار وجيش التحرير، غير أن هذا الشباب تجاوز اتجاه موحا الركيبي الذي تشكل سنة 1969 والذي لم يكن يطرح بناء دولة مستقلة ولكنه اتجاه تلاشى بسرعة فاسحا المجال أمام اتجاه الوالي مصطفى السيد الذي كان طالبا بكلية الحقوق بالرباط ومعه مجموعة من الطلبة الصحراويين سنة 1971 والذي كان يطرح بوضوح مشروع تحرير الصحراء الغربية عن طريق الكفاح المسلح وتأسيس جمهورية مستقلة وهو ما دفع بالسلطات المغربية إلى حل مجموعته نتج عنها لجوء الوالي إلى الصحراء ثم تأسيس جبهة البوليزاريو يوم 10 ماي من سنة 1973.
4) كما أن الرفيقة لا تتحدث بوضوح في معرض استجوابها عن طبيعة النظام المغربي وسياساته اللاوطنية التي دفعتهم إلى اعتماد استراتجية جديدة.صحيح أن الرفيقة تحدثت في نفس الحيز المشار إليه عن عملية وليس اتفاق(كما أسمته) "ايكوفيون" ولكنها تعتبره نتيجة تأمر القوى الاستعمارية فقط وهي بذلك كأنها تعفي ذمة النظام المغربي من هذه العملية.والحق فان هذه العملية الجهنمية التي تمت خلال شهر فبراير من سنة 1958 كانت بالفعل بتنسيق محكم بين الجيش الفرنسي والجيش الاسباني ولكن بعلم ومباركة ودعم أعلى سلطة في البلاد بهدف تدمير جيش التحرير في الجنوب الذي كان بفضل هجماته المسلحة لتحرير تلك المنطقة يحكم على جيش فرانكو بالتقوقع في مواقع معينة.
5) كان على الرفيقة التي تتحدث عن الوحدة الترابية أن تكون صريحة مع الرأي العام فيما يتعلق بأكاذيب النظام بخصوص الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية التي طلب منها الحسن الثاني رأيها في الموضوع معبرا في خطاب رسمي سنة 1974 عن التزامه به فإذا بالنظام يبتر الحقيقة ويقلبها رأسا على عقب ويتجاهل رأيها ويقفز نحو المجهول بإعطائه إشارة الانطلاق للمسيرة الخضراء(6 نونبر 1975).
وعلى كل حال فان تقرير المصير بصفة عامة غير مشروط بالضرورة بانتماء أو عدم انتماء إقليم أو منطقة معينة لبلد ما.ويمكننا هنا أن نعطي مثال السودان الذي جاء في معرض جواب الرفيقة منيب حيث الجنوب جزء لا يتجزأ من السودان ولكن سكان الجنوب قرروا من خلال استفتاء حر ونزيه في شهر يناير من سنة 2011 وبعد مرحلة انتقالية دامت 5 سنوات وبأغلبية ساحقة،قرروا الانفصال وهذا حقهم.وهكذا تم وضع حد لمرحلة طويلة من الحرب والاقتتال دامت،على مرحلتين وفي المجموع، حوالي 36 سنة،عطلت التنمية،وأدت إلى عشرات الآلاف من الضحايا، فاتحة ليس،دون صعوبات طبعا، عهدا جديدا من التعاون ولما لا لشكل جديد من الوحدة إذا ما تقدم نضال شعبي السودان الجنوبي والشمالي نحو الديمقراطية والتحرر الوطني.وهناك أمثلة أخرى كالأكراد في تركيا وإقليم الباسك في اسبانيا.
وفي السياق نفسه نذكر أن الحركة الماركسية-اللينينية المغربية مجسدة في منظمتي " 23 مارس" و" إلى الأمام" كانت متمسكة بموقف تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية وجسدت هذا الموقف خلال المؤتمر 15 للاتحاد الوطني لطلبة المغرب صيف سنة 1972 ويمكن التساؤل عن المفارقة التي طبعت موقف منظمة "23 مارس" بعد المراجعات اليمينية التي كان قد أقدم عليها اتجاه الأطر (ومن بعدها منظمة العمل الديمقراطي الشعبي) بحيث تنكرت لتقرير المصير شعب الصحراء الغربية فيما أيدت حق اريتريا في تقرير المصير الذي تحقق سنة 1991 من خلال استفتاء بعد حوالي 30 سنة من الصراعات الدامية.
6) إن تقرير المصير حمال أوجه ويمكن أن يتخذ شكل الاستقلال أو الاندماج بصيغة من الصيغ ولكن هذا يجب أن يقرر فيه السكان المعنيون من خلال استفتاء تقرير المصير حر ونزيه تحت إشراف الأمم المتحدة لا إكراه فيه ولا ترهيب ولا ترغيب ولا ابتزاز ولا ضغط ولا رشوة ولا هم يحزنون،رغم انه في حالة الصحراء يبدو أن سكان هذه المنطقة لا يرون حلا آخرا سوى بناء دولة مستقلة وذلك أساسا بسبب طبيعة النظام المغربي وممارساته على الأرض طيلة عقود من الزمن كنظام حكم فردي مطلق استبدادي ومفرط في المركزية وهو أمر يتناقض كليا مع الخطاب حول الجهوية المتقدمة التي لازالت تراوح مكانها.
7) والحال أن النظام المغربي الذي تبنى رسميا مبدأ تقرير المصير في شهر يونيو من سنة 1981 في قمة نيروبي لمنظمة الوحدة الإفريقية كما كانت تسمى آنذاك بعدما عارض بشراسة تنظيم استفتاء تقرير المصير الذي كان من المنتظر أن ينظم في بداية 1975،ظل يعرقل إجراء الاستفتاء ويضع العصا في الرويضة كما يقال وراح يروج لمهزلة الاستفتاء التأكيدي التي لا يستسيغها مخ طفل يرضع قبل أن يخرج فكرة الحكم الذاتي والجهوية المتقدمة التي تلقفها الجميع وراح يقوم بالدعاية لها في إطار ما يسمى بالدبلوماسية الموازية.
8) تتهمنا الرفيقة منيب بالتفريط في السيادة والمساومة على الأرض باسم تبنينا تقرير المصير ولكنها تقفز عن جانب آخر مخزي من سياسات النظام المرتبطة بهذا الملف ونقصد هنا الاتفاق الثلاثي بين المغرب وموريتانيا والمستعمر الاسباني في أبريل من سنة 1976 على استغلال خيرات الصحراء وتقسيمها بشكل قسري ضدا على إرادة سكانها وخارج أي قرار أممي بحيث غنمت موريطانيا،آنذاك في عهد دمية الاستعمار الفرنسي المختار ولد داداه،الثلث الجنوبي وللمغرب المساحة الباقية.هل هناك مساومة على الأرض أكبر وضربا للسيادة أفظع من هذا أخذا بمنطق الرفيقة منيب نفسه؟
ونشير هنا إلى أن اصطفاف ولد داداه إلى جانب النظام المغربي وخوضه الحرب ضد البوليزاريو هو ما جر عليه انقلاب العسكر بقيادة مصطفى ولد محمد سالك في يوليوز 1978 الذي غير سياسة بلاده فيما يتعلق بقضية الصحراء فإذا بالنظام المغربي يضم الثلث الذي كان بحوزة موريطانيا بمنطق "الشفعة" المستوحى من الشريعة الإسلامية.فهل يصمد هذا المنطق بالله عليكم أمام منطق الشرعية الدولية الذي يعمل وفقه المنتظم الدولي؟
9) لا نتفق مع الرفيقة منيب في تحميلها المسؤولية لما أسمته "الأطماع والمخططات النيواستعمارية" وحدها فأعفت الطبقات السائدة والأنظمة القائمة التي تستند عليها من المسؤولية.طبعا نحن متفقون لا شك في ذلك على الدور التخريبي للامبريالية ولكن هل يمكن أن نعفي النظام المغربي الذي عمل منذ الاستقلال الشكلي وبتنسيق كامل مع الأوساط الإمبريالية على تصفية كل أشكال المقاومة بدءا بحل وتصفية جيش التحرير وتحييد الحركة النقابية وقمع واجتثاث المعارضة الجذرية ببلادنا واضعا يده بيد الامبريالية الفرنسية على الخصوص.هل ننسى دور نظام جعفر النميري الغارق في الرجعية وفرضه الشريعة الإسلامية على مجموع الشعب السوداني غير آبه بسكان الجنوب وهم مسيحيو الديانة لهم دينهم ولسكان الشمال دينهم،ناهيك عن الفوارق بين شطري هذا البلد لفائدة الشمال رغم استغلال خيرات الجنوب وخاصة البترول؟ورغم أن المقاومة العراقية حالت لحسن الحظ دون النزوع التقسيمي الذي صاحب الغزو الأمريكي فهل يمكن أن ننسى الطابع الاستبدادي القمعي لنظام البعث في هذا البلد والذي باسم معاداة الصهيونية ومناهضة الاستعمار ألغى أبسط التعبيرات الديمقراطية وحقوق الأقليات فلا هو نجح في إفشال الغزو الإمبريالي ولا هو أقام الديمقراطية التي تعد شرطا حيويا لتعبئة القوى الشعبية للدفاع عن الوطن وصيانة وحدة البلاد وصد محاولات التقسيم إلى دويلات على أساس نعرات مذهبية أو اثنية صرفة.
10) إن النهج الديمقراطي لا يمكن أن يسكت على الكلفة الباهظة بل الخيالية التي يتحملها الشعب المغربي وطبقاته الكادحة المسحوقة بسبب قضية الصحراء من حيث المجهود الحربي وجميع أشكال الرشوة والارتشاء في الداخل وفي الصحراء وفي الخارج والتي يقدرها البعض بحوالي 7,5 مليار يورو سنويا.كما لن يسكت على واقع قمع الصحراويين بسبب التعبير سلميا عن موقفهم بشكل علني بخصوص موقف تقرير مصيرهم السياسي وشخصيا لا أرى مانعا لمراقبة المينورسو لوضعية حقوق الإنسان بمجموع الصحراء بما في ذلك في تيندوف.وعلى النقيض من الدعاية الرسمية التي رأت في ذلك مسا بسيادة المغرب نقول بأن وجود المينورسو هو أصلا من أجل تنظيم الاستفتاء ونذكر بان كلمة المينورسو تعني بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية وهي تتخذ من مدينة العيون مقرا لها منذ 2007.أو ليس هذا أكبر انتقاص من سيادة المغرب الرسمي بالمنطق الذي تتحدث به الرفيقة؟
11) إن الأمور بالنسبة لقضية الصحراء تتجه إلى مأزق حقيقي ذلك أن المغرب رغم كونه نجح في سحب مشروع القرار حول توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان فان هذا ليس سوى انتصارا مؤقتا إذ أن مجرد تقديم مشروع القرار يعد إنذارا للمغرب على خرقه لحقوق الإنسان بالصحراء ومؤشر على أن المنتظم الدولي سيكون حريصا على تتبع الأوضاع بهذه المنطقة.أعتقد أن هذه المستجدات شجعت على انطلاق دينامية قوية متصاعدة تجسدها الاحتجاجات السلمية الواسعة في مختلف مناطق الصحراء ترفع شعار سياسي واضح هو تقرير المصير وكذا ملف الاستفادة من خيرات الصحراء.
وتواجه هذه الاحتجاجات في الغالب بقمع شرس الأمر الذي يتطلب من القوى الديمقراطية بغض النظر عن مواقفها كل الإدانة والوقوف إلى جانب الجماهير الشعبية المنتفضة،والحال إما نكون مع المحتجين أو مع النظام.فليحدد كل منا موقعه ويتحمل مسؤولياته التاريخية.
12) إن حل مشكلة الصحراء على أسس ديمقراطية سيجنب المنطقة خطر الحرب وويلاتها وسيفتح المجال لبناء المغرب الكبير،مغرب الشعوب.كما سيضع حدا على المستوى الداخلي لعقود من استغلال هذه القضية لفائدة المافيا المخزنية ولسحق المعارضة وخاصة المعارضة الجذرية باسم الإجماع الوطني وتمتين الجبهة الداخلية وتبرير كل السياسات المتبعة على الصعيدين الداخلي والخارجي بما في ذلك الولاء التام للامبريالية والتطبيع مع الكيان الصهيوني.
13) إن تقرير المصير يعد موقفا مبدئيا بالنسبة للقوى الماركسية ينطلق من مصالح الكادحين وخدمة للتغيير الجدري،كما ينطلق من الإنسان وحقه في التعبير عن رأيه وطموحاته والاستفادة بحرية من خيرات أرضه عكس التصورات الشوفينية التي تقدس الأرض على حساب البشر،وهو بالنسبة لنا كاستمرارية لمنظمة إلى الأمام التي دافعت عنه بجرأة وأدى مناضلوها بسببه الثمن غاليا سابق على جبهة البوليزاريو.
14) إن أجزاء من اليسار مطالبة ببذل مجهود فكري للتخلص من هيمنة فكر الحركة الوطنية عليها عبر إعادة النظر في مفهوم"الوحدة الوطنية" الذي كان وبالا على مسيرة نضال شعبنا من اجل الديمقراطية والتحرر الوطني ومفهوم الدولة التي لا تراها إلا ممركزة ومفهوم شوفيني ضيق للوطنية.
أما بالنسبة لنا فان "الوطنية التي نتبناها هي تلك التي انصهرت في الكفاح ضد الاستعمار ولذلك فهي تكتسي طابعا تقدميا لأنها تعبير عن دفاع الشعوب المضطهدة عن أرضها وكرامتها وحريتها وهويتها في مواجهة الهيمنة الامبريالية وهي تنبذ الشوفينية والعنصرية سواء على أساس لغوي أو ديني كما تنبذ القطرية الضيقة وتؤمن بوحدة الشعوب المغاربية في أفق وحدة شعوب العالم العربي"(انظر وثيقة الإطار المرجعي للنهج الديمقراطي الصادرة عن مؤتمره الثالث على موقعه الالكتروني)
15) ورغم أن السؤال الموجه للرفيقة كان في الأصل حول موقف النهج الديمقراطي من قضية الصحراء فان الرفيقة أبت إلا أن تختم جوابها بالتأكيد على وجود خلافات جوهرية مع النهج الديمقراطي ليس فقط في قضية الصحراء ولكن أيضا حول طبيعة النظام وكأني بها تنتشي بوجود هذا الخلاف أو تريد إبرازه لست أدري لأي غرض.
هنا أيضا مع الأسف لا أتفق مع الرفيقة،فالخلاف أظنه حول شكل النظام وليس طبيعته إذ كل من النهج الديمقراطي والاشتراكي الموحد فيما أعرف يطمحان إلى بناء نظام ديمقراطي متحرر من السيطرة الامبريالية.أما ما هو شكل النظام فالرفاق في الاشتراكي الموحد يؤكدون على الملكية البرلمانية وهذا رأيهم ولكن ما نرفضه هو أن يكون شرطا لإقامة أي تحالف أو تنسيق سياسي أو ميداني.وهكذا واجهنا وضع أي سقف يتعلق بشكل النظام بالنسبة لحركة 20 فبراير لأنه يتناقض مع طبيعة الحركة كحركة شعبية واسعة تشكل وعاء لقوى متنوعة ذات مرجعيات واستراتجيات مختلفة مؤكدين على أولوية شعار إسقاط المخزن،بمعنى التخلص من العلاقات المخزنية على كافة المستويات،باعتباره العرقلة الأساسية أمام طموح شعبنا لإقامة نظام ديمقراطي يسود فيه الشعب ويحكم وحينذاك يكون شعبنا في موقع مناسب للتعبير عن إرادته الحرة دون خوف لتقرير مصيره واختيار شكل النظام الذي يريده من خلال مجلس تأسيسي.وان تحويل شعار الملكية البرلمانية إلى شعار مقدس يتناقض أصلا مع ما جاء على لسان الرفيقة بان "نحن كمغاربة يجب علينا جميعا أن نقرر في مصيرنا".إن هذا التشدد ربما هو ما يفسر اعتبار الرفيقة هذه التناقضات جوهرية ما يعني جعلها في ذهنها خطوطا حمراء لأي تنسيق أو عمل مشترك أو تحالف.والحق فان هذا المنطق مخالف للواقع،والرفيقة تعرف والجميع يعرف أننا عندما أسسنا تجمع اليسار الديمقراطي الذي يتم اليوم إقباره دون سابق إعلان كنا مختلفين حول القضايا المذكورة وغيرها ولم يمنع هذا من العمل.
إن هذا التشدد واضح وساطع عندما تحصر الرفيقة مجال العمل الذي يجمع حزبها معنا في " القضايا الاجتماعية كالدفاع عن المدرسة العمومية أو حقوق العمال وغيرها من القضايا الاجتماعية".أقول للرفيقة نحن لسنا نقابة بل تنظيم سياسي يساهم من موقعه في التغيير الجدري والشامل للأوضاع.وفي جميع الأحوال حتى في قضايا التنسيق في المنظمات الجماهيرية أقول مرحبا وستجدون مناضلونا ومناضلاتنا على أتم الاستعداد من أجل تطوير وتوسيع وتجدير وتوحيد ودمقرطة الحركة الجماهيرية والعمل على إدماجها في النضال العام وهو أمر يتم بشكل تلقائي مع كل المناضلين الديمقراطيين بمن في ذلك عدد من المخلصين في الاشتراكي الموحد الذين اختاروا قولا وفعلا الانخراط في العمل من اجل نفس الأهداف.
16) إن يدنا ممدودة وستظل كذلك من أجل التنسيق والعمل المشترك متشبتين بتجمع اليسار الديمقراطي على طريق بناء جبهة واسعة للنضال من أجل الديمقراطية وضد الليبرالية المتوحشة ولن ندخر جهدا ولن نمل رغم الصعوبات وكل محاولات عزلنا من أجل انجاز هذا الهدف الطموح والضروري والممكن رغم الخلافات.وان الخلاف لا يفسد للود قضية.
سلا في 5 يونيو 2013