الأقلام العربية المأجورة الدكتور غالب الفريجات
يلاحظ المراقب لحركة الاقلام العربية ، وبشكل خاص الصحفية ميل هذا الخطاب الذي توجهه هذه الاقلام الى محاكمة الامة العربية ، ورموزها الوطنية والقومية فيما يخدم السياسة المعادية لهذه الامة ، وعلى وجهه التحديد السياسة الامريكية والصهيونية ، وعلى ما يبدو ان الصحافة / صحف ومجلات / والممولة في اكثرها من اموال النفط جاءت متزامنة مع حالة الانحسار القومي والهجوم الطائفي والاقليمي منذ ثمانينات القرن الماضي حتى سقوط بغداد ، وما تلاها من انهيار كبير في جدار الصمود العربي ، الذي اصاب المواطن بالدهشة الى حد الانهيار النفسي لسقوط عاصمة عربية الى جانب احتلال فلسطين على يد الكيان الصهيوني .
مما زاد في حدة هذه الانهيار وخروج الاقلام الماجورة من جحورها ما اخذت تنفثه الفضائيات العربية من سموم ليست ببعيدة عن سياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني ، فما دام حاجز الرعب والخوف من الجماهير العربية المتعلقة بوصم كل مطبع مع الكيان الصهيوني ، قد اصابه الشرخ على ايدي سدنة هذه الفضائيات تحت ذريعة الحوار مع الآخر ، فان الاقلام الماجورة المريضة نفسيا ، قد تجرأت على الظهور الى العلن وعلى صفحات الجرائد والمجلات لتنفث سمومها تحت يافطة الرأي والرأي الآخر ، فاصبحت الخيانة والعمالة والجاسوسية رأي يمكن محاورته والرد عليه ، على الرغم ان العرف الوطني والقومي لا يقر على الأ طلاق محاورة الخائن أو الجاسوس والعميل ، فيكفي وصفه باي من هذه الاوصاف ، وهو لا يستحق الالتفات اليه ، فكيف بمحاورته والاستماع اليه ؟
الى جانب ما سبق هناك حالة الهزيمة التي اصابت النظام العربي الرسمي في تركيبته القطرية والتي لا يخدمها المد القومي ، وتتبرأ من الحس الوطني لانها فقدت عذريتها على مذبح الانقياد للسياسات الامريكية ، والضعف والخنوع لحالة التغول الصهيوني الذي اصبح في نظرها حقيقة واقعة ، ولا بد من التعامل معه على اساس نفي طبيعة الصراع بتحويله من صراع وجودالى صراع حدود ، مما دفع بهذا الكيان التمادي في عدوانيته على شعب فلسطين دون اعتبار لاي رد فعل من النظام العربي الرسمي ، لا بل اخذ يسعى لان يجعل اوامره تعليمات واوامر ، لا بد من العمل على تنفيذها من قبل النظام العربي الرسمي المهزوم ، مما دفع الى جرأة الاقلام العربية المأجورة على العمل على انتهاك الشرعية الوطنية والقومية ، التي كانت تضبط عملية الصراع مع العدو الصهيوني .
يبدو أن الأقلام المأجورة على عجلة من امرها للا جهاز على ما تبقى من الامة ، التي تبدو في حالة من الهزيمة ، كما هي سيدتهم الولايات المتحدة التي هي على عجلة من امرها لا ستغلال الفراغ الناجم عن سقوط الثنائية العظمى الاتحاد السوفييتي وما تركته من فراغ ، وحتى لا يتم السماح بنضوج زمن يسمح لبلورة عالم متعدد الاقطاب ، فالادارة الامريكية تريد ان تستغل هذا الزمن لصالحها وترسيخ هيمنتها ، هيمنة القطب الواحد على العالم ، ولهذا اقامت سياستها الرعناء على ما اسمته بالحروب الاستباقية ، حتى تضع العالم تحت هيمنة البوط العسكري الامريكي ، وهذه الأقلام تخشى فيما يبدو ان تصحو الامة من حالة فقدان الوعي التي أصابتها لتعمل على اعادة صفوفها من جديد ، وهو ما حصل مبكرا في بزوغ المقاومة العراقية ، لان بزوغ المقاومة على هذه السرعة ، وبهذا الاسلوب العلمي في جانبيه السياسي والعسكري كفيل بان يقلب الطاولة على رؤوس كل المشاهدين من ادعياء الانتصار الى المبهورين حد الاغماء من حالة الانهيار في الجبهة العرية في المواجهة العسكرية النظامية ، وكذلك الذين تطايروا فرحا من حالة الانتصار السريع الذي حققته الالة الاعلامية والعسكرية المعادية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية .
لان الجبهة العسكرية في الجانب المعادي اخذت عيوبها تتكشف ، واخذ العنصر القتالي لديها يضعف شيئا فشيئا امام المقاومة ، وقدرتها على التخطيط ووعيها بمواطن الضعف لدى القوة العسكرية ، الى جانب ما اصاب هذه القوة من تشويه فعلي وحقيقي لممارساتها البشعة سواء في الشارع العراقي او الشارع الفلسطيني ، وعلى وجه التحديد ما كشفت عنه الممارسات الوحشية في سجن ابي غريب ، امام حالة الوهن والضعف الى حدود الانهيار في الجانب العسكري والاخلاقي للعدو كان لا بد من تعويض هذا الانهيار على جانب الجبهة الاعلامية ، وهو ما يقوم به عدد من الاقلام العربية المأجورة في الصحافة المقروءة والمرئية .
ان الصدمة التي اصابت الشارع العربي بعد سقوط بغداد قد اعطت متسعا من المساحة كي يتحرك هؤلاء المارينز من الاقلام العربية ، فاستشرت هذه الاقلام حتى تجاوزت حد الخيانة الوطنية والقومية ، لانها تطالب باستسلام كامل للقوى الامبريالية الامريكية والصهيونية ، وان لا جدوى من مقاومة المشروع الامبريالي الامريكي والصهيوني ، وفيما يبدو ان جنود هذه الجبهة الاعلامية ، قد تم تدريبها بشكل دقيق على ايدي اجهزة الاستخبارات الامريكية والصهيونية ، وتم توزيعها جغرافيا ، الى جانب فرضها على صحف ومجلات وفضائيات من خلال النفوذ او المال الامريكي والصهيوني على مؤسسات الاعلام العربي ، حتى تتمكن من تعميم ثقافة الهزيمة وتجذيرها في النفس والارض العربية .
الاختراق الامبريالي الامريكي الصهيوني للجبهة الداخلية العربية تمت من خلال تجنيد هؤلاء المارينز العرب ، وقد استطاعت الولايات المتحدة ان تصطاد من ذوي النفوس المريضة الذين كانت لهم صلات مع فصائل حركة التحرر العربية ، وقد بدا واضحا ان هذه العناصر كانت مزروعة منذ زمن بعيد لتقوم بواجبها المخابراتي ، ابتداء بوظيفة مخبر لدى الاجهزة الامنية العربية مقابل اجر بخس ، حتى ان اصبحت لدى الامريكان والصهاينة ذات شان لانها تحمل معول هدم كبير في جدار الامة ، فلا عجب عندما ترتفع اصوات هذه الاقلام المأجورة ، وكانها اكبر من السلطات الاعلامية والسياسية في القطر الذي تعيش فيه ، لانها تعتمد في حمايتها ليس على مصداقيتها بل على ثمن خيانتها لصالح العدو الامبريالي الامريكي والصهيوني ، والذي مهد لها الطريق في ادعاءاته البهلوانية لاستثمارها لتامين عقل المواطن العربي .
هذه الاقلام المأجورة لم تترك رمزا الا شوهته ، ولا حدثا الا وكانت تصول في جنباته ولا مناسبة الا وكانت ضيفة الخيانة على موائدها ، وقد خلعت الحياء جانبا وديدنها المريض يردد " اذا لم تستح فاصنع ما شئت " تشتم ، تقذف باقذع الصفات ، يداس على شخوصها كل يوم وكل ساعة من الجماهير العربية ، ومع هذا هي مستمرة في معركتها ضد الامة وشرفها وقيمها ورموزها ، وفي كل مرة تشعر بأن اجلها قد اوشك على الانتهاء تزداد شراسة في الهجوم وحدة في اقذر الكلمات ، لا ندري هل هي سكرات الموت التي اصابتها ؟ ، ام ان الشعور بالفشل هو الذي يدفعها اكثر واكثر للغوص في وحل الردة والخيانة ، وكلاهما ناجم عن وعي الجماهير العربية ، التي قد قامت بتشخيص هذه الاقلام ، على الرغم من هول الصدمة التي اصابتها من سقوط بغداد ، وقد اخذت هذه الجماهير تستعيد وعيها وبدا ردها على هذه الاقلام المأجورة بمستوى شراسة هجومها بل واكثر ، لانها تملك الحق وتحتضنه بين يديها ، حيث الامة في مثل امتها عصية على السقوط ، فقد تهزم او تنكسر ، ولكنها قادرة على استعادة الوعي ، وقادرة على النهوض ، فمن غير الممكن للمأجورين الصغار ان يجهزوا على هذه الامة التي تتسلح بأقوى اسلحة عرفها التاريخ ممثلة بالوعي القومي والديني .
على الجانب الآخر ، فقد صاحب هجوم الأقلام المأجورة المجندة في خدمة المارينز الامريكية والصهيونية ، عملية حصار ولكن باسلوب ناعم لا شبهة فيه ، وذلك من خلال رفض مؤسسات الاعلام العربي الرسمي والمدني للسماح للاقلام العربية الحرة الا بشق الانفس لبعض الاقلام ، والتي اكدت حضورها الوطني والقومي رغم قساوة الحصار ، التي ادت لتشريد عدد من الصحفيين الوطنيين والقوميين ، واغلاق صحف وطنية ، كل ذلك حتى تكون ساحة الرماية للاقلام المأجورة مهيئة لتمعن في تصويبها نحو قلب الامة وطموحات وآمال ابنائها .
ايها العلقمييون الجدد ، يامن فضلتم النعل الامريكي والصهيوني على حساب جبهة الانسان العربي ، الذي يحمل بين جنبيه اعظم رسالة عرفها التاريخ ، يا من كان الدولار دينكم وواشنطن وتل ابيب قبلتكم على حساب القدس وبغداد ، التي يرفع اهلها اليوم مشعل الاشتباك مع العدو الذي يدنس الارض كل الارض العربية نيابة عن الامة ، ايها المجندون في كتائب المارينز ، الا تخجلون من ماضي امتكم الذي يابى الذل والضيم والمهانة ، وقد سطر التاريخ بأحرف من نور ان أبناء هذه الامة قد حملوا السيف بيد والقلم باليد الاخرى، تضرب عنق الماردين ، وتلقن الآخرين دروس العدل والمساواة ، الا ساء ما تفعلون
يظن هؤلاء الخائبين انهم قادرون على السير في طريق الخيانة بدون عقاب ، وقد جاءهم في بداياته متمثلا بالاحتقار من جماهير الامة لكل ما يكتبون ، لان الذي يقف بالاتجاه المضاد لطموحات الامة ومستقبل ابنائها الامريكان والصهاينة وعبيدهم ، ولا يغرنكم سقوط بغداد ، ولا القدس ، فقد بدأت تستعيد وعيها ، فهاهم اطفال الانتفاضة على ارض فلسطين ، وأبطال المقاومة والتحرير على ارض الرافدين ، يلاحقون فلول المرتزقة من جيش السيدة امريكا سيدة النعمة لهؤلاء الخائبين ، فأين ستوارون وجوهكم المخزية عن الجماهير العربية ؟ ، وبماذا ستكون اجاباتكم على مواقف الخزي والعار التي دونتها اقلامكم المتكسرة على أوراق الصحف والمجلات الصفراء ؟ .
هل ستتعاملون مع حدث الانتصار تعامل النعامة مع الصياد ظنا منها ان الصياد لا يراها ، وقد توهمون أنفسكم أن النصر لم يتحقق ، وأنكم ستبقون سادرين في غيكم ظنا منكم أن سيدتكم أمريكا وحليفتكم على أرض فلسطين ، لا زالت القوة بين يديها رغم حالة الهزيمة التي ستودي بالمشروع الامبراطوري الامريكي الى الهاوية ، وستنقض على المشروع الصهيوني لتعيد الحق الى نصابه ويرقص الفلسطينيون ومعهم كل العرب ، وفي مقدمتهم العراقيون على انغام انشودة النصر العظيم ، تاركين وراءهم كل آهات الوجع والالم التي تكبدوها ، ولكنهم لن ينسوا كل مواقف العملاء والجواسيس والخونة ، ايا كانت الوان وجوههم وايا كانت اللغة التي يتأتؤون بها .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire