اثارت مسرحية " عائد الى حيفا " التي تعرض منذ 15 يناير وحتى نهاية الشهر على خشبة مسرح " جيه " بالعاصمة الامريكية واشنطن ، اثارت حفيظة اللوبي الصهيوني الذي استنفر ضد المسرحية وكاتب الرواية رافضا عرضها في الولايات المتحدة او الاحتفاء بها على مسارح امريكية معروفة وبخاصة مسرح جيه .
لماذا ؟
لان كاتب هذه الرواية ، بحسب بعض الاكاديميين الصهاينة ، ليس مجرد " محرض عادي " لصالح الفلسطينيين بل انه " احد اهم المنظرين الاعلاميين للتنظيم الفلسطيني الراديكالي المعروف بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين " دون ان يقول هؤلاء طبعا ولذلك قتلناه في بيروت وفخخنا سيارته وقتلنا معه ابنة اخته : لميس.
ويمارس اللوبي الصهيوني ضغوطاً شديدة على مالكي المسرح ، الا ان " عائد الى حيفا " وجدت من يدافع عنها من اكاديميين وطلبة وفنانين وحتى شخصيات يهودية تقدمية. واعتبر هؤلاء ان غسان كنفاني دافع عن الشعب الفلسطيني في هذه الرواية بقدر ما دافع عن ضحايا الهولوكست والضعفاء من ضحايا النازية والصهيونية على حد سواء.
تروي " عائد الى حيفا " قصة الزوجان سعيد وصفية اللذان " عادا " الى حيفا بعد حرب عام 1967 " لزيارة بيتهما " ومعرفة مصير " خلدون " الصغير الذي تركاه خلفهما بسبب عملية التهجير القسري التي جرت للعرب عام 1948 وطرد سكان المدينة من بيوتهم الى البحر والمنافي. ولم يكن يخطر ببال صفية انها ستجد ابنها وقد تحول الى جندي في الجيش الصهيوني.
عبقرية كنفاني في هذه الرواية تظهر في تحديد جوهر الصراع الفلسطيني الصهيوني. وتكشف ان العودة الى الوطن والبيت لا تعني زيارة البيت الذي كان يوما ما ملكا لهما وقد سكنه غريب محتل جاء هاربا الى " اسرائيل " من عسف النازية والعنصرية الاوروبية.
جاءت نتائج الرواية وفق هذه الصيغة الماساوية بالنسبة لصفية وسعيد ، الا ان الحقيقة كانت اقوى من الجميع . فالفلسطيني يمكنه ان يتحول الى صهيوني وقاتل حين يتحول من " خلدون الصغير " الى " الجندي دوف " وتربيه وترعاه يد غير يد امه . اراد الشهيد كنفاني ان يقول الحقيقة ، فالعودة للبيت سوف تتطلب اكثر من مجرد هذه الدموع التي تذرفها صفية الان ، وقد يكون الامل الوحيد المتبقي لهما هو ابنهما الثاني " خالد " الذي يريد ان يلتحق بالمقاومة الفلسطينية ويصبح فدائي في الثورة. وهو الان صار سلاح سعيد وامله الوحيد امام من يقول له بان كل دموع العالم سوف لن تستطيع ان تحمل زورقا من ورق كي تعود الى حيفا.
ان هذا الغضب الصهيوني ينصب على المسرحية ليس لان من كتبها هو غسان كنفاني وحسب بل حتى عنوان الرواية يغيظ العدا..
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire