الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدين الحملة العدوانية والتضليلية ضدها
وتحيي الأقلام الحرة والهيآت التي تضامنت معها
تتعرض الجمعية المغربية لحقوق الإنسان منذ انتهاء مؤتمرها التاسع المنعقد من 20 إلى 23 ماي 2010، لهجمة عدوانية خطيرة لم تعرف مثلها منذ منع مؤتمرها الثاني، واعتقال عدد من أطرها ومناضليها سنتي 83 و84 من القرن الماضي. وقد اعتمد في هذه الحملة أسلوب التضليل والافتراء والكذب وتزوير الحقائق في محاولة لتشويه صورة الجمعية والمس بسمعتها وتأليب الرأي العام ضدها.
وتضمنت هذه الحملة بالأساس دعوات للهجوم على الجمعية بل أحيانا إلى حلها من طرف السلطات، كما تضمنت دعوات للانسحاب منها لتقسيم صفوفها مستغلة بعض الخلافات التي برزت في مؤتمرها الأخير والتي أكد بصددها كل المؤتمرين والمؤتمرات، في ملتمس مصادق عليه بالإجماع، تشبثهم بالجمعية واعتبارهم تلك الخلافات دليلا على حيوية الجمعية وأطرها.
لقد شارك في هذه الحملة عدد من المنابر الصحافية ومسؤولون سياسيون ومن ضمنهم الوزير الأول بصفته أمينا عاما لحزب الاستقلال وحزبي الاتحاد الدستوري والتجمع الوطني للأحرار عن طريق فريقهما المشترك بمجلس المستشارين. وتمحورت مواضيع الحملة التضليلية بالأساس حول مزاعم استغلال الجمعية لحقوق الإنسان لأغراض سياسية، وجعل الجمعية "بوقا للانفصاليين" وولائها لجهات أجنبية ولدولة الجزائر بشكل خاص ومسها بالأخلاق العامة، ودعمها للإرهابيين والتنسيق معهم، كما حاول أصحاب هذه الحملة استعمال بعض الشعارات كالإجماع والمقدسات وتوظيف المشاعر الوطنية لأغراض سياسية مفضوحة.
إن المكتب المركزي للجمعية، وبعد تتبعه لمختلف مراحل هذه الحملة التصعيدية الخطيرة ضد الجمعية :
- يعبر عن إدانته لأسلوب الكذب والافتراء وتشويه المواقف التي استعملها أصحاب الحملة ضد الجمعية، مؤكدا الحقائق التالية:
• إن الجمعية لم تغير موقفها من النزاع حول الصحراء في مؤتمرها الأخير ولم تتبن موقف "حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير" الذي تردد في العديد من المنابر، إذ تضمن البيان الصادر عن المؤتمر الأخير نفس الموقف الذي صدر في بيان المؤتمر الثامن بالإجماع وهو :" بالنسبة للنزاع حول الصحراء، إن المؤتمر يعبر عن استيائه لاستمرار هذا النزاع منذ عشرات السنين مع ما نتج عنه من ضحايا ومن إهدار للطاقات الاقتصادية ومن عرقلة لبناء الوحدة المغاربية المنشودة. ويؤكد المؤتمر موقف الجمعية بشأن الحل الديمقراطي للنزاع حول الصحراء وبشأن التصدي لكافة الانتهاكات الناتجة عن النزاع مهما كان مصدرها."
• إن مؤتمر الجمعية لم يسبق له أن استقبل وفدا من البوليساريو ولا رسالة تهنئة منه؛
• إن الجمعية استدعت كل السفراء المعتمدين في المغرب للجلسة الافتتاحية لمؤتمرها التاسع، باستثناء السفيرين الأمريكي والبريطاني لأن الجمعية تقاطع هاتين السفارتين خاصة منذ الحرب العدوانية على العراق، والسفير السعودي كرمز للدول العربية التي تنتهك حقوق الإنسان بشكل سافر. ولم يكن هناك أي استقبال خاص بالسفير الجزائري كما ردد البعض مع العلم أنه ليس هناك سفير جزائري أصلا وإنما قائم بأعمال السفارة.
• إن الجمعية لم تتخذ أي موقف جديد بالنسبة للحريات الفردية ولم تتضمن وثائقها أي إشارة لحقوق المثليين بشكل خاص بل أكدت موقفها الذي سبق وتبنته أجهزتها قبل المؤتمر بالإجماع حول الحريات الفردية ملخصة إياها في الفقرة التالية : "بالنسبة لاحترام الحقوق والحريات الفردية والجماعية، فإن المؤتمر إذ يستنكر الانتهاكات اليومية التي تطالها، يطالب باحترامها ورفع القيود القانونية والعملية التي تكبلها وخاصة منها الحقوق المتعلقة بحرية الرأي والتعبير والتنقل والصحافة والتجمع والتظاهر وتأسيس الأحزاب والجمعيات وحرية العقيدة والوجدان والضمير وكافة الحريات الفردية الأخرى المنصوص عليها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان"
• إن الجمعية التي ظلت منذ نشأتها تطالب بدستور ديمقراطي يقر بفصل السلط، قد أكدت ومنذ 2007 على الأقل على الإقرار الدستوري بفصل الدين عن الدولة، كما سبق وطالبت بالمساواة بين الجنسين في كل المجالات وبإلغاء عقوبة الإعدام وسمو الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان على التشريع الوطني (وهو بالمناسبة إحدى توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة)، كما سبق وطالبت باحترام حرية العقيدة والضمير وكلها مطالب مستمدة من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صدق عليها المغرب والتي التزم بتنفيذ مضامينها، وبالتالي فإن إقرار العلمانية في الوثائق الصادرة عن المؤتمر الأخير للجمعية باعتبارها "مواصفة من مواصفات دولة الحق والقانون" التي تصبو إليها الجمعية ما هي سوى تحصيل حاصل.
لذا، فإن السبب الحقيقي للهجمة المعادية للجمعية يكمن في رغبة القوى المحافظة والرجعية في إضعاف أو التخلص من إطار حقوقي يقف موضوعيا ضد نزعتها اللاديمقراطية، إطار يفضح تراجعاتها وحنينها للعهد السابق كقوى ماضوية لم تعد تستسيغ جمعية حقوقية أصيلة، مكافحة، جماهيرية تجسد في مواقفها وفي عملها الميداني مبدأي كونية وشمولية حقوق الإنسان.
إن هذه القوى تهدف في حملتها المس بالمصداقية العالية التي تحظى بها الجمعية وسط الرأي العام الوطني وأيضا الرأي العام الدولي والاحترام الذي تكنه لها مختلف الهيآت الدولية الرسمية منها وغير الرسمية.
إن المكتب المركزي الذي يدين هذه الحملة التضليلية المستعملة لمختلف الوسائل المغرضة والبئيسة :
1- يؤكد أن هذه الحملة لن تنال من الجمعية ومن عزمها على الاستمرار في فضح انتهاكات حقوق الإنسان كيفما كان مصدرها والمطالبة بعدم إفلات مرتكبيها من العقاب، وفي مواصلة عملها بشأن التربية على حقوق الإنسان والنهوض بثقافتها وسط المواطنين والمواطنات كدعامة لمواجهة التراجعات والانتكاسات التي تحلم بها القوى المناهضة لحقوق الإنسان.
2- يدين كل الأقلام المأجورة التي ساهمت في هذه الحملة في تغييب تام لوجهة نظر الجمعية ورأيها في الاتهامات الموجهة لها.
3- يدين توظيف مؤسسة دستورية، مجلس المستشارين، في سابقة خطيرة وتوريطها من طرف حزبين في عملية مشبوهة.
4- يشكر كل الصحافيين وذوي الأقلام الحرة الذين كتبوا دفاعا عن الجمعية أو فضحا للحملة التضليلية التي تتعرض لها، أو ساهموا بمختلف الوسائل في تمكين الجمعية من توضيح مواقفها تضامنا معها.
5- يشكر كل الهيآت التي عبرت عبر بياناتها أو عبر توقيع عرائض التضامن عن دعمها للجمعية في مواجهتها لهذه الهجمة الخطيرة التي تتعرض لها.
6- يدعو كافة القوى الديمقراطية وفي مقدمتها التنظيمات الحقوقية وكافة الضمائر الحية إلى فضح هذه الحملة المستهدفة للجمعية في سمعتها وفي نشاطها وربما في وجودها والمستهدفة لحقوق الإنسان بمفهومها الكوني، ويدعوها إلى التعبير عن التضامن مع الجمعية في صراعها مع القوى المناهضة لحقوق الإنسان الكونية كما يدعو إلى توسيع المبادرة المتعلقة بتشكيل لجان دعم الجمعية.
المكتب المركزي
17 يونيو 2010
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire