ا
نتفاضة 1984 بالمغرب؛ و المعروفة أيضا بانتفاضة الخبز أو انتفاضة الجوع أو انتفاضة التلاميذ، هي مجموعة من الحركات الاحتجاجية اندلعت في 19 يناير 1984 في مجموعة من المدن المغربية، و بلغت ذروتها في مدن الحسيمة و الناضور و تطوان و القصر الكبير و مراكش. اندلعت الأحداث في البداية عبر مظاهرات تلاميذية، قبل أن تنخرط فيها شرائح اجتماعية أخرى. جاءت الاحتجاجات في سياق اقتصادي تميز ببداية تطبيق المغرب لسياسة التقويم الهيكلي المملاة، آنذاك، من طرف صندوق النقد الدولي، و التي كان من تداعياتها ارتفاع كلفة المعيشة و تطبيق رسوم إضافية على التعليم. ووجهت الاحتجاجات بعنف أمني كبير و اعتقالات واسعة.[1]السياق الاقتصادي
عرف الوضع الاقتصادي مرحلة صعبة في بداية ثمانينات القرن العشرين، زاد في تقويضها تواجد المغرب في قلب دوامة مديونية، تجلت في ارتفاع الدين الخارجي من 900 مليون دولار (سنة 1972) إلى 12 مليار دولار (سنة 1980).[3] توجه المغرب إلى سوق الاقتراض الدولية، بين 1975 و 1981، لتغطية عجزه المالي المزمن، في مكونيه:
- الميزان التجاري: حيث بلغت تغطية الصادرات للواردات 55.8 % فقط، في 1983[3]، و مما ساهم فيه انخفاض قيمة الفوسفات في السوق الدولي، و الإسراف في الإنفاق العسكري. و لم تنفع في تغطيته تحويلات المهاجرين المغاربة، و لا المساعدات المباشرة التي كان يتلقاها المغرب من بعض الدول الخليجية، خصوصاالسعودية[4].
- عجز الميزانية العامة: بلغ العجز 7 % سنة 1980، أي ما يكافئ 7 % من الناتج الداخلي الخام. و كانت إنفاقات حرب الصحراء (المقدرة بمليون دولار يوميا[1])، أحد الأسباب المباشرة لهذه الوضعية.[3]
أما النمو الاقتصادي[5] فلم يكن كافيا لمواكبة الانفجار الديمغرافي الذي ميز المغرب في تلك الفترة (3 %)، و انتقل من 6.8 % (بين 1973 و 1977) إلى 4 % (بين 1978 و 1980) ليصل إلى 2.5 % (بين 1981 و 1983)،[3] بل كان شبه منعدم في سنة اندلاع الاحتجاجات (0.6 % فقط). من أهم عوامل هذا الفشل الاقتصادي، الذي أدى إلى وضع 40 % من السكان تحت عتبة الفقر:
- الفساد و البيروقراطية الإدارية التي عرفتها حقبة الحسن الثاني.[3]
- سنوات الجفاف المتلاحقة التي أثرت على الفلاحة المغربية[3]
- ارتفاع سعر الدولار و تكاليف الدين (تقليص آجال الأداء و نسبة الفائدة)[3]
- ارتهان المغرب الهيكلي للتقلبات الخارجية في أسعار المواد الغير مصنعة، التي كانت عماد صادراته (الفوسفات و الفلاحة)[3]
وصل المغرب إلى حافة عدم القدرة على الاستيراد و تسديد ديونه[4]. و أدى ذلك، طبيعيا إلى فرض صندوق النقد الدولي لسياسة التقويم الهيكلي، المعروفة ب PAS سنة 1980. الأجرأة الرئيسية للبرنامج، تمثلت في نهج الدولة المغربية لسياسة تقشف حادة، بلغت ذروتها في قانون مالية سنة 1983، عبر الإجراءات التالية[3]:
- إلغاء 19000 منصب مالي في الوظيفة العمومية (من أصل 44000 كانت مبرمجة سابقا).
- خفض ميزانية الدعم المخصصة لصندوق المقاصة ب 600 مليون درهم، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية.
- خفض تكاليف الاستثمار ب 3.2 مليار درهم (-23.5 %) .
- رفع الضريبة على القيمة المضافة من 17 إلى 19 %.
- رفع ضريبة التضامن الوطني، و التي كانت تعرف بضريبة الصحراء (و الموجهة مداخيلها لتغطية مصاريف الحرب و إعمار الصحراء).
- تبخيس العملة الوطنية ب 20 % بين 1983 و 1984.
بلغ ارتفاع المواد الاستهلاكية الرئيسية في 1983، 18 % بالنسبة للسكر و 67 % بالنسبة للزبدة و 20 % للمحروقات. انضافت لهذه الإجراءات، سياسة حمائية إضافية، ساهمت في تأجيج الاحتجاج في الشمال المغربي، و هي فرض رسوم على المواطنين الذين كانوا يلجون لسبتة و مليلية (بلغت الرسوم في الناضور 100 درهم للراجلين و 500 درهم للسيارات). كان التهريب أهم نشاط معيشي للعديد من الأقاليم الشمالية في تلك الفترة، و ساهمت تلك الإجراءات في خلق توتر إضافي، في مناطق كانت أصلا تعاني من تهميش اقتصادي، منذ استقلال المغرب.[1] من أهم الإجراءات الأخرى التي ساهمت بطريقة مباشرة في الاحتجاجات فرض رسوم جديدة في التعليم: 50 درهما للتسجيل في الباكالوريا و 100 درهم في الجامعة[1]، و هو ما أعطى للانتفاضة بعدا تلاميذيا و طلابيا في بدايتها.
السياق السياسي[
تندرج انتفاضة 1984، في مسلسل الانتفاضات الاجتماعية التي عرفها المغرب خلال فترة حكم الحسن الثاني، كانتفاضة 1965 و انتفاضة 1981.[6] كان الوضع السياسي المغربي في الفترة الممتدة بين 1975 و 1986موسوما بالمميزات التالية:
- تضييق على الحريات السياسية و النقابية و الطلابية.
- انعقاد القمة الإسلامية في الدار البيضاء في يناير 1984، و التي فرضت تركيزا كبيرا للقوات الأمنية في الدار البيضاء، و هو ما يفسر استعمال قوات الجيش لمواجهة الاحتجاجات في الشمال، و أيضا غياب الدار البيضاء عن خارطة الاحتجاجات في انتفاضة 1984.[6]
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire