حركة 20 فبراير : الواقع والافاق
أدت ثورة الشعب التونسي إلى اسقاط نظام بنعلي الديكتاتوري وأسفرت الانتفاضة الشعبية المصرية عن تنحي حسني مبارك أحد أكبر رموز الفساد في المنطقة العربية. استجاب القدر لإرادة الشعبين التونسي والمصري ولرغبتهم في الحياة ومعه تهدم جدار الخوف لدى كافة شعوب المنطقة المغاربية والعربية وزرع الامل في شباب أنهكته السياسات اللاشعبية للأنظمة اللاديمقراطية بالمنطقة.
إن الشباب المغربي استطاع بوعيه السياسي الذي كان قد عبر عنه خلال مقاطعته العارمة للانتخابات التشريعية ل 2007 استيعاب الدينامية التي تعرفها المنطقة المغاربية والعربية عامة والمغرب خاصة. كما تمكن من استخلاص دروس اللحظة التارخية التي تمر بها البلاد. مما دفعه الى الاسراع في فتح نقاش موسع على الشبكات الاجتماعية الإلكترونية مسستفيدا من كفاءاته التقنية في مجال المعلوميات الذي توفر فضاءاته الافتراضية هامشا من الحرية غير متوفر في الفضاءات العمومية والتي تمكن من التواصل بسرعة مع مختلف شرائح المجتمع المنخرطة في الشبكات الاجتماعية حيث وصل عددهم في المغرب على شبكة الفيس بوك الى 2 مليون منخرط.
أسفر النقاش البناء بين الشباب إلى صياغة لائحة مطالب تعبر عن طموحاتهم وتصوراتهم لمغرب الغد : مغرب الديمقراطية الحقة، مغرب الحرية والكرامة، مغرب العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة الوطنية. هذه المطالب كانت قد طالبت بها القوى السياسية والنقابية والجمعوية الديمقراطية سابقا لكن أغلب هذه الإطارات لم تكن لها الجرأة الكافية لطرح ملف الإصلاحات السياسية والدستورية العميقة والكفيلة ببناء دولة الحق والقانون والنضال بكل الاساليب المشروعة لتحقيقها باستتناء جزء من الحركة الحقوقية وضمنها الجمعية المغربية لحقوق الانسان وبعض احزاب اليسار الجذري.
اكتسب شباب الحركة مايكفي من الثقة في النفس وتلقى الدعم الضروري من القوى المناضلة بالبلاد لإعلان يوم 20 فبراير 2011 يوما وطنيا للاحتجاج السلمي على طبيعة النظام السياسي المغربي والتاكيد على ضرورة إقامة نظام ديمقراطي برلماني يقطع مع نظام الحكم الفردي المطلق ويجسد ارادة الشعب باعتباره صاحب السيادة ومصدر كل السلط ويسمح بسن سياسة اقتصادية واجتماعية وثقافية وإعلامية تضمن تطوير الطاقات والخيرات الوطنية لتلبية الحاجات الاساسية للشعب المغربي وتوفير الخدمات الاجتماعية والشغل للجميع.
بعد المسيرات السلمية الناجحة ليوم 20 فبراير 2011 أخذت الحركة منحا آخر إذ تحولت الى حركة شعبية تعبر عن طموح فئات واسعة من الشعب المغربي وعن مطالب جل القوى الديمقراطية والتي تحملت مسؤولياتها في دعم الحركة عبر تأسيس المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير في نضالاتها التي تعرضت لكل أنواع التضييق والقمع وتعرض نشطائها للاعتقال والتعنيف الذي أسفر عن استشهاد الشاب كريم الشايب على أيدي قوى القمع. ومع تصاعد الاحتجاجات السلمية وضغط الشارع ألقى رئيس الدولة خطابا لم يستجب فيه إلاجزئيا للمطالب السياسية للحركة والتي يبقى تفعيلها مهددا مع استمرار هيمنة حزب الدولة (حزب الاصالة والمعاصرة) على الحقل السياسي وعلى المؤسسات "المنتخبة" مستفيدا من قربه الكبير من السلطة واستقطابه للأعيان وأصحاب رؤوس الاموال. كما لم تتم الاستجابة للمطالب الاجتماعية والاقتصادية التي تعبر عن المعاناة اليومية للمواطن المغربي وخاصة الشباب والمرتبطة بغلاء المعيشة وتدهور الخدمات العمومية وخوصصة التعليم وضعف فرص الشغل واستغلال العمال والعاملات في وحدات الانتاج. كل هذا لم يزد شباب الحركة إلا إصرارا على النضال و الاحتجاج سلميا ضد تجاهل المطالب المشروعة لحركة الشعب المغربي و الاستمرار في تقديس النظام السياسي تحت يافطة إمارة المؤمنين المتناقضة مع القيم الإنسانية التقدمية و مع التشريعات و المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
في الوقت الذي تم فيه الإعلان عن تأسيس لجنة معينة من فوق تفتقد المشروعية الديمقراطية و الشعبية اللازمة لتعديل الدستور الحالي الذي يرجع في جوهره إلى دستور 1962 الذي فرض آنذاك على الشعب المغربي ؛ يستمر النظام في اعتقال مناضلي الحركة و ضرب حقهم في التظاهر السلمي و ما القمع الوحشي الذي ووجهت به الوقفة السلمية ليوم 14 فبراير بالدار البيضاء في ظل استمرار الإفلات من العقاب إلا دليلا على تشبث النظام المغربي بديمقراطية الواجهة التي تكلف دافعي الضرائب أموالا طائلة تصرف في مؤسسات استشارية لا سلطة لها أو مؤسسات "منتخبة" لا تمثل إلا مافيات الانتخابات و ناهبي المال العام.
موعدنا جميعا لفرض إرادتنا على نظام لم يأب أن يستجيب لطموحنا و رغبتنا الجماعية في بناء مغرب يضمن العيش الكريم لكافة مواطنيه و مواطناته و يوفر الضمانات الدستورية و القانونية لتسود قيم المساواة و العدل و الحرية ، فإلى الأمام يا شباب و أحرار المغرب.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire