ل
مرت 64 سنة على اغتيال الرفيق ستالين بداية مارس 1953 باشراف مباشر من رمز التحريفية العالمية نيكيتا خروتشوف و صديقه لافرينتي بيريا. و تؤكد مدكرات مولوتوف التي نشرت سنة 1993 بأن الرفيق ستالين تم تسميمه من طرف بيريا بحضور خروتشوف ليلة الاول من مارس 1953.
بدأ الهجوم على البلشفية مباشرة بعد اغتيال ستالين و تلاه تصفية القيادة الماركسية اللينينية للحزب الشيوعي الروسي. و ألغى خروتشوف الخطة الخماسية الخامسة التي كانت تقضي بزيادة مجمل الإنتاج بنسبة 70%. ما يعني أن الاتحاد السوفياتي كان سيصبح الدولة الأولى في مجمل الانتاج في العام 1955 وستتمتع الشعوب السوفياتية بمستوى حياة لا مثيل له على وجه الأرض لولا اغتيال الرفيق ستالين.
و شكل المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي (1956) نقطة مفصلية في تطور النظام الاقتصادي و السياسي للاتحاد السوفياتي حيث هاجم خروتشوف أعمال ستالين عبر تقريره السري الدي قدم خارج أعمال المؤتمر. كان الهدف طبعا هو التنكر للمبادئ الثورية و التنحي عن نهج لينين و ماركس و انجلز الدي سار عليه ستالين.
ففتحت التحريفية المجال على مصراعيه لقيادة الاتحاد السوفياتي نحو اقتصاد السوق في طريق أدى إلى تصفيته و الاعلان عن انهياره التام سنة 1991.
و لضرب التاريخ المشرق للاتحاد السوفياتي بقيادة الحزب الشيوعي (حتى اغتيال ستالين)، و الانتصارات العظيمة التي حققتها الاشتراكية في هده المرحلة من تاريخ الانسانية، لا تتوانى الامبريالية و الانظمة الرجعية و التحريفية بجميع تلاوينها في نشر كل أنواع الافتراءات و الاكاديب التي تهدف بالاساس الى ضرب الماركسية اللينينة لانها تشكل الاجابة العلمية و العملية على تناقضات النظام الرأسمالي المبني على الاستغلال و البؤس و الحروب. و هي حملات ترمي أيضا إلى تجريد المضطهدين من أسلحتهم و أهمها السلاح الايديولوجي (الماركسية اللينينية) باعتباره الخلاص الوحيد من نير الاستغلال الراسمالي.
و يشكل ستالين هدفا لحملات الامبريالية و اديالها لضرب الفكر الثوري، و لدلك فإن الدفاع عن ستالين، ليس تقديسا للفرد كما تروج الانتهازية لدلك، و لكنه جزء من الدفاع عن الايديولوجية الماركسية اللينينية و عن المجتمع البديل؛ مجتمع بدون طبقات. أي المجتمع الشيوعي.
لن يكفي هدا الحيز لسرد التاريخ المجيد للرفيق ستالين الدي ظل يردد دائما بانه مجرد تلميد للينين. تاريخ عنوانه التضحية و خوض نضالات مريرة إلى جانب البلاشفة ضد القيصرية كنظام أشد عدوانية و رجعية في أوربا قبل أن يقود،بمعية البلاشفة و الشعوب السوفياتية، بناء أول نظام اشتراكي في التاريخ حول السوفيات من بلدان متخلفة تستعمل المحراث الخشبي لأعظم قوة على المستوى العالمي.
عرفت نضالات ستالين تحولا نوعيا مند سنة 1900 حيث خاض تعبئة شاملة لمئات العمال الجيورجيين، كان أهمها خطابه أمام 500 عامل في الجبال المحيطة بمدينة تفليس (تيبليسي الجيورجية). فنشبت اضرابات عمال المصانع و السكك الحديدية بنفس المدينة.
سنة 1901 أشرف الرفيق ستالين على توزيع العدد الاول من صحيفة الايسكرا (الشرارة) السرية التي اصدرها لينين بالخارج. في نفس السنة انتخب ستالين في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي.
بعد ملاحقات القمع السري القيصري لستالين و افلاته من كمين نصب لاعتقاله، تمكن من الهرب لمدينة باطوم (1902) و هناك قاد نشاطات ثورية أدت إلى خروج ستة آلاف عامل من مصفاة للنفط في مظاهرات حاشدة، فهاجمها القمع القيصري و قتل 15 عاملا و اعتقل المئات. تم القاء القبض على ستالين شهرا بعد دلك و ظل رهن الاعتقال لمدة عام، قبل ان يتم الحكم عليه بثلات سنوات نفيا إلى سيبيريا. نفد الحكم، لكنه تمكن من الهرب و عاد إلى تفليس في فبراير 1904.
في سنة 1905 قاد ستالين مظاهرات باكو (اداربيجان) التي شكلت الشرارات الاولى لثورة 19055 و أدت إلى استشهاد 200 عامل.
استمرت نضالات القائد البلشفي المكثفة ما بين 1905 و 1908، كان أبرزها تنظيم عملية سطو على بنك القيصر (1907) مكنت البلاشفة من 250000 روبل روسي بعد معركة مسلحة مع الحرس القيصري.
كما قاد ستالين نضالات 500 ألف من عمال الصناعة البترولية في باكو. مما أدى الى اعتقاله و حوكم مجددا بالنفي عامين إلى سيبيريا قبل أن يتمكن من الفرار في يونيو 1909.
و في غمرة الاعداد لاضرابات بترولية جديدة اعتقل ستالين في مارس من سنة 1910 و حكم بالنفي 5 سنوات الى سيبيريا. لكنه تمكن مجددا من الهرب في فبراير سنة 1912. ليعود الى باكو ثانية ثم سان بطرسبورغ حيث اصدر الطبعة الاولى من صحيفة البرافدا (الحقيقة). لكنه اعتقل في نفس اليوم بمعية رفيقه مولوتوف سكرتير الصحيفة. تم نفي ستالين الى سيبيريا لثلات سنوات، لكنه فر مرة اخرى فعاد لرئاسة تحرير البرافدا التي كانت توزع 80 ألف نسخة يوميا .
اعتقل ستالين مرة خامسة في سان بطرسبورغ. و لكي لا يتمكن من الهرب فقد تم نفيه 55 سنوات الى اقصى مناطق سيبيريا. انتهت محكومية ستالين فكانت العودة الى سان بطرسبورغ بعد ثورة فبراير 1917 حيث انتخب الى رئاسة المجلس الاعلى للسوفييت الروسي. و مع اندلاع ثورة اكتوبر ، كان ستالين من بين الاعضاء الخمسة للمجلس العسكري الثوري.
بعد نجاح ثورة اكتوبر العظمى ارتعدت الامبرياليات خوفا من انتشار شرارة الثورات الحمراء على المستوى الاممي فتدخلت دول عديدة لجهة دعم الثورة المضادة (امريكا، بريطانيا، فرنسا، المانيا، ايطاليا، اليابان، كندا، استراليا، اليونان، ...). نشبت حرب طويلة دامت 4 سنوات (بين 1917 و 1923) انتهت بانتصار الجيش الاحمر و دحر الثورة المضادة.
خرج الاتحاد السوفياتي منهكا من الحرب، حتى ان الرفيق لينين قال بأن "الشعوب السوفياتية تعيش على الطوى".
فأقر المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي الروسي (مارس 1921) الخطة الاقتصادية الجديدة المعروف باسم "النيب"
(New Economic Plan).
اعتبر لينين بأن "النيب" خطوة الى الوراء لانها تسمح للفلاحين بالتصرف بالانتاج الزراعي مقابل اداء الضرائب المستحقة، كما سمحت لبعض المشاريع الخاصة بالتواجد و قدمت تنازلات للبرجوازية الصغيرة. و لكن هدا التراجع إلى الخلف كان الهدف منه تحقيق ثلات خطوات إلى الامام. و قد قال لينين بأن "النيب سياسة اقتصادية جديدة لانها تسير الى الخلف. نحن نتراجع اليوم: و يجب علينا ان نتراجع. و لكننا نقوم بدلك، متراجعين في البداية، من ان اجل ان نستجمع قوانا و نعد انفسنا لنقوم بقفزة اوسع الى الامام" (لينين، خطاب امام سوفييت موسكو-1922). و ختم لينين الخطاب مؤكدا على ان روسيا الاشتراكية ستخرج من رحم السياسة الاقتصادية الجديدة.
و كانت المهمات الاساسية التي صاغها لينين لبناء الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي هي تطوير الصناعة الحديثة، بناء التعاونيات الفلاحية و اطلاق مسار الثورة الثقافية. و أكد لينين على ضرورة تسييد سلطة السوفييتات و كهربة الاتحاد السوفياتي بدون استثناء. لان اي نهوض صناعي كان يقتضي كهربة البلاد باسرها.
استمرت عملية البناء حتى انتهت كل مفاعيل "النيب" التي عادت على الشعوب السوفياتية بفوائد جمة. فتطور الانتاج بشكل ملحوظ و تسلم الفلاحون المحرومون الأراضي الزراعية و أصبح الاتحاد السوفياتي يتخلص من سنوات الحرب التي دامت 8 سنوات (الحرب العالمية ثم الحرب المضادة التي تلت نجاح الثورة البلشفية).
توفي لينين في يناير 1924، فألّف الثلاثي: ستالين الدي كان يشغل قبل دلك بسنوات منصب سكرتير الحزب الشيوعي، وكامينيف، وزينوفيف، ألفوا الحكومة السوفياتية الجديدة.
أخرجت التحريفية رسالة/وصية نسبت للينين و أتبت مؤرخون سوفييت بأنها مزورة فلم تكن موقعة بخاتم لينين (ككل اصداراته) و لا مسجلة كالعادة في الارشيف، إلخ. "الوصية" وصفت ستالين بالفظاظة. فقدم ستالين استقالته و قال بأنه لا يمكن إلا أن يكون فظا مع أعداء الثورة. رفضت الاستقالة بالاجماع (من بين الرافضين كان تروتسكي ايضا).
سار البلاشفة بقيادة ستالين في بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي، فتبنى المؤتمر 155 للحزب الشيوعي السوفياتي، الدي عقد في ديسمبر 1927، الخطة الخماسية الأولى (1928-1932) . كان جوهر الخطة يقضي ببناء الصناعة الثقيلة، الضرورية من أجل التصنيع الاشتراكي، و تشكيل التعاونيات الفلاحية.
يقول ستالين عن الخطة الخماسيةالاولى : " ماذا كانت الحلقة الرئيسية في الخطة الخماسية؟ كانت الصناعة الثقيلة وكان محورها الصناعات الميكانيكية لأن الصناعة الثقيلة وحدها يمكنها إعادة بناء وتركيز الصناعة بمجملها والمواصلات والفلاحة. كان يجب إذن البدء بها للشروع في انجاز الخطة الخماسية وكان من المهم تبعا لذلك أن نضع تأهيل الصناعة الثقيلة وتطويرها في أساس عملية انجاز الخطة الخماسية".
و توازيا مع البناء الصناعي الضخم، أسس البلاشفة للنهوض الزراعي. لذلك أطلقوا في العام 1929 حملة شاملة لتحويل الزراعة الفردية إلى زراعة تعاونية ترتكز بالاساس على تعويم ملكية الأرض الزراعية. و استطاع الحزب خلال سنتين فقط أن يحدث تحولا نوعيا في المجال.
هكدا ادن بدأت تتطور الاشتراكية و تنمو في الاتحاد السوفياتي بالاعتماد على إنشاء الصناعة الثقيلة و التعاونيات الفلاحية عبر تأميم الأرض والصناعة والمواصلات والبنوك والتجارة.
ففي الوقت الدي أصاب الاقتصاد الرأسمالي الانهيار بسبب أزمة 1929 و كان الامريكيون يصطفون صفوفا أمام البنوك الغدائية(banques alimentaires) للحصول على صحن حساء، كان السوفييت يحققون معدلات نمو فاقت كل التوقعات.
و في الوقت الدي كان فيه الاتحاد السوفياتي معتمدا على قواه الداتية من أجل تحقيق هده الطفرات النوعية دون الاقتراض الخارجي، كانت الامبرياليات تعاني أزمة طاحنة بالرغم من اعتمادها على مصادر التراكم الرأسمالية و الاستيلاء على خيرات المستعمرات والبلدان المهزومة في الحرب العالمية.
حققت الخطة الخماسية الاولى اهدافها قبل الاوان بفضل تضحيات الشبيبة الشيوعية و ملايين العمال و قيادة الحزب الشيوعي و تجاوزت كثيرا سقف التوقعات من بينها ما حدده ستالين عندما قال "فمن الضروري اللحاق بركب البلدان الرأسمالية المتقدمة والتفوق عليها. إما أن نحقق ذلك، أو انهم سيسحقونا".
تجاوز السوفييت البلدان الرأسمالية فتضاعفت قيمة الانتاج القومي الاجمالي. و احتل الاتحاد السوفياتي المرتبة الثانية عالميا في انتاج الالات و المعدات و صهر الفولاذ. و انجزت كهربة البلاد (الموقع الثالث في ما يخص انتاج الكهرباء). كما حققت الاصول الثابتة للصناعات الثقيلة نموا قارب 3 مرات.
يقول ستالين عن حصيلة الخطة الخماسية الاولى:
" في حين ارتفع بنهاية 1932 حجم الإنتاج الصناعي للاتحاد السوفيتي بـ334 % مقارنة بمستواه قبل الحرب، انخفض الإنتاج الصناعي للولايات المتحدة لنفس الفترة إلى 84 % من مستواه قبل الحرب وفي انجلترا إلى 75 % وفي ألمانيا إلى 62 % .
وفي حين ارتفع بنهاية 1932 حجم الإنتاج الصناعي للاتحاد السوفيتي بـ2199 % مقارنة بمستواه سنة 1928، انخفض الإنتاج الصناعي للولايات المتحدة لنفس الفترة إلى 56 % وفي انجلترا إلى 80 % وفي ألمانيا إلى 55 % وفي بولونيا إلى 54 % .
هل تدل هذه الأرقام على شيء سوى عدم صمود النظام الصناعي الرأسمالي في امتحان التباري مع النظام السوفيتي، سوى حيازة النظام الصناعي الاشتراكي لجميع المزايا على النظام الرأسمالي."
اصيبت الامبرياليات بالدهول أمام انجازات البلاشفة و الشعوب السوفياتية. و ما زادها دهشة بعد دلك هو نجاح الخطة الخماسية الثانية نجاحا شاملا حيث تضاعف الانتاج القومي بأكثر من مرتين بالمقارنه مع سنة 1933. و ارتفع انتاج الكهرباء ب 700% و أنجز تسليم مئات الالاف (650000) من الجرارات و الات الحصاد لمحطات المكننة الزراعية و ازدادت مجمعات انتاج الصلب و ازدادت معها وتيرة صناعة ادوات الانتاج، أي الصناعات الثقيلة.
و كان مضمون التطور الاقتصادي الشامل هو رفع مستوى عيش العمال والفلاحين و رفع رفاهيتهم، أي التحسين الحاسم للتعليم و الصحة و الإسكان و الخدمات المجتمعية في الاتحاد السوفياتي.
أقر المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي البلشفي الخطة الخماسية الثالتة (1938-1942) التي ركزت، بعد التطور الهائل في الاقتصاد، على الجانب النوعي و الجودة: رفع انتاج الفولاد بجودة عالية، تطوير الصناعات الدقيقة و غير الحديدية ثم الكيميائية، إلخ.
لكن نشوب الحرب العالمية 22 أثر على الخطة فانشأت مئات المعامل الحربية و انتجت الاف الطائرات الحربية و المدافع و الدبابات. فانتصر الاتحاد السوفياتي في الحرب و خلص البشرية من غول النازية.
لا يفوتني هنا ان اشير الى اعتقال ابن ستالين ياكوف في الحرب العالمية الثانية. و قد كان ملازما في صفوف الجيش السوفياتي. تقدمت النازية بمقترح يفضي الى مبادلة ياكوف برئيس الجيش الالماني السادس النازي فريديريك باولوس، فرفض ستالين العرض رافضا تمييز ابنه عن الاخريين وقال :"جميع جنود الجيش الأحمر هم أبنائي ولن ابدل الملازم بالمارشال". قتل بعد دلك ياكوف في محاولة الهرب من سجن برلين المحاط بأسلاك كهربائية شائكة تبلغ 3 أمتار...
تبنت الخطة الخماسية الرابعة (1946-1950) اعادة اعمار ما دمرته الحرب الامبريالية و إعادة الاتحاد السوفياتي إلى المستوى الدي كان عليه قبل الحرب صناعيا و زراعيا. نجحت الخطة أيضا و تمكن السوفييت من تزويد جميع المصانع بما فيها الجديدة بكل ما تحتاجه من ادوات الانتاج. و تبين أن الاتحاد السوفياتي خرج من الحرب ليس منتصرا و حسب، لكن كأكبر قوة على المستوى العالمي..
أقر البلاشفة الخطة الخماسية الخامسة (1951-1955) بهدف تحقيق مستويات عليا لحياة الشعب المادية والثقافية. فكان عنوان الخطة تحقيق "خطوة واسعة للإمام في عبور الاشتراكية نحو الشيوعية"...
اغتيل الرفيق ستالين، استولت التحريفية على السلطة و سار الاتحاد السوفياتي في اتجاه السقوط الحر نحو الانهيار.....
لكن طاحونة الصراع الطبقي لن تتوقف...لنا موعد مع التاريخ...
مقال جيد، واكيد ان البحث لا زال مطلوبا في هذا المجال. ومن هنا اسالك، ايها الرفيق،هل لديك مراجع باللغة الروسية؟
RépondreSupprimerثم الملاحظة الثانية : غير صحيح بان لافريتتي بيريا هو من سمم ستالين او كانت له اية علاقة بالموضوع، بل هو نفسه اغتيل في نفس السنة، ومن الواضح انه كان على بينة من مشاريع خروتشوف واصحابه....لذلك تمت تصفيته ونسجت اشاعات حول دوره في تصفية ستالين،،،،
مع كامل تحياتي
RépondreSupprimer