مضامين تقرير اليزمي حول “تعذيب” معتقلي الريف
ادريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان -
أورد التقرير الرسمي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بوجود “حالات تعذيب”، في صفوف المعتقلين الـ34 ممن شملتهم الخبرة الطبية، واعتبر ادعاءات المعتقلين حول تعرضهم للتعذيب “معقولة”..
التقرير المكون من 35 صفحة، باللغة الفرنسية، وحصل “اليوم24” على نسخة منه، استعرض “الدلائل المادية والنفسية، وشهادات المعتقلين المعنيين بالتقرير”، المنقسمين إلى قسمين. الأول، يهم المعتقلين المتواجدين في سجن “عكاشة” بالدار البيضاء، ويضم 19 معتقلاً. والثاني يهم المعتقلين في السجن المحلي للحسيمة، والبالغ عددهم 15 معتقلاً.
وأوضح التقرير في مستهل مضامينه، أنه إعتمد على طبيبين شرعيين، قصد التقصي في مزاعم تعرض 34 معتقلاً، لـ”التعذيب على أيدي رجال الشرطة، وذلك يومي السبت والأحد 17 و18 يونيو المنصرم”.
وضمن الخلاصات التي توصل لها الطبيب عبد الله دامي، حسب التقرير، بعد مقابلته للمعتقلين المعنيين، في السجن المحلي للحسيمة، أن ادعاءات تعرضهم للتعذيب “صحيحة ومعقولة”.
وسجل الطبيب في تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان، “عدم منح المعتقلين خلال فترة الحراسة النظرية، حق الصمت والاتصال بالأقارب وتوكيل المحاميين، علاوة على توقيعهم بالقوة على محاضر للضابطة القضائية دون الإطلاع عليها”.
وخلص التقرير، إلى “وجود آثار تعذيب، بناءً على شهادات المعنيين بالأمر والمعاينة الجسدية”، في “تعارض مع الضمانات الدستورية الممنوحة للمعتقلين”، يورد تقرير المجلس.
وأشار التقرير ذاته، إلى أن هذه الخبرة أشرف عليها كل من البروفسور هشام بنيعيش، وهو طبيب شرعي رئيس معهد الطب الشرعي بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء؛ والدكتور عبد الله الدامي، طبيب شرعي بمعهد الطب الشرعي بالمركز الاستشفائي لجامعي ابن رشد بالدار البيضاء.
مجموعة الزفزافي
وعن المعتقلين الذين شملهم التقرير، من مجموعة ناصر الزفزافي، قائد حراك الريف، سجل التقرير أنهم صرحوا في مقابلاتهم مع الطبيب هشام بنيعيش، بتعرضهم لـ”السب والاهانة أثناء الاعتقال بالحسيمة، وذلك بعبارات عنصرية مثل: “أولاد الصبليون”، و”بغيتو ديرو دولة ديالكم” وتهديد بـ”الاعتداء الجنسي عبر إدخال زجاجات في مؤخراتهم”.
وعن شهادة ناصر الزفزافي، زعيم الحراك، أبلغ الطبيب الشرعي، أنه تلقى “ضربة بواسطة عصا على رأسه، وتلقى ضربة في العين اليسرى وأخرى على مستوى البطن والمعدة، كما وضعوا عصا بين رجليه، وهو ما اعتبره اعتداءً جنسياً عليه”، بحسب مضمون التقرير.
وخلص طبيب مجموعة ناصر الزفزافي، بالدار البيضاء، إلى “وجود آثار للتعذيب، وجرح في رأس ناصر الزفزافي بقطر سنتمترين، إضافة إلى آثار الكدمات على وجهه”.
وتحدث التقرير، عن تعرض ناصر الزفزافي للتعذيب وسوء المعاملة بشكل أكثر.
توصيات بمعاقبة “المعذبين”
ودعا التقرير، ضمن توصياته، إلى فتح “تحقيق دقيق من لدن السلطة القضائية يشرف عليه أشخاص غير أولئك المرتبطين بهذا الملف، من أجل التحقق من أعمال التعذيب وضمان معاقبة المسؤولين عنه”.
التقرير أوصى أيضا، بإجراء تقييم طبي عقلي بشكل عاجل وتوفير متابعة نفسية للمعتقلين المعنيين بالتقرير، كما دعا إلى التحقيق بشكل معمق بخصوص أفعال منسوبة لضابط شرطة، إسمه عصام، والذي جاء في شهادات أغلب المعتقلين.
رواية مجلس اليزمي ومديرية الحموشي
في المقابل، خرج المجلس الوطني لحقوق الإنسان في بلاغ له يوم أمس الاثنين، بتوضيح مفاده، أن “الخلاصات والتوصيات التي سينتهي إليها تقريره الشامل والنهائي حول أحداث الحسيمة وتداعياتها، هي المرجع الوحيد للوقوف على تقييمه لمختلف المجريات لكل الأحداث في أبعادها ومراحلها بكل حياد وموضوعية ومسؤولية كما دأب على ذلك في كل تقاريره”.
وأعرب المجلس، في بلاغه، عن “استغرابه لعملية التسريب الجزئي التي تمت لوثيقة حرص المجلس أن توجه حصريا إلى الجهة المعنية”.
وصرح المصدر ذاته، أنه “ورفعاً لكل لبس بخصوص هذا الأمر، فإن المجلس يؤكد أن الاستغلال الأحادي لبعض الشذرات من وثيقة داخلية قد أدى إلى استنتاجات لم يخلص إليها العمل المنجز من قبل الخبيرين المكلفين من قبل المجلس بشأن الثبوت القطعي لتعرض كل المعتقلين الذين تم فحصهم والاستماع إليهم للتعذيب”.
بدورها، أعربت المديرية العامة للأمن الوطني، عبر بلاغ لها اليوم الثلاثاء، عن “رفضها القاطع للاتهامات والمزاعم الخطيرة الموجهة لمصالحها وموظفيها، والتي أوردها البعض بصيغة الجزم والتأكيد، استنادا إلى وثيقة جزئية منسوبة للمجلس الوطني لحقوق الانسان، تم تسريبها خارج الإطار الرسمي بكيفية مشوبة بالتجاوز”.
وعبرت المديرية، في بلاغها، عن حرصها على “صون حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها وطنيا ودوليا، واحترام ضمانات الحرية الفردية والجماعية خلال ممارسة الوظيفة الشرطية، كذا ترتيب المسؤوليات القانونية على ضوء الإجراءات والمساطر القضائية، معربة عن رفضها، في المقابل، توجيه التهم ونشر الادعاءات على ضوء وثيقة جزئية وغير رسمية، لم تعرض على مصالح الأمن الوطني، بالقنوات الرسمية، ليتسنى الرد على ما جاء فيها”.
وصرحت مديرية الحموشي، أنها ستجيب عن جميع “الادعاءات” التي وردت في تلك الوثيقة، حال توصله بهاً رسمياً من الجهة التي أعدتها أو صدرت عنها، من منطلق احترامها التام للقانون، وتفاعلها الإيجابي مع خلاصات وتوصيات المؤسسات الدستورية المعنية، وأيضاً من منظور أن تلك “الادعاءات غير الرسمية أسست استنتاجاتها الطبية وغير الطبية على إفادات وشهادات لأطراف محددة دون استقراء وجهة النظر باقي المتدخلين المؤسساتيين والرسميين”.
كما أعربت المديرية عن أسفها البالغ، تجاه ما وصفته بـ التوظيف المتسرع والاستغلال غير القانوني لهذه الوثيقة المسربة، والذي تطبع في كثير من الحالات بالطابع السياسي، خصوصاً من بعض الجهات الأجنبية، وذلك بشكل يسيء إلى جهود المملكة المغربية ومكتسباتها في مجال تدعيم منظومة حقوق الإنسان”.
احالة التقرير على القضاء
في السياق ذاته، أكدت وزارة العدل، في بلاغ لها، اليوم الثلاثاء، أنها أحالت تقرير “المجلس الوطني لحقوق الإنسان” بشأن ادعاءات “تعذيب” معتقلي الريف، على القضاء.
وأوضحت انها أحالت الخبرات الطبية المنجزة حول بعض المعتقلين على خلفية أحداث الحسيمة، فور توصلها به على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة.
وأفادت أنه “في إطار سياستها التواصلية مع الرأي العام بخصوص أحداث الحسيمة، وعلاقة بما تم تداوله من قبل وسائل الاعلام بخصوص تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان بشأن الخبرات الطبية المنجزة حول بعض المعتقلين على ذمة القضية، المحال على الوزارة، فإن وزير العدل وفور توصله بهذا التقرير أحاله على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء والوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة، لضم هذه الخبرات لملفات القضايا المعروضة بعضها على قاضي التحقيق والبعض الأخر على المحكمة لاتخاذ المتعين قانونا”.
وذكرت بأنه “تنفيذا للسياسة الجنائية المتبعة في كل حالات الادعاء بالتعذيب، فقد سبق للنيابة العامة أن التمست من قاضيي التحقيق إجراء خبرة على كل من ادعى التعذيب، حيث تم إجراء الخبرات الطبية القضائية المنصوص عليها قانونا”.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire