من سخرية الأقدار أو ربما هي من تدابير الدولة المقصودة، أن يتزامن موعد رحلة وفد نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد إلى السويد، مع اليوم الذي جيء فيه بمجموعة من المواطنين البسطاء من مختلف مناطق المغرب، ليحتجوا أمام السفارة السويدية بالرباط… وربما كانت تلك رسالة مبطنة تقول أن لا فرق جوهري بين الاثنين، اللهم وسيلة النقل ومبلغ التعويض الممنوح.
مة المغربية الرباط، اعتقادا منهم أنه دفاع عن الصحراء في وجه المؤامرة السويدية. اللهم إن كان الأمر يتعلق بشيزوفرينيا رهيبة تصل حدود اللامعقول. فهؤلاء المواطنين البسطاء في الواقع أجدر بالتقدير والاحترام، فهم على الأقل ليست لديهم أي حسابات سياسية تحركهم أو مصالح حزبية ضيقة تدفعهم.
وإنني لأتساءل عن الجواب الذي ستكون قد قدمته نبيلة منيب للمسؤولين السويديين حين سألوها عن تلك الوقفة الاحتجاجية أمام سفارتهم، والتي نقلتها كاميرات المواقع الالكترونية، وكشفت حقيقة وقوف السلطات المغربية وراء تنظيمها. كما أتساءل عن الجواب الذي ستكون قد قدمته لهم حين سألوها عن طبيعة المهمة الحزبية التي تقوم بها، والتي تدفع الدولة المغربية لتكون وراء تمويلها من الألف للياء.
لقد كان يجب على نبيلة منيب ومعها أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد ربط الاتصال بالأحزاب اليسارية عبر العالم من تلقاء أنفسهم ومنذ مدة طويلة، والأمر لم يكن ليتطلب إمكانيات مالية ضخمة، بقدر ما كان يتطلب بعض الخيال والاجتهاد في أساليب الاشتغال في زمن سهل فيه الأنترنت كل شيء. أما انتظار تعليمات من الملك في وقت الأزمة، فإن ذلك يفقد الحزب استقلاليته، ويضرب في الصميم مشروعه السياسي المنادي بملكية برلمانية يسود فيها الملك ولا يحكم.
والحقيقة أنني لا أجد أي مبرر مقبول لهؤلاء الذين يدافعون باستماتة عن ذهاب نبيلة منيب للسويد تنفيذا لتعليمات وزارة الداخلية، للاحتجاج على الحكومة السويدية ضد ما يروج في الكواليس على عزمها الاعتراف بالبوليساريو، في الوقت الذي يكيلون فيه السب والشتم لمواطنين بسطاء جيء بهم للاحتجاج أمام سفارة السويد بالعاص.
وحتى لا يقول قائل بأن الأمر يتعلق بمبادرة ذاتية بدافع وطني صرف، فإن إحالته على بيان حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي الصادر بعد اجتماع كتابته الوطنية يوم السبت 03 أكتوبر 2015، يثبت بما لا يدع أي مجال للشك على أن مصدر الدعوة التي رفضها رفاق بنعمر هي وزارة الداخلية. كما أن تصريحات نعيمة الكلاف عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد تضع أكثر من علامة استفهام حول هذا القرار الغريب الذي لم يناقش في أي من أجهزة الحزب.
ليصبح السؤال الآن ليس هو لماذا ذهبت نبيلة منيب إلى السويد؟ بل إن السؤال الحقيقي الآن هو من اتخذ هذا القرار؟؟؟ وكيف تم اتخاذ هذا القرار؟ مادامت نعيمة الكلاف عضو المكتب السياسي للحزب، صرحت بأنها علمت بالخبر من الصحافة وبأنهم لم يناقشوا هذا الموضوع في أي من اجتماعاتهم!
إنه فعلا لأمر خطير جدا أن لا يحترم الحزب قوانينه الداخلية وأجهزته، وأن لا يعرف أحد كيف يتم أخذ القرارات داخله، لأنه بذلك يفقد كل مصداقية وهو يدعو إلى دولة المؤسسات واحترام القانون. ففاقد الشيء لا يعطيه، والحزب الذي لا يستطيع تطبيق أبسط قواعد الديمقراطية الداخلية داخل أجهزته وهياكله التنظيمية، يفقد أمام لوبيات الفساد والاستبداد ذلك الرصيد المعنوي الذي يميزه عنهم، ويصبح مع مرور الزمن بلا أنياب في مواجهتهم.
وعوض شن حملة شعواء على من ينتقدون قرار نبيلة منيب الذهاب للسويد والتشكيك في نواياهم، فإن الأصوب للحزب الاشتراكي الموحد ومستقبله هو الاعتراف بأن القرار كان خاطئا ومتسرعا، لأنه لم ينفع في شيء قضية وحدة المغرب الترابية، ولأنه ضرب في الصميم استقلالية الحزب، وجعله للأسف يبدو في ثوب الحزب الملحق بوزارة الداخلية، وكأنه حزب من الأحزاب الإدارية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire