حول الملكية البرلمانية
تطرح وسائل الإعلام أن حركة 20 فبراير تهدف إلى إقامة ملكية برلمانية في المغرب.والحقيقة أن ما يوحد حركة 20 فبراير هو بناء نظام ديمقراطي يضمن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.وليس لهذه الحركة موقف من الملكية البرلمانية ومن الخاطئ في نظرنا الزج بها في موقف مثل هذا.لماذا؟
لأن هذا المفهوم فضفاض جدا:وقد رأينا أحزابا زكت لعقود الاستبداد المخزني والحكم الفردي المطلق للملك أصبحت هي الأخرى تتبنى لفظيا الملكية البرلمانية.لكنها تعطيها مضمونا يتمثل في إدخال إصلاحات غير جوهرية على النظام الملكي القائم.
لذلك فان هذا المفهوم يؤدي إلى نشر الغموض والدخول في نقاش ما هي الصلاحيات التي قد يتنازل عنها الملك.مما يؤدي إلى صرف نظر الحركة عن مهمتها الحقيقية وهي استنهاض الجماهير الكادحة التي لها فعلا مصلحة في التغيير الديمقراطي والتي هي القادرة على تغيير ميزان القوى والزج بالحركة في نقاشات نخبوية لم يحن أوانها الآن.
هذا علاوة على أن نقاش صلاحيات الملك يعني مسبقا القبول بفكرة أن هناك ميادين ستخضع لمراقبة الشعب وللمحاسبة من طرفه وأخرى وهي حساسة وحاسمة في الصراع مثل الجيش والأمن والعلاقات الدولية من صلاحيات الملك أي أنها غير خاضعة للمراقبة والمحاسبة.وهي الصلاحيات التي مكنت القوى المناهضة للتغيير الديمقراطي من الانقضاض على المكتسبات الديمقراطية في عدد من البلدان(التشيلي نموذجا).كما أن ذلك يتناقض مع مبدأين أساسيين في الديمقراطية هما:
- كون الشعب هو مصدر كل السلط وبالتالي فان ممثليه يجب أن يتوفروا على كل الصلاحيات وليس بعضها.
- كون كل من يتحمل المسؤولية يجب أن يحاسب ويراقب.
علاوة على ما سبق فان الكلام على ملكية برلمانية يفترض أن الملكية مستعدة وقادرة على التخلي عن صلاحياتها والتوجه بجدية نحو بناء ديمقراطية حقيقية.إن تجربة بلادنا منذ الاستقلال الشكلي تجعلنا نشك في ذلك:هكذا فان اللجنة التي أنشأت إثر الاستقلال لبلورة الدستور و كان يرأسها الشهيد المهدي بن بركة تمت تصفيتها.وأصرت الملكية أيام الحسن الثاني على تقوية سيطرتها واستبدادها وفرضت دساتير تشرعن الاستبداد والحكم الفردي المطلق.وأصر محمد السادس على خلال أزيد من 11 سنة على رفض تغيير الدستور وأكد على مفهوم "الملكية التنفيذية" ثم حين قبل بتعديل الدستور في مارس عين لجنة لصياغته لا تمثل الشعب المغربي وحدد لها سقفا يمكن الملكية من الحفاظ على أوسع السلطات المعززة بالقداسة(إمارة المومنين).
لكل ما سبق،نعتبر أن الشعار الذي يجب أن يوحد حركة 20 فبراير ويصونها ضد الانحراف والالتفاف على مطالبها هو إقامة نظام ديمقراطي وترك مسالة شكل النظام جانبا في المرحلة الراهنة وتركيز عملها على استنهاض الجماهير الكادحة ذات المصلحة في التغيير الديمقراطي الحقيق
.
عبد الله الحريف
عبد الله الحريف
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire