mardi 22 février 2011
إدانة قوية للاعتداء الذي تعرضت لها رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الانسان
بيان للرأي العام الوطني والدولي
إدانة قوية للاعتداء الذي تعرضت لها رئيسة الجمعية المغربية لحقوق
الإنسان وعدد من المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان بساحة باب الأحد بالرباط
تتابع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان باستنكار كبير الاعتداء الذي تعرضت لها خديجة رياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وعدد من المدافعين عن حقوق الإنسان بساحة باب الأحد بالرباط،يومه الاثنين 21 فبراير 2011 على الساعة السادسة والنصف لما حضرت وعدد من المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان للمشاركة في الوقفة التي دعت لها حركة شباب 20 فبراير بساحة باب الأحد بالرباط، للتعبير عن استمرار المطالبة بالتغيير ، من أجل الحرية والكرامة والديموقراطية وحقوق الإنسان .
وقد شهدت ساحة باب الأحد إنزالا مكثفا لمختلف الأجهزة القمعية من قوات التدخل السريع والقوات المساعدة وعناصر كثيرة بالزي المدني، مدججين بالهراوات ، حيث انهالوا على الشباب بالضرب ، وعلى عموم الذين حضروا للمشاركة في الوفقة ، وشمل الاعتداء حتى المواطنين والمواطنات الدين كانوا يمرون قبالة باب الأحد ، وهو ماأسفر عنه إصابة الشباب يونس بنعبو ، أسامة الخليفي، والخالدي خدبجة وهيلالة رزقي ،سلمى معروف ، ومنسق الشبكة الديموقراطية للتضامن مع الشعوب محمد العوني ، وقد تم نقل كل من خديجة رياضي وزينة أوبيهي وربيعة البوزيدي وادريس أومحند ومحمد الصبروسعيد أولحاج لقسم المستعجلات بمستشفى ابن سينا بالرباط نظرا لإصاباتهم المتفاوتة الخطورة .
والمكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أمام هذه الوقائع الخطيرة يسجل ما يلي :
1. إدانته الشديدة لهذا الاعتداء الشنيع الذي تعرض له المناضلات والمناضلين ،والذي يشكل انتهاكا صارخا على الحق في التظاهر السلمي ، والحق في السلامة البدنية والأمان الشخصي .
2. اعتباره ماوقع انتهاك صريح للإعلان العالمي لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان.
3. تأكيده استمرار دعم ومساندة الجمعية لحركة شباب 20 فبراير المطالبة بالتغيير، من أجل الحرية والكرامة والديموقراطية وحقوق الإنسان. وانخراطه في كل المعارك التي ستقررها بدء بالتظاهرات السلمية التي ستنظم يومي السبت والأحد 26و 27 فبراير 2011.
4. مطالبته السلطات المعنية بفتح تحقيق عاجل في هذه الانتهاكات،واتخاذ الإجراءات القانونية لمساءلة ومتابعة المسؤولين عنها.
المكتب المركزي
samedi 19 février 2011
manifestation du 20 fevrier au maroc
الدار البيضاء: ساحة محمد الخامس ،العاشرة صباحااا
الرباط: ساحة النافورة باب الأحد على الساعة العاشرة صباحا
مراكش: ساحة باب دكالة ،العاشرة صباحا
طنجة: ساحة الامم المتحدة 18h
بركان : غدا صباحا على الساعة العاشرة أمام عمالة بركان
المضيق: الوقفة ستكون على الساعة العاشرة صباحا في الساحة الحمراء وراء دار الثقافة
شفشاون: ساحةوطاء الحمام الساعة 16مساء
ميدلت :الخروج يوم 20 فبراير للتظاهر أمام المركز الثقافي للمدينة على الساعة الثانية و النصف بعد الزوال
القنيطرة: ساحة بيران زاران يو الاحد 20 فبراير والسلام
العرائش: يعلنون ان انطلاق المسيرة يوم 20 فبراير من ساحة التحرير بالمدينة
تطوان: التجمع بساحة مولاي المهدي-بلاسا بريمو-على الساعة 11 صباحا
قلعة السراغنة: المسيرة على الساعة 10 صباحا انطلاقا من ساحة لكرو بوسط المدينة
الصويرة: الساعة 3 زوالا امام مقر بلدية الصويرة
اكادير : التجمع أمام بلدية أيت ملول على الساعة العاشرة صباحا..ثم التوجه مباشرة إلى
لدار البيضاء: ساحة محمد الخامس ،العاشرة صباحا
الرباط: ساحة النافورة باب الأحد على الساعة العاشرة صباحا
مراكش: ساحة باب دكالة ،العاشرة صباحا
طنجة: ساحة الامم المتحدة العاشرة صباحا
آسفي 16 مساء بساحة الإستقلال
dimanche 13 février 2011
عبد الكريم الخطابي إلى الشعب المغربي: إكس ليبان فخّ منصوب
منذ نزول الأمير محمد عبد الكريم الخطابي في القاهرة سنة 1947، لم يستكن إلى الراحة والعيش على ذكريات مقاومته للاستعمارين الإسباني والفرنسي، بل إن بيته أصبح مزارا يقصده المناضلون والسياسيون والزعماء من كل الجنسيات والمشارب. كما أنه لم "يتقاعد"، رغم سنه المتقدم، عن مواصلة العمل بهدف جلاء الاستعمار عن شمال إفريقيا جلاءا تاما دون شروط أو قيود. ويتذكر قادة جيش التحرير الميدانيين سواء في المغرب أو الجزائر أو تونس، مدى حرص عبد الكريم الخطابي على توحيد المعارك في الأقطار الثلاثة لتوسيع جبهات القتال، وفي نفس الوقت لتنبيه الغافلين إلى الدسائس الاستعمارية التي كانت تهدف إلى إحداث شروخ في العملية التحريرية عن طريق إغراء بعض السياسيين ودفعهم إلى الانخراط في ما كان يسمى بالمفاوضات السياسية، وأشهرها مباحثات إكس ليبان. بطبيعة لم يكن الخطابي يملك حزبا أو جيشا أو قناة رسمية يوقف بها تلك المباحثات. ولكنه كان يمتلك ضميرا يقظا وجرأة في قول ما كان يراه صائبا، ولم يكن يتوانى عن التعبير عن آرائه عبر الوسائل المتاحة آنذاك وكأنه يبعث برسائل مفتوحة إلى التاريخ.
إحدى تلك الرسائل نشرتها صحيفة "كفاح المغرب العربي" التي كان يصدرها أنصار جيش التحرير في المغرب العربي من دمشق، بتاريخ 7 يناير 1956 تحت عنوان: "بطل الريف يحذر المتخاذلين ويدعو الشعب لمتابعة النضال". ومن أجل تعميم الاستفادة أعيد نشر نداء الخطابي كما نشرته تلك الصحيفة دون أي تغيير، باستثناء ما أضفته من فواصل ونقط لتسهيل عملية القراءة. وهذا نص النداء:
أيها الإخوان
إن الظروف قد حتمت علينا أن نوجه إليكم هذا النداء حتى لا يفوت الأوان. هناك جماعة متضامنة من المستغلين تتربص بكم الدوائر وتريد أن توقعكم من جديد في قبضة الاستعباد بعدما حملتم أسلحتكم وأدركتم ما يجب عليكم أن تفعلوه لأخذ حريتكم واستقلالكم.
هذه الجماعة قد باعت الكرامة والشرف والوطن وسلمت البلاد لطائفة قليلة من المستعمرين بثمن بخس، هي تلك المناصب الزائفة الحقيرة المهينة. وقد سبق أن عملت مثل هذه الفئة في تونس فسودت تاريخ هذا البلد المسكين، لولا أن قيض الله في الآونة الأخيرة لها رجالا لم يرضوا بتلك المهانة وصاروا يحاربون الاتفاقية ـ اتفاقية الخزي والعار. ويمكننا أن نقول إن تونس اليوم ثائرة على الذين سلموا بلادهم وماضية في محو العار، وهي بلا شك ناجحة بإذن الله لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه، وكل ما كان أبرم بواسطة جماعة دعاة الهزيمة وعشاق المناصب قد انهار تماما، وسوف ينهض التونسيون لاستئناف الكفاح في الوقت اللائق والمناسب. إن الشعب الفرنسي ليس في نيته أن يحارب مرة أخرى ليخلق هند صينية جديدة في شمال إفريقيا.
وقد اقتدت جماعة الرباط بجماعة تونس المستسلمة فأبرزت اتفاقية إكس ليبان إلى حيز العمل والتنفيذ، وأخذت تناور وتدلس وتغري الشعب المراكشي [المغربي] بالكلام المعسول. وهي سائرة في نفس طريق اتفاقية تونس وستطالب المناضلين بإلقاء السلاح،بعدما طلبت منهم الهدوء بحجة أن المفاوضة لا تكون إلا في الهدوء، والهدوء لا يكون إلا بإلقاء السلاح وتسليمه لهذه الجماعة الرباطية الجالسة على عروشها حين يتفرغ الأعداء للقضاء على الجزائر. فحذار من السقوط في الفخ المنصوب، وإننا على يقين من أن الشعب المغربي سوف يستمر في الكفاح والنضال إلى أن يخرج من بلاد المغرب بل من شمال إفريقيا كلها آخر جندي فرنسي يحمل السلاح من جماعة المستعمرين.
أيها الإخوان
دعاة الهزيمة موجودون في الأقطار الثلاثة من بلادنا، فلا يجوز بأي حال من الأحوال بأن يسمح لهم أن يثبطوا من عزائمنا أو يوهنوا من عقيدتنا في الكفاح الشريف. فالنصر حليف المناضلين في سبيل الحق.
وإننا لا نريد أن تفوت هذه الفرصة من غير أن نلفت نظر الشعب الفرنسي إلى أن إهدار كرامة الشعوب ليس من شيم الأمم المتمدنة، ولا من خصال المؤمنين بالأديان السماوية .. وبالله التوفيق.
mercredi 9 février 2011
اليسار الديمقراطي وجوهر الخلاف مع الحركة الاسلامية
يجب أن يفهم الجميع وخاصة الاسلامين أنفسهم ، أسباب توجس قطاع واسع من المجتمع من الحركات الاسلامية . فالموضوع لا يتعلق بعداء مجاني للاسلاميين كما يتصور البعض، ولا يتصل بعداء اليسار الديمقراطي للاسلام كما يدعي بعض الآسلاميين قدحا وتضليلا مغرضا للناس وابتزازا لمشاعرهم الدينية ، و معركتنا الأساسية كانت و ستظل ضد الحيف الآجتماعي و الآستبداد و الفساد. و ضد القهر بكل أنواعه . و الهدف من نضالنا هو تحقيق العدالة الاجتماعية، و الدفاع على كرامة شعبنا و إسترداد حقوقه كاملة غير منقوصة من حق كل مواطن في نصيبه من الثروة الوطنية. ووقف اهدارها وتقاسمها من قبل جماعات المافيا... إلى كافة الحقوق الأخرى المتصلة بالحريات بما في ذلك حرية العبادة وصيانة معتقدات اهلنا . في حقيقة الأمر، الموضوع يتصل ببناء وطن حر لمواطنين أحرار ، وبترسيخ مفاهيم التعايش السلمي بينهم على قاعدة الحرية والقوانين الناظمة للمجتمع ، بدلا من قواعد الآكراه واحتكار تفسير مقاصد الشرع الآسلامي وإجبار الناس على الخضوع لتفسيرات جامدة تسيء للدين إذ تحكم على النص بالموت وتدفن الاجتهاد ، وتدفع الناس إلى الآرتداد لعصور الظلام ، عصور الآستبداد وانتهاك حرية الآدميين والانتصاب لمعاقبة البشر على وجه الأرض قبل قيام الساعة!!!.
وبالرغم من بروز اجتهادات تستحق التأمل ومراجعات جدية للموقف من الديمقراطية ، أقدم عليها بعض منظري التيار الاسلامي، إلا أن ذلك لم يطل، بشجاعة فكرية ، الأساس النظري الذي أفضى على الدوام إلى استنتاجات معادية ، للحرية. وكان لا بد لمثل هكذا استنتاجات أن تكون معادية لكل ما هو مدني وحداثي ، ما دامت ناجمة عن تفسيرات جامدة لمقاصد الشرع لا تراعي متغيرات الحياة الحية. وهنا مربط الفرس. فمادمنا معنيين بقضية الحرية ، فنحن نناقض كل فكر يتضمن الآستبداد وضرب منصة الحرية التي يتوق لها شعبنا . و لذلك ، فبالرغم من تبني بعض مفكري الحركة الاسلامية لشعارات الحداثة السياسية. ومن خلال متابعتنا لهذه الاجتهادات الخجولة، نظل ننظر لها على أنها خطابا تعبويا دفع باتجاهه مطلب الديمقراطية الجارف. الديمقراطية التي تحولت، خاصة خلال العقدين الآخيرين إلى مطلب البشرية بأسرها و حلمها ومركبها الذي لا يصد ولا يرد ...
وبكل وضوح ومصارحة. خلافنا الجوهري مع الاسلاميين يكمن في عدائهم الصريح للمشروع الوطني التحرري الحداثي. إذ يرون في الديمقراطية وما تتضمنه من حرية ومساواة وعدل كقيم أساسية، تناقضا مع الحكمة الآلهية ! لا لشيء إلا لأن التربة التي نشأت فيها هذه القيم لم تكن تربة إسلامية ( و هذا خطأ) لان الحداثة ارتبطت تاريخيا بالتطور الموضوعي للمجتمعات الانسانية قاطبة بشرقها وغربها ، ولا تختص بها حضارة دون غيرها ...غير أن الفهم السكوني للحضارة البشرية، الذي يعتمد التدخل الرباني في التاريخ، يجعل الأصولية ترى التاريخ الآنساني عبارة على حزم من الثقافات المتجاورة والمتناحرة لا مشترك بينها ولا تشابه بين البشر ضمنها. "فالغرب غرب والشرق شرق " هم أهل الدنيا ونحن أهل الآخرة. وكفى .
بالتاكيد، و من الطبيعي -و وفق قراءة سكونية للنصوص المرجعية- و نظرا لأن زماننا يختلف في كل الأبعاد ، عن الزمن السحيق الذي تصر الأصولية على لي عنق التاريخ ، وجعل حاضر الناس في ماضيهم ، ستبدو الممارسات الديمقراطية الحديثة، كأنها محرمات لا يجوز الأخذ بها . وهذا نابع من التعامل مع النص القراني و السنة المحمدية بدوغماية مقيتة، دون تجديد الرؤية للماضي بمستجدات الحاضر ، ودون تحرير الفكر من جموده السلطوي والعقائدي. بمعنى آخر دون رؤية اجتهادية للتراث في حركته التاريخية واستيعاب قيمة النسبية، وتحديد ما وجَبَ بقاءه وحضوره كشاهد على أصالة العلاقة الموضوعية بين ارثنا الثقافي و بين المشروع الديمقراطي. الديمقراطية بوصفها معركة وطنية تحررية و قطعا مع القمع والاضطهاد واستلاب الإرادة ، و اغتصاب الحرية.
في المقابل ، تتمحور مطالب مجتمعنا حول ضمان حرية الناس، وحقوقهم الأساسية، وتوزيع الثروة بشكل عادل، والحماية الاجتماعية، وحرية المراة، والمساواة بين المواطنين، والتداول على السلطة، والقضاء السيد المستقل ، والصحافة الحرة.... ومع أن خطابنا سياسيا مدنيا وليس فقهيا دينيا، فكل هذه القيم و الممارسات الديمقراطية لا نراها تتعارض مع مقاصد الشرع في تحرير الانسان من العبودية والظلم، بأي حال من الأحوال، إن نحن استطعنا إعادة قراءة ارثنا الثقافي ببصيرة هذا الزمن الذي نقيم في سيرورته، لا من وجهة نظر أزمنة سحيقة لا تمت معطياتها لواقعنا و لا للعالم من حولنا بأي صلة. ثم إن الآسلام هو عقيدة شعبنا و هو من صميم ارثنا الثقافي والحضاري ، ولا أحد يملك حق الوصاية عليه . ولا أحد من حقه إحتكار فهم مقاصده وإجبار الناس على تبني فهمه الأحادي للمرجعية و تكفير غيره لتغطية عجز الأصولية على بلورة مشروع وطني يكفل الحرية والعدالة والتقدم؛... .
أثبتت الثورة التي هي ثمرة تراكم نضالات الفقراء، ضد الظلم الطبقي ، و تراكم مقاومات النخب السياسية المدنية ضد الآستبداد و الفساد و سلب الحريات. أثبت ثورة شعبنا من خلال قوة التضامن الوطني الذي ميزها ، فأذهل العالم. و من خلال مطالبها الحداثية، وتوسعها وتجذرها وشموليتها ، ومن خلال شعاراتها السياسية شديدة الوضوح أن التوانسة شعب و ليسوا ملة دينية و لاهم قبائل و لا عروش، و لا جماعات تنتظم خلف الزوايا الصوفية. و من المعلوم ، و وفق أحدث نظريات علم الآجتماع، أن "الشعب" هو مفهوم سياسي حداثي إرتبط بنشأة الدولة والدساتير والقوانين الوضعية التي تنظم العلاقات بين الدولة والمواطن؛ و علاقات المواطنين فيما بينهم. فمفهوم الدولة أو الأمة جاء إستجابة لتطور الآجتماع الإنساني، كبديل على مفهوم الملة؛ و مفهوم المواطنة كبديل على الأخوة الدينية أو القرابة الدموية... (وغيرها من أطر تقليدية ما قبل الوطنية) . إن كل هذه المعاني و القيم و الممارسات السياسية و الفكرية، هي مفاهيم لصيقة بتطور الاجتماع الانساني ، اهتدت لها البشرية بعد أن اكتوت قرونا طويلة بماسي التناحر و الاقتتال و المذابح الرهيبة التي جرت على خلفية الآنقسام بين الملل والنحل على أسس دينية أو عرقية أو جهوية أو غيرها. فكما أن الطب الحديث و علم النفس ، أخرجا الناس من زمن التداوي عن طريق التنجيم و الشعوذة و الأساليب البالية التي لم تقهر الأوبئة والموت المجاني. فإن الديمقراطية هي أسلوب للتعايش البشري السلمي المتنوع على قاعدة المساواة وسيادة القانون في إطار المواطنة الحرة ، جاءت أيضا لتخليص الانسانية من عصور الظلم والآستبداد، وإمتهان الكرامة الآدمية والآقتتال باسم إحتكار حق تفسير النصوص الدينية. و لا بد من الاشارة إلى أن الآسلام في وجهه التقدمي المضيء ( والذي ندافع عليه بشدة ) قد أسهم مع ثقافات إنسانية أخرى في الدفع باتجاه الديمقراطية كثقافة ونمط تعايش وأسلوب حكم. فليس صحيحا أن الآسلام عدو للديمقراطية إلا في أفكار الحركات الأصولية التي تنطلق من أساس مادي و خلفية طبقية، ترمي إلى تأبيد الأوضاع المريضة ، متخفية بالوفاء المزيف للعقيدة. ولذلك فالاصولية منفصلة على الزمن وعلى هموم البشر اليومية، و تحصر أسباب فقر شعبنا و معاناته الناجمة عن التوزيع غير العادل للثروة بين الأفراد كما بين الجهات، في أسباب أخلاقية ، لا إدانة فيها للخلل البنيوي للنظام الراسمالي المتوحش المتمثل في تناقض المصالح بين حفنة من المستغلين سارقي ثروة الشعب المستبدين و بين جمهور الكادحين و العاطلين عن العمل و المهمشين. ولا تكتفي الأصولية بتقديم حلول مثالية سخيفة ، بل أنها تدافع بشدة على التفاوت الطبقي ، وتعتبره أمرا ربانيا مقدسا. وبهذا الآنفصال على الزمن ، وعلى هموم الناس، تشوه الحركات الآسلامية صورة الآسلام نفسه كدين، حين تجعل منه أداة نظرية للدفاع على المظلمة الطبقية التي دفعت الشهيد محمد البوعزيزي إلى إقتحام الموت . و تعطل بعِدائها للديمقراطية إمكانيات إنتقال مجتمعاتنا إلى زمن الحرية والتمدن كسائر المجتمعات المتحضرة. إن دعوة الناس للتخلي عن المدنية والهروب من المواطنة وكل ما يرتبط بها من معاني الحرية والمساواة والدفع بهم إلى الآرتداد نحو أنماط إنتظام تقوم على الآكراه والعبودية المطلية بالتدين ، هي دعوة أبشع من إجبارهم على التنكر للطب الحديث وعلاج أمراضهم لدى المشعوذين والسحرة
.سامي ملوكي 8/2/2011
وبالرغم من بروز اجتهادات تستحق التأمل ومراجعات جدية للموقف من الديمقراطية ، أقدم عليها بعض منظري التيار الاسلامي، إلا أن ذلك لم يطل، بشجاعة فكرية ، الأساس النظري الذي أفضى على الدوام إلى استنتاجات معادية ، للحرية. وكان لا بد لمثل هكذا استنتاجات أن تكون معادية لكل ما هو مدني وحداثي ، ما دامت ناجمة عن تفسيرات جامدة لمقاصد الشرع لا تراعي متغيرات الحياة الحية. وهنا مربط الفرس. فمادمنا معنيين بقضية الحرية ، فنحن نناقض كل فكر يتضمن الآستبداد وضرب منصة الحرية التي يتوق لها شعبنا . و لذلك ، فبالرغم من تبني بعض مفكري الحركة الاسلامية لشعارات الحداثة السياسية. ومن خلال متابعتنا لهذه الاجتهادات الخجولة، نظل ننظر لها على أنها خطابا تعبويا دفع باتجاهه مطلب الديمقراطية الجارف. الديمقراطية التي تحولت، خاصة خلال العقدين الآخيرين إلى مطلب البشرية بأسرها و حلمها ومركبها الذي لا يصد ولا يرد ...
وبكل وضوح ومصارحة. خلافنا الجوهري مع الاسلاميين يكمن في عدائهم الصريح للمشروع الوطني التحرري الحداثي. إذ يرون في الديمقراطية وما تتضمنه من حرية ومساواة وعدل كقيم أساسية، تناقضا مع الحكمة الآلهية ! لا لشيء إلا لأن التربة التي نشأت فيها هذه القيم لم تكن تربة إسلامية ( و هذا خطأ) لان الحداثة ارتبطت تاريخيا بالتطور الموضوعي للمجتمعات الانسانية قاطبة بشرقها وغربها ، ولا تختص بها حضارة دون غيرها ...غير أن الفهم السكوني للحضارة البشرية، الذي يعتمد التدخل الرباني في التاريخ، يجعل الأصولية ترى التاريخ الآنساني عبارة على حزم من الثقافات المتجاورة والمتناحرة لا مشترك بينها ولا تشابه بين البشر ضمنها. "فالغرب غرب والشرق شرق " هم أهل الدنيا ونحن أهل الآخرة. وكفى .
بالتاكيد، و من الطبيعي -و وفق قراءة سكونية للنصوص المرجعية- و نظرا لأن زماننا يختلف في كل الأبعاد ، عن الزمن السحيق الذي تصر الأصولية على لي عنق التاريخ ، وجعل حاضر الناس في ماضيهم ، ستبدو الممارسات الديمقراطية الحديثة، كأنها محرمات لا يجوز الأخذ بها . وهذا نابع من التعامل مع النص القراني و السنة المحمدية بدوغماية مقيتة، دون تجديد الرؤية للماضي بمستجدات الحاضر ، ودون تحرير الفكر من جموده السلطوي والعقائدي. بمعنى آخر دون رؤية اجتهادية للتراث في حركته التاريخية واستيعاب قيمة النسبية، وتحديد ما وجَبَ بقاءه وحضوره كشاهد على أصالة العلاقة الموضوعية بين ارثنا الثقافي و بين المشروع الديمقراطي. الديمقراطية بوصفها معركة وطنية تحررية و قطعا مع القمع والاضطهاد واستلاب الإرادة ، و اغتصاب الحرية.
في المقابل ، تتمحور مطالب مجتمعنا حول ضمان حرية الناس، وحقوقهم الأساسية، وتوزيع الثروة بشكل عادل، والحماية الاجتماعية، وحرية المراة، والمساواة بين المواطنين، والتداول على السلطة، والقضاء السيد المستقل ، والصحافة الحرة.... ومع أن خطابنا سياسيا مدنيا وليس فقهيا دينيا، فكل هذه القيم و الممارسات الديمقراطية لا نراها تتعارض مع مقاصد الشرع في تحرير الانسان من العبودية والظلم، بأي حال من الأحوال، إن نحن استطعنا إعادة قراءة ارثنا الثقافي ببصيرة هذا الزمن الذي نقيم في سيرورته، لا من وجهة نظر أزمنة سحيقة لا تمت معطياتها لواقعنا و لا للعالم من حولنا بأي صلة. ثم إن الآسلام هو عقيدة شعبنا و هو من صميم ارثنا الثقافي والحضاري ، ولا أحد يملك حق الوصاية عليه . ولا أحد من حقه إحتكار فهم مقاصده وإجبار الناس على تبني فهمه الأحادي للمرجعية و تكفير غيره لتغطية عجز الأصولية على بلورة مشروع وطني يكفل الحرية والعدالة والتقدم؛... .
أثبتت الثورة التي هي ثمرة تراكم نضالات الفقراء، ضد الظلم الطبقي ، و تراكم مقاومات النخب السياسية المدنية ضد الآستبداد و الفساد و سلب الحريات. أثبت ثورة شعبنا من خلال قوة التضامن الوطني الذي ميزها ، فأذهل العالم. و من خلال مطالبها الحداثية، وتوسعها وتجذرها وشموليتها ، ومن خلال شعاراتها السياسية شديدة الوضوح أن التوانسة شعب و ليسوا ملة دينية و لاهم قبائل و لا عروش، و لا جماعات تنتظم خلف الزوايا الصوفية. و من المعلوم ، و وفق أحدث نظريات علم الآجتماع، أن "الشعب" هو مفهوم سياسي حداثي إرتبط بنشأة الدولة والدساتير والقوانين الوضعية التي تنظم العلاقات بين الدولة والمواطن؛ و علاقات المواطنين فيما بينهم. فمفهوم الدولة أو الأمة جاء إستجابة لتطور الآجتماع الإنساني، كبديل على مفهوم الملة؛ و مفهوم المواطنة كبديل على الأخوة الدينية أو القرابة الدموية... (وغيرها من أطر تقليدية ما قبل الوطنية) . إن كل هذه المعاني و القيم و الممارسات السياسية و الفكرية، هي مفاهيم لصيقة بتطور الاجتماع الانساني ، اهتدت لها البشرية بعد أن اكتوت قرونا طويلة بماسي التناحر و الاقتتال و المذابح الرهيبة التي جرت على خلفية الآنقسام بين الملل والنحل على أسس دينية أو عرقية أو جهوية أو غيرها. فكما أن الطب الحديث و علم النفس ، أخرجا الناس من زمن التداوي عن طريق التنجيم و الشعوذة و الأساليب البالية التي لم تقهر الأوبئة والموت المجاني. فإن الديمقراطية هي أسلوب للتعايش البشري السلمي المتنوع على قاعدة المساواة وسيادة القانون في إطار المواطنة الحرة ، جاءت أيضا لتخليص الانسانية من عصور الظلم والآستبداد، وإمتهان الكرامة الآدمية والآقتتال باسم إحتكار حق تفسير النصوص الدينية. و لا بد من الاشارة إلى أن الآسلام في وجهه التقدمي المضيء ( والذي ندافع عليه بشدة ) قد أسهم مع ثقافات إنسانية أخرى في الدفع باتجاه الديمقراطية كثقافة ونمط تعايش وأسلوب حكم. فليس صحيحا أن الآسلام عدو للديمقراطية إلا في أفكار الحركات الأصولية التي تنطلق من أساس مادي و خلفية طبقية، ترمي إلى تأبيد الأوضاع المريضة ، متخفية بالوفاء المزيف للعقيدة. ولذلك فالاصولية منفصلة على الزمن وعلى هموم البشر اليومية، و تحصر أسباب فقر شعبنا و معاناته الناجمة عن التوزيع غير العادل للثروة بين الأفراد كما بين الجهات، في أسباب أخلاقية ، لا إدانة فيها للخلل البنيوي للنظام الراسمالي المتوحش المتمثل في تناقض المصالح بين حفنة من المستغلين سارقي ثروة الشعب المستبدين و بين جمهور الكادحين و العاطلين عن العمل و المهمشين. ولا تكتفي الأصولية بتقديم حلول مثالية سخيفة ، بل أنها تدافع بشدة على التفاوت الطبقي ، وتعتبره أمرا ربانيا مقدسا. وبهذا الآنفصال على الزمن ، وعلى هموم الناس، تشوه الحركات الآسلامية صورة الآسلام نفسه كدين، حين تجعل منه أداة نظرية للدفاع على المظلمة الطبقية التي دفعت الشهيد محمد البوعزيزي إلى إقتحام الموت . و تعطل بعِدائها للديمقراطية إمكانيات إنتقال مجتمعاتنا إلى زمن الحرية والتمدن كسائر المجتمعات المتحضرة. إن دعوة الناس للتخلي عن المدنية والهروب من المواطنة وكل ما يرتبط بها من معاني الحرية والمساواة والدفع بهم إلى الآرتداد نحو أنماط إنتظام تقوم على الآكراه والعبودية المطلية بالتدين ، هي دعوة أبشع من إجبارهم على التنكر للطب الحديث وعلاج أمراضهم لدى المشعوذين والسحرة
.سامي ملوكي 8/2/2011
mardi 8 février 2011
dimanche 6 février 2011
بدر شاكر السياب >> أنشودة المطر
أنشودة المطر
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ ،
أو شُرفتان راح ينأى عنهما القمر .
عيناك حين تبسمان تورق الكرومْ
وترقص الأضواء ... كالأقمار في نهَرْ
يرجّه المجذاف وهْناً ساعة السَّحَر
كأنما تنبض في غوريهما ، النّجومْ ...
وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيفْ
كالبحر سرَّح اليدين فوقه المساء ،
دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريف ،
والموت ، والميلاد ، والظلام ، والضياء ؛
فتستفيق ملء روحي ، رعشة البكاء
ونشوةٌ وحشيَّةٌ تعانق السماء
كنشوة الطفل إِذا خاف من القمر !
كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ
وقطرةً فقطرةً تذوب في المطر ...
وكركر الأطفالُ في عرائش الكروم ،
ودغدغت صمت العصافير على الشجر
أنشودةُ المطر ...
مطر ...
مطر ...
مطر ...
تثاءب المساء ، والغيومُ ما تزالْ
تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثقالْ .
كأنِّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام :
بأنَّ أمّه – التي أفاق منذ عامْ
فلم يجدها ، ثمَّ حين لجّ في السؤال
قالوا له : "بعد غدٍ تعودْ .. "
لا بدَّ أن تعودْ
وإِنْ تهامس الرفاق أنهَّا هناكْ
في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ
تسفّ من ترابها وتشرب المطر ؛
كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباك
ويلعن المياه والقَدَر
وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ .
مطر ..
مطر ..
أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر ؟
وكيف تنشج المزاريب إِذا انهمر ؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع ؟
بلا انتهاء – كالدَّم المراق ، كالجياع ،
كالحبّ ، كالأطفال ، كالموتى – هو المطر !
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ
سواحلَ العراق بالنجوم والمحار ،
كأنها تهمّ بالشروق
فيسحب الليل عليها من دمٍ دثارْ .
أَصيح بالخليج : " يا خليجْ
يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والرّدى ! "
فيرجعُ الصّدى
كأنّه النشيجْ :
" يا خليج
يا واهب المحار والردى .. "
أكاد أسمع العراق يذْخرُ الرعودْ
ويخزن البروق في السّهول والجبالْ ،
حتى إِذا ما فضَّ عنها ختمها الرّجالْ
لم تترك الرياح من ثمودْ
في الوادِ من أثرْ .
أكاد أسمع النخيل يشربُ المطر
وأسمع القرى تئنّ ، والمهاجرين
يصارعون بالمجاذيف وبالقلوع ،
عواصف الخليج ، والرعود ، منشدين :
" مطر ...
مطر ...
مطر ...
وفي العراق جوعْ
وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشّوان والحجر
رحىً تدور في الحقول ... حولها بشرْ
مطر ...
مطر ...
مطر ...
وكم ذرفنا ليلة الرحيل ، من دموعْ
ثم اعتللنا – خوف أن نلامَ – بالمطر ...
مطر ...
مطر ...
ومنذ أنْ كنَّا صغاراً ، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
ويهطل المطر ،
وكلَّ عام – حين يعشب الثرى – نجوعْ
ما مرَّ عامٌ والعراق ليس فيه جوعْ .
مطر ...
مطر ...
مطر ...
في كل قطرة من المطر
حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ .
وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراة
وكلّ قطرة تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسم جديد
أو حُلمةٌ تورَّدتْ على فم الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة !
مطر ...
مطر ...
مطر ...
سيُعشبُ العراق بالمطر ... "
أصيح بالخليج : " يا خليج ..
يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والردى ! "
فيرجع الصدى
كأنَّه النشيج :
" يا خليج
يا واهب المحار والردى . "
وينثر الخليج من هِباته الكثارْ ،
على الرمال ، : رغوه الأُجاجَ ، والمحار
وما تبقّى من عظام بائسٍ غريق
من المهاجرين ظلّ يشرب الردى
من لجَّة الخليج والقرار ،
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرَّحيقْ
من زهرة يربُّها الفرات بالنَّدى .
وأسمع الصدى
يرنّ في الخليج
" مطر ..
مطر ..
مطر ..
في كلّ قطرة من المطرْ
حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ .
وكلّ دمعة من الجياع والعراة
وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديد
أو حُلمةٌ تورَّدت على فم الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة . "
ويهطل المطرْ
عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ ،
أو شُرفتان راح ينأى عنهما القمر .
عيناك حين تبسمان تورق الكرومْ
وترقص الأضواء ... كالأقمار في نهَرْ
يرجّه المجذاف وهْناً ساعة السَّحَر
كأنما تنبض في غوريهما ، النّجومْ ...
وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيفْ
كالبحر سرَّح اليدين فوقه المساء ،
دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريف ،
والموت ، والميلاد ، والظلام ، والضياء ؛
فتستفيق ملء روحي ، رعشة البكاء
ونشوةٌ وحشيَّةٌ تعانق السماء
كنشوة الطفل إِذا خاف من القمر !
كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ
وقطرةً فقطرةً تذوب في المطر ...
وكركر الأطفالُ في عرائش الكروم ،
ودغدغت صمت العصافير على الشجر
أنشودةُ المطر ...
مطر ...
مطر ...
مطر ...
تثاءب المساء ، والغيومُ ما تزالْ
تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثقالْ .
كأنِّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام :
بأنَّ أمّه – التي أفاق منذ عامْ
فلم يجدها ، ثمَّ حين لجّ في السؤال
قالوا له : "بعد غدٍ تعودْ .. "
لا بدَّ أن تعودْ
وإِنْ تهامس الرفاق أنهَّا هناكْ
في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ
تسفّ من ترابها وتشرب المطر ؛
كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباك
ويلعن المياه والقَدَر
وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ .
مطر ..
مطر ..
أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر ؟
وكيف تنشج المزاريب إِذا انهمر ؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع ؟
بلا انتهاء – كالدَّم المراق ، كالجياع ،
كالحبّ ، كالأطفال ، كالموتى – هو المطر !
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ
سواحلَ العراق بالنجوم والمحار ،
كأنها تهمّ بالشروق
فيسحب الليل عليها من دمٍ دثارْ .
أَصيح بالخليج : " يا خليجْ
يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والرّدى ! "
فيرجعُ الصّدى
كأنّه النشيجْ :
" يا خليج
يا واهب المحار والردى .. "
أكاد أسمع العراق يذْخرُ الرعودْ
ويخزن البروق في السّهول والجبالْ ،
حتى إِذا ما فضَّ عنها ختمها الرّجالْ
لم تترك الرياح من ثمودْ
في الوادِ من أثرْ .
أكاد أسمع النخيل يشربُ المطر
وأسمع القرى تئنّ ، والمهاجرين
يصارعون بالمجاذيف وبالقلوع ،
عواصف الخليج ، والرعود ، منشدين :
" مطر ...
مطر ...
مطر ...
وفي العراق جوعْ
وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشّوان والحجر
رحىً تدور في الحقول ... حولها بشرْ
مطر ...
مطر ...
مطر ...
وكم ذرفنا ليلة الرحيل ، من دموعْ
ثم اعتللنا – خوف أن نلامَ – بالمطر ...
مطر ...
مطر ...
ومنذ أنْ كنَّا صغاراً ، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
ويهطل المطر ،
وكلَّ عام – حين يعشب الثرى – نجوعْ
ما مرَّ عامٌ والعراق ليس فيه جوعْ .
مطر ...
مطر ...
مطر ...
في كل قطرة من المطر
حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ .
وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراة
وكلّ قطرة تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسم جديد
أو حُلمةٌ تورَّدتْ على فم الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة !
مطر ...
مطر ...
مطر ...
سيُعشبُ العراق بالمطر ... "
أصيح بالخليج : " يا خليج ..
يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والردى ! "
فيرجع الصدى
كأنَّه النشيج :
" يا خليج
يا واهب المحار والردى . "
وينثر الخليج من هِباته الكثارْ ،
على الرمال ، : رغوه الأُجاجَ ، والمحار
وما تبقّى من عظام بائسٍ غريق
من المهاجرين ظلّ يشرب الردى
من لجَّة الخليج والقرار ،
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرَّحيقْ
من زهرة يربُّها الفرات بالنَّدى .
وأسمع الصدى
يرنّ في الخليج
" مطر ..
مطر ..
مطر ..
في كلّ قطرة من المطرْ
حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ .
وكلّ دمعة من الجياع والعراة
وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديد
أو حُلمةٌ تورَّدت على فم الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة . "
ويهطل المطرْ
mercredi 2 février 2011
mardi 1 février 2011
مسيرة عمالية شعبية
جميعا من أجل إنجاح البرنامج النضالي والمشاركة المكثفة في المسيرة العمالية الشعبية ليوم الأحد 13 فبراير 2011 انطلاقا من مقر الاتحاد المغربي للشغل في اتجاه عمالة الإقليم.
انعقد المجلس النقابي للاتحاد االمغربي للشغل بتازة يوم 30 / 01 / 2011 تحت شعار " نضالنا مستمر من أجل الدفاع عن الحق في التنظيم النقابي بقطاع النسيج بالحي الصناعي بتازة واحترام تطبيق مدونة الشغل ".
وبعد تدارسه للوضع الدولي الذي يتسم بالأزمة الخانقة للإمبريالية ومحاولة تصريفها على حساب مكتسبات الشعوب والطبقة العاملة من خلال تكثيف وعولمة الاستغلال والتفقير وتدمير الإنتاج ونشر الحروب، وتجاهل مقاومات الشعوب لمخططاتها وللأنظمة التي تدور في فلكها.
سجل مايلي:
وطنيا
- انسداد أفق الحوار الاجتماعي.
- استمرار تجريم العمل النقابي بجميع القطاعات.
- المصادقة على قانون المالية الذي يكرس الفوارق الطبقية ويضرب الخدمات العمومية.
- تعميم الخوصصة على القطاعات الحيوية للشعب المغربي.
- تدمير مكتسبات الوظيفة العمومية عبر مراسيم تراجعية ( قانون 05/50)
- ضرب الحريات النقابية عبر مشروع قانون الإضراب وقانون النقابات.
- تسريحات جماعية للعمال ومحاكمات صورية.
- غلاء المعيشة وانهيار القدرة الشرائية لدى الأجراء وعموم الجماهير الشعبية.
- تدمير مؤسسات الحماية الاجتماعية (قطاع التعاضد، صناديق التقاعد،...)
محليا
- محاربة العمل النقابي من طرف الباطرونا بالقطاع الخاص ( النسيج- أوراش البناء، - التعليم الخصوصي، أوراش الطريق السيار، قطاع الحراسة والنظافة، ......).
- طرد أربعة أعضاء المكتب النقابي لعمال وعمالات شركة الفردوس يوم 31دجنبر2010 ، مباشرة بعد تأسيس المكتب النقابي يوم 26/12/2010.
- عدم احترام تطبيق قانون الشغل بوحدات الحي الصناعي ، وفي مقدمتهم الفردوس.
- التضييق على الحريات النقابية بشركة روخاطيكس، وعدم التزام المشغل بمضامين المحاضر الموقعة مع نقابتنا تحت إشراف السلطات.
- -عدم تحمل السلطات لمعالجة ملف عمال منجم ملح بنشقرون بوادي أمليل.
- عدم التزام أرباب الصيدليات بتنفيذ المحضر الموقع مع نقابتنا، المتعلق بمقتضيات مدونة الشغل(الحد الأدنى للأجور، التصريح في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،الأقدمية، تمتيع المستخدمين والمستخدمات بعطلة الأعياد الدينية والوطنية، ورقة الأداء، بطاقة الشغل....)
- غياب وصمت السلطات الإقليمية على الانتهاكات داخل الوحدات الإنتاجية بالحي الصناعي.
وبناءا على ما سبق يعلن المجلس النقابي ما يلي:
1. تشبثه بالمبادئ والهوية الكفاحية لنقابتنا الإتحاد المغربي للشغل وبالقرارات الصادرة عن مؤتمره العاشر .
2. تثمينه للموقف التضامني لمركزيتنا مع كفاحات الشعب التونسي البطل.
3. رفضه لمشروعي قانون الإضراب و النقابات التكبيليين للحريات النقابية.
4. إدانته لمحاربة العمل النقابي بشركات النسيج بالحي الصناعي (شركة الفردوس للنسيج والملابس الجاهزة، شركة روخاطيكس)
5. إدانته الصارخة للطرد التعسفي الذي طال النقابيين بالقطاع الخاص (شركة الفردوس-شركة السفياني لأوراش الطريق السيار- شركة ملح بنشقرون،.....)
6. تحذيره للسلطات الإقليمية من استمرارها في الصمت المطبق ولامبالاتها بالمطالب والاحتجاجات العمالية بالقطاع الخاص، خاصة شركة الفردوس للنسيج، وتواطؤها مع المشغلين في عدم احترام مدونة الشغل .
7. استعداده لخوض جميع الأشكال النضالية المشروعة دفاعا عن الحق في الحريات النقابية ولتمتيع العمال و العاملات بحقوقهم المنصوص عليها بمدونة الشغل.( الحد الأدنى للأجر- التصريح بالضمان الاجتماعي – التعويض عن الأقدمية والأعياد والعطل والساعات الإضافية...)
8. مطالبته السلطات الإقليمية بفتح حوار جاد ومسؤول على أرضية الملفات المطلبية لعمال الوحدات وعلى رأسها إرجاع المطرودين لعملهم بشركتي الفردوس والسفياني وإيجاد حل لعمال شركة ملح بنشـقرون واد أمليل ، واحترام تنفيذ المحاضر الموقعة مع نقابتنا وشركة روخاطيكس واحترامها تطبيق قانون الشغل .
وفي الأخير ندعو كل مكونات الاتحاد المحلي للاستعداد والتعبئة الموسعة لإنجاح تنفيذ الشطر الأول من البرنامج النضالي المصادق عليه من طرف المجلس النقابي:
- الأربعاء02 فبراير2011: ندوة صحفية بمقر الإتحاد المغربي للشغل (UMT) على الساعة 5 مساء لتسليط الضوء على الخروقات التي يتعرض لها العمال و العاملات بالوحدات الإنتاجية بتازة.
- الخميس03 فبراير2011: وقفة احتجاجية بالحي الصناعي أمام شركة الفردوس على الساعة 12.30.
- الجمعة 04 فبراير 2011: تجمع عمالي تعبوي بمقر UMT على الساعة 5 مساء.
- الأحـــد 06 فبراير 2011: وقفة احتجاجية بحي القدس على الساعة 4 مساء.
- الثلاثاء 08 فبراير 2011: تجمع عمالي تعبوي بمقر UMT على الساعة 5 مساء.
- الأربعاء 09 فبراير 2011: وقفة احتجاجية أمام مقر غرفة التجارة والصناعة على الساعة 6.30 مساء.
- الجمعة 11 فبراير2011: تجمع عمالي تعبوي بمقر UMT على الساعة 5 مساء.
- السبت 12 فبراير 2011: مهرجان خطابي بمقر UMT على الساعة 4 مساء.
- الأحد 13 فبراير 2011: مسيرة عمالية شعبية انطلاقا من مقر الإتحاد المغربي للشغل في اتجاه عمالة الإقليم على الساعة 11 صباحا.
كما نوجه دعوتنا لكل الهيآت السياسية والحقوقية وكل الغيورين على حقوق العمال والعاملات لمساندتنا و دعم برنامجنا النضالي و المشاركة المكثفة في المسيرة العمالية والشعبية.
عـــــاشت وحدة الطبقة العاملة وكفاحاتها
عـــــاش الإتحاد المغربي للشغل
عن المجلس النقابي
انعقد المجلس النقابي للاتحاد االمغربي للشغل بتازة يوم 30 / 01 / 2011 تحت شعار " نضالنا مستمر من أجل الدفاع عن الحق في التنظيم النقابي بقطاع النسيج بالحي الصناعي بتازة واحترام تطبيق مدونة الشغل ".
وبعد تدارسه للوضع الدولي الذي يتسم بالأزمة الخانقة للإمبريالية ومحاولة تصريفها على حساب مكتسبات الشعوب والطبقة العاملة من خلال تكثيف وعولمة الاستغلال والتفقير وتدمير الإنتاج ونشر الحروب، وتجاهل مقاومات الشعوب لمخططاتها وللأنظمة التي تدور في فلكها.
سجل مايلي:
وطنيا
- انسداد أفق الحوار الاجتماعي.
- استمرار تجريم العمل النقابي بجميع القطاعات.
- المصادقة على قانون المالية الذي يكرس الفوارق الطبقية ويضرب الخدمات العمومية.
- تعميم الخوصصة على القطاعات الحيوية للشعب المغربي.
- تدمير مكتسبات الوظيفة العمومية عبر مراسيم تراجعية ( قانون 05/50)
- ضرب الحريات النقابية عبر مشروع قانون الإضراب وقانون النقابات.
- تسريحات جماعية للعمال ومحاكمات صورية.
- غلاء المعيشة وانهيار القدرة الشرائية لدى الأجراء وعموم الجماهير الشعبية.
- تدمير مؤسسات الحماية الاجتماعية (قطاع التعاضد، صناديق التقاعد،...)
محليا
- محاربة العمل النقابي من طرف الباطرونا بالقطاع الخاص ( النسيج- أوراش البناء، - التعليم الخصوصي، أوراش الطريق السيار، قطاع الحراسة والنظافة، ......).
- طرد أربعة أعضاء المكتب النقابي لعمال وعمالات شركة الفردوس يوم 31دجنبر2010 ، مباشرة بعد تأسيس المكتب النقابي يوم 26/12/2010.
- عدم احترام تطبيق قانون الشغل بوحدات الحي الصناعي ، وفي مقدمتهم الفردوس.
- التضييق على الحريات النقابية بشركة روخاطيكس، وعدم التزام المشغل بمضامين المحاضر الموقعة مع نقابتنا تحت إشراف السلطات.
- -عدم تحمل السلطات لمعالجة ملف عمال منجم ملح بنشقرون بوادي أمليل.
- عدم التزام أرباب الصيدليات بتنفيذ المحضر الموقع مع نقابتنا، المتعلق بمقتضيات مدونة الشغل(الحد الأدنى للأجور، التصريح في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،الأقدمية، تمتيع المستخدمين والمستخدمات بعطلة الأعياد الدينية والوطنية، ورقة الأداء، بطاقة الشغل....)
- غياب وصمت السلطات الإقليمية على الانتهاكات داخل الوحدات الإنتاجية بالحي الصناعي.
وبناءا على ما سبق يعلن المجلس النقابي ما يلي:
1. تشبثه بالمبادئ والهوية الكفاحية لنقابتنا الإتحاد المغربي للشغل وبالقرارات الصادرة عن مؤتمره العاشر .
2. تثمينه للموقف التضامني لمركزيتنا مع كفاحات الشعب التونسي البطل.
3. رفضه لمشروعي قانون الإضراب و النقابات التكبيليين للحريات النقابية.
4. إدانته لمحاربة العمل النقابي بشركات النسيج بالحي الصناعي (شركة الفردوس للنسيج والملابس الجاهزة، شركة روخاطيكس)
5. إدانته الصارخة للطرد التعسفي الذي طال النقابيين بالقطاع الخاص (شركة الفردوس-شركة السفياني لأوراش الطريق السيار- شركة ملح بنشقرون،.....)
6. تحذيره للسلطات الإقليمية من استمرارها في الصمت المطبق ولامبالاتها بالمطالب والاحتجاجات العمالية بالقطاع الخاص، خاصة شركة الفردوس للنسيج، وتواطؤها مع المشغلين في عدم احترام مدونة الشغل .
7. استعداده لخوض جميع الأشكال النضالية المشروعة دفاعا عن الحق في الحريات النقابية ولتمتيع العمال و العاملات بحقوقهم المنصوص عليها بمدونة الشغل.( الحد الأدنى للأجر- التصريح بالضمان الاجتماعي – التعويض عن الأقدمية والأعياد والعطل والساعات الإضافية...)
8. مطالبته السلطات الإقليمية بفتح حوار جاد ومسؤول على أرضية الملفات المطلبية لعمال الوحدات وعلى رأسها إرجاع المطرودين لعملهم بشركتي الفردوس والسفياني وإيجاد حل لعمال شركة ملح بنشـقرون واد أمليل ، واحترام تنفيذ المحاضر الموقعة مع نقابتنا وشركة روخاطيكس واحترامها تطبيق قانون الشغل .
وفي الأخير ندعو كل مكونات الاتحاد المحلي للاستعداد والتعبئة الموسعة لإنجاح تنفيذ الشطر الأول من البرنامج النضالي المصادق عليه من طرف المجلس النقابي:
- الأربعاء02 فبراير2011: ندوة صحفية بمقر الإتحاد المغربي للشغل (UMT) على الساعة 5 مساء لتسليط الضوء على الخروقات التي يتعرض لها العمال و العاملات بالوحدات الإنتاجية بتازة.
- الخميس03 فبراير2011: وقفة احتجاجية بالحي الصناعي أمام شركة الفردوس على الساعة 12.30.
- الجمعة 04 فبراير 2011: تجمع عمالي تعبوي بمقر UMT على الساعة 5 مساء.
- الأحـــد 06 فبراير 2011: وقفة احتجاجية بحي القدس على الساعة 4 مساء.
- الثلاثاء 08 فبراير 2011: تجمع عمالي تعبوي بمقر UMT على الساعة 5 مساء.
- الأربعاء 09 فبراير 2011: وقفة احتجاجية أمام مقر غرفة التجارة والصناعة على الساعة 6.30 مساء.
- الجمعة 11 فبراير2011: تجمع عمالي تعبوي بمقر UMT على الساعة 5 مساء.
- السبت 12 فبراير 2011: مهرجان خطابي بمقر UMT على الساعة 4 مساء.
- الأحد 13 فبراير 2011: مسيرة عمالية شعبية انطلاقا من مقر الإتحاد المغربي للشغل في اتجاه عمالة الإقليم على الساعة 11 صباحا.
كما نوجه دعوتنا لكل الهيآت السياسية والحقوقية وكل الغيورين على حقوق العمال والعاملات لمساندتنا و دعم برنامجنا النضالي و المشاركة المكثفة في المسيرة العمالية والشعبية.
عـــــاشت وحدة الطبقة العاملة وكفاحاتها
عـــــاش الإتحاد المغربي للشغل
عن المجلس النقابي
عائلة البطريركية الحديثة فريدريك انجلز / ترجمة الياس شاهين
.
" إن العائلة العصرية لا تنطوي على جنين العبودية (servitus) و حسب، بل أيضاً على جنين القنانة، لأنها مقرونة منذ بادئ بدء بفروض (خدمات) الزراعة. و هي تنطوي بشكل مصغر على جميع التناقضات التي تطورت فيما بعد على نطاق واسع في المجتمع و في دولته"(1).
إن شكل العائلة هذه يعني الانتقال من الزواج الثنائي إلى أحادية الزواج. فلأجل ضمان أمانة المرأة، و بالتالي لأجل ضمان أبوة الأولاد، توضع الزوجة تحت سلطة زوجها المطلقة، فإذا قتلها، فإنه لا يفعل غير أن يمارس حقه.
إن ضم العبيد إلى هذه العائلة و السلطة الأبوية هما العلامتان الجوهريتان اللتان تميزاه هذه العائلة. و لهذا كانت العائلة الرومانية النموذج النهائي الكامل لهذا الشكل من العائلة. إن كلمة familia لا تعني، في الأصل، المثال الأعلى للبرجوازي الصغير التافه المعاصر الذي يجمع في ذاته بين العاطفية و المشاجرات البيتية، بل إنها لا تعني بادئ ذي بدء عند الرومانيين الزوج و الزوجة و الأولاد، بل تعني العبيد فقط. إن كلمة famulus تعني العبد البيتي، و كلمة familia تعني مجموعة العبيد الذين يخصون رجلاً واحداً. و حتى في زمن غايوس، كانت familia, id est patrimonium (أي الميراث) تورث بالوصية. و قد استنبط الرومانيون هذا التعبير لأجل تعريف الهيئة الاجتماعية الجيدة التي كان رئيسها سيداً على المرأة و الأولاد و عدد معين من العبيد و كان يملك، بحكم السلطة الأبوية الرومانية، حق الحياة و الموت على جميع هؤلاء الأشخاص الخاضعين له.فلم يكن الزواج الاحادي
أبداً ثمرة الحب الجنسي الفردي، و لم يكن يجمع بينها و بينه أي جامع على الإطلاق، لأن الزواج ظل كما من قبل زواج انتفاع. و قد كانت أول شكل للعائلة لم يرتكز على الشروط الطبيعية، بل ارتكز على الشروط الاقتصادية، و نعني بها انتصار الملكية الخاصة على الملكية المشتركة البدائية و العفوية. سيادة الزوج في العائلة و ولادة أولاد لا يمكن أن يكونوا غير أولاده من دمه و صلبه، و لا بد لهم أن يرثوا ثروته في المستقبل، -ذلك كان الهدف الوحيد من الزواج الأحادي، كما نادى به اليونانيون بلا لبس و لا إبهام. و ما عدا ذلك، كان الزواج الأحادي عبئاً عليهم و واجباً حيال الآلهة و الدولة و أجدادهم بالذات، كان ينبغي أداؤه. و في أثينا كان القانون لا يفرض الزواج و حسب، بل و أداء الزوج الحد الأدنى مما يسمى بالواجبات الزوجية. و عليه لا يدخل الزواج الأحادي إطلاقاً في التاريخ بوصفه اتحاداً اختيارياً بين المرأة و الرجل، و لا حتى بوصفه الشكل الأعلى لهذا الاتحاد. بل بالعكس. فهو يظهر كاستعباد جنس من قبل الآخر، كإعلان لتناقض بين الجنسين لم يعرفه التاريخ كله من قبل.
و إني أجد في مخطوطة قديمة غير مطبوعة وضعتها أنا و ماركس في عام 1864 ما يلي:وإن أول تقسيم للعمل كان بين الرجل و المرأة لأجل إنتاج الأولاد"(2).
و بوسعي الآن أن أضيف إلى هذا القول: إن أول تضاد بين الطبقات ظهر في التاريخ يصادف تطور التناحر بين الزوج و الزوجة في ظل الزواج الأحادي، و أول اضطهاد طبقي يصادف استعباد جنس النساء من قبل جنس الرجال. لقد كان الزواج الأحادي تقدماً تاريخياً كبيراً، و لكنه يدشن في الوقت نفسه، إلى جانب العبودية و الثروة الخاصة، تلك المرحلة التي لا تزال مستمرة حتى أيامنا، و التي يعني فيها كل تقدم تراجعاً نسبياً، و التي يتحقق فيها ازدهار و تطور البعض بآلام البعض الآخر و قمعه. إن الزواج الأحادي إنما هو هذه الخلية من المجتمع المتمدن التي تمكننا من دراسة طبيعة التناحرات و التناقضات المتطورة تماماً في قلب هذا المجتمع
و هكذا أخذت البرجوازية الصاعدة- و لا سيما في البلدان البروتستانتية حيث تزعزع النظام القائم أكثر مما في البلدان الأخرى- تعترف أكثر فأكثر، بحرية إجراء العقد فيما يتعلق بالزواج أيضاً، و تمارس هذه الحرية بالطريقة الموصوفة أعلاه. لقد ظل الزواج زواجاً طبقياً، و لكن الطرفين المعنيين نالا في حدود طبقتهما حرية معينة في الاختيار. و على الورق، في الأخلاق النظرية و في الوصف الشعري، لم يقرر أي مبدأ بنحو أثبت و أرسخ من المبدأ القائل بلا أخلاقية كل زواج لا يقوم على الحب الجنسي المتبادل و على موافقة الزوجين الحرة حقاً و فعلاً. و بكلمة، نودي بزواج الحب من حق الإنسان، و ليس فقط من []** droit de l`homme ، بل أيضاً و على سبيل الاستثناء من ***[] droit de la femme.
و لكن حق الإنسان هذا كان يختلف من ناحية عن جميع الحقوق الأخرى المسماة بحقوق الإنسان. و بما أن هذه الحقوق لم تشمل أيضاً في الواقع غير الطبقة السائدة،-الطبقة البرجوازية،- و لم تطبق مباشرة أو بصورة غير مباشرة بالنسبة للطبقة المظلومة، -البروليتاريا،- فإن سخرية التاريخ تبرز هنا من جديد. فإن الطبقة السائدة لا تزال خاضغة لسلطان مؤثرات اقتصادية معينة، و لهذا لا تقع في بيئتها زواجات معقودة فعلاً بحرية إلا بصورة استثنائية، بينا هذه الزواجات، كما رأينا، هي القاعدة في بيئة مظلومة.
و عليه، لا يمكن للحرية التامة في عقد الزواج أن تتحقق بصورة تامة و عامة إلا بعد أن يقضي إلغاء الإنتاج الرأسمالي و علاقات الملكية التي خلقها الإنتاج الرأسمالي، على جميع الاعتبارات الثانوية، الاقتصادية، التي لا تزال تؤثر الآن تأثيراً كبيراً في اختيار الزوج و الزوجة. و آنذاك لن يبقى أي دافع غير دافع الميل المتبادل.
و بما أن الحب الجنسي هو بطبيعته حب فردي صرف لا منازع فيه،- مع أنه لا يراعيه الآن بطبيعته هذه غير المرأة،- فإن الزواج القائم على الحب الجنسي هو إذن، بطبيعته، زواج أحادي. و لقد رأينا كم كان باهوفن على حق حينما اعتبر الانتقال من الزواج الجماعي إلى الزواج الأحادي خطوة تقدمية قامت بها النساء أساساً. إلا أن الخطوة التالية من الزواج الثنائي إلى أحادية الزواج كانت هي وحدها من صنع الرجال. و من حيث جوهر الأمر، أدت هذه الخطوة تاريخياً إلى تردي وضع المرأة و إلى تسهيل الخيانة الزوجية من جانب الرجال. و لذا، ما أن تزول الاعتبارات الاقتصادية التي كانت النساء يحتملن بسببها هذه الخيانة العادية الأليفة من جانب الرجل (الاهتمام بمعيشتهن بالذات و لا سيما بمستقبل أولادهن)، حتى تؤدي مساواة المرأة في الحقوق، المحقق بفضل ذلك، إلى الأمر التالي، إذا أخذنا بالحسبان كل الخبرة السابقة، و هو أنها ستيسر حقاً و فعلاً أحادية الزواج عند الرجل أكثر إلى ما لا حد له مما تيسر تعدد الأزواج عند النساء.
و لكنه في هذه الحال ستزول بكل تأكيد من أحادية الزواج تلك السمات المميزة التي طبعها بها نشوؤها من علاقات الملكية، و هذه السمات هي، أولاً، سيادة الرجل، و ثانياً، استحالة فسخ الزواج. إن سيادة الرجل في الزواج هي مجرد نتيجة لسيادته الاقتصادية، و ستزول من تلقاء ذاتها مع هذه الأخيرة. أما استحالة فسخ الزواج، فهي جزئياً عاقبة للظروف الاقتصادية التي نشأت في ظلها أحادية الزواج، و جزئياً تقليد من ذلك الزمن الذي لم تكن قد فهمت فيه بعد الصلة بين هذه الظروف الاقتصادية و أحادية الزواج فهماً صحيحاً و الذي كان فيه الدين يفسر هذه الصلة تفسيراً مشوهاً. إلا أن استحالة فسخ الزواج الاستحالة الظاهرية تنتهك في الوقت الحاضر في آلاف الأحوال. و إذا كان الزواج القائم على الحب هو وحده الزواج الأخلاقي، فإنه وحده يبقى كذلك ما دام الحب قائماً. و لكن مدة شعور الحب الجنسي الفردي تختف كثيراً باختلاف الأفراد، و لا سيما عند الرجال، و حين يستنفد كلياً أو يحل محله حب متأجج جديد، يغدو الطلاق عمل خير سواء بالنسبة للطرفين أم بالنسبة للمجتمع. و لكنه ينبغي فقط تجنيب الناس ضرورة الغوص في وحل دعوى الطلاق.
و لذا، إن ما يمكننا أن نفترضه الآن فيما يتعلق بأشكال العلاقات بين الجنسين بعد القضاء العتيد على الإنتاج الرأسمالي، يتسم على الأغلب بطابع سلبي، و يقتصر في أكثرية الأحوال على ما سيزول. و لكن أي عناصر ستحل محل العناصر الزائلة؟ إن هذا سيتقرر عندما ينمو الجيل الجديد، أي جيل من رجال لن يتأتي لهم أبداً في الحياة أن يشتروا المرأة بالمال أو بوسائل اجتماعية أخرى من وسائل السلطة، و جيل من نساء لن يتأتى لهن أبداً في الحياة أن يستسلمن لرجل بدوافع غير دافع الحب الحقيقي، و أن يمتنعن عن معاشرة الرجل المحبوب، خوفاً من العواقب الاقتصادية. و حين يظهر هؤلاء الناس، فإنهم لن يأبهوا أبداً لما ينبغي عليهم أن يفعلوا حسب الاعتبارات الحالية، فإنهم سيعرفون بأنفسهم ما ينبغي عليهم أن يفعلوه، و سيرسمون وفقاً لذلك رأيهم العام في سلوك كل فرد بمفرده، و هذا كل ما في الأمر.
كتب بين أواخر آذار (مارس) و 26 أيار (مايو) عام 1884.
صدر في كتاب على حدة في زوريخ، عام 1884.
Inscription à :
Articles (Atom)