vendredi 31 décembre 2010

raport amdh --تقرير الجمعية المغربية لخقوق الانسان حول مخبم العيون



الندوة الصحفية المنظمة لتقديم تقرير لجنة تقصي الحقائق
للجمعية المغربية لحقوق الإنسان حول أحداث العيون ل8 نونبر 2010

تصريح صحافي

السيدات والسادة ممثلات وممثلي الهيآت الصحافية ووسائل الإعلام والهيآت الحقوقية الصديقة

باسم المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أشكركم على تلبية دعوتنا لحضور هذه الندوة الصحفية التي ننظمها لتقديم تقرير اللجنة التي شكلها المكتب المركزي للجمعية قصد تقصي الحقائق والاطلاع عن مدى احترام الدولة لحقوق الإنسان في أحداث 8 نونبر 2010 المرتبطة بتفكيك مخيم "كديم إزيك" وتداعياته.
على إثر الأحداث التي عرفتها مدينة العيون بتاريخ 08 نونبر 2010، شكلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لجنة لتقصي الحقائق مكونة من أعضاء من المكتب المركزي واللجنة الإدارية ومحامين.
مولت الجمعية جميع أنشطة لجنة تقصي الحقائق من ميزانيتها الخاصة. واستغرق عملها 4 أيام: من مساء يوم الجمعة 12 نونبر 2010 إلى مساء يوم الثلاثاء 16 نونبر 2010.
واعتمدت اللجنة في تقصيها أسلوب الاستماع والمقابلة مع مختلف الجهات المعنية. وفي هذا السياق عقدت اللجنة عددا من اللقاءات، جمعتها مع جهات حكومية وقضائية ومع هيئات سياسية، ونقابية وجمعوية كما استمعت لشهادات مواطنات ومواطنين واطلعت على البلاغات الرسمية وعدد من الكتابات الصحفية حول الموضوع، وقامت بزيارات ميدانية، موثقة بالصورة، لأماكن كانت مسرحا لأحداث العيون وفق ما سمحت به المدة الزمنية والإمكانيات.
وينطلق التقرير الذي نعرضه على الرأي العام اليوم، في توصيفه لانتهاكات حقوق الإنسان، مما أقرته منظومة حقوق الإنسان والصكوك الدولية من حقوق يقع على الدولة واجب الالتزام بحمايتها.
-I السياق العام للأحداث
في الشهور الأخيرة، عرفت المنطقة احتجاجات كثيرة للساكنة قصد المطالبة بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية. حيث تم تقديم وعود للمشاركين فيها بالاستجابة لمطالبهم من طرف المسؤولين دون أن يتم الوفاء بها. فالاحتقان الناجم عن التضييق على الحريات، وقمع الاحتجاجات، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، هو ما ميز الأجواء وأثث السياق العام الذي بادر فيه المعتصمون إلى إطلاق حركتهم المطلبية بمخيم اكديم ازيك. و تؤكد عدد من القرائن والمؤشرات أن المعتصمين بالمخيم كانت لهم مطالب اجتماعية محضة: وأساسا السكن والشغل. وكل البلاغات والشهادات تؤيد هذه الأطروحة. بما فيها الإعلام الرسمي. لكن، وكما تعكسه تقارير العديد من المنظمات، فالمنطقة لازالت تعرف العديد من انتهاكات حقوق الإنسان رغم التقلص الملموس الذي عرفته منذ وقف إطلاق النار، بسبب استمرار النزاع حول الصحراء. وهوما يساهم في الانزياح السريع لأي حركة اجتماعية لتأخذ منحى سياسيا كما وقع في العيون بعد تفكيك المخيم.
II ـ الأحداث والوقائع :
يتضمن تقرير لجنة التقصي جزءا حول تنظيم المخيم وعلاقة لجنة الحوار بالمعتصمين ومجريات الأحداث التي تمت يوم 8 نونبر حسب إفادات الشهود وممثلي الهيآت التي قابلتهم اللجنة وأيضا البلاغات الرسمية ومختلف التقارير حول الأحداث، يستخرج منها ما يلي:
1) المخيم
تشكيل المخيم والحوار مع السلطة
- شكل المخيم آلية للاحتجاج والمطالبة بمطالب ذات صبغة اجتماعية
- إشادة الجميع بحسن تنظيم المخيم وبالاحترام والتقدير الذي يحظى به أعضاء لجنة الحوار وسط ساكنة المخيم .
- كان عدد المعتصمين يعرف حركية وعدم الاستقرار. تراوح ما بين ما يناهز 8000 إلى ما يناهز 20000 في مراحل أخرى. حيث استمر أغلب النازحين في ممارسة حياتهم العادية بالمدينة خلال الأسبوع (العمل والدراسة وقضاء مختلف المآرب) وتترك العائلات شخصا أو إثنين في الخيمة بينما يرتفع عدد المقيمين في نهاية الأسبوع.
- تم فتح الحوار مع المعتصمين من طرف الإدارة المركزية بعد رفض لجنة الحوار التفاوض مع الوالي بسبب عدم وفائه بالوعود حسب تصريحات المعنيين.
- انتهى الحوار إلى اتفاق، سينطلق بموجبه البدء في التسجيل بعين المكان، من طرف السلطات، لذوي الاحتياجات الخاصة والأرامل و المطلقات وتحديد حاجياتهم، على أساس تسجيل باقي الفئات لاحقا.
- ويومي الجمعة 5 والسبت 6 نونبر 2010 تم وضع خيام والشروع في تسجيل الفئات المذكورة على أساس مواصلة تفعيل الاتفاق صباح يوم الاثنين 8 نونبر 2010.
- انتشار خبر الاتفاق الذي توصلت إليه لجنة الحوار مع السلطات، والذي بموجبه سيتم صباح يوم الاثنين نصب خيام للتسجيل من طرف السلطات للمتضررين وحاجياتهم.
- محاولة العديد من المواطنين الالتحاق بالمخيم نتيجة هذا الخبر.
- تسجيل العديد من الشهادات عدم فهمها للتحول المفاجئ في موقف السلطة وإعلانها فشل الحوار وأن هناك احتجاز للنساء والأطفال في المخيم ونعت المحاورين بالمجرمين.
- محاصرة المخيم، وتدعيم الحواجز الأمنية و منع السيارات من الالتحاق بالمخيم وحدوث مناوشات بين الراغبين في الالتحاق بالمخيم والقوات العمومية وتعرض بعض النساء للضرب من طرف رجال الأمن.
تفكيك المخيم:
- كل المعطيات التي تجمعت لدى اللجنة ترجح الاعتقاد أن الهجوم على المخيم حدث حوالي الساعة 6 والنصف صباحا، و أنه لم يعط الوقت الكافي للسكان لاستيعاب ما يحدث والاستعداد للرحيل نظرا للحيز الزمني الضيق الفاصل بين الإعلان الرسمي عن قرار إفراغ المخيم وتدخل القوات العمومية.
- تم استعمال القنابل المسيلة للدموع، وخراطيم المياه الساخنة و الرمي بالحجارة لإخلاء الخيام. فيما أوردت شهادات أخرى استعمال الرصاص المطاطي.
- جاء في إفادات أن "أصوات المروحيات والشاحنات كانت تغطي على أصوات مكبرات الصوت، و بدأت الشاحنات تقتحم المخيم وتدوس على الخيام. و حينئذ دب الهلع و الفوضى داخل المخيم، و بدأ الناس يركضون في كل اتجاه؛ فيما كانت الهراوات تنهال على الأجساد، وتتهاوي القنابل المسيلة للدموع إلى جانب السب و الشتم بألفاظ بذيئة".
- اتضح من خلال استجماع المعطيات أن رد الفعل لبعض المعتصمين كان قويا حيث لم تتمكن القوات المساعدة من التصدي له، إذ ووجهت بالأسلحة البيضاء والزجاجات الحارقة وقنينات الغاز. مما أدى إلى سقوط ضحايا في صفوفها، بعضها في المخيم والبعض الآخر بعد نقلها للمستشفى. وصل عددها حسب التصريحات الرسمية إلى 11 حالة.
1- 2) أحداث مدينة العيون:
استيقظ السكان صبيحة يوم الإثنين على خبر شاع مفاده أن المخيم يتعرض للهجوم وأن القوات العمومية أقدمت على "إحراق و اجتثات المخيم على رؤؤس أهاليهم"، فخيم جو من الهلع والاستنكار والغضب وسط ساكنة المدينة و انطلقوا في مسيرات ومظاهرات صاخبة من مختلف الأحياء: حي اسكيكيمة و راس الخيمة و كولومينا نويبا و حي معطى الله...
تقاطعت جل التصريحات و الشهادات التي تلقتها اللجنة في كون الأحداث التي شهدتها مدينة العيون يوم الاثنين 8 نونبر 2010 ، تمت على مرحلتين مختلفتين:
الفترة الصباحية:
- جاء في إحدى الشهادات أن "الهجوم الذي تعرضت له مدينة العيون كان بواسطة أشخاص منظمين محمولين على سيارات الدفع الرباعي البعض منها يرجع إلى تجار التهريب استعملوا في عملياتهم قنينات الغاز والبنزين مع وضع المتاريس وحرق الإطارات المطاطية والرشق بالحجارة."، وأن "عملية الهجوم وطريقته تؤكد أن هناك تدريب وتنظيم للمهاجمين مسبق يتضح من خلال طبيعة تحركهم في شكل مجموعات منظمة حددت مسبقا أهدافها ونفذتها بواسطة استعمال سيارات الدفع الرباعي.".
وحسب ما وقفت عليه اللجنة سواء من خلال المعاينة أو تصريحات المسؤولين والشهود فقد وقع استهداف المؤسسات العمومية والخاصة تمت الإشارة إليها بتفصيل في التقرير.
- وأكد عدد من الشهود للجنة بأن المؤسسات والبنايات والممتلكات التي استهدفت، تم استهدافها بشكل انتقائي ومقصود و ليس بشكل عشوائي.
- أجمعت كل الشهادات على أن الفراغ الأمني الذي ساد المدينة صبيحة ذلك اليوم أثار انتباه الجميع.
- تحدثت تصريحات متطابقة عن انسحاب سريع ومنظم لـ" الصحراويين " (يعنى بهم المجموعة التي قامت بالإحراق)، من الميدان في عدد من الأحياء عند منتصف النهار.
الفترة المسائية:
ــ اتفقت معظم التصريحات على أنه بعد الانسحاب السريع "للصحراويين" من الشارع، ابتداء من الساعة 11 والنصف، بدأت حملة اعتقالات في صفوف ساكنة العيون من الصحراويين بمداهمة المنازل، ساهم فيها شباب من أصول غير صحراوية .
ــ كما تحدثت شهادات عن تدخل عنيف، بعد الزوال، للقوات العمومية، من رجال الشرطة و القوات المساعدة مدعمة بالجيش، باستعمال القنابل المسيلة للدموع بشكل مفرط . و بذلك سيتم تشتيت المتظاهرين، وخاصة في شارع بوكراع و طريق السمارة، لتنتهي المرحلة الأولى من الأحداث .
و جاء في العديد من الشهادات أن المرحلة الثانية للأحداث، التي وقعت بعد زوال نفس اليوم، تميزت بانطلاق تظاهرات لشبان حاملين الأعلام المغربية ورافعين شعارات تهتف بحياة الملك؛ هاجموا واجهات بعض المحلات التجارية، و السيارات والممتلكات التي يعتبرونها في ملكية الصحراويين، وذلك تحت حماية القوات العمومية .
و ذكرت إفادات عدد من الضحايا و الشهود، أن القوات المساعدة و رجال الأمن قاموا بتجنيد شباب من المدنيين، لمداهمة المنازل ونهب ممتلكاتها بحثا عن المشتبه بهم .
وأكد عدد من ضحايا المداهمات، التقت بهم اللجنة، أن الهجومات التي تعرضوا لها، والمصحوبة بعمليات النهب، سواء في بيوتهم أو محلاتهم التجارية، استعانت فيها القوات العمومية بتجنيد عدد كبير من الشباب من "الشمال "؛ و هو الاسم الذي يطلق على سكان العيون من أصول غير صحراوية.
عدد من هؤلاء الضحايا، خاصة التجار منهم، صرحوا بأنهم وضعوا شكايات لدى وكيل الملك، طلبا للإنصاف والتعويض . و قد علمت اللجنة أن المداهمات استمرت أياما بعد الأحداث، كما أن الاعتقالات بقيت متواصلة.
III - الانتهاكات التي تم رصدها من طرف اللجنة
سجلت اللجنة وقوع العديد من الانتهاكات لحقوق الإنسان أثناء هذه الأحداث وبعدها، نوردها على الشكل التالي:
1 ـ انتهاك الحق في الحياة:
أدى تدخل القوات العمومية، واستعمالها القوة لتفكيك مخيم اكديم ايزيك وما تلاه من مواجهات وردود فعل عنيفة لبعض المعتصمين بالمخيم و للمتظاهرين بمدينة العيون سواء في الصباح أو بعد الزوال إلى سقوط ضحايا ( عددهم 13 ) 11 في صفوف القوات العمومية ومدنيان إثنان. علما أن الطفل الناجم الكارح، الذي توفي في 24 أكتوبر 2010، لقي حتفه قبل تفكيك المخيم على إثر إطلاق قوات الأمن المرابطة حول المخيم النار على السيارة التي تقله.
ويتضمن التقرير لائحة بأسماء المتوفين من القوات العمومية والمدنيين الإثنين الكركار والداودي وهي الأسماء التي أعلنت عنها البلاغات الرسمية.
والجمعية المغربية لحقوق الإنسان إذ تشجب أعمال العنف التي ذهب ضحيتها 11 فردا من القوات العمومية ومدنيين ، حسب التصريحات الرسمية، انطلاقا من دفاعها المستمر عن الحق في الحياة، فإنها تدين كل الأفعال التي أدت إلى سقوط ضحايا سواء أفراد القوات العمومية أو المدنيين، كما تستنكر الأفعال المصورة في الشريط الذي بثته التلفزة المغربية من التمثيل بالجثث وانتهاك حرمتها (الجثة المذبوحة والتبول على جثة)، وتدعو إلى فتح تحقيق نزيه ومحايد حول جميع المسؤوليات المباشرة وغير المباشرة في هذه الوفيات واتخاذ الإجراءات الضرورية في إطار احترام تام لمقتضيات الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، والإعلان عن نتائج التحقيق في وفاة الطفل ناجم الكارح.
2 ـ الاعتقال، الاختطاف وممارسة التعذيب والممارسات القاسية والمهينة أو الحاطة من الكرامة:
استقبلت لجنة تقصي الحقائق، أثناء اشتغالها في العيون، عائلات المعتصمين بمخيم اكديم ايزيك الذين، بعد مرور أزيد من خمسة أيام على تفكيك المخيم، لم يظهر لهم أثر. و أكد بعض هؤلاء تعرض أبنائهم للاعتقال من طرف السلطات العمومية.
جرى إلقاء القبض على مجموعة من الأشخاص بمناسبة فك المعتصم أو اثر أحداث العيون، و احتفظ بهم رهن الحراسة النظرية، لمدة تتجاوز المدة المنصوص عليها قانونيا. و من ضمنهم الطفل ناجي أحمد، الذي اعتقل يوم الاثنين 8 نونبرعلى الساعة العاشرة صباحا و أطلق سراحه يوم الجمعة 12 نونبر، إلا نموذجا عن عدم احترام مدة الحراسة النظرية.
° اعتقالات تعسفية و عشوائية:
اتسمت حملة الاعتقالات بالعشوائية، بحيث مست مواطنين صرحوا بأن لا علاقة لهم بالمخيم.
° ممارسة التعذيب:
يتبين من خلال تصريحات بعض المواطنين، أوالمعتقلين المفرج عنهم، أو ما عبر عنه دفاعهم، أو المشاهدة العينية لأعضاء اللجنة، أن المعتقلين تعرضوا إلى أنواع مختلفة من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والحاطة بالكرامة، من ضرب، وسب و قذف، وتعصيب الأعين، والحرمان من النوم، والتبول عليهم والتهديد بالاغتصاب. و قد جاء في حديث لمحاميي المعتقلين أن الحالة الصحية والنفسية للمعتقلين متدهورة (لا يقوون على الوقوف، وبعضهم بدون حذاء)، في خرق سافر للمواثيق ذات الصلة وكذا القوانين المحلية. وما حالة السيد كشبار أحمد (المفرج عنه) إلا نموذج يوضح مدى التعذيب الذي مورس عليه أثناء الاعتقال. وجدت اللجنة السيد أحمد كشبار، أثناء زيارتها له، فوق كرسي متحرك ، جروح عميقة جديدة على مستوى الرأس، كدمات على مستوى الظهر والعينين.
كما صرح محامو المعتقلين المحالين على قاضي التحقيق أن "بعض المتهمين صرحوا بأنهم هددوا بالاغتصاب وأن أحدهم تم اغتصابه بواسطة قنينة مشروب غازي، جل المتهمين لا يرتادون نعالا، الكل ثيابه ممزقة بشدة التعذيب". ... "..]كانت[ الرائحة منبعثة منهم جراء مدة الاعتقال والتعذيب الذي تعرضوا إليه والسوائل الكريهة التي تم صبها عليهم بما فيها التبول على البعض منهم مما تعذر معه إغلاق نوافذ مكتب التحقيق.
ويتضمن التقرير اللائحة التي توصلت بها اللجنة بأسماء المعتقلين بمن فيهم المعتقلين 16 المحالين على المحكمة العسكرية والمتواجدين بسجن سلا.
وتسجل اللجنة أن حملة الاعتقالات بقيت متواصلة بالمدينة بعد مغادرتها لمدينة العيون في ارتباط بالأحداث وتداعياتها.
كما يتضمن التقرير إفادة من فرع الجمعية بشأن لائحة أسماء عدد ممن صرحوا أنهم اعتقلوا يوم الأحداث وتم الإفراج عنهم في 26 من نونبر بعدما اعتبروا من طرف عائلاتهم من عداد المفقودين. كما صرحوا أنهم كانوا ضحية الضرب برصاص أطلق من طرف رجال الشرطة عليهم.
3 ـ العنف يطال المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان :
لم يسلم المدافعون والمدافعات عن حقوق الإنسان من التعذيب، فقد عاينت لجنة تقصي الحقائق بالعيون آثار الضرب البادية على كل أنحاء جسم السالكة الليلي، الناشطة بالجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الدولة المغربية،. وتابعت الاعتداء الذي تعرض له إبراهيم الأنصاري ( عضو منظمة "هيومان رايش ووتش" بالمغرب )، بالضرب والركل والصفع من طرف رجال الشرطة في الشارع الرئيسي، يوم 8 نونبر 2010. وتمت مداهمة بيت المدافعة الصحراوية الغالية جيمي ( نائبة رئيس الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الدولة المغربية ) التي حكت عن كيفية مداهمة منزلها "من طرف أكثر من عشرة أشخاص مدججين بأسلحة رشاشة" وكيف تمت "إهانتها، وإرهاب طفلاتها".
4 - انتهاكات مست حقوق النساء: سجلت اللجنة حالة إجهاض خلال التدخل لتفكيك المخيم وحالة اغتصاب من طرف رجال الأمن قدمت الضحية شهادة مصورة للجنة. وقد وضعت شكاية للجمعية التي راسلت بشأنها وزير الداخلية.
5 - انتهاكات مست حقوق الأطفال:
سجلت اللجنة عددا من الشهادات تبرز الاستغلال المكثف للأطفال في إثارة الفوضى والشغب. كما كانت هذه الفئة محل انتهاكات جسيمة لحقوقها وعرضة للعنف الذي طالها من طرف القوات العمومية. ومعاينة حالة الطفل أحمد ناجي، 13 سنة، متمدرس بمدرسة التعاون،الذي تم اعتقاله ل5 أيام وبقي دون أكل 3 أيام. أما الطفل حفظ الله محمد، 11 سنة، و أخوه حفظ الله محميد، 6 سنوات؛ وهما الطفلان اللذان أظهرهما الشريط الذي وزعته وزارة الداخلية يمسك بهما رجل أمن وهما يبكيان اثر إصابة أبيهما، فقد قضيا 17 ساعة مشيا على الأقدام ليصلا إلى مدينة العيون. كما أن الإحراق والتخريب الذي تعرضت له مؤسسات تعليمية انتهاك للحق في التعليم للمسجلين فيها.
6 - تقييد الحق في الوصول إلى المعلومة:
عاينت اللجنة مباشرة عملية منع الصحافي علي المرابط وممثل منظمة "هيومان رايت ووتش" "بيتر بوكرت" من الصعود إلى الطائرة المتجهة إلى العيون يوم 12 نونبر. وعلمت اللجنة فيما بعد بمنع أو بالتضييق على عدد من الصحفيين. كما لقيت اللجنة نفسها عراقيل أثناء زيارتها للمخيم.
7 – الاعتداء على الممتلكات وإتلافها:
تؤكد شهادات متعددة أن إتلاف الممتلكات والاعتداء عليها بالحرق والتخريب طال العديد من المؤسسات الخاصة والعامة. من إدارات عمومية أو محلات تجارية خاصة أو بيوت ومحتوياتها. كما سجل الجميع الغياب شبه التام للأمن صباح يوم الإثنين 8 نونبر بالعيون.
V – الخلاصات
إن الخلاصات التي توصلت لها لجنة تقصي الحقائق هي كالتالي:
1- تتحمل الدولة كامل المسؤولية من جهة في انطلاق الحركة الاحتجاجية الاجتماعية عبر إقامة مخيم اكديم إزيك، نظرا للسياسات التدبيرية السيئة التي عرفتها المنطقة في مختلف المجالات، ومن جهة أخرى في فشل خطتها بفك المخيم بسبب ما نتج عنها من انتهاكات لحقوق الإنسان.
2- تسجل اللجنة غموضا بشأن التغيير المفاجئ في موقف السلطة من الالتزام بالاستجابة لمطالب المحتجين إلى قرار فك الاعتصام بالقوة رغم ما عم المخيم من ارتياح بعد إخبار المعتصمين بالاستجابة لمطالبهم، مما يستدعي التحقيق في الموضوع.
3- لم يتم احترام الضوابط القانونية عند تفكيك المخيم باعتماد السلطات العمومية على المقاربة الأمنية المرتكزة على استعمال القوة والعنف في فك المعتصم ثم من خلال شروط فك الاعتصام، سواء من حيث التوقيت غير المناسب، أو من حيث طريقة الإخبار، أو المهلة القصيرة جدا التي منحت للمعتصمين من أجل إخلاء المخيم.
4- إن العنف الذي مارسته القوات العمومية وكذا رد الفعل العنيف من طرف بعض المعتصمين بالمخيم، ومن طرف عدد من المتظاهرين بمدينة العيون أدى إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان منها المس بالحق في الحياة والسلامة البدنية والتعذيب والاغتصاب والاعتقال التعسفي والعقاب الجماعي وتخريب ممتلكات عمومية وانتهاك حرمة المنازل ونهب الممتلكات الخاصة وممارسة العنف والترهيب ضد الأطفال والمسنين....
5- إن السلطات العمومية لم تستحضر- أثناء تفكيكها للمخيم- مختلف الفئات الاجتماعية الهشة التي كانت متواجدة به حيث أنها لم تضع إجراءات خاصة تأخذ بعين الإعتبار تواجدا مهما للمسنين والنساء الحوامل والأطفال والمعاقين.
6- سجلت اللجنة لجوء السلطات العمومية إلى الاعتماد على تهييج جزء من سكان مدينة العيون لممارسة نوع من العقاب الجماعي على باقي السكان في عدد من الأحياء، حيث تعرضوا للضرب والجرح، وإرغام أشخاص على ترديد شعارات تتناقض مع قناعاتهم، و تكسير أبواب منازلهم واقتحامها، وإتلاف محتوياتها. وهذا المنهجية الجديدة التي تستعملها السلطات لحصار المعتنقين لرأي تقرير المصير ليست وليدة اليوم بل مارستها في مناسبات سابقة.
7- من خلال عدة شهادات وإفادات تبين للجنة تقصي الحقائق أن المعتقلين على إثر أحداث العيون قد وقع اختطاف بعضهم وتجاوز مدة الحراسة النظرية وعدم تبليغ عائلاتهم، وتعذيبهم سواء في مراكز الأمن، أو عندما تم نقلهم إلى السجن المدني بالعيون. كما أن القضاء لم يستجب لمطلب إجراء الخبرة الطبية على هؤلاء المعتقلين، في حين هناك معتقلون آخرون أحيلوا على المحكمة العسكرية لا نعرف حيثيات ملفاتهم إلى حد الآن. هذا من جهة، ومن جهة أخرى ليس في علمنا إن تمت اعتقالات في صفوف المشاركين في مظاهرات الفترة المسائية ممن تورطوا في أحداث اقتحام المنازل ونهب ممتلكاتها وتعنيف ساكنيها.
8- تعتبر معرفة ما حدث في المستشفى العسكري حلقة أساسية لضبط حجم العنف الذي مورس على المحتجين ــ سواء بالمخيم أو بمدينة العيون ــ ونتائجه، وهو ما لم تتمكن لجنة التقصي من الوقوف عليه بسبب عدم ولوجها لهذا المستشفى. لهذا يبقى عدد الوفيات التي تمكنت اللجنة من التوصل إليه هو الذي أعلن عنه رسميا.
9- تخلي السلطات الأمنية عن مسؤوليتها في حماية ممتلكات الدولة والمواطنين من خلال غيابها شبه التام عن مدينة العيون في الفترة الصباحية من يوم الإثنين 8 نونبر وتشجيعها لممارسي النهب وإتلاف المحتويات المنازل في الفترة المسائية .
10- توصلت اللجنة بعد انتهاء عملها الميداني بتقرير من فرع العيون حول استقباله لعدد من المواطنين اعتقلوا يوم الأحداث وأطلق سراحهم يوم 26 نونبر يصرحون أنهم تقفوا ضربات نارية من مسدسات شرطة وأنهم سيحاكمون في حالة سراح مما يتطلب فتح تحقيق حول هذه التصريحات. وشروط استعمال السلاح الناري في حالة ثبوته.
VI - التوصيات
1- فتح تحقيق نزيه ومحايد للكشق عن الحقيقة وتحديد المسؤوليات بشأن الأحداث التي عرفتها منطقة العيون، مع إعمال العدالة وتفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب لكل من ثبتت مسؤوليته - في إطار محاكمة عادلة- عن الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي أدت إلى تلك الأحداث وما نتج عنها من انتهاكات لحقوق الإنسان، وذلك في مختلف المراحل وبالنسبة لكل الوقائع من بينها :
- الأوضاع الاجتماعية التي أدت إلى تشكيل مخيم اكديم إزيك بتاريخ 10 أكتوبر2010 والوعود السابقة التي لم تف بها السلطات.
- إطلاق النار المؤدي إلى وفاة الطفل ناجم الكارح وجرح المرافقين له.
- التهم الموجهة للجنة الحوار بعد عدة اجتماعات معها والتحول المفاجئ في موقف المسؤولين منها.
- قرار اختيار الوقت الذي تم فيه فك المخيم فجر يوم 08 نوفمبر2010 والمدة الفاصلة بين الإعلان عن القرار وتدخل رجال السلطة.
- المسؤولية عن خطة التدخل وتدبيرها بدءا باختيار المشاركين فيها ومستوى تدريبهم وضمان أمن أفراد القوات العمومية.
- المسؤولية عن القتل الذي تعرض له أفراد القوات العمومية والتمثيل بالجثة وانتهاك حرمتها الذي جاء في التقارير الرسمية.
- مزاعم التعذيب الذي تعرض له المعتقلون وحالة الاغتصاب المذكورة في التقرير والتي راسلت الجمعية بشأنها وزير الداخلية.
2- فتح تحقيق قضائي بشأن ما وقع داخل المستشفي العسكري بالعيون يوم الأحداث نظرا لتوصل اللجنة بعدد من الشهادات لم تتمكن من التأكد منها بخصوص عدد وحجم العنف والتعذيب الممارس خلال الأحداث ونتائجه وتداعياته.
3- ضرورة تحقيق نزيه ومحايد بشأن القرار المفاجئ للسلطة بإخلاء المخيم بالقوة، بينما تشير معطيات أن الارتياح لنتائج الحوار عم وسط المعتصمين وبدأ الاستعداد لتنفيذ ها.
4- تمكين السكان من نفس الفرص سواء تعلق الأمر بالتشغيل أو بالسكن أو بالاستفادة من كل إمكانيات وخيرات المنطقة ووضع حد نهائي لكل أشكال التمييز بينهم الذي تمارسه السلطة والنخب المهيمنة فيها على قاعدة العلاقة مع السلطة، والأعيان وذوي النفوذ والأحزاب النافدة من جهة، والانتماء أو عدم الانتماء للمنطقة من جهة أخرى.
5- ضرورة توقف السلطات عن تأليب جزء من السكان ضد جزء آخر والتحريض على العداوة وتشجيع النعرات القبلية والعداء والعنف في المنطقة مما قد تكون له عواقب خطيرة على الأمن بالمنطقة وعلى سلامة سكانها، إعمالا لما تنص عليه المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية التي تحظر أي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.
6- احترام الحريات العامة من طرف السلطات بالمنطقة، بما يعنيه ذلك من حريات التنظيم والتجمع والتعبير والصحافة والتظاهر السلمي بما فيها حرية الرأي والتعبير السلمي عن مختلف المواقف المتواجدة في المنطقة بشأن النزاع في الصحراء.
7- إفساح المجال أمام الجمعيات الحقوقية وكل الهيآت المدنية دون تمييز، للعمل في المنطقة، وفتح جسور التواصل معها والإنصات لها، وتمكين مختلف الأحزاب للمساهمة في التأطير والتكوين السياسيين دون ضغوط أو تضييق، وتوفير كل إمكانيات تصريف مختلف احتجاجات السكان بما يضمن الحق في المشاركة كشرط أساسي للديمقراطية، وفتح الحوار مع ممثليهم قبل استفحال الأوضاع .
8- تمكين الإعلام الوطني والدولي بكل مكوناته، وكل المتتبعين، من الحق في الوصول إلى المعلومة وإلى كل المعطيات للبحث والتحري فيما عرفته المنطقة من أحداث وفي أسبابها وتداعياتها، للمساهمة في الإخبار وتنوير الرأي العام الوطني والدولي وفي الكشف عن الحقيقة في احترام تام لأخلاقيات مهنة الصحافة.
9- توفير التكوين في مجال حقوق الإنسان لموظفي الدولة المكلفين بإنفاذ القانون وضمان حقهم في الحياة الكريمة خاصة وأن شروط الفقر وامتهان كرامة المكلفين بتدبير الأمن في علاقة مباشرة مع المواطنين ينتج عنه الحقد والعداء والممارسات الانتقامية العنيفة.
10- توفير شروط المحاكمة العادلة لجميع المعتقلين بمن فيهم المحالين على المحكمة العسكرية. علما أن إحالة مدنيين على محكمة عسكرية هو في حد ذاته انتهاك لمعايير المحاكمة العادلة.
11- جبر الأضرار الفردية والجماعية الناتجة عن الأحداث، بدءا بجبر أضرار ذوي الحقوق من أسر الضحايا المتوفون (من أفراد القوات العمومية ومن المدنيين)، وتعويض سكان المنطقة عن كل الخسائر التي تكبدوها أثناء أحداث المخيم أو العيون، سواء تعلق الأمر بما أتلف أو أحرق في المخيم أو في مدينة العيون صباح يوم الإثنين أو مختلف السلع التي ضاعت عند تعرض المتاجر للنهب عشية يوم الإثنين8 نوفمبر، أو الأثاث الذي سرق من المنازل عند مداهمتها خلال نفس الفترة، أو كل ما تعرض للحرق أو التدمير أو الإتلاف بصفة عامة خلال الأحداث.
12- تنفيذ الدولة لالتزاماتها بخصوص ملف الانتهاكات الجسيمة المرتبطة بالماضي وإجلاء الحقيقة كاملة عن ملفات المختطفين الصحراويين والتجاوب مع الضحايا وعائلاتهم، وإطلاق كافة المعتقلين السياسيين الصحراويين بمن فيهم الثلاثة المتبقين من مجموعة التامك.
13- ضرورة احترام الدولة المغربية لالتزامها المتعلق بتطبيق مضامين اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي صدقت عليها منذ 1993، والتصديق على البروتوكول الاختياري الملحق بهذه الاتفاقية لتمكين المجتمع من آلية وطنية للوقاية من التعذيب. والتصديق على الاتفاقية الدولية بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
14- تذكر الجمعية بمطلبها إلى جانب عدد من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان المتعلق بوضع آلية أممية لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة.
15- ضرورة وضع حل ديمقراطي للنزاع حول الصحراء بما يجنب المنطقة المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، ويمكن من تحقيق وحدة الشعوب المغاربية وبناء الديمقراطية وانطلاق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة نظرا أن الاحتجاجات الاجتماعية وانتهاكات حقوق الإنسان التي تواكبها في العديد من الحالات واستمرار أوضاع التوتر والصدام بين المواطنين والسلطة تغذيه الشروط الناتجة عن استمرار النزاع حول الصحراء الذي طال أمده.
16- كما تدعو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق في أحداث العيون ألا تعيد تجارب لجن التحقيق البرلمانية السابقة التي توقفت عند أنصاف الحقائق وبقي المتورطون في الانتهاكات التي سجلتها يتمتعون بإفلات تام من العقاب (لجنة أحداث فاس 1990، لجنة سيدي إفني، لجن التحقيق في ملفات نهب المال العام

mardi 28 décembre 2010

عشق و اهات // قصيدة

عشق و اهات // قصيدة


ااااهههه يا قلبي

اه يا بقايا قلبي

اه يا ليلتي التي ليس لها صباح .

........ولا كان لها مساء

.....

علمتني الحياة

ان ابكي وحدي

واحب النساء وحدي

و اكرههن وحدي

لكي لا اجرح الاخر

واتامل قمة التل

علي ايقاع الفلامنكو

وان اسجل شكواي

علي جدار الشعر



واتلوها علي عشيقاتي

سامي ملوكي

قصيدة في الحب والصراع الطبقي





سافرت لكل بلاد الدنيا

.مستكشفا تضاريس الجمال .

والمتعة

.اوقدت شموعا و قدمت قرابين

لبوخوس و كيوبيد صارع العشاق

ومسكر الندماء بقناطر من نبيد معتق

ولما نزلت للوطن المستهان اهله

فجعت من بؤس البؤساء . وجوع الجوعي

وبطالة من عمر الورد

واحياء من صفيح علي مرئي البصر

و في الضفة الاخري

من مدينة كانت بيضاء

صوامع تنطح السماء كبرا نبتت من نقد منهوب

قصور حفلات سيارات فارهة

من عرق الكداح

عالمان متوازيان لا يلتقيان هنا او

هما متصارعان متناقضان هنا وفي كل الاحوال

لا خلاص لكم لا بغيب ولا بدين

خلاصكم بيدكم انتم و حدكم

فقط بفكر علمي احمر هالك للطغيان





ملوكي سامي

mercredi 22 décembre 2010

الصراعات الطبقية بالمغرب – الهيكلة الاقتصادية و تطورها في سنوات 1960-1965


.


في سنوات 1956-1959 شهدت بنية المغرب الاقتصادية تغيرات عميقة، سيشهد العقد اللاحق تبلورها منذ سنواته الأولى


أ‌. القرى

كان أهم تلك التغيرات العميقة الهيكلة الاقتصادية والسياسية لكبار ملاكي الأراضي الرأسماليين، الذين سيشهدون تطورا مذهلا في السنوات التالية و يصبحون المحرك الرئيسي لتحولات جهاز الدولة و سياسة الحكم المغربي خلال ذلك العقد.

كان هؤلاء، في مطلع الاستقلال الشكلي، لا يزالون قلة قليلة وكانت أملاكهم تغطي بضع مئات آلاف الهكتارات (200 ألف إلى 400 ألف حسب التقديرات) ضمن أخصب أراضي المغرب طبعا.

ومنذ سنوات 1956-1960، تعززت هذه النواة الأولى بشراء الخواص لأراضي المعمرين الذين كانوا يفضلون المغادرة فورا على تقلبات الوضع الجديد بالمغرب. هذا لا سيما أن مالكي الأراضي الرأسماليين الكبار هؤلاء تنظموا سياسيا، كما سبقت الإشارة، علاوة على استعمالهم غطاء سياسيا من قبل "النظام القايدي" القديم (أو"الاقطاعية" في التعبير السياسي المغربي المألوف باللغة الفرنسية). كانت هذه الطبقة الاجتماعية، كما رأينا، الخاسر الأكبر من الناحية السياسية في النضال من أجل الاستقلال. وبلغ الأمر مصادرة بعض أملاك أشهر ممثليها التهامي الكلاوي، رغم العفو الملكي ("الأمان") في نوفمبر 1955، لأن الغضب الشعبي كان من الحدة لدرجة استحالة انتفاء حد أدنى من العدالة. (لا بل أعدم الشعب عددا من أولئك الإقطاعيين الخونة إبان المظاهرات الشعبية في مرحلة الانتقال بين سلطتين). لكن القسم الأعظم من أملاكهم لم توزع، و استعادها ورثته لاحقا. وبوجه عام، لم تكن قط الملكيات الكبيرة لكبار الإقطاعيين المغاربة، التي كانت أهم الأسر منها تملك عشرات آلاف الهكتارات، موضوع أي "أصلاح زراعي". لا بل تمكن بعض أبنائها، الضباط بالجيش الفرنسي، أن يعززوا في السنوات اللاحقة و بأشكال متباينة، وهم بلباس القوات المسلحة الملكية او في السياسة السياسوية جدا، علاقات السيطرة العريقة على الفلاحين في مناطقهم، بعد أن شهد هؤلاء خمود أمل "ّالاستقلال" العابر.

هذا كله، مع الدمج الجزئي، لكن المتنامي، لاقتصاد تلك المناطق في نمط الإنتاج الرأسمالي، الذي بات مهيمنا في سنوات 1960 تلك، يفسر ما شهدت السنوات اللاحقة من تهيكل طبقة واحدة من كبار ملاكي الأراضي، لكنها موزعة بين قسمين كبيرين: ملاكي الأراضي الرأسماليين الكبار و ملاكي الأراضي شبه الإقطاعيين الكبار.

في العام 1963، وبعد التأمين النهائي ( بالنسبة للفترة التاريخية التي ندرس هنا) للركائز السياسية للنظام الجديد، الذي بات نظام البرجوازية الكمبرادورية الكبيرة و الملاكين العقاريين الكبار، أمكن لهذه الطبقات السائدة، الموطدة على هذا النحو، أن تفكر في تنظيم انصراف من تبقى، وهم الأكثر، من المعمرين الفرنسيين، في أفضل شروط تبادل المصالح. و في الواقع كان هذا الانصراف الحبي، على صعيد الطبقات السائدة وسلطتها السياسية، مقابلا لاستمرار علاقات السيطرة الاستعمارية الجديدة المضمونة من قبل الرأسمال الاحتكاري الفرنسي ( هذه نقطة سنعود إليها). وقد جرى تأمين الإطار القانوني لهكذا انصراف بظهير صدر ذلك العام يجعل بيع الأجانب للأراضي مشروطا بترخيص ملكي.

كان هذا الظهير الأداة التي تم بها في سنوات 1964-1970، وعلى نحو بات كثيفا، إرساء من سماهم الشعب فورا "المعمرين الجدد"( أو كبار ملاكي الأراضي الرأسماليين) الذين أصبحوا في تلك الحقبة قسم الطبقة المهيمن و ركيزة مباشرة للحكم الذي كان ماسكوه المباشرون ، أي الأسرة الملكية، في الآن ذاته طرفا فيه [في قسم الطبقة]إلى حد بعيد.

أما كتلة الفلاحين فقد كانت تتعرض لسطوة الرأسمالية المتنامية. لم تتمكن الجيوش الاستعمارية، بفعل مقاومة القبائل الباسلة، من تحقيق أكثر من الاحتلال العسكري في مناطق عديدة. إن إرساء النظام الاستعماري الجديد، القائم طبعا في البداية على تصفية آخر بنيات الدفاع الذاتي التي ذكرنا بها، لكن أيضا و أساسا على تطور ملكية الأرض الرأسمالية الكبيرة بالدمج السياسي و الاجتماعي لملاكي الأرض شبه الإقطاعيين في النظام، ومعهم الفلاحون الأغنياء و غيرهم من " النخب القروية"، قد فتح (أي النظام الاستعماري الجديد) الأبواب على مصراعيها، بعد أن كانت مغلقة، أمام سيطرة العلاقات الرأسمالية في القرى القصية.[2] و من زاوية النظر الإيديولوجية كان مختصو الاقتصاد وعلم الاجتماع الفرنسيون-الأمريكيون والمغاربة يضفون عقلانية على هذا التغلغل بما هو جوهر تلك "التنمية /التطور" تحت موضوع مركزي هو تفوق "السوق" على بنيات الاستهلاك الذاتي [3] ( إن الندوة التي انعقدت في ابريل 1965 حول "الدوار"، وجمعت أشهر الخبراء، بالغة الدلالة بهذا الصدد. راجع Revue de géographie marocaine العدد 9).

لم يتأخر ظهور النتائج، ففي منتصف سنوات 1960، كان فلاحو المغرب - كما يشهد بخصوص كل النصف الشمالي من المغرب الكتاب المتفوق لتروان [J.-F. Troin ]حول "الأسواق الشعبية" المغربية - فريسة السوق الرأسمالية فيما يخص المنتجات الأساسية التي نجحوا حتئذ في إنتاجها. كانت بنيات الإنتاج المحلي القديمة، أو ما بقي منها بعد عهد الاستعمار، قد تعرضت للتدمير. على هذا النحو زالت المعصرات الجماعية لفلاحي منطقة جبالة، و بات نتاجهم من الزيتون يُجنى كليا من قبل وكلاء بعض كبار بورجوازيي فا س أو مكناس بسعر ذلك "السوق" حيث مئات آلاف الفلاحين مسحوقون من قبل بعض المحتكرين المستفيدين من حماية متينة من جهاز دولتهم. وكانت الهجرة القروية الكثيفة و العنيفة نتيجة ذلك الحتمية منذ السنوات الأولى من الستينات. وكانت تطابق جيدا حاجات التوسع الرأسمالي لأوربا الغربية حيث كانت شركاتها الاحتكارية الكبرى تجد أسهلا و أكثر مردودا أن تفرغ المضمون الحيوي للشعوب المضطهدة بدلا من أن تبدع بكثافة لتحديث جهازها الإنتاجي.

إخلاء القرى من رجالها كاملي القوى، و الإخلال بتوازنات الأرض المعمرة قرونا، و زحف التصحر، ذلك ما مثلت سنوات 1960 بالنسبة للقسم الأعظم من القرى المغربية.

لكن ليس كلها طبعا. فمنذ متم سنوات 1960، أقيم مشروع وضعه في الأصل تكنوقراطيو محيط عبد الرحيم بوعبيد، مشروع المكتب الوطني للري. كان هدفه استثمار الأراضي القابلة للسقي انطلاقا من شبكة من السدود الكبيرة القائمة أو المزمع بناؤها. و يمثل تاريخ هذا المكتب مثالا بليغا عن الكيفية التي يمكن بها دمج واحتواء الوهم المتحمس للتقنية لصالح الرأسمال الكمبرادوري. (قام أول مدير لهذا المكتب بنقد ذاتي حول ذلك في ندوة الجزائر في يناير 1963 المخصصة لموضوع "تصنيع المنطقة المغاربية" المطبوعة أشغالها لدى الناشر ماسبيرو ، باريس-1965).

و إن مثال حوض ملوية وحده شاهد على ذلك، فبقصد تأمين أقصى الموارد المائية للملكية الرأسمالية الكبيرة بسهول ملوية السفلى المسقية، وطبعا على قاعدة السعي إلى أقصى"مردودية"، بات ممنوعا كل إعداد مائي بعالية النهر في تلك المناطق الغنية بالتاريخ و الثقافة و التمسك الدائب لدى فلاحي ملوية العليا والوسطى بأرضهم! وبالمقابل ازدهرت في سافلة النهر زراعات حوامض وبواكر و زيوت أساسية لصنع عطور السيدات الموجهة إلى السوق الأوربية المشتركة! هذا فيما أراضي مليا السفلى ذاتها تتدهور بفعل فرط السقي. ويجب أن يُعرف في أوربا، وهذا ينطبق على برتقال سوس كما برتقال ملوية السفلى و الغرب و تادلة، أن كل حبة من برتقال المغرب الذي تستهلكون، أيها الأوربيون غير الواعين، هي ثمرة، ثمرة مذهبة، لدم الأطفال المغاربة المحكوم عليهم بالجوع والبؤس (لا يتجاوز 25 بالمائة من أطفال المغرب عمر خمس سنوات !).


ب- المدن

و بالتوازي – وكان الأمر يتعلق بنفس المعمرين الجدد- كان يتعزز على الصعيد الاقتصادي، وفي روابطه المالية، ما سيغدو "البرجوازية الوكيلة" (او البرجوازية الكمبرادورية الكبيرة [4])

من زاوية النظر هذه، شهدت سنوات 1960-1965 تطورات هامة، لكنها غير كافية بعدُ قياسا بالهيكلة الحاصلة خلال سنوات 1970. ( لم تكن سنوات 1966-1971 عصرا ذهبيا للمعمرين الجدد على الصعيد السياسي وحسب، بل أيضا اقتصاديا و سيكون التوازن الجديد الحاصل داخل الطبقات السائدة بعد أزمات 1971-1973 السياسية ممهدا لطريق هذه الهيكلة).

حصلت هذه التطورات على صعيدين رئيسيين:

على الصعيد الصناعي، كان الازدهار السريع للصناعات المسماة "إحلال الواردات" ( كان أغلبها النسيج، وهو ازدهار حققته أساسا رساميل مغربية خاصة مستفيدة من مساعدة هامة بفعل المقتضيات التشريعية و الأدوات المالية التي أُرسيت في الحقبة السابقة وجرى تعزيزها عند الحاجة ( قانون الاستثمارات، البنك الوطني للإنماء الاقتصادي، البنك المغربي للتجارة الخارجية ، الخ)

على الصعيد المالي، كانت التدابير المسماة "مغربة" البنوك، التي قضت بدمج ممثلين للبرجوازية الكمبرادورية الكبيرة في مجالس إدارتها و رئاستها (التي لا يعطيها قانون الشركات المغربي غير صلاحيات ضئيلة قياسا بصلاحيات " المتصرف المنتدب") مع بقائها من حيث بنية رأسمالها ومجمل ارتباطاتها مع المتروبولات تحت تحكم الرأسمال المالي الامبريالي (بخاصة الفرنسي). كما جرت "مغربة" الواجهات ( مثل الفرع المغربي لـ Crédit lyonnais الذي سُمي مصرف المغرب)

وفي الآن ذاته انتقل البنك الوطني للإنماء الاقتصادي إلى التحكم الأكثروي للرأسمال المالي الدولي عبر الشركة المالية الدولية، فرع البنك العالمي، مؤمنا على هذا النحو اندماجا مباشرا بين هذا الرأسمال و البرجوازية الكمبرادورية الكبيرة و قنطرة عبور أكثر يسرا بين هذه البرجوازية "الوكيلة" و وكلائها في مقاليد أمور الدولة.

ماذا كان فضلا عن ذلك مصير الصناعات التي أطلقت في تلك الفترة السابقة 1956-1960 لما كان إحدى انشغالات الحكومة الرئيسية هي التصنيع (لكنه انشغال تجريبي أساسا)؟

في الواقع، كانت تلك الفترة مطبوعة أولا بعمليات إغلاق مصانع عديدة من قبل الرأسماليين الفرنسيين الذين كانوا يهربون من المغرب "المستقل"، لا سيما أن الأسباب الظرفية والمصطنعة إلى حد بعيد (أطروحة "الانكفاء الصناعي" بالمغرب في حالة حرب عالمية) للازدهار الصناعي لسنوات 1948-1952 كانت قد زالت، و غالبا ما تعلق الأمر بمصانع بالغة الأهمية لتجهيز البلد صناعيا ( البناء الميكانيكي و الميكانيك بوجه خاص)، وكانت الحكومة تعاين إغلاقها وتفكيكها بسلبية كي لا "ترعب" أكثر الرساميل الأجنبية [5].

و كانت الصناعات التي جرى بناؤها أو إطلاقها في تلك الفترة صناعات إحلال واردات من جهة، في ظل شروط كانت تفاقم تبعية المغرب (وثمة حالتان هامتان و فاضحتان جدا فيما يخص التسهيلات المنوحة، حالة جينرال تاير-عجلات مطاط- و صوماكا لتركيب السيارات)، ومن جهة أخرى بعض المحاولات التي قلما كانت مهيكلة ضمن سياسة اقتصادية إجمالية لإرساء صناعات أساسية ( مصفاة البترول لاسمير بالمحمدية، و إطلاق المكتب الكيماوي بأسفي، ومشروع صناعة الحديد بالناضور).

حتى على هذا النحو، كانت البرجوازية الكبيرة تعتبر تلك المشاريع خطيرة ومن خلفها الرأسمال الفرنسي الذي اعتبرها تهديدا لمصالحه، فجرى وقفها (صناعة الحديد) أو نسف تصورها ذاته (مركب أسفي الكيماوي) من قبل الحكومة التي نصبت في مايو 1960.

و فقط بعد خمسة عشر عاما، أدركت تلك البرجوازية الوكيلة و أوصياؤها الفرنسيون- تلك البرجوازية الرأسمالية الفرنسية المتأخرة دوما بحرب، سواء عسكرية او اقتصادية- ما قد تكسب الامبريالية من مزايا في قسمة العمل الدولية الجديدة التي كانت آنذاك في طور التكون، و التي عرف ماتي Mattei، بالعكس، كيف يكون رائدها في مجال الطاقة.

في هذا الإطار الإجمالي، قامت الشركة التي كان اسمها ضمن الشركات الامبريالية الكبيرة رمزا منذ البدايات، منذ نهاية القرن 19، لاستعمار المغرب اقتصاديا، شركة بنك باريس وهولندا ( باريبا حاليا)، بالانسحاب، بطلب منها، من القطاعات العامة التي كان وجودها بها بارزا أكثر من اللزوم: مقاولة الطاقة الكهربائية بالمغرب، التي أصبحت المكتب الوطني للكهرباء، و شركة سكك حديد المغرب، التي أصبحت المكتب الوطني للسكك الحديدية لقاء مبالغ باهضة (كذا) تعويضا لها عن نهبها لاقتصاد المغرب طيلة 60 سنة . وقد أمكن أن يُحسب أن ما أبرمت مقاولة الطاقة الكهربائية للمغرب، بإشراف بنك الأعمال هذا، من قروض قد أتاح لوحده لهذا الأخير ان يسرق من المغرب أكثر من 70 مليار فرنك جارية، أي عددا هاما من ملايير الدرهم اليوم. وتمكن هذا البنك الامبريالي من توظيف الهدية الجديدة "لسلطة المغرب المستقلة" في استثمارات مربحة في السياحة - حيث هدايا الدولة "للمستثمرين" فاضحة للغاية! ومما له دلالة أن الوكيل المباشر لهذه "التسوية" كان المحامي الباريسي M’ Izard العامل لحساب بنك باريس و هولندا فيما لم يكف منذ سنوات 1950 عن كونه محامي ملك المغرب (لكن صحيح أن الأمير ولي العهد الحسن حافظ طيلة سنوات، وحتى في المنفى، عن مقعد في مجلس إدارة إحدى أفضل شركات بنك باريس وهولندا ، الشركة المنجمية بوازار و غرارة إلى جانب الباشا الحاج التهامي الكلاوي!).

أما وزراء حزب الاستقلال، المفترض أنهم مازالوا آنذاك يمثلون مصالح البرجوازية الوطنية، فقد كانوا يتقاسمون المهام سواء بالمشاركة بمرح في ذلك التعهر أمام الرأسمال الأجنبي، كما فعل محمد الدويري، أو بإعداد القوانين القمعية أو الفاشية لعام 1982 كما فعل محمد بوستة، أو بإذكاء محاكم التفتيش (الحكم بالإعدام على أنصار البهائية) والتعصب الديني الأشد إفراطا، كما فعل علال الفاسي.




هوامش:

2- لذا لا يصح، ضمن اعتبارات أخرى، الحديث عن "مجتمع مزيج" كما جرى طرحه. فالتشكيلة الاقتصادية الاجتماعية المغربية تشكل بنية (و ليس تجميعا) يسيطر فيها نمط الإنتاج الرأسمالي في شكل متميز حيث ينطوي نمط الإنتاج هذا ذاته على علاقات سيطرة سياسية واقتصادية وإيديولوجية، تفرضها تلك الميتروبولات الذي يتعين فعلا نعثها بالامبريالية، علاقات تستتبع بوجه خاص فرط استغلال الطبقة العاملة وتحويل الفلاحين إلى جيش احتياط صناعي للرأسمال، ومن ثمة استحالة ديمقراطية برجوازية على الطريقة الغربية. ويتمفصل ضمن هذه البنية مع نمط الإنتاج الرأسمالي كل من النظام القايدي و الجماعات القبلية. و أخيرا وليس بآخر، تشهد هذه البنية حركة، وديناميتها هي دينامية الصراع الطبقي.

3- بنيات استهلاك ذاتي لا تلغي المبادلات، لكنها مبادلات متوازنة بين قبائل (أو اتحادات قبائل). على هذا النحو كان فلاحو منطقة جبالة يبادلون قسما هاما من إنتاج زيت الزيتون مقابل الزروع التي تنتجها قبائل سهل الغرب. كما كانوا يشترون من مدينة العرائش، بذلك الإنتاج ذاته، الأسلحة وغيرها من المواد المستوردة الضرورية.

4- نعث "الكمبرادورية" هو الأنسب، بفعل مدلوله الملموس، لواقع تلك الطبقات. لكن قد يكون بالأحرى أكثر دقة، بالنظر لطبيعة علاقات هذه البرجوازية الكبيرة بالرأسمال الاحتكاري بالبلدان الامبريالية، استعمال نعث الوكيلة mandataire . سأستعمل والحالة هذه كلا النعثين، ( برجوازية وكيلة أو برجوازية كمبرادورية كبيرة )، بلا تمييز لتوصيف ذلك القسم المهيمن من البرجوازية الكمبرادورية في انتظار أن يفرض اللفظ الأول ، أو آخر أفضل منه، نفسه. ومن جهة أخرى، أقول "البرجوازية الكبيرة" لتعيين ذلك القسم من البرجوازية الكمبرادورية المشارك فعلا، في التشكيلة الاجتماعية المسيطر عليها، في البنيات الاحتكارية. وهي من جراء هذا تمثل اليوم بالمغرب القسم المهيمن داخل كتلة الطبقات السائدة المكونة من البرجوازية الكمبرادورية ومن كبار ملاكي الأراضي، و ضامن تماسكها النسبي. لكن البرجوازية الكومبرادورية تتضمن أيضا الرأسماليين المغاربة المرتبطة نشاطاتهم بالرأسمال الأجنبي، الاحتكاري أو غيره، وفي الغالب عبر البرجوازية الوكيلة،مع كونهم "رأسماليين متوسطين" مدمجين، في إطار سيطرة، في الدورات الاقتصادية والمالية للرأسمال الاحتكاري.

5- مهما ألححنا، لن نعبر كفاية عن حالة ُذهان "الرساميل الأجنبية" التي استبدت بالمسؤولين الاقتصاديين المغاربة غداة الاستقلال الزائف، وآثارها على السياسة في تلك السنوات ( من أجل تفكير نقدي ذاتي حول الموضوع، مع أنه كان مطبوعا بـ"نزعة صناعوية" ، راجع ابراهام السرفاتي " الرأسمال الأجنبي و التنمية الوطنية" ضمن ندوة الجزائر حول التصنيع بالمنطقة المغاربية . مرجع مشار إليه.)

غضب رجال التعليم بسوس

صدق او لا تصدق ............ الرياضة النسوية ممنوعة في المدارس السعودية

وزارة التربية والتعليم السعودية: التحقيق في سماح المدارس الخاصة بممارسة الرياضة للبنات
سعوديات يشجعن فريق بلادهن

السعودية تحظر حضور النساء مباريات كرة القدم، وهذه الصورة التقطت لسعوديات في كأس الخليج عدن-اليمن نوفمبر 2010

قالت صحيفة الديلي تلغراف، أن وزارة التربية والتعليم السعودية تجري تحقيقاً في مدراس الفتيات الخاصة في المملكة العربية السعودية حول إذا ما كانت تعطي دروساً في الرياضة والتي تعد "غير قانونية".

وقال مسؤول في الوزارة انه في الثامن من ديسمبر الجاري، فإن 200 طالبة من ست مدارس خاصة في جدة تجاوزت القواعد الخاصة بمنع ممارسة الفتيات الرياضة في المدارس، حين شاركن في بطولة رياضية مدرسية.

وقال أحمد الزهراني، مدير تعليم البنات في جدة: "لا توجد لدينا أية لوائح تسمح لمدارس البنات بعقد تدريبات أو عقد حصص رياضة".

وقالت الصحيفة أن السعودية تحظر لعب المرأة الرياضة بشكل عام، باعتبارهه دولة "تحكم وفق رؤية متشددة للإسلام".
غير قانوني

وأضافت الصحيفة لا يمكن للمرأة المشاركة في الفريق السعودي الاولمبي، ولا يسمح لها بحضور مباريات كرة القدم.

وقالت الصحيفة بينما هناك عدد قليل من النوادي الخاصة للنساء فقط، وبعض النوادي في الجامعات الخاصة، فإن الرياضة محظورة في المدارس الابتدائية والثانوية للبنات.

وكانت البطولة التي استضافتها جامعة عفت الخاصة شملت كرة السلة، وتنس الريشة، والسباحة، وألعاب القوى.

وقالت فريدة فارسي، مديرة مدارس الحمرا في جدة: "فوجئنا بخطاب من وزارة التربية والتعليم يطلب توضيح لماذا عقدت هذه المنافسات".

وأضافت بأنها تلقت "عددا كبيرا من الرسائل والمكالمات الهاتفية من الرجال السعوديين المحافظين والمشايخ، ينصحونها بعدم إجراء مثل هذه المنافسات في المستقبل".

mardi 7 décembre 2010

يطير الحمام // محمود درويش

يطير الحمام

يحطّ الحمام

- أعدّي لي الأرض كي أستريح

فإني أحبّك حتى التعب...

صباحك فاكهةٌ للأغاني

وهذا المساء ذهب

ونحن لنا حين يدخل ظلٌّ إلى ظلّه في الرخام

وأشبه نفسي حين أعلّق نفسي

على عنقٍ لا تعانق غير الغمام

وأنت الهواء الذي يتعرّى أمامي كدمع العنب

وأنت بداية عائلة الموج حين تشبّث بالبرّ

حين اغترب

وإني أحبّك، أنت بداية روحي، وأنت الختام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

أنا وحبيبي صوتان في شفةٍ واحده

أنا لحبيبي أنا. وحبيبي لنجمته الشارده

وندخل في الحلم، لكنّه يتباطأ كي لا نراه

وحين ينام حبيبي أصحو لكي أحرس الحلم مما يراه

وأطرد عنه الليالي التي عبرت قبل أن نلتقي

وأختار أيّامنا بيديّ

كما اختار لي وردة المائده

فنم يا حبيبي

ليصعد صوت البحار إلى ركبتيّ

ونم يا حبيبي

لأهبط فيك وأنقذ حلمك من شوكةٍ حاسده

ونم يا حبيبي

عليك ضفائر شعري، عليك السلام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

- رأيت على البحر إبريل

قلت: نسيت انتباه يديك

نسيت التراتيل فوق جروحي

فكم مرّةً تستطيعين أن تولدي في منامي

وكم مرّةً تستطيعين أن تقتليني لأصرخ: إني أحبّك

كي تستريحي?

أناديك قبل الكلام

أطير بخصرك قبل وصولي إليك

فكم مرّةً تستطيعين أن تضعي في مناقير هذا الحمام

عناوين روحي

وأن تختفي كالمدى في السفوح

لأدرك أنّك بابل، مصر، وشام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

إلى أين تأخذني يا حبيبي من والديّ

ومن شجري، من سريري الصغير ومن ضجري،

من مراياي من قمري، من خزانة عمري ومن سهري،

من ثيابي ومن خفري?

إلى أين تأخذني يا حبيبي إلى أين

تشعل في أذنيّ البراري، تحمّلني موجتين

وتكسر ضلعين، تشربني ثم توقدني، ثم

تتركني في طريق الهواء إليك

حرامٌ... حرام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

- لأني أحبك، خاصرتي نازفه

وأركض من وجعي في ليالٍ يوسّعها الخوف مما أخاف

تعالى كثيرًا، وغيبي قليلاً

تعالى قليلاً، وغيبي كثيرًا

تعالى تعالى ولا تقفي، آه من خطوةٍ واقفه

أحبّك إذ أشتهيك. أحبّك إذ أشتهيك

وأحضن هذا الشعاع المطوّق بالنحل والوردة الخاطفه

أحبك يا لعنة العاطفه

أخاف على القلب منك، أخاف على شهوتي أن تصل

أحبّك إذ أشتهيك

أحبك يا جسدًا يخلق الذكريات ويقتلها قبل أن تكتمل

أحبك إذ أشتهيك

أطوّع روحي على هيئة القدمين - على هيئة الجنّتين

أحكّ جروحي بأطراف صمتك.. والعاصفه

أموت، ليجلس فوق يديك الكلام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

لأني أحبّك (يجرحني الماء)

والطرقات إلى البحر تجرحني

والفراشة تجرحني

وأذان النهار على ضوء زنديك يجرحني

يا حبيبي، أناديك طيلة نومي، أخاف انتباه الكلام

أخاف انتباه الكلام إلى نحلة بين فخذيّ تبكي

لأني أحبّك يجرحني الظلّ تحت المصابيح، يجرحني

طائرٌ في السماء البعيدة، عطر البنفسج يجرحني

أوّل البحر يجرحني

آخر البحر يجرحني

ليتني لا أحبّك

يا ليتني لا أحبّ

ليشفى الرخام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

- أراك، فأنجو من الموت. جسمك مرفأ

بعشر زنابق بيضاء، عشر أنامل تمضي السماء

إلى أزرقٍ ضاع منها

وأمسك هذا البهاء الرخاميّ، أمسك رائحةً للحليب المخبّأ

في خوختين على مرمر، ثم أعبد من يمنح البرّ والبحر ملجأ

على ضفّة الملح والعسل الأوّلين، سأشرب خرّوب ليلك

ثم أنام

على حنطةٍ تكسر الحقل، تكسر حتى الشهيق فيصدأ

أراك، فأنجو من الموت. جسمك مرفأ

فكيف تشرّدني الأرض في الأرض

كيف ينام المنام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

حبيبي، أخاف سكوت يديك

فحكّ دمي كي تنام الفرس

حبيبي، تطير إناث الطيور إليك

فخذني أنا زوجةً أو نفس

حبيبي، سأبقي ليكبر فستق صدري لديك

ويجتثّني من خطاك الحرس

حبيبي، سأبكي عليك عليك عليك

لأنك سطح سمائي

وجسمي أرضك في الأرض

جسمي مقام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

رأيت على الجسر أندلس الحبّ والحاسّة السادسه.

على وردة يابسه

أعاد لها قلبها

وقال: يكلفني الحبّ ما لا أحبّ

يكلفني حبّها.

ونام القمر

على خاتم ينكسر

وطار الحمام

رأيت على الجسر أندلس الحب والحاسّة السادسه.

على دمعةٍ يائسه

أعادت له قلبه

وقالت: يكلفني الحبّ ما لا أحبّ

يكلفني حبّه

ونام القمر

على خاتم ينكسر

وطار الحمام.

وحطّ على الجسر والعاشقين الظلام

يطير الحمام

يطير الحمام .

يطير الحمام // محمود درويش

يطير الحمام

يحطّ الحمام

- أعدّي لي الأرض كي أستريح

فإني أحبّك حتى التعب...

صباحك فاكهةٌ للأغاني

وهذا المساء ذهب

ونحن لنا حين يدخل ظلٌّ إلى ظلّه في الرخام

وأشبه نفسي حين أعلّق نفسي

على عنقٍ لا تعانق غير الغمام

وأنت الهواء الذي يتعرّى أمامي كدمع العنب

وأنت بداية عائلة الموج حين تشبّث بالبرّ

حين اغترب

وإني أحبّك، أنت بداية روحي، وأنت الختام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

أنا وحبيبي صوتان في شفةٍ واحده

أنا لحبيبي أنا. وحبيبي لنجمته الشارده

وندخل في الحلم، لكنّه يتباطأ كي لا نراه

وحين ينام حبيبي أصحو لكي أحرس الحلم مما يراه

وأطرد عنه الليالي التي عبرت قبل أن نلتقي

وأختار أيّامنا بيديّ

كما اختار لي وردة المائده

فنم يا حبيبي

ليصعد صوت البحار إلى ركبتيّ

ونم يا حبيبي

لأهبط فيك وأنقذ حلمك من شوكةٍ حاسده

ونم يا حبيبي

عليك ضفائر شعري، عليك السلام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

- رأيت على البحر إبريل

قلت: نسيت انتباه يديك

نسيت التراتيل فوق جروحي

فكم مرّةً تستطيعين أن تولدي في منامي

وكم مرّةً تستطيعين أن تقتليني لأصرخ: إني أحبّك

كي تستريحي?

أناديك قبل الكلام

أطير بخصرك قبل وصولي إليك

فكم مرّةً تستطيعين أن تضعي في مناقير هذا الحمام

عناوين روحي

وأن تختفي كالمدى في السفوح

لأدرك أنّك بابل، مصر، وشام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

إلى أين تأخذني يا حبيبي من والديّ

ومن شجري، من سريري الصغير ومن ضجري،

من مراياي من قمري، من خزانة عمري ومن سهري،

من ثيابي ومن خفري?

إلى أين تأخذني يا حبيبي إلى أين

تشعل في أذنيّ البراري، تحمّلني موجتين

وتكسر ضلعين، تشربني ثم توقدني، ثم

تتركني في طريق الهواء إليك

حرامٌ... حرام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

- لأني أحبك، خاصرتي نازفه

وأركض من وجعي في ليالٍ يوسّعها الخوف مما أخاف

تعالى كثيرًا، وغيبي قليلاً

تعالى قليلاً، وغيبي كثيرًا

تعالى تعالى ولا تقفي، آه من خطوةٍ واقفه

أحبّك إذ أشتهيك. أحبّك إذ أشتهيك

وأحضن هذا الشعاع المطوّق بالنحل والوردة الخاطفه

أحبك يا لعنة العاطفه

أخاف على القلب منك، أخاف على شهوتي أن تصل

أحبّك إذ أشتهيك

أحبك يا جسدًا يخلق الذكريات ويقتلها قبل أن تكتمل

أحبك إذ أشتهيك

أطوّع روحي على هيئة القدمين - على هيئة الجنّتين

أحكّ جروحي بأطراف صمتك.. والعاصفه

أموت، ليجلس فوق يديك الكلام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

لأني أحبّك (يجرحني الماء)

والطرقات إلى البحر تجرحني

والفراشة تجرحني

وأذان النهار على ضوء زنديك يجرحني

يا حبيبي، أناديك طيلة نومي، أخاف انتباه الكلام

أخاف انتباه الكلام إلى نحلة بين فخذيّ تبكي

لأني أحبّك يجرحني الظلّ تحت المصابيح، يجرحني

طائرٌ في السماء البعيدة، عطر البنفسج يجرحني

أوّل البحر يجرحني

آخر البحر يجرحني

ليتني لا أحبّك

يا ليتني لا أحبّ

ليشفى الرخام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

- أراك، فأنجو من الموت. جسمك مرفأ

بعشر زنابق بيضاء، عشر أنامل تمضي السماء

إلى أزرقٍ ضاع منها

وأمسك هذا البهاء الرخاميّ، أمسك رائحةً للحليب المخبّأ

في خوختين على مرمر، ثم أعبد من يمنح البرّ والبحر ملجأ

على ضفّة الملح والعسل الأوّلين، سأشرب خرّوب ليلك

ثم أنام

على حنطةٍ تكسر الحقل، تكسر حتى الشهيق فيصدأ

أراك، فأنجو من الموت. جسمك مرفأ

فكيف تشرّدني الأرض في الأرض

كيف ينام المنام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

حبيبي، أخاف سكوت يديك

فحكّ دمي كي تنام الفرس

حبيبي، تطير إناث الطيور إليك

فخذني أنا زوجةً أو نفس

حبيبي، سأبقي ليكبر فستق صدري لديك

ويجتثّني من خطاك الحرس

حبيبي، سأبكي عليك عليك عليك

لأنك سطح سمائي

وجسمي أرضك في الأرض

جسمي مقام

يطير الحمام

يحطّ الحمام .

***

رأيت على الجسر أندلس الحبّ والحاسّة السادسه.

على وردة يابسه

أعاد لها قلبها

وقال: يكلفني الحبّ ما لا أحبّ

يكلفني حبّها.

ونام القمر

على خاتم ينكسر

وطار الحمام

رأيت على الجسر أندلس الحب والحاسّة السادسه.

على دمعةٍ يائسه

أعادت له قلبه

وقالت: يكلفني الحبّ ما لا أحبّ

يكلفني حبّه

ونام القمر

على خاتم ينكسر

وطار الحمام.

وحطّ على الجسر والعاشقين الظلام

يطير الحمام

يطير الحمام .

dimanche 5 décembre 2010

فرقة العاشقين والعودة إلى الوطن

فرقة العاشقين والعودة إلى الوطن
بقلم د. سامي مسلم



عندما ذهبت لحضور الأمسية التي أحيتها فرقة العاشقين في رام الله، ذهبت إلى هناك وأنا في نفسي حنين إلى الماضي القريب / البعيد، إلى أيام الثورة الفلسطينية في بيروت. كان الاستماع إلى أغاني فرقة العاشقين نوعاً من المكافأة الذاتية للانبساط والترويح عن النفس بأغان ثورية وتراثية تعبر عن الواقع المعاش. لا أدري إن كنا لا نزال نعيش في الماضي أو ربما نحنُّ إليه، رغم كل الانجازات التي حققناها هنا في ما كان يسميه الشاعر أحمد دحبور "الجزء المتاح لنا من الوطن."
واسم أحمد دحبور مرتبط باسم فرقة العاشقين. لقد كانت هذه الفرقة ربما من أكثر الفرق الفلسطينية شهرة في عالم الغناء الثوري والدبكة الشعبية والغناء التراثي. تأسست في العاصمة السورية، دمشق في منتصف السبعينات من القرن الماضي على أيدي مجموعة من المثقفين الفلسطينيين الذين يعيشون في سورية، ومن أبرزهم الشاعر أحمد دحبور والملحن الموسيقي حسين نازك.
وقد اشتهرت الفرقة بأغانيها عن الثورة الفلسطينية. فغنت عن الحنين للوطن، وعن المقاومة وعن القدس وعن بيروت. وربما من أشهر أغانيها، كانت ولا تزال، أغان ٍٍ مثل "من سجن عكا طلعت جنازة،" وأغنية "أشهد يا عالم علينا وعلى بيروت،" وأغنية "هبت النار والبارود غنى." كانت هذه الأغاني تمثل لنا استراحة محارب في الثورة الفلسطينية وكانت كلماتها وألحانها تتردد على السنة وشفاه معظم أبناء الشعبين الفلسطيني واللبناني. فهذه الأغاني كانت توحد ولا تفرق والحنين إلى الوطن والنضال من أجل الرجوع إليه كان الهدف. فصارت هذه الأغاني عنواناً لمرحلة.
ولعل حضور الرئيس الشهيد المؤسس ياسر عرفات إحدى حفلات هذه الفرقة في العاصمة الأردنية عمان ربما في عام 1995، وحضور الرئيس محمود عباس للحفل الافتتاحي لهذه الفرقة في قصر الثقافة في رام الله بتاريخ 12/11/2010 يدل على أن القيادة والقاعدة وما بينهما يحبون هذه الأغاني لأنها تعبر عما يجول في قلوبهم من حنين للوطن وإصرار على التقدم إلى الأمام على طريق الحرية والتحرير وتدل كذلك على اهتمام القيادة الفلسطينية بالفن والآداب والثقافة.
هذه الفرقة التي تأسست في منتصف السبعينات في سورية، وعاشت في مرحلتها الأولى حتى عام 1993 تعثرت في مسيرتها بعد خروج الثورة الفلسطينية من لبنان عام 1982. بالإضافة إلى هذا العامل السياسي الأمني فقدت الفرقة التمويل وتفرق أعضاء الفرقة، منهم من ذهب بعيداً في المنافي البعيدة. لكن عزم الشباب أو روح التجدد قاد مجموعة من الشباب الفلسطيني والعربي في المنفى إلى بعث فرقة "العاشقين أوروبا" لتلتقي مع "مشايخ" العاشقين الأولى ولتنبعث من جديد في حلتها الجدية وبأغانيها الثورية والتراثية المتجددة في أواخر عام 2009 بداية عام 2010. وقد ساعد على إعادة إحياء هذه الفرقة رجل الأعمال الفلسطيني مالك ملحم المقيم في الإمارات، وبديناميكية أعضائها الشيب والشبان من شباب وشابات، وعدد من الإداريين والمصممين للأزياء والدبكات من أمثال نزار العيسي، أبن رام الله الذي يعيش ويعمل في بريطانيا ويحمل جنسيتها، ونسرين المصطفى، مصممة الرقصات. وأدخلوا آلات موسيقية غربية إلى جانب الآلات الموسيقية العربية، كما يجري، هذه الأيام، في العديد من الفرق الموسيقية الشرقية أو على التخت الشرقي ليتم التزاوج بين الحديث والقديم. فتم إعادة إخراج وتوزيع عدد من الأغاني منها أغنية "سلامي لبلادي" وأغنية "من غربتي موال." ودخل الفرقة وساهم في إعادة أحيائها إلى جانب كل من حسين المنذر (أبو علي)، وهو مايسترو الفرق ومغنيها وحاديها الأول ومحمد ذياب وخالد الهباش وفيصل ذياب وشوكت ماضي فنانين من عدد من الأقطار العربية مثل نزار العيسى ونسرين مصطفى (الجولان، سورية) وشفيق الكبيني (المغرب) وقادر سعدون (الجزائر). كما دخلها جيل شبابي جديد يريد ومصمم على الاستمرار بحمل الراية لهذا الفن التراثي الجميل والمعبر.
وبدعوة من مكتب الرئيس، وبمناسبة الذكرى السنوية السادسة لرحيل القائد الرمز، والقائد المؤسس والشهيد أبو عمار (ياسر عرفات) حضرت هذه الفرقة إلى أرض الوطن، لأول مرة في حياتها، ليس فقط منذ إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994 وإنما منذ عام النكبة، حيث لم يكن معظم أعضاء الفرقة قد ولد بعد، فكان اللقاء العاطفي والحلم الذي بدا مستحيلاً قد تحقق.
حضرت الفرقة إلى أرض الوطن لتغني وتصدح في رام الله وبيت لحم ونابلس وأريحا والقدس حيث أحيت الحفلة في حرم جامعة القدس في أبوديس التي لا تبعد سوى أمتار عن المدينة المقدسة، العاصمة الأبدية لفلسطين. وحيثما غنت هذه الفرقة فقد زاد عدد جمهورها من الحضور على عدة آلاف مشارك. وفي غزة تم تثبيت شاشات عملاقة لنقل حفل الافتتاح الذي بثه تلفزيون فلسطين من رام الله على الهواء مباشرة. وقد حضر الرئيس محمود عباس حفل الافتتاح في رام الله في قصر الثقافة الذي كانت مقاعده قد غصت بالجمهور وامتدت هذه الأعداد من محبي هذه الفرقة وأغانيها إلى ساحة قصر الثقافة الخارجية. وفي كل حفلاتها كانت جماهير عشاق فرقة العاشقين يملؤون المدرجات والمقاعد.
في أريحا أحيت هذه الفرقة أمسية جميلة ليلة يوم الجمعة 19/11/2010. وكانت الحفلة في ساحة الأكاديمية الفلسطينية للعلوم الأمنية وكان هناك تفاعل كيميائي عظيم بين الفرقة وجمهورها الذي بلغ حوالي خمسة آلاف مستمع.
يؤكد هذا اللقاء العاطفي والشعبي بين الفرقة وجمهورها حنين الشعب الفلسطيني إلى الثورة والعودة. ويبرز هذا الشعور إصرار الشعب الفلسطيني بالمضي قدماً على خطى الراحل المؤسس الشهيد ياسر عرفات الذي أعطى الفن نكهة خاصة ودوراً مميزاً في العمل الثوري عندما كتب يقول ما معناه أن الثورة هي بندقية الثائر وكلمة الشاعر وريشة فنان ومبضع طبيب وإبرة تطريز. إنها تعبير عن إصرار الشعب الفلسطيني وعزمه على المضي قدماً لتحقيق السلام بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ورفع أعلام فلسطين على قدس الأقداس وعلى أسوار ومآذن وكنائس القدس.
بعد الحفلة قام عطوفة المحافظ ماجد الفتياني (عضو اللجنة التنفيذية للهيئة) بدعوة الفرقة وعدد من الشخصيات الرسمية والشعبية إلى عشاء أقامه في قاعة الاجتماعات الكبرى في المحافظة تكريماً للفرقة.
تحدثنا مع عدد من أعضاء الفرقة فكانت فرحتهم أنهم في فلسطين تفوق كل تصور. وقد محت هذه الزيارة أو غيرت كثيراً من المفاهيم الملتوية والتزوير على التاريخ والافتراء على السلطة في أذهان هؤلاء الشبان والشابات وأعضاء الفرقة المخضرمين الذين ملأ الشيب رؤوسهم كما تغطي الثلوج البيضاء قمم الجبال الشامخات. واكتشف أعضاء الفرقة أن ما تم إنجازه على ارض الوطن يكذب كل الدعايات التي سمعوها خارج الوطن.
لأول مرة يحدث التواصل بين الوطن والشتات بهذا الشكل حيث يحضر الشتات إلى الوطن. سابقاً كان الوطن يخرج إلى الشتات للالتقاء به وإقامة علاقات التواصل، أما اليوم فقد أصبح ممكناً للشتات أن يعود إلى وطنه لتكتمل حلقة التواصل. ونأمل في القريب العاجل أن يتم تحقيق الاستقلال وإقامة الدولة المستقلة بعاصمتها القدس حتى يتمكن جميع الأهل من أبناء فلسطين وبناتها من العودة إلى دولتهم وأرضهم ووطنهم والإقامة فيها متى أرادوا وكلما أرادوا